رد: رسالة إلى صديقة
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-color:black;border:4px inset limegreen;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
قرأت بوحك الخريفي يا ميساء ووجدتني أكتب لك ودرويش حاضر في خلفية سطوري.
هناك لغة لا يفهمها إلا من تشاركوا فيها، لغة لا تدخل مسام إلا من ترتجف أياديهم خوفا على نفس الأشياء وهناك لغة تمتصها وتستوعبها القلوب الكبيرة و تجد لها تفسيرا و تأويلا لذا أفهم أن يكون فقدان درويش لازال يهزك من الداخل كما أستطيع أن أراك تبحثين عن نفسك في المرآة و عن لغة تشبه لغتك في الأمكنة.
نعمة حين نجد من يعبر عنا بإتقان و بلاغة و فن و راحة أن نجد التشابه الجميل الذي يؤكد على صحة مسارنا و هواجسنا و تطلعاتنا وانكساراتنا.
الوطن يا ميساء يعود إليك كلما تعبت، كلما اكتأبت ،كلما خانك تَوقُعٌ أو هربت منك فرحة.
وأنت تكتبين و حتى عندما لا تنتبهين أجده يطارد أنفاسك ، إن غرقت في الحديث عن الحب أراه في ظلال حروفك وفي الخلفية وعلى قارعة النهايات..أقول في نفسي الوطن لا يغادرها وأذكر درويش في باريس و لندن و تونس وبيروت ...من مقهى لمقهى و من مصافحة يد لتوديع أخرى وفلسطين دوما معه في البال في الأوراق، في خطوط اليد ،في التصريحات...وأفهم مرة أخرى سر ذلك الارتباط العجيب لشعب بشخص.
الوطن يعشش فيك، يعود أيلول و يأفل ،تهب رياح الشتاء ويعوضها نسيم الربيع ويخنق هذا الأخير قيض الصيف و الوطن فيك باق ترتشفين الشاي المثلج بنكهة الليمون أو تدفئين حنجرتك بكوب قهوة عربية ساخنة فلسطين ربابة تعزف بداخلك لحن الحنين الشجي و كلما تقوى الحزن و كلما زاد التعب ارتفع الإيقاع لتنتبهي أنك في مكان غير ذلك المكان التي تتوقين له.
لكن تخيلي معي لو فتحت الحدود ، لو وجدت نفسك هناك أكنت تلامسين سحابة السعادة العابرة ؟ أنظري يا صديقتي كم من واحد وواحدة يحملون حقائبهم مخيرين لامجبرين و يبتعدون عن الأوطان الملأى بالذكريات؟ بينك و بين زهرة المدائن عشرات المدن من بينها كل تلك التي مررت بها وأعطتك زهورا وأمانا أولاتستحق أن تتذكريها بالبسمات وحفنة شوق.
ميساء ياصديقتي لست أدعي صناعة الوهم و لا إتقان تحضير كعك السعادة لكنني أجدك كدرويش هنا:
عناوين للروح خارج هذا المكان. أحب السفر
إلى قريةٍ لم تعلّق مسائي الأخير على سروها. وأحب الشجر
على سطح بيتٍ رآنا نعذّب عصفورتين، رآنا نربي الحصى
أما كان في وسعنا أن نربي أيامنا
لتنمو على مهل في اتجاه النبات؟ أحب سقوط المطر
على سيدات المروج البعيدة. ماءٌ يضيء. ورائحة صلبةٌ كالحجرْ
أما كان في وسعنا أن نغافل أعمارنا،
وأن نتطلع أكثر نحو السماء الأخيرة قبل أفول القمر؟
عناوين للروح خارج هذا المكان. أحب الرحيل
إلى أي ريحٍ .. ولكنني لا أحب الوصول.
وأريد أن أرسم لك شرفة تصلينها و ترتاحين وأنت توقظين أناك ولو بدون هوية وتنتبهين إلى أن كل مافيك وكلك أنت يستحق الفرح، يستحق الرضا و الفرح وليسقط مطر الفرح وليهب نسيم لا تسألينه من أي ضفة أتى و أي سحابة رافقته, نسيم شفاف عليل كملاك خير لاعنوان له ولا موعد ثابت... نسيم للفرح..
كوني بخير ياميساء
Nassira[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
|