التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 138,726
عدد  مرات الظهور : 163,472,553

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > على مرافئ العروبة وفي ساحات الوطن > أحداث وقضايا الأمّة > الشؤون المغاربية
الشؤون المغاربية خاص بشؤون بلاد المغرب العربي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 29 / 10 / 2009, 38 : 10 AM   رقم المشاركة : [11]
هيا الحسيني
كاتب نور أدبي ينشط

 الصورة الرمزية هيا الحسيني
 





هيا الحسيني is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: لبنان

رد: اتحاد المغرب العربي بين الإحياء والتأجيل ـــ توفيق المديني - دراسة تاريخية سياسية

2ـإن الثورة الوطنية التحررية الجزائرية ضد الكولونيالية الفرنسية لم تمتد لتشملتوحيد أقطار المغرب العربي، بل حافظت على التقسيم الكولونيالي الموروث هذا، وسعتإلى بناء دولة قطرية تسلطية، لا إلى بناء دولة وطنية هي في الجوهرديمقراطية وأساسالتحول إلى دولة قومية.. فكان مصير الثورة الجزائرية الإخفاق التام لأ ن مشروعهاالتحرري توقف عند الحدود التي رسمها الإستعمارالفرنسي، وأصبحت تدافع عنها بوصفهاحقائق تاريخية أبدية.‏
3 ـكانت الدولة الملكية المغربية تعتبر نفسها مركزية وعريقة وتاريخية، لذا كانتأولويتها الإستراتيجية تتمثل في الدفاع عن نفسها إزاء معارضة الأحزاب اليسارية لهافي الستينيات، والشرعية الثورية لجارتها الجزائر، تماهيها مع المغرب الملكي الأبديومصيره ومنعت الملكية المغربية بعد ضم الصحراء الغربية من بروز بومدين مغربي جديدمعاد للدولة المخزنية، كما أنها جعلت كل أحزاب المعارضة اليسارية تصطف على أرضيةالخط السياسي للملك.‏
4 ـوعلى الجانب الآخر، يمثل تشابك المسألة الصحراوية وتعقيداتها الصخرة التي تتحطمعليها كل محاولات تطبيع العلاقات بين الجزائر والمغرب، ويعود أساس التناقض بين فعلالإيمان بالوحدة المغاربية، والعدائية في واقع العلاقات بين البلدين إلى النمطالسلطوي في شرعنة الحكم السائد في كلا البلدين. ففي المغرب والجزائرمعاً تحولاستغلال الشعور الوطني إلى سلاح سياسي في الصراع على السلطة. وهنا تكمن صعوبة إيجادحل في نزاع الصحراء الغربية خارج نطاق المشروع القومي الديمقراطي الوحدوي. فبالنسبةللدولة المغربية تعتبر أي تنازل في قضية الصحراء يقود إلى خسارتها، سيعني سقوطالعرش. وبالنسبة للنظام الجزائري، فإن المزايدة الوطنية "حول تقرير المصير فيالصحراء الغربية"، تشكل عنصراً من عناصر بقاء الدولة التسلطية. وقد حول كل منالجزائر والمغرب قضية الصحراء الغربية بفعل هذه المزايدة الوطنية إلى قضية أكبر منفلسطين. علما أن الدولتين لا تبديان أية معارضة ولو شكلية إزاء المخطط الأمريكيالصهيوني لتصفية فلسطين.‏
3 ـالقمة المغاربية من إخفاق إلى إخفاق‏
عجزقادة اتحاد المغرب العربي مرة أخرى عن عقد قمتهم في طرابلس. وفيما كان القادةالمغاربيون يستعدون جميعا للذهاب إلى العاصمة الليبية بعد 12 عاما من دون قمة تجمعقادة دول الاتحاد الخمس (موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا)، وبعد أن أخفقوافي الالتقاء في الجزائر عام 2003 لأول مرة بعد آخر قمة جمعتهم في تونس عام 1994،وهي القمة اليتيمة منذ قيام الاتحاد عام 1989، جاءت رسالة التهنئة التي بعث بهاالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى زعيم جبهة البوليساريو محمد عبد العزيزبمناسبة الذكرى الثانية والثلاثين لتأسيس جبهة البوليساريو، لتصب الزيت على النار،عندما جدد موقفه التقليدي بدعم حركة البوليساريو، الأمر الذي أدى إلى رد فعل طبيعيمن المغرب، لجهة اعتذار الملك محمد السادس عن المشاركة في قمة طرابلس.‏
غيرأن هذا التوجه نحو التطبيع بين الجزائر والمغرب، وفتح حدود البلدين لمرور الأشخاصوالسلع ورؤوس الأموال، تعرض لانتكاسة، بسبب ما وصفته الرباط بانحياز الجزائر ضدالمصلحة العليا للمغرب، كما أن وصف جبهة البوليساريو بأنها حركة تحرير اعتبرتهالحكومة المغربية تجاهلاً لأغلبية الصحراويين المتشبثين بانتمائهم إلى المغرب.وماكان لذلك الاستعداد أن يتم أصلا لولا أن اللقاء الذي جمع العاهل المغربي محمدالسادس والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في الجزائر علي هامش القمة العربيةالأخيرة في آذار (مارس) 2005،مهد السبيل لإعادة إحياء مؤسسة القمة التي تكلست لاسيما منذ إعلان الرباط عام 1995 تعليق مشاركتها في هياكل الاتحاد.‏
هل "اتحاد المغرب العربي" لقيط إلى درجة أن أحداً لم يعد يريد تحمّل تبعات أبوته؟ هذاهو على كل حال الانطباع الذي يخرج به المتابع لقرار ليبيا الأخير تخليها عن رئاسةالاتحاد العتيد بسبب "تعثر مسيرته"، وتركت "موضوعه" لكي تبت به "الشعوب"، علىاعتبار أنها صاحبة الكلمة الفصل في المسألة. وكانت الجزائر قبل ذلك قد تنفستالصعداء عندما قرر الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية المغاربيين الذي استضافته قبلنهاية العام الماضي، إسناد رئاسة الاتحاد إلى ليبيا، وإنزال هذا الهم عن كاهلها.‏
