التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 138,646
عدد  مرات الظهور : 163,019,202

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > قال الراوي > الـقصـة القصيرة وق.ق.ج.
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 01 / 03 / 2010, 41 : 08 PM   رقم المشاركة : [1]
زياد صيدم
مهندس / أديب وقاص

 الصورة الرمزية زياد صيدم
 




زياد صيدم is a splendid one to beholdزياد صيدم is a splendid one to beholdزياد صيدم is a splendid one to beholdزياد صيدم is a splendid one to beholdزياد صيدم is a splendid one to beholdزياد صيدم is a splendid one to behold

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: فلسطين / غزة

صخب الموانئ ( 9 ) ،(10)

9
استجمع احمد أفكاره سريعا، أعاد ترتيبها بعد نداء أم سعد للعشاء ..بعد أن هدأت أفكاره المتزاحمة وقلّ طنينها في أذنيه ..لكن ارتباكه بعد قراره بمواجهه ابنته البكر ما يزال باديا على ملامحه.. تؤرقه الفكرة وتقلقه ردة فعلها.. وما ستحدثه المفاجأة من صدمة متوقعة و وتداعياتها غير المحسوبة... وصل متأخرا على غير عادته، حيث اعتاد أن يكون أول الجالسين على المائدة، يحث ويستعجل أطفاله حتى لا يتأخروا ما يضطر أم سعد إعادة تسخين الطعام، فقد كان يرفق بحالها ويرأف لما آلت إليه صحتها، فهي تعيل أسرة كبيرة، تقطعت بها سبل العيش لموت زوجها باكرا.. وسعيها الجاد في توفير لقمة عيش لأولادها.
كان الأمر صعبا عليه، فهو مضطر الآن لمواجه ابنته سلوى بحقيقة مرض أمها.. مر زمن طويل وهو يخفى حقيقتها، وقد نجح في هذا على مدار ثمانية شهور، استطاع بكل جهده وحنانه تعويض أولاده غياب الأم، وان يزرع فيهم الأمل بانتظار جميل، وأخبار سارة عن نجوى ، كان يختلقها حين يلحون عليه وتحاصره أسئلتهم.. بينما كان الحزن يخيم على قلبه، إلا انه بكل الحب وعاطفة الأبوة، نجح في معظم الأحيان في زرع الابتسامة على شفاه أطفاله...
- سلوى حبيبتي، بعد انتهائك من نقل الأطباق، وتنظيف السفرة، ارغب في حديث معك على انفراد.. حدثها وهو يتجه صوب غرفته...
- نعم يا أبى سأكون فور انتهائي، سألحق بك وأجهز قهوتك بنفسي، تاركة ابتسامة رقيقة قبل أن تتجه حاملة أطباق وأواني العشاء ناحية المطبخ، حيث سبقتها أم سعد ..
مرت نصف ساعة قبل أن تقرع الباب مستأذنه بالدخول..
- أهلا ابنتي ..ما شاء الله عليك حبيبتي، تكبرين بسرعة فائقة، ها قد أصبحتِ عروسا يا سلوى، كم أتمنى من الله وأدعوه متضرعا أن يمنحكم السعادة والهناء.. لا تنسى وعدك لي بأن تصبحي مهندسة معمارية .. ابتسمت سلوى مكررة وعدها، بينما كانت تصب القهوة في فنجان خزفي تعود أن يشرب به قهوته دوما.. ولطالما نهت إخوتها الصغار عن استخدامه قائلة: فنجان أبى الخاص لا احد يعبث به.. جلست ترقب أباها بينما أشعل سيجارته، وارتشف أول رشفة .. نظر إليها بكل عطف وحب وحنان...
- سلوى، اعلم أنك واعية لما سأقوله لك..اعلم بأنك تستطيعين أن تتفهمي وتعذري تصرفي في إخفاء حقيقة لها شهور طويلة عليكم جميعا.. من أجلكم فقط فعلت هذا! لكن بنيتي جاءت لحظة الحقيقة، أنت صغيرتي الكبيرة، المتفوقة والمدركة و.... قاطعته والحيرة التهمت وجنتيها حمرة فتورد خديها كالجمر،وجحظت عيناها ..أبى ماذا حدث ؟ بدأت أطرافي ترتجف.. أنا خائفة يا أبى، ما الأمر؟ هل حدث شيء لأمي في غربتها؟ ماذا يا أبى؟ أخبرني .. انهمرت دموعها وارتمت في أحضان أبيها وهى تبكى بحرقة ..
