لِمَاذَا أَيُّهَا الرَّمْلُ
سَرَقْتَ حَبِيبَتِي مِنِّي،
وَمَا أَبْقَيْتَ لِي إِلاَّمَرَايَاكَ،
تُحَاصِرُني وَتَنْسِجُ عالمي عَصْرًا من التِّيهِ؟
لِمَاذَا صَارَتِ الوُجْهَاتُ وَجْهًا وَاحِدًا يُدْعَى جَنُوبًا
يَصْطَفِي عِشْقِي ويُفنِيهِ؟!
لِمَاذَا....؟
لِمَاذَا يَا مَرَايَا الرَّمْلِ جَفَّفْتِ
غَدِيراً طَلَّةُ المَحْبُوبِ فِي عَيْنَيَّ تُجْرِيهِ؟
عَكَسْتِ مَا أُقَاسِيهِ،
عَلَى قَوْلِي عَلَى فِعْلِي،
أُخَبِّّئُ فِي الحَشَا حُزْنِي،
وَرَمْلُ الهَجْرِ يُبْدِيهِ،
أَنَا رَمْلٌ عَلَى رَمْلٍ عَلَى رَمْلِ،
أَنَا كُلُّ الّذِي فِيهِ،
أَرَانِ صُرَاخَ صَبَّارٍ وَزَوبَعَةٍ وَكُثْبَانٍ وَعُقْبَانٍ وَثُعْبَانٍ وَشَمْسٍ تَسْتَحِمُّ عَلَى الرِّمَالِ،
أَرَانِي مُرْمِلٌ حَدَّ التَشَبُّثِ بِالخَيَال ،
أَرَانِي مُرْمِلٌ حَدَّ التَشَتُّتِ وَالتَوَحُّدِ وَالتَّرَاكُمِ وَالتَّقَوْقُعِ .....الانْصِهَارِ وَالانْعِزَالِ.
أَيَا رَمْلاً مِنَ الأَحْلاَمِ فِي صَمْتِ المَرَايَا
زَاحِفٌ فِي عُمْقِ رُوحِي،
أَيَا رَمْلاً مِنَ الوَهْمِ الدَّؤُوبِ.
لِمَا لَا هَوْدَجًا فِي صَدْرِ صَحْرَائِي يَمُرُّ
وَلاَ آثَارَ لِلْحُبِّ الشَّرُوبِ؟
مُعَذِّبَتِي مُعَلَّقَةُ الجُسُورِ عَلَى الِحبَالْ
لِمَا لَمْ تَحْتَفِظْ بِحَبِيبَتي بَلْ دَوَّخَتْهَا
أَرْعَبَتْ فِيهَا الجَمَالْ؟
عَلَى صَخْرٍ عَتِيقٍ حَطَّمَتْ أَحْلاَمَهَا
بِالعَيشِ فِي أَحْضَانِهَا
زَرَعَتْ بُذُورَ الإِرْتِحَالْ
فِـي خُطَاهَا
لمَ ْتوَدِّعْنِي ،
تُرَى اعْتَبَرَتْنِي جِسْرًا مِنْ جُسُورِ مَدِينَتِي
يُدَوِّخْهَا وَدَاعِي
وَيُرْعِبْهَا ارْتِفَاعُ يَدٍ مُعَلَّقَةٍ عَلَى حَبْلِ الضَّيَاعِ؟!
أَنَا....أَنَا
أَنَا كُنْتُ جِسْرًا مِنْ دَفَا
أَنَا كُنْتُ رِمْشًا مَا غَفَا
أَنَا كُنْتُ حَارِسَ ظِلِّهَا
أَسْرَجْتُ حُبِّي بِالوَفَا
أَنَا كُنْتُ لَيْلاً مِنْ سَمَرْ
أَلَّفْتُ مِنْ ضْوءِ القَمَرْ
شِعْرًا لِعَيْنَيْهَا الخُضُرْ
وَمَضَتْ جَنُوبَا
يَرْتَوِي مِنْ حُسْنِهَا الرَّمْلُ،
وَيُهْدِيهَا شُمُوخُ النَّخْلِ وَشْمَا،
وَتُمْحَى مِنْ مَآقِيهَا جُسُورٌ فِي مَهَبِ الرِّيحِ لاَ تَخْشَى هُبُوبَا
هِيَ المِرْآةُ كم كَانَتْ
تُهَوِّنُ حُزْنِيَ الأَزَلِي
تُبَدُِّدهُ بِكَفٍّ دَافِئٍ
نُسِجَتْ ثَنَايَاهُ مِنَ الأَمَلِ
وَكَانَتْ مِثْل سِرْتَا
أَجْمَل المُدُنِ
مَثْل سِرْتَا أَصْعَبَ المُدُنِ
وَقَدْ رَحَلَتْ
وَجَرَّتْ خَلْفَهَا نِصْفَ المَدِينَه
فَمَاذَا يَصْنَعُ المُشْتَاقُ فِي أَشْقَى مَدِينَه
كَيْفَ يَعْبُرُ بَعْضَ جِسْرٍ
كَيْفَ يُبْصِرُ عَبْرَ مِرْآةَ مُكَسَّرَةً حَزِينَه
إِنْصِهَارَ الشِّعْرِ فِي الصَّخْرِ
انْهِيَارَ الشِّعْرِ تَحْتَ الصَّخْرِ
انْبِعَاثَ الشِّعْرِ فَوْقَ الصَّخْرِ
صُرَاخُ الهَوْدَجِ العَابِرْ
دُرُوبَ الصَّمْتِ فِي عُمْرِي
يُنَادِينِي ، تمَرَّدْ أيُّهَا الشَّاعِرْ،
فَلاَ صَحْرَاءَ تَحْرِمُنَا مِنَ الصَّبْرِ،
وَلَا مِرْآةَ تَحْمِينَا مِنَ الغَدْرِ،
تَمَرَّدْ أَيُّهَا الشَّاعِرْ،
فَلَا زَالَتْ جُسُورُ مَدِينَةِ السِّحْرِ،
تَلُوكُ هَوَاجِسَ البَشَرِ،
وَتُلْقِيهَا إِلَى النَّهْرِ
وَلَا زَالَتْ بِجُعْبَتِهَا حِكَايَاتٌ عَنِ الحُبِّ ، عَنِ اللُّقْيَا ، عَنِ الهَجْر’،
وَلَا زَالَتْ تُخَبِئُ فِي تَوَازُنِهَا دَوَاوِينًا مِنَ الشِّعْرِ
مَوَاعِيدٌ غَرَامِيَّه عَلَى خَصْرٍ مِنَ الرِّيحِ
مَسَافَاتٌ مِنَ النَّقْرِ عَلَى دُفٍّ مِنَ الرِّيحِ
بِدَايَاتٌ،نِهَايَاتٌ
عَلَى الجِسْرِ.