كانالظن أن الجماهيرية هي الأقدر على لمّ الشمل المغاربي، لاسيما أن مسؤولياتهاالجديدة تزامنت مع انخراطها المفاجئ في معسكر الخير، وصرفها مليارات الدولاراتلتعويض الضحايا الغربيين في الاعتداءات التي اتهمت بها أجهزتها أيام "الثورةالعالمية". واعتبرت طرابلس حينها الأقدر على محاورة الفرقاء كلهم. وكان العقيدالقذافي هو وحده من بين القادة المغاربيين من هنّأ العاهل المغربي محمد السادس فيذكرى المسيرة الخضراء لضم المحافظات الصحراوية في تشرين الثاني المنصرم، بعد أنكانت الجماهيرية في زمن مضى مصدر التمويل والتسليح الداعم الأساسي لجبهةالبوليساريو.‏
لكنجرت الرياح بما لا تشتهي سفن "الاتحاد" مرة أخرى، فإضافة إلى موضوع الصحراء الغربيةالذي شكّل حتى الآن العقبة الكأداء في رص الصفوف المغربية، وإزالة الجفاء في علاقاتالمغرب بالجزائر، برزت عقدة جديدة تمثلت في تدهور العلاقات الليبية ـ الموريتانيةبعد توجيه اتهامات موريتانية إلى طرابلس بالوقوف وراء المحاولات الانقلابية التيتعاقبت على نواكشوط في الأشهر الماضية. وكانت تلك الاتهامات قد صدرت عن الرئيسالموريتاني نفسه معاوية ولد سيد أحمد الطايع في منتصف تشرين الأول الماضي، وطالتبوركينا فاسو إضافة إلى ليبيا(6).‏
وقدسعى الزعيم الليبي معمر القذافي جاهداً إلى إعادة وضع بلاده المنتجة للنفط علىالخريطة الدولية بعد أن تخلت ليبيا عن برامج أسلحة الدمار الشامل، من خلال جمعزعماء اتحاد المغرب العربي في طرابلس، لكي يعزز من موقفه كصانع للسلام في إفريقيا. وكان بوتفليقة قد أخفق في عقد قمة للاتحاد المغاربي عام 2003. لقد كانت الآمالمعقودة على قمة طرابلس التي دعا إليها الزعيم الليبي وعمل لها طويلا، لاسيما بعدنجاح مساعيه في عقد القمة الأفريقية المصغرة حول دارفور، وما صدر عنها من نتائجإيجابية مشجعة. وبدا أن كل الأمور تسير على ما يرام، حتى أنه تم التوافق علىاستبعاد قضية الصحراء الغربية من جدول الأعمال تجنباً لأي توتر أو اضطراب مغربي ـجزائري. كما تم التوافق على حصر جدول الأعمال في قضايا التعاون بين الدول الخمسسواء لجهة علاقاتها جنوباً مع إفريقيا أو شمالاً مع أوروبا، وخاصة لجهة تعاونهاالمتبادل في الميادين الاقتصادية والمالية والسياحية والتنموية.‏
السببوراء كل هذا التأجيل والإلغاء واحد ومعروف وهو الذي يطل دائماً برأسه ليكون وراءالتجميد أو التأجيل أو الإلغاء: نزاع الصحراء الغربية القائم منذ 1975 والذي فشلتالأمم المتحدة في حله،و الذي أدى إلى تردي العلاقات بين دول المغرب العربي طيلةالعقود الثلاثة الماضية،و إلى تقويض الاستقرار في المنطقة التي يراقبها الغرب عنكثب بوصفها مصدرًا محتملاً للتيار الإسلامي المتشدد ونقطة وثوبٍ بالنسبة إلى الهجرةغير المشروعة إلى القارة الأوروبية.فضلا عن أن تجاهل قضية الصحراء الغربية سيلحقالضرر بالتكامل الإقليمي.‏
والحال هذه، فإن تأجيل قمة طرابلس المجهضة إليأجل غير مسّمى لن يسهم إلا في مزيد من الاستخفاف باتحاد لم ير الناس منه منفعةًواحدةً في وقت تخسر فيه دوله سنويا 10 مليارات دولار بسبب انعدام التعاون بينها فيمواجهة أوروبا واحدة تزداد اتساعاً وقوة فيما تزداد الضفة الجنوبية للمتوسط تفككاوتبديداً للجهد والوقت.‏
ما لمينجح في تحقيقه "اتحاد المغرب العربي" العصيّ على الانعقاد منذ أكثر من عشر سنوات،وما لم تنجح في تحقيقه اللجان المشتركة، والاتفاقات الثنائية، والزيارات المتبادلة،نجحت في اتخاذه الحركات المسلّحة في دول المغرب العربي الخمس التي أصبحت على قدركبير من التنسيق والتعاون وشنّ الهجمات وتبادل "الخبرات" ورصّ الصفوف من بنغازي إلىنواكشوط. فقد تحوّلت الساحة المغاربية بأكملها مع امتدادها في الساحل الصحراويوجنوب الصحراء الكبرى، إلى ساحة مواجهة جديدة بين "القاعدة" وامتداداتها المحلية،وبين الأنظمة القائمة وانخراط الولايات المتحدة في دعمها.‏
قصبالسبق في هذا التحول الجديد يعود إلى "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، الجزائريةالتي عوّضت عن انحسار نشاطها داخل البلاد، والانشقاقات التي تعصف بها بعد التحاق "أميرها" السابق حسّان حطّاب بركب المصالحة والوئام، بامتدادات أُفقية عابرةللحدود. وأصبح من الممكن الربط بين ما تقوم به، وما قامت به "الجماعة الإسلاميةللمقاتلين المغاربة" التي نفّذت اعتداءات الدار البيضاء في أيار 2003، وبين محاولةاغتيال العقيد معمّر القذافي في بنغازي في الفترة ذاتها. فقد أصبحت أجهزةالاستخبارات في الدول المعنية على قناعة أن صلات وثيقة تمت إقامتها بين الحركاتالمختلفة خلال وجودهم في "الجهاد الأفغاني". لا بل إن المشرف على المخابراتالمغربية الجنرال حميدو لعانيق ري، يرى أن "المقاتلين" المغاربة جرى تكوينهموتدريبهم على يد الجماعة الليبية.وجاء إلقاء القبض في آذار الماضي في الجزائر علىعشرة أعضاء في "الجبهة الإسلامية التونسية" ليؤكد عمق العلاقات بين التنظيمات فيالمنطقة، إذ تكوّنت قناعة أن هؤلاء كانوا في طريقهم إلى معسكرات "الجماعة السلفية" الجزائرية لتلقي التدريبات على يد مُدرّبين "أفغان"، وأنهم كانوا ينوون العودة الىتونس بعد ذلك لشن هجمات ضد مصالح ومؤسسات غربية، الأمر الذي يُفسّر التحذير الصادرعن الإدارة الأميركية الى رعاياها بعدم التوجه إلى تونس(7).‏