- لا لا أبدا يا سلوى، أمك بخير، لم يحدث لها شيء.. ليس هكذا الأمر حبيبتي..
- إذا هناك شيء تخفيه! أنا أحس بهذا الآن، قل لي كل شيء، أريد الحقيقة، فان كانت أمي بخير ما الذي تخفيه عنا ؟ لماذا لم تسال علينا؟وأين هي .. أريد الحقيقة.. وراحت تبكى وتهدج صوتها ..تمسح دموعها بمنديل ورقى ذاب بين أناملها الغضة الرقيقة.. تحاول لملمة كلماتها المبعثرة.. يسرع احمد في احتضانها.. يربت على ظهرها وكتفيها محاولا بث السكينة في نفسها .. مكررا أن أمها بخير .. يقسم لها..يكرر قسمه.. حتى بدأت في السكون ولكن بحذر !...
ساد صمت لم يدم طويلا.. قطعه احمد :سلوى ماما ليست في الجامعة ! وليس هناك منحة دراسية، ماما في مصحة نفسية تخصصية هنا في داخل بلدنا.. وغدا طلب الأطباء بان نزورها جميعا.. قال جملته الأخيرة سريعا، دون أن يترك لها مجالا للانفعال والمقاطعة .. بينما كان يرى الذهول على وجهها، ويقرأ في عينيها حزنا وألما وحسرة.. نظرت حولها .. زاغ بصرها..تكورت في ركن الغرفة البعيد ،تضع كفيها على وجهها تنوح ببكاء يقطع نياط القلوب.. كانت تكرر: ماما..ماما..حرام عليكم .. حرام .. ماذا حدث لك؟ كيف لم أرك وأنت هنا !..تكرر كلماتها ، بصوت متهدج وقد تاهت معالم وجهها تماما في بحر من الدموع والنحيب والذهول.. وقد احتبست الدماء في مقلتيها كيف يا أبى؟ لماذا لم تأخذني طوال هذه الفترة إليها كيف تفعل هذا؟كيف هنت عليك يا أغلى الناس على قلبي.. وكيف لم تطلب أمي رؤيتي وإخوتي كيف؟؟ حرام ..حرام ما فعلتموه.. تتأوه، تلتاع حزنا.. تقطع قلب أحمد.. يتماسك..يحاول أن يتماسك ..ينجح لابد وان ينجح في هذا الموقف العصيب..وإلا فتداعيات الصدمة ستكون معقدة على ابنته...
- اهدئي بنيتي، سأشرح لك كل الحكاية الآن..
انتهت أم سعد من ترتيب المطبخ، أعدت الحليب للأطفال كعادتها في كل ليلة قبل نومهم، تتأكد بنفسها من تناولهم له ، فكم مرة وثقت بكلامهم وتركته، لتأخذه في الصباح كما تركته مصبوبا لم يلمسه احد.. حدث هذا في الأيام الأولى من قدومها، بعد مغادرة نجوى إلى المصحة، حيث عرفت شقاوتهم.. لهذا ترافقهم حتى يذهبوا في نوم ملائكي.. ثم تنسحب متسللة من غرفتهما إلى احمد حيث تكرر سؤالها اليومي عليه، إن كان يريد شيئا قبل أن تخلد للنوم...
قرعت الباب على احمد، وهى تعلم بوجود سلوى عنده في أمر تعلمه مسبقا، فعلى ما يبدو أن ساعة الحقيقة قد حان ميعادها.. كانت تحدث نفسها عندما قرعت الباب بدقاتها المعروفة..
دخلت أم سعد، وقد اغرورقت عيناها بالدموع عندما رأت سلوى في وضع لا يحسد عليه، فهذه الشمعة المضيئة ، والوردة الندية قد احترقت وذبلت ..
ارتمت سلوى في أحضان أم سعد وعادت لتبكى .. كان بكاؤها اخف حدة، بدأت تعاتبها هي أيضا لإخفائها الحقيقة عنها.. وهنا توجه احمد بالحديث لام سعد:لقد طالبني الطبيب المعالج بان نتوجه جميعا بزيارة عاجلة إلى نجوى غدا.. وقد بحت بالحقيقة لسلوى كاملة.. وبحمد لله تفهمت لأنها ابنتي الواعية والمثقفة ..
- اااه يا ابنتي سلوى سارد على سؤالك، لقد اخفي والدك عليكم القصة، لأنه كان يتأمل شفاءها عاجلا، وعودتها وكأن شيئا لم يكن.. كان لمصلحتكم ابنتي، ولم يقصر في واجبكم أبدا.. وأنا الم أكن لك الأم والصديقة ؟ .
