نعود من جديد إلى الحوار الأدبي
يا صديقي الشاعر محمد نحال
نعود من الحب.... إلى الحداثة
في نص إجابتك وردت العبارة الآتية : -
( وسمّيناها - الحداثة - أو الشعر الحر والمنثور أو لغة الصحافة..).
أجيبك صديقي الشاعر قائلا : -
هذه تسميتك أنت. يعني أن الحداثة ليست هي الشعر الحر أوالمنثور أولغة الصحافة.. فتصورك خاطئ لمفهوم الحداثة وإجابتك بعيدة عن سؤالي الذي يصب في الأدب و هو موضوع المناقشة ... فلم نخرج بعد إلى فضاء الحداثة ومجالاتها .
لذلك طرحت السؤالين : -
1- ماهو تصورك للحداثة ؟
2- أين حققها العرب القدامى؟
للتوضيح والإثراء...
1- الحداثة مشكلة عربية تجري من القرون الماضية وإشكاليتها موجودة في التراث العربي منذ القرن الثاني الهجري ومفرداتها متكررة ..( الشعر المحدث - المحدثون ... أبو تمام وغيره من الشعراء )...والحداثة لاتعني تغيير شكل الشعر من الشعر العمودي إلى الشعر الحر أو إلى القصيدة النثرية ... بل الحداثة تغيير مفهوم الشعر في أذهاننا ومعناه في الحياة لأننا نقف موقف التنظير في الحداثة ونحسب أنفسنا قمنا بالحداثة ولم نحدث شيئا من وراء تغيير الشكل الظاهري للشعر ولم نغير المفاهيم الحقيقية في أذهاننا للشعر و للحداثة ... الحداثة نتيجة النظر في التاريخ الأدبي ومحاولة استنباط القيم في الحياة الإنسانية خاصة فلكل شاعر رؤية وفلسفة والتنظير للشعر ليس حداثة ..فهي السؤال والسر العالق بالقصيدة.. وما تستطيع القصيدة أن تحدثه من تغيير . فنحن لا نستطيع أن نصنع جمالا بلغة شعرية لا نعلم عنها شيئا لذلك كي نصنع الجمال الجديد لا بد أن نعرف التراث الشعري االعربي وتاريخه.
2- القدامى من العرب حققوا الحداثة على مستويين : - القيم - اللغة
* القيم / - الانتقال من البداوة إلى المدنية ... و البحث عن التحضر الإنساني والمجتمع الراقي.
* اللغة / - استعمال اللغة السهلة ونلحظ ذلك في أشعارهم .(كأشعار أبي تمام ....)
[align=center]*************[/align]
القصيدة العربية صورت نمط عيش الإنسان
وقيم حياته بلغة قوية لا نألفها نحن بسهولة والحداثة كانت على مستوى اللغة والقيم ولم تكن على مستوى شكل الشعر من العمودي إلى الحر أو النثرثم انتقلت الحداثة في الشعر الأندلسي إلى ظهور الموشحات وهذا تغيير على مستوى الشكل لتنتقل من جديد إلى الشعر الحر الذي جاء وليد أسباب معينة ..
تختص أكثرها بالشعراء ذاتهم و بالإنفتاح العربي على الثقافات الأجنبية وأشكالها .
أما الحداثة التي أحدثها الغرب فاقت مفاهيمنا فهي شملت القيم الإنسانية والبحث عن المدنية المتطورة في جميع المجالات ورغم سلبيات المدنية الحديثة (
أسلحة الدمار... ). وإيجابياتها (
التكنولوجيا والتطور العلمي ....) هم يبحثون عن ما وراء الحداثة ...
ترى ماذا نتصور العالم في مخطط ما وراء الحداثة ؟ (
أي المجتمع الإنساني الذي يخطط له الغربيون بكل آليته وعصرنته أكثر مما يتصوره العقل البشري ) .
إن رسالة الشاعر أو الأديب أو المثقف لا تقتصر على تغيير الشكل الخارجي فالشكل الظاهري لا يعني الجسد الذي نختفي وراءه حديثا باسم
الحداثة .
... ومع ذلك تظهر الرسالة العربية عند بعض الشعراء الذين أسسوا للحداثة وظهرت الحداثة في قيمهم و تأثيرهم على المجتمع الإنساني رغم خروجهم عن القاعدة القانونية للشعر العمودي وتعلقهم بالشعر الحر محققين شيئا من الحداثة على مستويين هما :-
* الشكل / - الإنتقال من الشعر العمودي إلى الشعر الحر أو إلى قصيدة النثر .
* القيم / - النتقال من العبودية إلى التحرر ( وهي قيم ليست جديدة على الإنسان العربي الذي حرره الإسلام منذ قرون ) لكنها موجودة في عصرنا وبأشكال وألوان مختلفة .
ومن أمثلة هؤلاء الشعراء محمود درويش - رحمه الله - الذي تحرر في شكل القصيد وأبدع لغة وفكرا... وحمل لواء القيم المغتصبة فرفض العبودية في شعره وحياته حاملا كلمة شعب كامل في كلماته الرصاصية لتصير القضية أكبر بكثير مما يتصوره العقل البشري ويصير الرجل الشاعر لسان أمته في القضية المطروحة على باب المحكمة الدولية
والتغيير تحقق بفضل المقاومة والانتفاضة الفلسطينية ...حتى أن أشعاره ترجمت إلى لغات عالمية أقر من خلالها الأعداء أن الرجل هو قلب الأمة وأن كلماته هي السلاح الذي يستمد منه الفلسطينيون قوتهم للتخلص من العبودية والالتحاق بالمجتع الإنساني المتحضر الحر .... وتبقى الأمثلة كثيرة أيضا منها قضية التمييز العنصري التي خلقت شعراء و أدباء كتبوا في أجناس أدبية متباينة لكنهم أحدثوا التغيير ... والقضايا الإنسانية العالمية لا تعد ولا تحصى .

تحياتي و تقديري