4 ـمكافحة الإرهاب تمهد السيطرة الأمريكية على المغرب العربي من دون حرب‏
إذاكانت الولايات المتحدة الأميركية تعتبر الوجود الفرنسي داخل شمال إفريقيا عقب الحربالعالمية الثانية ضمانة حقيقية تقف في وجه المد السوفياتي الداعم لحركات التحررالوطنية الإفريقية والأنظمة الوطنية التقدمية في وقت حاولت باريس الاستفادة من هذاالوجود في حمى الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي، فإنه في الظروف الراهنة أصبحتواشنطن حاضرة بقوة على الساحة المغاربية، وترسم خطوط سياستها بدقة لضمان هيمنتهاالأحادية، كما ظهر في كثير من القضايا، لعل آخرها تراجع الدور الفرنسي في منطقةالمغرب العربي، وإعادة توزيع الأدوار فيها لمصلحة الولايات المتحدة.‏
اهتمام واشنطن بإفريقيا عامة، وشمال إفريقياخاصة، لم يكن وليد اليوم، بل كان خطة قديمة، تبلورت ملامحها من حيث القدرة علىالتجسيد واقعيًا منذ نجحت الإدارة الأمريكية في خلق الاختلاف العميق بينها وبينفرنسا (الدولة الكلونيالية في إفريقيا). وكان التهديد لأول مرة على لسان "بولولفويتز" بتاريخ 04 تشرين الأول/أكتوبر من سنة 2003 حين تكلم لأول مرة عن ضرورةالتواجد في القارة الإفريقية، في كلمته التي أدلى بها بمناسبة الاحتفاء بما يسمىبجهاز الأمن القومي الأمريكي الذي كان نتاجًا "عسكرياً ومخابراتياً" تجسد بشكلملموس منذ وصول المحافظين الجدد إلى البيت الأبيض عام 2001. وإن كان الاختلاف الذيفجره قرار إدارة بوش بضرب العراق قد فجر آليا جبهة معارضة للحرب، إذتحولت أيضا "الحرب الباردة" بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا إلى حرب معلنة في المناطقالتي تحتكرها الكولونيالية الفرنسية، في إفريقيا وآسيا الشرقية أيضا. فرنسا التيظلت تتكلم عن إفريقيا أنها "مستوطناتها القديمة" وجدت نفسها أمام "صراع من نوع آخر" فرضته الاستراتيجية الأمريكية في الهيمنة على العديد من الدول الإفريقية، وبالتاليإصرار أمريكا على التواجد في الشمال الإفريقي ظل هو نفسه الهدف الاستراتيجي الذيعلى أساسه تكلم "دونالد رامسفيلد" بعد سقوط بغداد في ندوة صحفية جمعته بالمستشارالألماني في العاصمة الألمانية "برلين" حين قال بلهجة حربية موجها كلامه للفرنسيين: " لولا أمريكا لكانت فرنسا تتكلم اليوم بالألمانية !". وهي الجملة التي أزعجتالفرنسيين والألمان على حد سواء، لاسيما وأن رامسفيلد ذهب إلى حد التهديد بطريقتهأنه سيكون لأمريكا الحق في الذهاب بعيدا لأجل "الدفاع عن الحريات والديمقراطية"،وكان الهدف من وقتها " المغارة الفرنسية" حسب جريدة "الواشنطن بوست" في عددهاالصادر يوم 22كانون الاول/ديسمبر2003(8).‏‏‏‏
وجاءتالجولة المغاربية بالتناوب: لمدير مكتب التحقيقات الفيديرالي موللر يومي 6و7شباط/فيراير 2006 أولاً، ثم لوزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفليد، ما بين 11و 13شباط/فبراير 2006 ثانيا ً، لتؤكد أن واشنطن تضع المسائل الأمنية والعسكرية على رأسالأولويات في هذه المرحلة، قبل الملفات السياسية ومن ضمنها الإصلاحات التي كان محور "منتدى المستقبل" الذي استضافت الرباط حلقته الأولى أواخر سنة 2004 في حضور عددكبير من وزراء الخارجية الغربيين والعرب. غير أن دعوات الإصلاح والتغيير خفت بوضوحفي الفترة الماضية في مقابل ارتفاع وتيرة التنسيق الإستخباراتي والعسكري.‏
ويرىالمحللون المتابعون للشؤون المغاربية أن محادثات رامسفيلد مع الزعماء المغاربيينوكبار القادة العسكريين، لم تتطرق إلى المشكلة المستعصية في المغرب العربي ألا وهيقضية الصحراء الغربية، بل تركزت على قضايا الأمن الإقليمي وتطوير التعاون العسكريبين المغرب العربي والولايات المتحدة، وكذلك مع الحلف الأطلسي، في إطار ما باتيُعرف ب"الحوار المتوسطي".و الذين يراقبون التحرك الأمريكي نحو الشمال الأفريقييستحضرون معطيات بالغة الدلالات، منها أنه في وقت لم يكن أحد يفكر في إمكان التدخلالأميركي في العراق أبرم المغرب والولايات المتحدة اتفاقاً عسكرياً يسمح للقواتالأمريكية بالتوقف في القواعد المغربية والتزود بالوقود في حال تعرض منطقة الخليجإلى مخاطر. وأهمية الاتفاق الذي يعكس جانباً من الاستراتيجية الأمريكية البعيدةالمدى أنه أبرم في مطلع الثمانينيات.‏
والحال أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بينأمريكا والجزائر بقيت متطورة وزادت قيمتها في فترة الحرب الباردة، إلى درجة انقلبتفيها معادلة التحالفات. فالمغرب الحليف التقليدي لواشنطن أقام كذلك علاقات اقتصاديةمع الاتحاد السوفياتي سابقاً ضمن ما يعرف بصفقة القرن التي تضمنت توريد الفوسفاتالمغربي من جهة، والإبقاء على التحالف السياسي مع أمريكا من جهة ثانية، ولم يحدث فيضوء تطورات نزاع الصحراء أن أبدت الولايات المتحدة اهتماماً بتسريع عمله إلا فيالآونة الأخيرة، مستفيدة في ذلك من حشد التحالفات وإبرام الاتفاقات.‏