- نعم تيتا لم أحس أبدا بغياب أمي ..لكن...
- استأذنكم الآن، وسأجهز الأطفال غدا ليكونوا على أهبة الاستعداد ..
- اعلمي بأننا على منتصف النهار يجب أن نكون هناك..
- نعم فهمت، إن شاء الله.. أغلقت الباب وراءها وهى تخرج تكرر قولها: لا حول ولا قوة إلا بالله يا رب الصبر، والرحمة بعبادك.. وألطف بهم غدا يا الله.
خرجت سلوى من غرفة أبيها، وقد جففت دموعها واستسلمت للأمر الواقع.. بعد أن تفهمت كل شيء، وعرفت ماذا ستقول لإخوتها الصغار غدا، كما أوصاها والدها.. استأذنت أباها وقبلت يده ..فقبلها في خديها وجبهتها، وضمها بقوة وحنان إليه.. أغلقت باب الغرفة ومضت...
القي بجسده منهكا على السرير.. أشعل سيجارته ونظر إلى ساعة الحائط، فقد قاربت على العاشرة والنصف.. نهض من سريره بعد أن استفاق من مشاهد كأنها فيلم اكشن دارت أحداثه على الطبيعة أمامه قبل قليل.. ارتشف ما تبقى من فنجان قهوته.. توجه إلى حاسوبه حيث كانت حنان في انتظاره ...
– ااااه حنان، حبيبتي.. كم أنا محتاج إليك الليلة..بدأ حديثه فورا إليها.
- حبيبي احمد يا أغلى من حياتي.. كلى لك يا غلاي.. ما بك يا مهجة الروح ..ما هذا الحزن في قلبك..لا لا تبك.. دموعك غالية على حنانك، ماذا حدث؟ هل واجهت سلوى بالحقيقة؟..
- نعم، وراح يقص عليها وقائع كانت قبل لحظات.. وهى تستمع إليه ..تهدئ من روعه.. تعطيه أملا.. تشير وتشور عليه بخطوات تطابقت بما كان يفكر فيه..
وهنا يقف أحمد مذهولا! كونها الحبيبة وترأف به وبأسرته وبزوجته.. يقف محتارا.. فالموقف يدعو للتأمل حقا.. لكنه ليس بالخيال، فحنان حقا امرأة عاشقة لأحمد بكل ذرات كيانها..تريد له الخير ولأسرته السعادة !طيبة القلب،واعية ومدركة لكل الظروف، محبة حد الثمالة له،.. يشعر على أثر محادثتها بهدوء يجتاحه،براحة بال تتلبسه، بأمن وأمان يسرى في كيانه.. فيصمت.. لتتوالى بنفسها الأحداث تباعا...
- يتبع -
=========
10
وصل سائق إبراهيم في العاشرة والنصف صباحا..كان الوقت ما زال مبكرا على موعدهم المقرر عند منتصف النهار.. حملت إليه أم سعد الشاي مع قطعة جاتوه، قبل انهماكها في تجهيز الأطفال، وإعداد الفطور للأسرة.
- هل انتهيتِ من تجهيز نفسك بنيتي؟ للتو أنهيت اتصالى بالمدرسة لأخذ إذن بغيابك اليوم، وقد وافقت الإدارة مشكورة، فكوني مطمئنة حبيبتي سلوى.
- نعم يا أبى أنا جاهزة، وسأقوم بمساعدة أم سعد بتجهيز اخوتى، ليتسنى لها تحضير الفطور على عجالة.
بينما كان الأولاد يتناولون فطورهم، تحدثت سلوى إليهم بصفتها الأخت الكبيرة، مختلقة قصتها كما اتفقت مع أبيها، فأخبرتهم بأن أمنا عادت بالسلامة من سفرها أمس.. وقد نقلتها الوزارة إلى مركز للتعليم العالي لإكمال دراستها، وهى تنتظرهم اليوم حيث تقيم.. فرح الأطفال، واخذوا يتصايحون ماما..ماما.. والسعادة تغمر وجوههم، والبراءة على محياهم، تعلن تجلى الطفولة بكل صورها...
