رد: هل لديك وقت كافٍ للدخول : قضية الساعة - الهجمة الشرسة على الإسلام
الحمد لله المتصف بصفات الجلال و الجمال , والمنزه عن الشبيه والمثال , جعل للناس من أنفسهم أزواجا ليسكنوا إليها ويولوها عطفا وودا رحيما , ورزقهم من الطيبات رزقا عميما . وصلى الله وسلم وبارك على المصطفى الصادق الأمين , وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين .
لعل واحدة من آكد الأواصر وأوثق العلاقات التي حث عليها الإسلام , هي آصرة الدم , وعلاقة الآباء بالأبناء , وما يجب لكل منهما تجاه الآخر , وقد ذكر الله تعالى الأولاد في القرآن الكريم في سياقات عديدة , فجاء ذكر الأولاد بأنهم زينة : "المال والبنون زينة الحياة الدنيا " . وجاء ذكر الأولاد بأنهم منة :"والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ". وجاء ذكر الأولاد بأنهم فتنة :"إنما أموالكم وأولادكم فتنة", وجاء ذكر الأولاد بأنهم نعمة :"والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما " ثم اجتمعت المعاني السامية لذكر الأولاد في القرآن الكريم حين جاء الأمر الإلهي :"يا أيها الذين آمنوا قواأنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة , عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " .وإنما يقي المسلم نفسه وأهله ــ الذين هم زوجه وأولاده ــ نار جهنم باتباعه سبيل الهداية واجتناب سبيل الضلال .
نحن جميعا مسؤولون عن أبنائنا , والمسؤولية تقتضي أن الله عز وجل محاسبنا في أولادنا ثلاثا : قبل أن نرزق بهم , وبعد أن نرزق بهم , ثم حين نموت ونتركهم من بعدنا , فأمهلني أشرح لك .
أما كيف تراعي الله تعالى في ولدك قبل أن ترزق به , فباختيارك للزوج الصالح والزوجة الصالحة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس " وبالتوسل إلى المولى تبارك وتعالى أن يهبك الذرية الصالحة . فهذا خليل الله إبراهيم عليه السلام يدعو ربه عند بناء البيت ويقول :"ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك " .وهذا زكريا عليه السلام يدعو ربه ويقول :"رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء " .هؤلاء هم الأنبياء , إنصب اهتمامهم على الذرية الصالحة حتى قبل ولادتها ووجودها .
أما بعد وجود الولد , فمطلوب منك أيها المسلم أن تنشئه على التربية الحسنة وصلاح العقيدة كما قال الله تعالى :"ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب , يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمين " .
إحرص إذن على دينه وراقبه فيما يجاري واكشف منه ما يداري , دون قسوة ظاهرة , وربه على أن يطيع خالقه ويراعيه في السر والعلن , فتأمن منه أن لا يفتح من مداخل الشر أبوابا لعل أخطرها باب ما نحن بصدد الخوض فيه .
وأما الثالثة في المحاسبة , فيا سعد من مات وماتت معه ذنوبه , وياويل من مات وبقي كتاب ذنوبه مفتوحا من بعده , يكتب فيه أولاده بما يفسدون في الأرض وبما يسيؤون إلى العباد , جراء تربية فاسدة تلقوها في صغرهم , وكان للأبوين فيها نصيب . وكما أن الولد الصالح يدعو لك بدعائه وحسن صنيعه , فإن الولد الفاسد يدعو عليك بآثامه وسوء فعله .
واعلم أن الحاقدين على هاته الأمة أعلم بهذا الأمر مني ومنك , لذلك لا يألون جهدا في الكيد لي ولك من حيث لا قبل لأحد منا , ألا وهم الأبناء الذين سيصبحون رهائن في أيديهم بما يجلونه لهم من عسل الصورة وشهد الحركة المسموم بزعاف الكيد لأمة الإسلام . ولا تكن خبا يخاتلك أبناؤك ويخاذلونك بما يعلمون وتجهل , ولكن , كن لهم نعم الأخ , واسبقهم بمعرفتك قبل أن يسبقوك بشقاوتهم .
اللهم إنا نسألك أن تهبنا خير ذرية , وأن تعيننا على تربية أبنائنا بما يرضيك يارب العالمين ...آمين .
|