ورغمتداول معلومات حول استبعاد فرضية البحث في نزاع الصحراء خلال جولة رامسفيلد إلى كلمن الجزائر والمغرب، فإنه أعلن أخيراً عن تمنيات أمريكية بإفادة المغرب والجزائرمعاً من عودة الإستقرار إلى المنطقة، ما يكشف أن لدى الإدارة الأميركية تصورًا حولمضمون التسوية قد تطرحها في الوقت الملائم في حال إخفاق مساعي الأمم المتحدة، مايعني بحسب أوساط مراقبة أن حل نزاع الصحراء رهن تطورات من نوع آخر تكمن في الربطالأميركي بين الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عبر مفهوم سلام الشرق الأوسط والإصلاحاتالديموقراطية في العالم العربي(9).‏
إنالاهتمام الأمريكي بالمنطقة المغاربية لم يعد مقتصرا ً على الملف الأمني، وإنماأصبح يشمل أيضا ً الملف العسكري مثلما تجسده التقارير التي تصنف منطقة الصحراء علىأنها "بؤرة رئيسية للجماعات الإرهابية في أفريقيا"، لاسيما بعدما صار المغرب العربيأحد المعابر الرئيسة لعناصر تلك الجماعات نحو أوروبا تحت ستار الهجرة السرية.‏
وكانتصحيفة "النيويورك تايمس" أوردت في عددها الصادر السبت 5/6/2003،أن الجيش الاميركييريد تعزيز وجوده في إفريقيا التي يرى أنها تشكل ملاجئ محتملة لمجموعات إرهابية. وذكرت أن وزارة الدفاع "البنتاغون" تسعى لتوسيع نطاق الوجود العسكري فى الدولالعربية الواقعة فى منطقتي شمال إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى عبر تعزيز علاقاتهامع حلفاء كالمغرب وتونس والوصول على المدى الطويل إلى قواعد في مالي والجزائروإبرام اتفاقات مع السنغال وأوغندا لتزويد الطائرات العسكرية الأميركية وقوداً.‏
وفيتصريح لصحيفة نيويورك تايمز قال الجنرال جيمس جونز رئيس القيادة الأوروبية في هيئةالأركان الأميركية المكلف قسما كبيرا من القارة الأفريقية "إن إفريقيا تشكل ـ كماتظهر ذلك الأحداث الأخيرة ـ مشكلة ملحة". وأضاف "لخوض الحرب على الإرهاب، يجب عليناأن نتوجه إلى حيث يوجد الإرهابيون. ولدينا أدلة تمهيدية على الأقل، تظهر أن مناطقخارجة عن أي مراقبة وسيطرة حكومية (في إفريقيا)، قد تتحول إلى ملاجئ محتملة للقيامبهذا النوع من النشاطات".‏
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن البنتاغون لا يسعىللحصول على قواعد دائمة في إفريقيا ولكنه يريد أن تتمكن قواته من زيادة تنقلاتهابين أوروبا وإفريقيا. ويشار إلى أن الولايات المتحدة شكلت قوة مؤلفة من 1300 عسكريفي القرن الأفريقي ومركز قيادتها في جيبوتي مهمتهم ملاحقة وأسر من أسموهمالإرهابيين وقتلهم إذا ما اقتضى الأمر.‏
وجاءتأحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 لتؤكد تنشيط موقع إفريقيا في منظومة مصالح الولاياتالمتحدة الأمريكية.ولعل أبرز الملامح التي انعكست على القارة من هذه الأحداث هي :‏
1 ـتأكيد المصادر الأمريكية أن غالبية الانتحاريين الذين يقودون سيارات ملغومة فيالعراق يتحدرون من الخليج، بيد أن هناك 20 في المئة يأتون من الجزائر ونحو خمسة فيالمئة من المغرب وتونس معاً. وإذا كانت ظاهرة الهجرة غير الشرعية هي الموضوع الرئيسالذي يؤرق الأوروبيين، فإن ما يؤرق الأميركيين هو التقارير التي أظهرت أن واحداً منكل أربعة "استشهاديين" في العراق أتى متطوعا ً من المغرب العربي لقتالهم.. واستجابةللطلبات الأميركية الملحة اتخذت الحكومات المغاربية كل التدابير الممكنة لسدِمنافذِ السفر للعراق وسن بعضها قوانين جديدة صنفت نية التطوع للقتال إلى جانبالمقاومة العراقية في خانة الأعمال الإرهابية.‏
واعتقلت أجهزة الأمن التونسية والجزائريةوالمغربية في السنتين الأخيرتين عشرات الشباب الذين قيل إنهم كانوا يعتزمون السفرللعراق للمشاركة في عمليات ضد القوات الأميركية وأحالتهم على القضاء. وسلّم الأمنالجزائري العام الماضي مجموعة من المتطوعين التونسيين اعتقلوا بعد مغادرة بلدهم فياتجاه العراق وأُحِيلُوا على المحاكم.‏
وتضيفهذه المصادر الأمريكية أن "الاتصالات بين شبكات إرهابية من شمال أفريقيا وأخرى منالشرق الأوسط زادت في الفترة الأخيرة" من دون إعطاء تفاصيل. وأفادت أن أجهزةالاستخبارات الجزائرية والمغربية والليبية كثفت من ملاحقاتها للشبكات المحليةوالخارجية اعتقادًا منها أن الذين انتقلوا إلى العراق سيعودون يوماً لتنفيذ عملياتفي بلدانهم. وأفاد ت أن الجماعات المغاربية خصصت نحو 200 ألف دولار لتأمين نقل "المتطوعين" إلى العراق عبر أوروبا وسورية، لكنه أشار إلى وجود طرق أخرى عبر تركياوإيران حيث يقطع المتسللون المناطق الحدودية التي لا تخضع للرقابة للدخول إلىالعراق.‏
