[علي كرامتي]

أحلام شائكة

في هذا الليل المسكون بالوحشة و النجوم داهمتني رغبة مجنونة في الكتابة إليك... فررت من منزلنا إلى دار جدّي حيث انتبذت غرفة قصيّة بعيدا عن فوضى الأشياء، بعيدا عن محاصرة الأصوات لي، بعيدا عن ضجة العيون حولي، في هذه الغرفة المسكونة بالصمت أقبع وحدي أستلذّ السكون... الكتابة وحي يحتاج فيه الإنسان إلى أكثر من لحظة سكون و يحتاج فيه لمجالسة نفسه . أحتاج إلى نفسي و انا أهُمّ بالكتابة إليك لأنّك نفسي و ليس أصدق من مخاطبة النّفس للنفس.
أهرب إليك ، أنطرح على الورق كما يتوزّع الأريج في الزهور و يتخلّل مسام بتلاتها . إن ما تقرئينه ليس كلاما عنّي إنّما هو أنا أذوب في كلماتي ذوبان النّور على وجه المرآة.
كان لا بدّ أن أكتب و ليس أصعب من الكتابة لإنسانة طالما كتبت إليها. فالعادة أنّ من يكتب كثيرا يضيّق على نفسه مساحات الإبداع و لكنّي اللّيلة أحسّ بطاقة معجزة تسكنني و تجعلني قادرا على توسيع نطاق الخلق و إضافة حبّة جديدة لعقد الإبداع الّذي عوّدتك عليه ... فأنت كنت و ستظلّين دائما ذلك الدّافع الّذي يحفّزني إلى اكتشاف مساحات جديدة في اللغة و اختراع صور لا تقال إلا لك أنت ، صور فريدة مثل فرادتك .
أستسلم للذكرى، أتركني للذكريات تجتاحني ... فيحضرني يوم كنّا فيه طالبين يوم جئتك فاعتذرت عن النّزول إليّ من دار الطالبات و أرسلت إليّ ورقة ما زلت أحتفظ بها ككل أشيائك الأخرى فجميع أشيائك تجعلني أقف أماهما وقفة ملؤها القداسة و الارتباك و العجز عن التخلّص منها أو حتّى التّخلّص من مجرد جزء منها . تحضرني هذه الحادثة لأنّي اليوم مثلك يومئذ . فهل تذكرين ماذا كتبت لي أنا أذكر و سأذكّرك فاسمعي :" أجلس الآن في الغرفة بمفردي ، نجاة الصّغيرة تترنّم بكلمات أغنية " أسألك الرّحيلا . صوت غليان الشّاي يحملني إلى منزلنا، إلى غرفة الجلوس بالذّات حيث لا شكّ يجتمع والداي و إخوتي ... كم اشتقت إليهم... البارحة ذهبت للدراسة في غرفة أميمة مع ألفة و نورة ، جلستي لم تدم طويلا ... تسيل الآن دمعة على خدّي ... كم اودّ أن أنخرط في بكاء مرّ و لكن يجب أن أنهي هذه الرّسالة إليك ... عدت إلى غرفتي و بدأت رحلتين : رحلة الكتابة؛ كتابة المحاضرات الّتي غبت عنها و اللّتي ألقيت في غياب أميمة و ألفة و رحلة الاستماع إلى أشرطة الكاسات الّتي لم تكن هادفة كلّها... رحلتي هذه بدأت و لم تنته إلا حين أجبرت نفسي على النّهوض و مفارقة الطّاولة حوالي السادسة صباحا استلقيت على الفراش و لم تكن بي رغبة في النّوم بل كنت أوجه الأوامر إلى نفسي و حواسّي حتّى أنام و كأنّ النوم أضحى واجبا هو أيضا ... إن لم تجد جدوى فيما أقول و هذا محتمل فلا تقلق رجاء و اغفر ساعة الضياع هذه و ساعة الحزن المؤلم هذه و ساعة الحيرة هذه و ساعة الضّعف هذه و هذه و تلك ... فساعات الضّعف عديدة في حياتي.
بماذا تحسّ عندما تعطي دون حدود ثمّ لا تجد سوى الجحود والنكران؟ ما تحسّ به أحسّ به أنا الآن. بماذا تشعر عندما تتعامل بصدق مع النّاس جميعا ثمّ لا تجد سوى الكذب ؟ ما تحسّ به أحسّ به أنا الآن. بماذا تحسّ عندما تصبح أعمالك الّتي تقوم بها برغبة و حبّ أشياء تجبر على القيام بها و تغدو واجبا بعدما كانت تطوّعا ؟ ألا تحسّ بأنّك تودّ لو تفارق هذا العالم الزّائف أ لا تتمنّى أن تلاقي مكانا تفعل فيه ما يُقنع قلبك و مشاعرك معا دون أن تُضطرّ إلى المجاملة و مراعاة رغبات الآخرين ...
>)) يتبع