كانت ليلة عصيبة على إبراهيم، فقد جابت أفكاره كل الاحتمالات، حتى شعر بصداع رهيب يضغط رأسه، كحمل ثقيل يتربع فوقها، صخب فظيع كأنه أجراس تدق في أعماق رأسه، فتناول مسكنا حتى استطاع المكوث مع حبيبته حنان، التي لعبت دورا كبيرا في حفظ توازنه، وتهدئته بمشاركتها في التخفيف عن قلقه، وحيرته وتعثر أفكاره.. فمنحته حنانها، وأفادته كثيرا في إعادة ترتيب أفكاره، حتى أحس بقربها منه أكثر، بل أصبحت بمثابة قطعة من جسده لا يستغنى عنها..لم يمكثا طويلا حتى طالبته مستأذنة الخروج من محادثتهما، حتى يتمكن من النوم باكرا ليأخذ قسطا اكبر من الراحة، فيستيقظ صباحا بأحسن حال، وأكثر تركيزا وثقة، ليتمكن من مواجهة أي طارئ، أو تداعيات قد تترتب على زيارتهم المقررة ظهر اليوم.
وصل الجميع قبل الموعد بقليل، كان د. نصري في استقبالهم شخصيا عند وصولهم مدخل مبنى الإدارة، المرفق مباشرة بباقي الأقسام بواسطة ممر يغلق بباب خاص، لاستخدام الموظفين والأطباء، قبل أن يصطحبهم إلى داخل مكتبه. انزوت سلوى جانبا تسترق النظر إلى باب المكتب بعيون شاردة زائغة، لا تستقر على مقعدها، تنقل كفيها على وجنتيها تارة، وتضرب على ركبتيها المنتفضتين بعصبية لا إرادية تارة أخرى.. كان الطبيب يلاحظها باهتمام:
- أنت سلوى بالتأكيد، لقد كلمني والدك عنك كثيرا، انه يفخر بثقافتك الواسعة، وبوعيك المتقدم، وتفوقك في دراستك، وحصولك على كثير من الجوائز المدرسية كما أعلمني .. قاطعته متلعثمة:
- أريد أمي حالا ..أريد رؤيتها الآن يا دكتور، أرجوكم ..أتوسلكم.. وأجهشت ببكاء تتقطع له القلوب. سارع إبراهيم إلى ضمها، يقبل رأسها، يحوطها بذراعه، يهدئ من روعها، هامسا بكلمات بالكاد تخرج من فيه، حالا بنيتي.. سترون أمكم فورا، ملتفتا جهة الطبيب، ينتظر إشارته بالتحرك إلى حيث تقبع نجوى، فهي لا تعلم بهذه الزيارة مسبقا كما أرادها إجماع الأطباء، لأنها تندرج ضمن وسائل علاجية حديثة، يتبعونها في مثل هذه الحالات .
استأذن دكتور نصري الجميع، باصطحاب إبراهيم لبعض الوقت إلى مكتب مجاور، حيث كان مساعديه بانتظارهما، تاركا سكرتيرته معهم، وقد احضر المراسل عصير البرتقال، وقطع من البسكويت كما أراد ورغب الأطفال ...
- باش مهندس إبراهيم، سنطلعك الآن على خلاصة التقرير، الذي رصد حالة نجوى منذ البداية ..كان الحديث للدكتور نصري، وهو يلوح ممسكا بملف وقد امتلآ بالأوراق، وأضاف متابعا : سأحاول تلخيص الوضع سريعا، لتكن على علم مسبق، حتى لا نصاب جميعا بخيبة أمل من هذا اللقاء المعد اليوم.
- هل تلاشى الأمل بشفاء نجوى في وقت منظور؟ أرجوك دكتور، لخص لي الحالة باختصار شديد، فلا يمكن ترك الأولاد طويلا، وسلوى حساسة جدا، واخشي أن يدب في قلبها الوسواس والخوف، فتنهار من فرط لهفتها للقاء أمها، فالانتظار الآن لا يمكن تخيله بالنسبة لها..