ويعزوالمحللون لشؤرون المغرب العربي تزايد اهتمام واشنطن بمنطقة الشمال الإفريقيوامتداداتها الجنوبية في جانب منه إلى تنامي المخاوف من نقل تنظيم "القاعدة" نشاطاته إلى المنطقة بسبب الانفلات الأمني وغياب سيطرة الدول على حدودها، والإقراربوجود قواعد للتدريب، واستقطاب المناصرين المعادين للغرب، ما يعني في رأي أكثر منمراقب أن أخطار تنامي الظاهرة الإرهابية لم يعد موجهاً ضد أنظمة المنطقة، كما فيحال تداعيات الصراع على السلطة في الجزائر أو الهجمات الانتحارية في الدار البيضاءالمغربية أو تعرض ثكنة عسكرية موريتانية إلى هجمات سرقة وتهريب الأسلحة، وإنما أصبحيهدد المصالح الأميركية، لا سيما في ضوء إفادات معتقلين يتحدرون من أصول مغربية لهمارتباطات بشبكات مغاربية وأوروبية أنهم كانوا يعتزمون تشكيل تنظيم مغاربيلـ"القاعدة" على غرار تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين". وزاد في القلق الأميركي أنأعداداً كبيرة من انتحاريي المقاومة في العراق يتحدرون من أصول مغاربية، فيما تحدثتمصادر أمنية في الرباط عن تفكيك خلية أطلق عليها اسم "الساحل والصحراء" في إشارةإلى المناطق العازلة بين حدود دول الشمال الأفريقي وامتداداتها الجنوبية، وهي شريطصحراوي تزدهر فيه تجارة تهريب الأسلحة والسجائر والبضائع والهجرة غير الشرعية مادفع إلى الاعتقاد بضرورة قيام تنسيق أمني بين الدول المعنية، خصوصاً بين المغربوالجزائر وموريتانيا، يتجاوز الخلافات ذات العلاقة بنزاع الصحراء(10).‏
2 ـمسارعة الأمريكيين لرد الفعل على هذه المعلومات الاستخباراتية بتكثيف مساعداتهمالعسكرية لبلدان المغرب العربي خصوصاً، من خلال تعزيز عمليات التدريب والتسليحلإعانة القوات المحلية على ملاحقة الجماعات المتشددة إسوة بـ"الجماعة السلفيةللدعوة والقتال" الجزائرية التي يُعتقد أن لديها علاقات مع تنظيم "القاعدة"، والتيوضعتها أمريكا على لائحة المنظمات الإرهابية. ويتوقع أن يرتفع حجم المساعداتالأمريكية للجيوش المحلية إلى مستوى لم يبلغه منذ عقود، وهو يرمي للحؤول دون إقامةقواعد للجماعات المسلحة في الصحارى والغابات والمناطق الحدودية التي لا تراقبهاجيوش نظامية.‏
وكانالظهور الشبه الرسمي للأمريكيين في المنطقة في شهر مارس2004، في عملية عسكريةقادتها أربع دول من دول الساحل وهي (مالي، تشاد، النيجر، والجزائر) ضد ما يعرفبالجماعة السلفية للدعوة والقتال والتي كان يتزعمها المدعو "عماري صايفي" المعروفباسم: عبد الرزاق البارا (الصورة) الذي حيكت حوله العديد من القصص الغريبة.. ربمالأن عبد الرزاق البارا نفسه كان الذراع الأيمن للجنرال الجزائري"خالد نزار"، من أمفرنسية وأب جزائري، كان على وشك الارتباط بابنة الجنرال قبل أن يحدث ما سمي فيمابعد بالانشقاق الذي جعل " عبد الرزاق البارا" يقرر الهرب إلى الجبال وتشكيل تنظيمامسلحا ضد النظام الجزائري. ولعل العلاقة القريبة جدا التي كانت تجمع "عبد الرزاقالبارا" بالجنرال "خالد نزار" هي التي أثارت الكثير من الشكوك فيما يخص الحقيقةالأخرى لتلك الشخصية التي ذهب البعض إلى القول أنها " مخابراتية مدسوسة" داخلالتيارات الجهادية سواء في الجزائر أو في دول أخرى كانت لها علاقات "تنظيمية" معتنظيم القاعدة، كما جاء في التقريرالأسبوعي عن صحيفة الخبر الجزائرية بتاريخ 10أكتوبر2004. قيل وقتها أن الدور الأمريكي للقبض على زعيم تنظيم الجماعة السلفيةللدعوة والقتال كان كبيرا، وأن وحدة أمريكية خاصة شاركت مع الجيش الجزائري لمحاصرتهفي منطقة تشادية كانت موجودة تحت سيطرة متمردي الحركة التشادية للديمقراطيةوالعدالة، وهي الحركة التي مولتها جهات أمريكية منها ما يعرف بالمؤسسة الوطنية لأجلالديمقراطية(11) (NED)، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) التي لهما أذرعكثيرة مع وكالة الاستخبارات الأمريكية السي. آي. إ يه(12).‏‏‏‏
3 ـقيام قوات أميركية متمركزة في أوروبا طيلة أسبوعين من العام الماضي(2005) بمناوراتللتدريب على مكافحة الجماعات الإرهابية مع قوات من الجزائر وموريتانيا وتشاد وماليوالسنغال ونيجيريا والنيجر وتونس والمغرب. وتوزعت أربع فرق أميركية قوامها ألف جنديعلى كل من تشاد والنيجر ومالي والجزائر وموريتانيا حيث نفذت تدريبات مشتركة معثلاثة آلاف جندي إفريقي. وأدرجت المناورات في إطار "المبادرة العابرة للصحراءلمكافحة الإرهاب" التي كانت مقررة منذ أشهر، إلا أن الغارة التي نفذتها "الجماعةالسلفية للدعوة والقتال" الجزائرية مطلع شهر أيار/مايو 2005على قاعدة عسكرية شمالموريتانيا حملت على التعجيل بإجراء المناورات التي أشرف عليها الجنرال هولي سيلكمانقائد القوات الأميركية في أوروبا. وكان الكونغرس وافق على الترفيع من حجمالاعتمادات المخصصة للبلدان التسعة في إطار تلك "المبادرة" من 6 ملايين دولار إلى 100 مليون دولار في السنة على مدى خمسة أعوام اعتبارًا من السنة ألفين وسبعة.‏
ويدرسحلف شمال الأطلسي حاليا إمكان إقامة قواعد مراكز للتدريبات العسكرية في منطقةالمغرب العربي، لتدريب قوات الحلف. وقد تم اقتراح اسم الجزائر كدولة محورية فيالإستراتيجية الأميركية وفي المنطقة ككل لاحتضان هذا المشروع، إضافة إلى امتلاكهاشريطا ساحليا طويلا يمتد على مسافة 1200 كلم. وكان المغرب يسعى هو الأخر لاستضافةهذا المركز، غير أن الإدارة الأمريكية تميل أكثر إلى الجزائر، لاسيما بعد التحاقهابعملية "اوبيريشن اكتيف اندرفور" التي تهدف إلى تأمين منطقة البحر المتوسط وتأمينالملاحة الجوية وإحباط العمليات الإرهابية.‏
