مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
وردة من زمن بعيد .. - الكتاب الفلسطيني - طلعت سقيرق
[align=center][table1="width:100%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/93.gif');border:7px ridge darkred;"][cell="filter:;"][align=justify]
بين صفحتين في كتاب قديم كانت .. وردة جافة حمراء .. والكتاب يتحدث عن مدينة من مدن فلسطين.. أردت أن أرجع الكتاب إلى مكانه في مكتبة صاحبة البيت التي استقبلتني بحفاوة وكنت بصدد إجراء حوار أدبي معها .. بين التردد والإقدام دخلت الغرفة حاملة الصينية وعليها كأسا الشاي وعدة قطع من الحلوى التي تصرّ أن تصنعها بيدها على الطريقة الفلسطينية وتسمى " المقروطة " وهي قطع مخبوزة من العجين الذي يضم العجوة على طبقات.. وضعت كل شيء أمامنا على الطاولة ثم استوت ليقع نظرها مباشرة على الكتاب والوردة التي وقفت حائرة بين أصابعي ، قالت برجاء " انتبه أرجوك .. أعدها إلى مكانها قبل أن تتفتت أوراقها " .. أعدتها بين صفحتي الكتاب وأغلقته واضعا إياه في المكتبة وقلت بعد أن جلست :" هاتي إذن لنبدأ من هنا ؟؟".. ضحكت وقالت بشيء من الاستغراب :" نبدأ من أين ؟؟.. " قلت:" تسألين سؤال العارف ، من وردتك الحمراء يا سيدتي ، هل هي من الحبيب؟؟.. ".. هزت رأسها هزات متتابعة وقالت :" آه الحبيب .. مرة سألتني لماذا لم تتزوجي وأجبتك نصيب هل تذكر؟؟" .. قلت :" طبعا وبصراحة ندمت بعد طرح هذا السؤال غير اللائق " .. قالت " لا.. الأمر عادي جدا .. لكنك بفتح الكتاب ورؤية الوردة الحمراء رأيت الجواب " قلت " بصراحة لم أفهم .. " .. " لا بل أنت تفهم ..هي وردة من الحبيب الذي كان هناك في فلسطين قبل لجوئنا .. هذا الحبيب الذي لم أستطع أن أمنح قلبي لسواه .. اشرب الشاي "..
تناولت كوب الشاي ورشفت رشفة ، وقضمت قطعة من " المقروطة " قلت " الله يعطيك العافية طيبة " قالت " كل شيء من فلسطين طيب .. فلسطين لا تعرف أن تنتج غير الطيب ".. قلت " معك حق .. وماذا جرى لحبيب القلب هذا .. ألم يبادلك الحب " قالت :" يا ولد لا تسخر .. طبعا بادلني الحب وما زال يحبني " قلت ضاحكا :" حب أفلاطوني ؟؟.. يحبك وما زال يحبك .. ولماذا لم تتزوجا كي يذهب هذا الحب ".. قالت " قلت لك لا تسخر يا ولد.. ولماذا يذهب الحب حين نتزوج ؟؟" قلت " على جري العادة الزواج مقبرة الحب!!".. قالت :" هذا كلام غير منطقي" قلت :" المهم يا سيدتي لماذا لم تتزوجي صاحب الوردة الحمراء ؟؟.. هل أعطاك وردته وشمع الخيط ؟؟".. قالت وفي عينيها دموع :" لا ..أعطاني الوردة واستشهد .. أعطاني الوردة وأعطى الوطن عمره .. أعطاني الوردة واغتسل بضوء الشمس لتكون الوردة حمراء " أخذت دموعها تجري على خديها وكأن الأمر حدث البارحة .. ارتبكت ..تهتُ تماما .. قلت وفي الحلق غصة :" آسف يا سيدتي ..فعلا آسف .. مثل هذا الحب لا مثيل له .. وردتك هذه تحمل المعاني كلها .. تحمل الحب كله ..".. صمتت .. نظرت إليّ .. أخذت منديلا ورقيا ومسحت دموعها .. رشفت رشفة من كوبها .. قالت " برد الشاي .. لكن هناك أشياء لا يمكن أن تبرد.. مهما مضى من الزمن تبقى حارة ساخنة طازجة .. أحبني وأحببته بشكل لا يصدق..قبل خروجنا بأيام أخبرني انه ذاهب ليدافع مع البقية عن المدينة ..كنت خائفة..قلت لا تذهب ..قال ومن سيدافع عن البلد عنك عن الأهل عن كل شيء في فلسطين؟؟.. قلت ..اذهب ..أعطاني الوردة وذهب .. كانت الوردة بلون أبيض وعندما استشهد رأيتها بين أصابعي تلبس طرحتها الحمراء وتبكي دما .. قد لا تصدق .. لكن أقسم لك كانت بيضاء وصارت حمراء يوم استشهاده .. هي وردة الحبيب الذي لن أحب سواه ..".. قلت وأنا أمسح دموعي وأداري اضطراب صوتي :" المقروطة طيبة..
وردتك تساوي العالم كله شكرا سيدتي لأنك أروع الحبيبات"..
[/align][/cell][/table1][/align]
مديرة وصاحبة مدرسة أطفال / أمينة سر الموسوعة الفلسطينية (رئيسة مجلس الحكماء ) رئيسة القسم الفلسطيني
رد: وردة من زمن بعيد .. - الكتاب الفلسطيني - طلعت سقيرق
قصة رائعة جداً وأروع من رائعة وهي تغزل قصة الوطن
بكل جوانبه: فلسطين و الحب والعشق والوردة والشهادة
والمقروطة , وفوق ذلك الوفاء والإخلاص .
شكراً أستاذة هدى الخطيب .. والشكر الكبير للأستاذ الأديب
طلعت سقيرق .