دكتوراه آداب/دكتوراه طب/صحفي وفنان تشكيلي/مؤلف وكاتب ومحلل سياسي
حماريات البدوي(3) نحن محتلون حميرياً!!
نحن محتلون حميرياً
قرأت ذات مرة قصة حمار – أكرمكم الله - دخل مزرعة رجل، وبدأ يأكل من زرعه الذي تعب في حرثه وبذره وسقيه؟
كيف يُـخرج الحمار؟؟ سؤال محير ؟؟؟
أسرع الرجل إلى البيت جاء بعدَّةِ الشغل، فالقضية لا تحتمل التأخير، أحضر عصا طويلة ومطرقة ومساميروقطعة كبيرة من الكرتون المقوى كتب على الكرتون.... يا حمار أخرج من مزرعتي
ثبت الكرتون بالعصا الطويلة بالمطرقة والمسمار، وذهب إلى حيث الحمار يرعى في المزرعة، ورفع اللوحة عالياً، منذ الصباح الباكرحتى غروب الشمس، ولكن الحمار لم يخرج.
حار الرجل، ربما لم يفهم الحمار ما كتبتُ على اللوحة، فرجع إلى البيت ونام وفي الصباح التالي صنع عددًا كبيرًا من اللوحات، ونادي أولاده وجيرانه، واستنفر أهل القرية، صف الناس في طوابير، يحملون لوحات كثيرةكتب عليها
أخرج يا حمار من المزرعة الموت للحمير يا ويلك يا حمار من راعي الدار
وتحلقوا حول الحقل الذي فيه الحمار وبدءوا يهتفون: اخرج يا حمار. اخرج أحسن لك
والحمار حمار، يأكل ولا يهتم بما يحدث حوله. غربت شمس اليوم الثاني وقد تعب الناس من الصراخ والهتاف وبحت أصواتهم
فلما رأوا الحمار غير مبالٍ بهم رجعوا إلى بيوتهم، يفكرون في طريقة أخرى. في صباح اليوم الثالث جلس الرجل في بيته يصنع شيئاً آخر، خطة جديدة لإخراج الحمار، فالزرع أوشك على النهاية..
وأخيراً خرج الرجل باختراعه الجديد
نموذج مجسم لحمار، يشبه إلى حد بعيد الحمار الأصلي، ولما جاء إلى حيث الحمار يأكل في المزرعة، وأمام نظر الحمار، وحشود القرية المنادية بخروج الحمار، سكب البنزين على النموذج وأحرقه، فكبّر الحشد.
نظر الحمار إلى حيث النار، ثم رجع يأكل في المزرعة بلا مبالاة.
يا له من حمار عنيد، لا يفهم
أرسلوا وفدًا ليتفاوض مع الحمار، قالوا له: صاحب المزرعة يريدك أن تخرج وهو صاحب الحق، وعليك أن تخرج!!
الحمار ينظر إليهم، ثم يعود للأكل، لا يكترث بهم.
وبعد عدة محاولات، أرسل الرجل وسيطاً آخرقال للحمار:
صاحب المزرعة مستعد للتنازل لك عن بعض من مساحته.
الحمار يأكل ولا يرد
ثلثه
الحمار لا يرد
نصفه
الحمار لا يرد
طيب
حدد المساحة التي تريدها ولكن لا تتجاوزه
رفع الحمار رأسه، وقد شبع من الأكل، ومشى قليلاً إلى طرف الحقل وهو ينظر إلى الجمع ويفكر.
فرح الناس، لقد وافق الحمار أخيراً..
أحضر صاحب المزرعة الأخشاب، وسيَّج المزرعة وقسمها نصفين، وترك للحمار النصف الذي هو واقف فيه. في صباح اليوم التالي كانت المفاجأة لصاحب المزرعة، لقد ترك الحمار نصيبه ودخل في نصيب صاحب المزرعة، وأخذ يأكل
رجع صاحب المزرعة مرة أخرى إلى اللوحات، والمظاهرات.. وبلا فائدة
هذا الحمار لا يفهم، إنه ليس من حمير المنطقة، لقد جاء من قرية أخرى.
بدأ الرجل يفكر في ترك المزرعة بكاملها للحمار، والذهاب إلى قرية أخرى لتأسيس مزرعة أخرى، وأمام دهشة جميع الحاضرين وفي مشهد من الحشد العظيم، حيث لم يبقَ أحد من القرية إلا وقد حضرليشارك في المحاولات اليائسة لإخراج الحمار المحتل العنيد المتكبر المتسلط المؤذي، جاء غلام صغير، خرج من بين الصفوف، ودخل إلى الحقل...
تقدم إلى الحمار، وضربه بعصا صغيرة على قفاه، فإذا به يركض خارج الحقل ..
يا الله صاح الجميع .... لقد فضحَنا هذا الصغير، وسيجعل منا أضحوكة القرى التي حولنا..
فما كان منهم إلا أن قـَـتلوا الغلام وأعادوا الحمار إلى المزرعة ثم أذاعوا أن الطفل شهيد !!