4 ـشروع الجيش الاميركي أخيرا في تدريب قوات تسع دول من الساحل الإفريقي بينهاالجزائر، حسب ما أفادت صحيفة "واشنطن بوست" منذ فترة للتصدي لما وصفته بـ"غزوالقاعدة والشبكات الإرهابية للدول الإسلامية والفقيرة في القارة الإفريقية بتمويل 500 مليون دولار على مدار سبع سنين".وتعتبر هذه الخطوة في نظر الإدارة الاميركيةإيذانا ببدء مرحلة جديدة في تعامل الولايات المتحدة مع الحرب العالمية ضدالإرهاب.ويرى المتتبعون أن هدف الإدارة الاميركية من هذه الخطة هو توريط الجزائروالدول الإفريقية في الحرب ضد الجماعات الإرهابية.ويعتزم البنتاغون تدريب ألافالقوات الإفريقية في كتائب مجهزة لعمليات الحدود والصحراء الممتدة، كما ينوي ربطجيوش دول الساحل بالبرنامج عن طريق اتصالات جرى تأمينها على درجة عالية من الدقة،وبعيدة من أي اختراق عبر الأقمار الاصطناعية. ويشمل البرنامج تدريب قوات كل منالجزائر وتشاد ومالي والنيجر وموريتانيا والسينغال ونيجيريا والمغرب وتونس، على أملأن يمتد البرنامج ليشمل ليبيا في حصول مزيد من التطبيع في العلاقات بين طرابلسوواشنطن. ونقلت الصحيفة عن مصادر من وزارة الدفاع الأميركية أن البنتاغون سيعينمزيدا من العسكريين في سفارات الولايات المتحدة في الدول المذكورة آنفا، من أجلتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتعاون في المجال الاستخباري، إضافة إلى إبرامالعديد من الاتفاقات بين واشنطن ودول الساحل المعنية بالبرنامج الأمني الجديد، بمايسمح وصول اكبر حماية شرعية للقوات الاميركية.‏
5 ـبتاريخ 23 و24 آذار/مارس2004، شاركت ـ لأول مرة وبشكل سري(13) ـ قيادات من القواتالمسلحة لعدد من الدول الإفريقية هي "مالي، تشاد، موريتانيا، المغرب، النيجر،السنغال، الجزائر، تونس" في اجتماع عسكري داخل مقر القيادة الأوروبية للجيشالأمريكي (US ـ Eucom) في مدينة شتوتغارت الألمانية. كانت تلك القمة أمراً غيرمسبوق، باعتبار أن أعمالها ظلت سرية ومحاطة بالمصطلحات عينها الجاهزة مثل " التعاونالعسكري في إطار الحرب الشاملة على الإرهاب". كانت النظرة الأهم في هذا النوع من "اجتماع الثمانية" قد صاغتها الولايات الأمريكية قبل ثمانية أعوام ماضية في منطقةالساحل الجنوبي التي تعتبر جغرافيا وأمنيا أنها الحد الأخطر بين المغرب العربيوأفريقيا السوداء، وبين المناطق البترولية للشمال وتلك المترامية في خليج غينيا.‏
كانأهم مطلب أمريكي من الدول الإفريقية المعنية هو صياغة مفهوما جديا لماهية الإرهاب،إذ صاغته الإدارة الأمريكية على شكل "إرهاب إسلامي". والحال هذه،صارت الأنظمة كلهاتحت نفس الخط الأحمر إزاء ما يمكن للإدارة العسكرية الأمريكية أن تقدمه لها: أيالمساعدات اللوجستيكية والدعم السياسي الذي يعني صرف النظر عن كل الجرائم ضدالإنسانية التي يمكن لتلك الأنظمة الإفريقية المعنية أن ترتكبها ضد شعوبها، لأنالغاية تبرر الوسيلة للأمريكيين، أي استغلال المخاوف الأمنية الإفريقية لزرع مزيدمن الرعب الذي على أساسه يمكنها أن تتدخل مباشرة في الشؤون الداخلية للدولالإفريقية، لاسيما الدول العربية والإفريقية ذات الأكثرية الإسلامية. وهو الهدفالذي لم يكن بريئا نظرًا لارتباطه بالموارد الطبيعية التي تزخر بها العديد من الدولالإفريقية، كالنفط للجزائر وغينيا ونيجيريا، واليورانيوم الذي اكتشف في عدد منالدول مثل النيجر.‏
وكانتقرير صادر عن المركز الأمريكي للأبحاث الإستراتيجية بواشنطن بتاريخ 13 ايار/مايو 2004، ذكر أن صوراً ملتقطةً عبر الأقمار الصناعية كشفت عن احتمال كبير (70%) عنوجود النفط في منطقة دارفور السودانية، وقد أشارت دراسة سابقة عن نفس المعهدالاستراتيجي الأمريكي سنة 1979 عن وجود النفط في صحراء غينيا. وهو الشيء الذي تأكدفعليا فيما بعد أن انفجرت العديد من النزاعات في القرن الغربي الإفريقي، امتدت إلىالقرن الشرقي، والتي تمثلت في حروب ونزاعات داخلية تدخل في إطار الحروبالأهلية..‏‏‏‏
6 ـاعتبار التوجه الإفريقي الجديد للولايات المتحدة في رأي قيادة البنتاغون مسألةحيوية جدا ً، من أجل وقف تسلل الجماعات الإرهابية التي تسعى، حسبها، إلى ضرب العديدمن الحكومات في العالم.ويرى محللون أن الإستراتيجية الأمنية الجديدة من خلالانتشارها في دول الساحل الإفريقي وبرنامجها الأمني دليل قاطع على أن الإدارةالأميركية تعاني متاعب جمة في العراق، وبالتالي لا تريد أن يتكرر السيناريو العراقيفي مناطق أخرى من العالم في إطار حربها الدولية ضد البعبع الإرهابي، وهو ما يؤكدهلجوؤها إلى تبني برنامج تدريبي لجيوش دول الساحل الإفريقي، وبالتالي تهربها منالمواجهة المباشرة وترك هذه الدول تتحمل مسؤولية ذلك بعد إعدادها الإعداد الجيدلذلك.‏
وحسبالمراقبين فإن احتفاظ البنتاغون بمهمة الإشراف التقني واللوجيستي للعمليات ضدالإرهاب في دول الساحل الإفريقي والمغرب العربي يعني أن إدارة بوش عازمة على مواصلةالحرب على الإرهاب ولكن بالنيابة، من خلال استعمال جيوش غيرها، بسبب ما تتكبدهيوميا من خسائر في العراق وأفغانستان.‏