علي كرامتي

[زين العابدين إبراهيم]

شكرا لك أيها الكاتب فكم نحس بالسعادة حينما نصور بقلمنا ما نريد ونكتب ما نريد ونعشق ما يجود الحبر به من حرية

....

فدعنا نبحر معك بين شطآن الشعر والأبدية: على مقام الكرد تلحين الهرم محمد عبد الوهاب وكلمات الشاعر نزار قباني

أسألك الرحيلا

لنفترق قليلا..
لخير هذا الحب يا حبيبي
وخيرنا..
لنفترق قليلا
لأنني أريد أن تزيد في محبتي
أريد أن تكرهني قليلا
بحق ما لدينا..
من ذكرٍ غاليةٍ كانت على كلينا..
بحق حبٍ رائعٍ..
ما زال منقوشاً على فمينا
ما زال محفوراً على يدينا..
بحق ما كتبته.. إلي من رسائل..
ووجهك المزروع مثل وردةٍ في داخلي..
وحبك الباقي على شعري على أناملي
بحق ذكرياتنا
وحزننا الجميل وابتسامنا
وحبنا الذي غدا أكبر من كلامنا
أكبر من شفاهنا..
بحق أحلى قصة للحب في حياتنا
أسألك الرحيلا
لنفترق أحبابا..
فالطير في كل موسمٍ..
تفارق الهضابا..
والشمس يا حبيبي..
تكون أحلى عندما تحاول الغيابا
كن في حياتي الشك والعذابا
كن مرةً أسطورةً..
كن مرةً سرابا..
وكن سؤالاً في فمي
لا يعرف الجوابا
من أجل حبٍ رائعٍ
يسكن منا القلب والأهدابا
وكي أكون دائماً جميلةً
وكي تكون أكثر اقترابا
أسألك الذهابا..
لنفترق.. ونحن عاشقان..
لنفترق برغم كل الحب والحنان
فمن خلال الدمع يا حبيبي
أريد أن تراني
ومن خلال النار والدخان
أريد أن تراني..
لنحترق.. لنبك يا حبيبي
فقد نسينا
نعمة البكاء من زمان
لنفترق..
كي لا يصير حبنا اعتيادا
وشوقنا رمادا..
وتذبل الأزهار في الأواني..
كن مطمئن النفس يا صغيري
فلم يزل حبك ملء العين والضمير
ولم أزل مأخوذةً بحبك الكبير
ولم أزل أحلم أن تكون لي..
يا فارسي أنت ويا أميري
لكنني.. لكنني..
أخاف من عاطفتي
أخاف من شعوري
أخاف أن نسأم من أشواقنا
أخاف من وصالنا..
أخاف من عناقنا..
فباسم حبٍ رائعٍ
أزهر كالربيع في أعماقنا..
أضاء مثل الشمس في أحداقنا
وباسم أحلى قصةٍ للحب في زماننا
أسألك الرحيلا..
حتى يظل حبنا جميلا..
حتى يكون عمره طويلا..
أسألك الرحيلا..