- هذا صحيح، لن نطيل عليهم، إليك خلاصة التقرير:
باش مهندس، أنت تعلم بان مجتمعاتنا الحديثة مليئة بالمرض النفسي/ العصبي، وقد بدأنا هنا بعمل فحوصات فيزيولوجية عامة، ثم فحوصات للغدد الصماء وما شابه.. و بحثنا عن مسببات العقدة النفسية التي تجتاحها حتى تملكتها، وهيمنت على عقلها، أي عن أسباب الصراع الانفعالي داخل عقل نجوى، وعن مكونات أسباب اللاتلاؤم مع البيئة.. وحالتها وصلت إلى أعراض حالة الهلع، أو الخوف من كل شيء يحيط بها ..من الأسواق والأماكن الواسعة المزدحمة، وثبت بالمتابعة أنها بقيت ملازمة للمنزل وعدم مغادرته.. أو لغرفتها هنا دون طلب مغادرتها ! وهذه حالة متقدمة من الاكتئاب، ومن أعراض المرض نفسه.. حيث تم الكشف عن مورثات المرض في عائلتها، وثبت لدينا وجوده بالتدقيق والفحص.. وهنا تسببت العوامل الوراثية في انتقاله من جيل لآخر، وبدأ مع نجوى مع وفاة والديها بفترات وجيزة، عندما كانت في سن العشرين.. بشكل غير مرئي للأسف، فان الحالة شديدة التعقيد والخطورة، لأنها تطورت إلى انفصام تام في شخصيتها، يسبب لها آلامًا اشد وطأة من الآلام البدنية، وقد لا تقل عنها حدة ومدة أو عمقًا ودوامًا، بل إنها معرضة للانتقال إلى المرض العقلي بمعنى الجنون.. فمحاولتها الأخيرة للانتحار، كانت خير دليل على ما رصدناه من تطور للحالة.. ويبقى وجه الله وحكمته أولا وأخيرا.
اغرورقت عيناه بالدموع، فأجهش بالبكاء.. بعد اطلاعه على ملخص مرير، افقده الرجاء بشفاء منظور لزوجته الحبيبة، وأم عياله، لكنه تماسك، فما زال هناك بصيص أمل في الخطوة القادمة، مطالبا سرعة العودة إلى أطفاله .. فكان ما أراد.
تقدم الجميع بخطى حثيثة نحو غرفة نجوى، كانت سلوى والأطفال يتسابقون بخطواتهم، يتهامسون فرحين بلقاء أمهم المرتقب، فقد مرت شهور طويلة على غيابها..يتقدمهم د. نصري ومساعديه من الأخصائيين المشرفين على حالتها، لرصد كل ما يدور، وما قد يحدث لتسجيل ردة فعلها وطبيعة تصرفاتها، ليتسنى لهم الاستفادة لاحقا بتطوير وسائل العلاج ورفع كفاءته، إن لم تحدث ردة فعل ايجابية، تكون بداية شفاء لها كما يتمنون ويرجون حدوثه.. فالجميع كان على أمل ورجاء من رحمة الله.
توقف الجميع، مع توقف خطوات الأطباء أمام باب غرفتها رقم: 22، كان يعلمه إبراهيم جيدا في زياراته.. هنا احتضن أولاده بذراعيه هامسا: هنا تقيم ماما حتى تنهى دراستها أحبائي.. فأومأت برأسها سلوى تصديقا لما أخبرتهم به صباح هذا اليوم...
- من الطارق؟ ردت نجوى على دقات تعرفها، وقد اعتادت عليها ..
- مفاجأة .. نحن حبيبتي، أجابها إبراهيم من خلف ظهر الأولاد اللذين اندفعوا مهللين يتصارخون ..ماما..ماما، يتزاحمون أيهما يصل أولا إلى حضن أمه.. كانت سلوى بعيون الحيرة، وشغف اللقاء وحرمان الأم، تندفع خلف الأطفال مباشرة، ترتقب بادرة الاشتياق من أمها لتأخذها في أحضانها .. تمسد شعرها.. تقبلها، تضمها إلى صدرها ..كانت تريد دفء وحنان الأم، الذي تتوق إليه بعد طول غياب.. بينما اتخذ الأطباء ناحية ليست بالبعيدة، يرقبون اللقاء بكل حيثياته، ويسجلون ملاحظاتهم.
- يتبع –
إلى اللقاء

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع زياد صيدم
 أقدارنا لنا مكتوبة.. ومنها ما نصنعه بأيدينا.
http://zsaidam.maktoobblog.com/
زياد صيدم غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صخب الموانئ 7 ،8 زياد صيدم الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 0 04 / 02 / 2010 53 : 10 PM
صخب الموانئ 5 ،6 زياد صيدم الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 2 04 / 02 / 2010 36 : 10 PM
صخب الموانئ 5 ،6 زياد صيدم الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 0 22 / 01 / 2010 50 : 09 PM
صخب الموانئ (3)،(4) زياد صيدم الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 0 31 / 12 / 2009 38 : 10 PM
صخب الموانئ 2 زياد صيدم الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 2 05 / 11 / 2009 25 : 08 PM


الساعة الآن 05 : 09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|