وهناكبعد آخر يتعلق بزيارة دونالد رامسفيلد للبلدان المغاربية، يتعلق بالحصول على مساهمةمغاربية تخفّف مأزق الولايات المتحدة في العراق، عبر استبدال جزء من القواتالأمريكية المقرر سحبها من العراق، بقوات عربية وأخرى مغاربية. ويظهر، للوهلةالأولى، أنّ مسعى رامسفيلد سيشكل إحراجًا للدول المغاربية التي تعرف تأييدًا شعبياًللمقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي، ولم تنجح عملية اغتيال دبلوماسيينجزائريين واختطاف عاملين في السفارة المغربية في بغداد، في تحجيم هذا التأييد، كماامتنعت هذه الدول رغم الضغوط الأمريكية، عن إرسال سفراء لها إلى العراق، وفضّلتحكوماتها النأي عن إقامة علاقات حميمية مع ما ظهر خلال الاحتلال من هيئات وحكومات،علما أنّها ارتبطت جميعها بعلاقات وثيقة مع عراق صدام حسين.‏
7 ـإذا كان التقارب الجزائري الأمريكي يصنع مباهج الأمريكيين الطامحين للإستحواذ علىأخطر المناطق الإستراتيجية في الساحل الإفريقي، فإنه يصنع تعاسة الفرنسيينالمستاءين جدًا منذ عدة أشهر. زيارة رامسفيلد إلى عدد من الدول المغاربية أججت ثورةالفرنسيين، بحيث أن الصحف الفرنسية الرسمية الكبيرة لم تخف استياءها من الشراكةالمغاربية الأمريكية التي لن تكون إلا على حساب فرنسا " التي ستدفع ثمن موقفها منالحرب على العراق من جديد!" كما قالت صحيفة "لاديبيش دو ميدي"(14) في عددها الصادرالاثنين 13 شباط/ فبراير2006.وهو الثمن الذي هددت به شخصيات أمريكية بتغريمه لفرنسابعد عبارة" أوروبا القديمة" التي قالها رامسفيلد للتقليل من دور الفرنسيين فيالاستراتيجيات القادمة!‏‏‏‏
التحركات الفرنسية كانت سريعة بزيارة وفد فرنسيللجزائر في نهاية شهرشبط/ فبراير الماضي، وهي الزيارة التي أريد لها أن تدخل فيإطار "الشراكة" الاقتصادية بالرغم من الموقف الحاد الذي تبديه وسائل الإعلامالفرانكفونية الجزائرية من "الغزل" الرسمي الجزائري الأمريكي. فرنسا التي تعتمد علىاللوبي الفرنسي في الجزائر، تشعر بالتهديد الأمريكي المباشر، ربما لأن السياسةالفرنسية نفسها لم تعد تثير "شغف" الجزائريين، بعد أن سقطت العديد من النقاطالفرنسية على المستوى الشعبي جراء التعاطي الإعلامي الفرنسي " المتعصب" من انتفاضةالضواحي في باريس والتي استعمل فيها وزير الداخلية الفرنسي " نيكولا ساركوزي" عبارة " الأوباش" للحديث عن المهاجرين الأفارقة والمغاربة.‏
سبرالآراء التي قامت به صحيفة "صوت الأحرار"(15) الجزائرية جاء فيه أن أكثر من 55% منالقراء يفضلون أمريكا عن فرنسا، وهو ما نقلته أكثر من صحيفة فرنسية باستياء ظاهر.. " الأمريكيون يسعون إلى معاقبتنا بقسوة على عدم مشاركتنا في الحرب على العراق. إنهميحاولون بكل الطرق زعزعة المناطق ذات التأثير الاستراتيجي. يقول برنارد منيار فيكتابه "فرنسا والتغيير الاستراتيجي"، والحال أن الجزائر تبدو أكثر ميلا للأمريكيينلأن واشنطن أقل صرامة فيما يخص بيع الأسلحة، باعتبار أن فرنسا ظلت تمارس علىالجزائريين حظرًا حقيقيًا فيما يخص أنواع محددة من طائرات "الميراج" و"الفونتوم" الفرنسية الحديثة، وهو الشيء الذي انتبه الأمريكيون إليه حين فتحوا جزئيا مغارة "علي بابا" العسكرية للجزائريين الذين حظوا هذا العام على أكبر صفقة أسلحة أمريكيةفي تاريخ العلاقات بين البلدين.‏
ربماكان مضحكًا أن يراهن دونالد رامسفيلد في أبريل من عام2004 على الدور الأحق للولاياتالأمريكية في القارة الإفريقية وفي الشمال الإفريقي بالخصوص. كانت عبارته موجهة فيالحقيقة إلى نظيره الفرنسي الذي اتهمه بالهيمنة. والحال أن رد رامسفيلد لم يكن سقطةأمريكية في التعبير، بل كان إستراتيجية أخرى بدأ التحضير لها قبل غزو العراق. وإنكانت الولايات الأمريكية نجحت في "نتف" ريش الفرنسيين بعد الحرب على العراق، فإنهاأيضا نجحت في إجبار الفرنسيين على التراجع عن العديد من المواقف، إلى درجة أنالضغوطات الفرنسية على سورية مثلا وعلى إيران صارت ملفتة للانتباه، وهو يعكس تماماأن فرنسا تكاد تكون مطيعة "لبيت الطاعة الأمريكية" كما جاء في افتتاحية الواشنطنبوست بتاريخ 12 أيلول/ سبتمبر2005.‏
وكانتعبارة "ديك تشيني" ( في الواشنطن بوست أيضا) أن أمريكا ستدخل إلى إفريقيا من أوسعالأبواب، بمنزلة الحرب الباردة بين واشنطن وباريس على منطقة ظلت رهينة مزاجات سياسةالكبار، باعتبار أن فرنسا التي تحتكر المغرب العربي على أكثر من جانب، أهمها الجانباللغوي والثقافي، تستشعر خطر التقارب المغاربي الأمريكي الذي يبدو بدوره أشبهبالانتقام الذي على أساسه تسعى كل دولة من الدول المغاربية إلى ممارسته بشكل مابتقاربها مع واشنطن، بعد أن "أفلست" باريس سياسياً وأيديولوجياً. لكن الأخطر أنالساسة يلعبون بمستقبل شعوبهم، وأن الأحضان الأمريكية أو الفرنسية ستكون كارثةاستعمارية جديدة اسمها" الاحتلال الأبيض" !‏‏‏‏
(1)كمال عبد اللطيف ـ اتحاد المغرب العربي... الإصلاح السياسي أولاً، صحيفة الشرقالأوسط تاريخ 19 آب 2004.‏
(2) مصطفى الخلفي ـ الأزمة بين التوترات الثنائية والدور الخارجي ـ المصدر: موقع العصربتاريخ 20 ديسمبر 2003.‏
(3) الهواري عدِي ـ عود على بدء بين الجزائر والمغرب:الأخوة المستحيلة ـ لوموندديبلوماتيك، النسخة العربية الصادرة عن جريدة النهار اللبنانية، كانون الأول /ديسمبر 1999.‏
(4) عبد الهادي بوطالب ـ الاتحاد المغاربي يدخل مرحلة الموت السريري. www.abdelhadiboutaleb.com.
