عصبة التحرر الوطني (من مواد الموسوعة الفلسطينية-المجلدالأول-القسم الأول)
عصبة التحرر الوطني (من مواد الموسوعة الفلسطينية-القسم الأول- المجلد الأول):
تنظيم شيوعي فلسطيني ضم عناصر اليسار من المثقفين والعمال العرب ومنتدياتهم السياسية التي تأسست في خريف 1943, كالعصبة العربية ضد الفاشية , ونادي شعاع الأمل , ونادي الشعب. وكان المبرر الرئيس لالتقاء هذه النوادي العربية هو ارتداد الشيوعيين اليهود, وقبولهم المشروع الصهيوني حول الوطن القومي اليهودي, وما نجم عن ذلك من انقسام في الحزب الشيوعي الفلسطيني عام 1943.
أسفر الالتقاء المذكور عن تشكيل عصبة التحرر الوطني التي أصدرت بيانها الأول في شباط 1944, وتضمن ميثاقها وأسماء أعضاء لجنتها المركزية . كما أصدرت صحيفة "الاتحاد" لتكون ناطقة باسمها. وتألف الميثاق من برامج سياسية واقتصادية واجتماعية وبنية العصبة وهيكلها التنظيمي .
قالت العصبة في برنامجها السياسي إن القضية الفلسطينية هي قضية شعب يناضل من أجل استقلاله الوطني وتحرره من نير السيطرة الاستعمارية . وفي المذكرة التي رفعتها بتاريخ 10/10/1945 إلى رئيس الوزراء البريطاني أشارت إلى أن القضية الفلسطينية قد نجمت عن " السياسة العدوانية التي انتهجتها الحكومة البريطانية مدة حكمها في فلسطين من الأيام الأولى حتى الآن . فهذه السياسة تركت للصهيونية المجال أمامها رحباً لتنمية قواها الاعتدائية وتوطيد مراكزها الهجومية في فلسطين . ذلك كله يهدد وطننا اليوم بالدم والدموع".
وقد تصدت العصبة للمحاولات التي قامت بها القوى الامبريالية والصهيونية لإقناع الرأي العام العالمي بأن قضية فلسطين " هي قضية هجرة يهودية , أو إيقاف هذه الهجرة", وأشارت إلى أن قضية فلسطين هي مثل قضية كل بلد مُستعمر قضية الاستقلال والتحرر من نفوذ أجنبي استعماري, وأكدت أن السكان العرب في فلسطين لن يأمنوا شر الهجرة الصهيونية " مادامت مقدرات هذه الهجرة في غير أيديهم ", على اعتبار أن الهجرة الصهيونية " بل الصهيونية كلها هي من "مآثر" الاستعمار في بلدنا".
وقد أكدت العصبة بأن الحل الوحيد لقضية فلسطين يكمن في إشاعة الديمقراطية وإعطاء الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره بنفسه . وفي هذا السياق كشفت العصبة القناع عن الوجه الحقيقي للحركة الصهيونية , وفنّدت مزاعم الصهيونيين بأنها " حركة تحرر وطني" وأثبتت أنها " من النوع الرجعي الاحتلالي , فهي لا تطالب باستقلال فلسطين أبدا ".
حاولت عصبة التحرر الوطني , وعلى الرغم من اتساع النفوذ الصهيوني بين اليهود في فلسطين , أن ترسم حدوداً فاصلة بين الصهيونية والسكان اليهود في فلسطين . فقد أصرّت على ضرورة التمييز بين الصهيونية والسكان اليهود, وأكدّت أن الصهيونية تتعارض مع مصالح اليهود أنفسهم , وأن الحركة الصهيونية هي في الأساس حركة البورجوازية اليهودية الكبيرة المتواطئة مع الامبريالية , والساعية إلى تسخير جماهير اليهود داخل فلسطين وخارجها في خدمة مصالحها الطبقية .
استمرت العصبة تعمل لبرنامجها السياسي المذكور حتى صدور قرار التقسيم عام 1947 الذي أحدث انشقاقا فيها. فلقد وضع الموقف من قرار التقسيم , ثم ما أعقبه من تطورات على الساحة الفلسطينية , قيادة العصبة ومواقفها أمام امتحان تاريخي , فكان من نتيجة ذلك اعتزال بعد قادتها العمل السياسي, وانضمام قيادة العصبة في الوطن المحتل وتنظيماتها إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي (1948) , في حين وضعت قيادة العصبة في الضفة الغربية برنامجاً سياسياً جديداً , وغيّرت اسمها إلى الحزب الشيوعي الأردني (1951) ضامّة إليها الحلقات الماركسية في شرقي الأردن .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|