رد: الحب في زمن كوفيد19
بعد عودتها من العمل مساء، وقد ذهبت لزيارة أمها قبل رجوعها إلى البيت، قررت ألا تفتح الفايس ولا غيره من وسائل التواصل الاجتماعي، أرادت أن تجلس مع زوجها وصغيرها، فقط، تمنت لو أن عبد الرحيم وضع عنه الآلتين وانتبه لوجودها، لا يحب أن يراها منشغلة عنه بينما هو ينشغل عنها، تمنت لو أنه يسألها إن كان علي مازال يتواصل معها، مادامت تحدثت له عنه من قبل، لكنه لم يفعل، يتحدث لها عن الأفلام والسينما، وعن هذا المغني الشاب وذاك ممن لا تذكر أسماءهم، وتلك الفنانة الجميلة، والممثلة المتمردة، ثم ينتقل إلى الحديث عن رونالدو و حجي والزاكي ومحمد صلاح والريال، وبيار ميونيخ ووووووو.... قناة been sport تسكت وهو لا يدرك صمتا، بينما هي تجلس أمامه صورة خرساء صماء، تحاول أن تغير الموضوع بعد حين فيغيره لدقيقة ونصف ثم يعود للحديث عن صديقة رونالدو وأبنائه ووو... وأخيرا تسمعه بأذنين يحبسان الكلام في مدخل بابهما، حيث قد دخلت ريم في حوار مع نفسها، بدأت تكلم نفسها في صمت، تتخيل أشياء وتعيش لحظات جميلة بعيدة عن واقعها الذي لم تكن تتوقع أن يكون لها حياة.
هل يكفي الحب بقول : " أنا أحبك" ؟ هل يكفي الحب بقول: " لو كان لي مال لاشتريت لك كذا وكذا وكذا مما تحبين"؟ هل يكفي الحب بأن تقول لها في كل مرة: " ألست أنا صاحب فكرة الخروج وتناول الغذاء بالمطعم، أو... أو ...أو وقد أديت أنا ثمن تلك الوجبة"؟ إن كان هذا حبا عندك فليتك ما أحببت، صحيح أنها لم تحبك، لكنها حاولت ذلك مرارا، بل أحيانا كانت تقنع نفسها بأنها قد صارت تحبك، لكنك فجأة تقترب منها وأنت تتصبب عرقا والرائحة تنفرها منك فتجعلها تلعن الحب والزواج، وتغضب أنت من نفورها، وتحاول هي بطريقة ما أن تبين لك سبب ذلك، وعلى هذا المشهد أن يتكرر مرارا فلا مرة تمكنت من أن تتلقن الدرس، وتطلب منك بمساء ما أن تظل معها بالبيت، تخبرك أنها تحتاج وجودك معها، لكنك في كل مساء عليك أن تحدد موعدا مع أحد أصدقائك الذين تجاوزوا عدد أيام الأسبوع وربما عدد أيام الشهر,,
يا ريم اصبري أكثر وتحملي، بإمكانك أن تذهبي لزيارة أمك مع أنه لا يسمح لك بالمبيت هناك، إلا انه يقبل أن ترتاحي مع والدتك وأهلك لساعتين أو ثلاث أو أكثر بقليل ـ مدة مكوثه بالمقهى ـ
تمر الليلة، ونهار الغد وأنت يا ريم لم تشغلي النت، وعندما أحببت هذا المساء استخدامه وجدت السيد عبد الرحيم قد استغل ما تبقى لك من صبيب النت باستعمال الويفي لمشاهدة مباراة، ضربت كفا صامتة بأخرى وكتمتها في نفسك، الاشتراك مع شركة الاتصالات شهري، واليوم هو الخامس والعشرين من فبراير، وحظ ريم أن يدرجنا هذا الشهر في سنة كبيسة ولن يقبل فراقنا إلا بعد إتمام تسع وعشرين يوما.. وهكذا ستطول مدة انتظارها لفتح خطوط الشبكة العنكبوتية.. ترى هل أرسل لها علي عبارات تصبحين على خير وصباح الخير مع الورود وصور البحر أو شموخ الجبال؟ أم أنه لاحظ غيابها عن الفايسبوك فلم يبال بالرسائل؟ ... أسئلة ظلت تراودها بخصوصه، ثم سريعا قالت:
_ وما شأنه هو .. وما دخله في أن أكون أو لا أكون؟، هكذا بعصبية داخلية ردت على نفسها، قضت أيامها التالية متناسية السيد علي، مهتمة بإبراهيم فقط..
++++++++++++++++++++++++++++++++++++
الواحدة بعد منتصف الليل 1 مارس 2020 ، وأخيرا ستشغل ريم النت، وسترى إن كان لديها أية رسالة واردة من علي حامد أو من غيره؛ تفتح الميسانجر ، فإذا بها تجد من علي: ليلة سعيدة إضافة إلى الصور المرفقة المعهودة، ثم بعد ذلك في صباح الغد على الساعة السادسة إلا خمس دقائق: صباح النور مع الصور أيضا، وبنفس اليوم الرابعة مساء:
_ أرك غائبة، أرجو أن تكوني بخير.. أريد فقط أن أطمئن عليك ريم.
وانتهت رسائله، لم تجبه في هذه اللحظة، بدت عليها علامات النوم، إبراهيم أحب الليلة أن ينام بجانبها، تنظر إليه، تتأمله، تتفحصه، ثم تسدل عليها اللحاف وتضم صغيرها إليها بكل قوة، يمد يديه الصغيرتين أيضا يعانقها، تقبله تهمس إليه بكلمات، تتلو ما اعتادته من آيات وتنام..
++++++++++++++++++++++
عند استيقاظها صباحا وبعد صلاتها، أخذت هاتفها لتبعث رسالة لعلي، فكتبت:
_ عليك أستاذي من الله سلام، أشكرك على رسائلك، و أعتذر سيدي إن كنت تأخرت بالرد عليها... شكرا مجددا، أنا بخير الحمد لله و أرجو أن تكون كذلك بخير.
ما إن ترسل له هذه الكلمات حتى تغلق الميسانجر استعدادا للذهاب إلى العمل.
|