(5) محمد الأشهب الخلاف المغربي الجزائري حول الصحراء الغربية: تصعيد المواجهة. .. والعودة الى نقطة الصفر – صحيفة الحياة ـ 7/10/2004.‏
(6) جورج الراسي ـ الجراد وحده يوحِّد المغرب العربي ـ صحيفة المستقبل اللبنانية ـالأربعاء 15 كانون الأول 2004 ـ العدد 1779 ـ رأي وفكر ـ صفحة 17‏
(7) جورج الراسي ـ اتحاد الإرهاب في المغرب العربي ـ صحيفة المستقبل اللبنانية ـالاربعاء 29 حزيران 2005 ـ العدد 1962 ـ رأي وفكر ـ صفحة 21 –‏
(8) جريدة اللوموند ديبلوماتيك، أنظر إلى الرابط التالي:‏‏‏ ww.monde ـ dipmomatique.fr‏‏‏‏
(9) محمد الأشهب ـ الخوف من «القاعدة» في شمال افريقيا يوسّع الاختراق الأميركي فيمنطقة النفوذ الفرنسي ـ مقال منشور في صحيفة الحياة، بتاريخ 5 مارس 2006.‏
(10) المرجع السابق.‏
(11) إدجار كونزاليس رويز(الكاتب المكسيكي، مقال: الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) والشبكات الإرهابية.أنظر إلى موقعwww.syti.net‏‏‏‏
(12) حوار جريدة الخبر مع السفيرة الأمريكية في الجزائر منشور على موقع الصحيفة عبرالانترنت‏‏‏.‏
(13) ياسمينة صالح ـ واشنطن والصحراء الجزائرية: قاعدة أمريكية لمراقبة إفريقيا؟ انظرموقع الانتقادنت www.intiqad.netبتاريخ 6آذار/مارس2006.‏
(14) أنظر لصحيفة" لاديبيش دو ميدي" على الرابط التالي: www.ladépechedemidi.com‏‏‏‏
(15) سبر الآراء الذي أجرته كل من جريدة "صوت الأحرار" و"المجاهد الأسبوعي" الجزائريتينبتاريخ 6 حزيران/يوليو 2005، جاء فيه أن أكثر من 50% من القراء يفضلون أمريكا عنفرنسا !‏‏‏‏
توقيع هيا الحسيني
 شهيد الأمة العربية
الرئيس الشهيد صدام حسين
هيا الحسيني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04 / 05 / 2010, 08 : 11 PM   رقم المشاركة : [12]
فهيم رياض
كاتب نور أدبي يتلألأ في سماء نور الأدب ( عضوية برونزية )
 





فهيم رياض is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

رد: اتحاد المغرب العربي بين الإحياء والتأجيل ـــ توفيق المديني - دراسة تاريخية سياسية

شكرا للأستاذة على نشرها لهذا الكتاب المهتم بشؤون المغرب العربي ، لكن بصفتي جزائري أقول أن هذا الكتاب يحمل في مجمله وجهة نظر المغرب الرسمي ، فمثلا لم يشر فيه الكاتب إلى حادثة فندق مراكش سنة 1994والتي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ، إضافة إلى تطرقه إلى بعض المشاكل القائمة بإستخدام مصطلحات غريبة علينا نحن الجزائريين ولا يمكن القبول بها أبدا كطلب بن بللة إرجاء تسليم أو إعادة بعض الأراضي للمغرب من الملك ، بينما مدد ت مدة سجن السيد بن بللة هذا وصحبه لسنتين إضافيتين بفعل تمديد عمر الحرب بهذه المدة بسبب محاولات
فرنسا اليائسة والبائسة لفصل الصحراء عن الشمال الجزائري وإصرار المجاهدين على تحرير الجزائر كتلة واحدة موحدة .
هناك حقائق أخرى عولجت بنفس النظرة لايسعفني الوقت على التطرق إليها .
وإختصارا للموقف الجزائري أقول مادامت هناك مثل هذه المعالجات للقضايا الشائكة ومادام هناك طرق خاص في تناول هذه القضايا يفهم منها الجزائري أنها مهينة له ولتاريخه ولأمجاد رجالاته فلن تقوم للمغرب العربي قائمة وبشكل خاص لن يكون هناك توافق جزائري مغربي .
فهيم رياض غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
إحياء، تأجيل،المغرب العربي، اتحاد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أدباء من المغرب العربي (1) محمد الصالح الجزائري متفرقات 10 05 / 03 / 2021 53 : 12 PM
إصدارات جديدة لأعضاء اتحاد كتاب المغرب زين العابدين إبراهيم الشؤون المغاربية 0 15 / 12 / 2014 05 : 12 PM
سوريا/ في رحاب وطننا العربي.. اطلالة تاريخية/ الفتح العربي الإسلامي مازن شما الجغرافيا والسياحة العربية 0 29 / 01 / 2014 39 : 02 AM
انتقادات سياسية للمهرجانات الثقافية في المغرب نجاة دينار الشؤون المغاربية 0 07 / 08 / 2008 21 : 10 PM
منتديات قصص المغرب العربي عبده حقي قال الراوي 0 19 / 07 / 2008 07 : 03 PM


الساعة الآن 34 : 03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|