رحم الله نزار قباني

ودي ووردي أيها الكاتب

[علي كرامتي]

كان بودي لو نقدت ما كتبه فنّيا و مضمونيا فرأيك يهمني بوصفك روائيّا مجرّبا

[زين العابدين إبراهيم]

فررت من منزلنا إلى دار جدّي حيث انتبذت غرفة قصيّة بعيدا عن فوضى الأشياء، بعيدا عن محاصرة الأصوات لي، بعيدا عن ضجة العيون حولي، في هذه الغرفة المسكونة بالصمت أقبع وحدي أستلذّ السكون... الكتابة وحي يحتاج فيه الإنسان إلى أكثر من لحظة سكون و يحتاج فيه لمجالسة نفسه . أحتاج إلى نفسي و انا أهُمّ بالكتابة إليك لأنّك نفسي و ليس أصدق من مخاطبة النّفس للنفس.

أخي الكريم إن هذا النص لا ينتمي إلى القصة القصيرة جدا بل إلى فن السيرة الذاتية بحيث أنه يخرج عن إطار العناصر الأساسية المكونة لهذا الفن من حيث الحبكة والأحدات المتسلسلة المختصرة والمعبرة بدقة متناهية فهذا النوع من الكتابة صعب جدا على أكبر الأدباء كونه بالغ التعقيد من حيث البناء
لاحظ أخي الكريم أن مقدمة النص من وجهة نظري اتسمت بالمباشرة والإسهاب بحيث تكررت عدة مفردات دون هدف لبلوغ معنى مختصر ووجيز إضافة إلى بعض التراكيب اللغوية التي أجدها من وجهة نظري غير مستصاغة كقولكم ضجة العيون فأظن أن العيون لا تضج وغيرها من الملاحظات
إلا أنني أجد هذا النص رائعا وجميلا كسيرة ذاتية إن أدرج في الرواية مع مراجعته ويمكن أن تكون وجهة نظري غير صائبة حسب المختصين في هذا النوع من الفن الأدبي وأجناسه
وشكرا لك أخي الكريم على سعة الصدر

[علي كرامتي]

شكرا على ملاحظاتك فهذه فائدة أن تسمع آراء الآخرين

[رأفت العزي]

اقتباس  عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زين العابدين إبراهيم فررت من منزلنا إلى دار جدّي حيث انتبذت غرفة قصيّة بعيدا عن فوضى الأشياء، بعيدا عن محاصرة الأصوات لي، بعيدا عن ضجة العيون حولي، في هذه الغرفة المسكونة بالصمت أقبع وحدي أستلذّ السكون... الكتابة وحي يحتاج فيه الإنسان إلى أكثر من لحظة سكون و يحتاج فيه لمجالسة نفسه . أحتاج إلى نفسي و انا أهُمّ بالكتابة إليك لأنّك نفسي و ليس أصدق من مخاطبة النّفس للنفس. أخي الكريم إن هذا النص لا ينتمي إلى القصة القصيرة جدا بل إلى فن السيرة الذاتية بحيث أنه يخرج عن إطار العناصر الأساسية المكونة لهذا الفن من حيث الحبكة والأحدات المتسلسلة المختصرة والمعبرة بدقة متناهية فهذا النوع من الكتابة صعب جدا على أكبر الأدباء كونه بالغ التعقيد من حيث البناء لاحظ أخي الكريم أن مقدمة النص من وجهة نظري اتسمت بالمباشرة والإسهاب بحيث تكررت عدة مفردات دون هدف لبلوغ معنى مختصر ووجيز إضافة إلى بعض التراكيب اللغوية التي أجدها من وجهة نظري غير مستصاغة كقولكم ضجة العيون فأظن أن العيون لا تضج وغيرها من الملاحظات إلا أنني أجد هذا النص رائعا وجميلا كسيرة ذاتية إن أدرج في الرواية مع مراجعته ويمكن أن تكون وجهة نظري غير صائبة حسب المختصين في هذا النوع من الفن الأدبي وأجناسه وشكرا لك أخي الكريم على سعة الصدر

أوجه شكري لكاتب النص اولا وأقول لأخي واستاذي الفاضل زين العابدين
ما أحوجنا إلى القراءة النقدية !
استاذي ما شاء الله عليك تملك عيون صقر ومخلب نسر
شكرا لك سيدي الف شكر ما أحوجنا إلى من يملكون ثقافتك .

