سرقة التاريخ وإعادة كتابة الذاكرة
الاستيطان متشعّب في سلوان. وصفة قوية للصراع، ودفيئة للانفجار. من يعتاد على العيش في حيّ عين حلوة، لا يستفزّه المشهد كما يستفز القادمين من بعيد. مستوطنون يتجوّلون بسلاحهم، وأماكن أثرية محكمة الإغلاق، علّقت على مداخلها كاميرات وعلم إسرائيلي، وعلى مقربة من المكان يوجد برج مراقبة وحارس وسائحون قادمون إلى «مدينة داوود».
يقول أحد سكان الحيّ «نحن نسمع الحفريات من تحت الأرض دائماً، وقد تعرّض 40 بيتاً لتشققات في الجدران، لكن البلدية لم تعترف بأن هذا نتيجة الحفريات»، ليروي آخر قصة «فنجان الشاي الذي يهتز على الطاولة فجأة».
يعيش في سلوان ما يقارب 300 مستوطن، استولوا على البيوت بمعونة من الدولة ومؤسساتها. في كل بيت يستولي عليه المستوطنون، يرفعون العلم الإسرائيلي. وقد استولت السلطات الإسرائيلية على بيوت كثيرة منها، قالت إنَّها من أموال الغائبين. كما بدأت موجة شراء البيوت من الفلسطينيين بطرق ملتوية.
ومع نهاية التسعينيات، نقلت الصلاحية على عدد من الأماكن الأثرية الكثيرة في سلوان إلى الجمعية الاستيطانية «ألعاد»، التي تعمل علناً على تهويد المكان. ورأى تقرير أصدرته جمعية «عير عميم» أن هذا النقل كان بمثابة «أداة ناجعة وذكية للسيطرة على الأراضي وإعادة كتابة الذاكرة للمنطقة». وقالت إن «الحفريات تنفّذ أحياناً من دون رقابة علمية ظاهرة، وهدفها إحياء الرواية اليهودية والإسرائيلية وسلب الرواية الفلسطينية».
إن جمعية «ألعاد» الاستيطانية، الناشطة أيضاً في شراء بيوت سلوان بطرق التفافية، هي المشرفة على مخطط «الحديقة الوطنية» التي ستأتي استمراراً لـ«مدينة داوود». ولا تقتصر مسؤولية الإشراف على متابعة طبيعة الحفريات، بل تشمل الطريقة التي يتم فيها عرض الاكتشافات. وخلافاً للأبحاث الأثرية التي تتم في المواقع الأثرية، يقول أحد سكان عين حلوة إنه «منذ بدأت ألعاد الإشراف على المشروع «تضاعفت عمليات الحفريات» وآلت الأوضاع إلى مرحلة لم يعهدها سكان عين حلوة.
السكان في سلوان ليسوا «رفضيين». ولا ينظرون إلى كل شيء على أنه «نظرية مؤامرة». فهم يعيشون في منطقة أثرية، غنية الحضارات. ويدركون أن البحث عن الآثار جزء من الحياة هناك، ولكن «شريطة أن يكون القصد علمياً». ويستذكرون أن البحث عن الآثار في السبعينيات كان مقبولاً ولـ«مصلحة البلد»، ليس كما هو اليوم: «حراسة ومراقبة وأسوار وأقفال».
*****
عن الموقع الرسمي للجنة الدفاع عن سلوان وحي الشيخ جراح