[زين العابدين إبراهيم]

أستاذي الفاضل رأفت أشكرك على الإطراء إلا أنني لست ناقدا أكاديميا أو أستاذ كرسي في إحدى الجامعات بل أنا عامل بسيط من عامة الناس ومهنتي هي تنظيف القذارة من البرك الراكدة والأحواض أو نشل أنقاض قطع السفن الحديدية من الأعماق بواسطة أنابين ومعدات كالتي هي في غرف الإنعاش لذلك كثيرا ما يخونني التعبير في إبداء وجهة نظر صائبة أو يفهم رأيي بشكل عكسي وتكون ردة الفعل غير محمودة وبالتالي أنا لست مخولا بمناقشة أي نص كان فأين أنا يا سيدي من عميد النور أستاذي وجاري أطال الله عمره محمد الصالح الجزائري أو أستاذي القدير خيري حمدان أو الدكتور الفاضل أستاذي منذر أبو شعر أو سيدة النور أو الأديب الجليل والقائد مازن شما والشاعر الأديب محمد نحال وشيخي ومعلمي حسن سمعون والأستاذ الفاضل الحاجبي
إننا هنا تلاميذ عند هؤلاء الكرام الأفاضل ولا نرقى بأية حال إلى علمهم ومعرفتهم لذلك فكل الآراء والملاحظات من جانبنا تبقى نسبية يمكن الأخذ بها على سبيل الاستئناس فقط أما بخصوص الملاحظات الواردة حول النص فقد أوضحت بشكل جازم أنها تحتمل الخطأ والصواب
وأعدكم أستاذي الفاضل رأفت أنك ستجدني في كل مشاركاتك مرتديا معدات الغطس أبحث عن درر أجدها بين سطورك في الأعماق
ونتمنى التوفيق للأستاذ الفاضل في مسيرته الأدبية والعلمية

[رشيد الميموني]

ربما أجد في هذا النص ميلا لن يكون خاطرة .. لكنه نص مفعم بالأحساسيس التي نلمس صدقها في كل كلمة ..
توظيف الكاتب لكلمة النفس جعل المناجاة مع الحبيبة أكثر صدقا وأعطى للحاسيس وهجا ..
الغالي علي .. استمتعت بقراءة نصك الجميل وأهنئ العزيز زين العابدين على نظرته النقدية الثاقبة ..
محباي للجميع .

[ميساء البشيتي]

أخي العزيز علي كرامتي
نصك جميل مفعم بالأحاسيس الطبيعية والتي يتحلى فيها حالياً
غالبية البشر .. فالجميع أصبح يحتاج أن يجلس مع نفسه ليتحلل
من عبء الجلوس مع الآخرين ومجاملتهم على حساب نفسه
والجدل والنقاش العقيم الذي أصبح يغزو مجالساً .. فالكل أصبحت لديه
الرغبة الجامحة في أن ينأى بنفسه عن كل ما يؤذيها ..
النص هو ليس قصة بالطبع وسأنقله إلى قسم الخاطرة
أما إن كنت تعرض النص للنقد فهذا سيكون بنشره في قسم
النصوص المنشورة بغرض النقد ولدينا قسم خاص فيها
وشكرا لك ودمت بخير

[ميساء البشيتي]

الرجاء من المشرفين على القصة نقل النص إلى الخاطرة
لانني لا أملك خاصية النقل هنا ..