حين تثمر شجرة التوت
أحب أن أنقل هنا تعليقا سابقا لي عن قصة للأستاذ الفاضل " رشيد الميموني" الذي أرجو أن يكون بخير ويعود لنور الادب بعد غياب طال، أنقل تعليقي على أمل أن أعود لإكماله، أو إن صح التعبير لمتابعة دراسة القصة، علما أني منذ مدة أفكر في مقاربات قرائية لعدد من نصوص وكلمات أحبابي هنا لكن ظروفا تقف عائقا أمام ذلك، عسى هذا النقل يكون فاتحة عودة جديدة لصاحب القصة ولمقارباتي القرائية :
في كل قصة ممتعة أجدني أتخيل أحداثها بكل مجرياتها من أول كلمة إلى آخر كلمة، وقصصك دائما تجعلني كذلك، فأراني مشخصة مرة ومتفرجة أخرى وأحيانا مخرجة (ابتسامة)
يا سيدي أكيد أن اختيارك للأسماء لم يكن اعتباطا، فلنا أن نتخيل عبد التواب ذلك الإنسان المذنب التائب المستغفر.. وفضيلة رمز الفضيلة (المنعدمة) .. بل حتى شجرة التوت في بداية القصة أدت دورا واستمرت بدور البطولة إلى النهاية، ولنا أن ندرك جاذبية الشجرة بأغصانها وأوراقها الوارفة والتوت المعلق ببهائه ..كذلك كانت الجاذبية بين التوبة والفضيلة ، بين عبد التواب وفضيلة، ولعل الشجرة رمز للأم،أم عبد التواب وكذلك أم فضيلة التي سعت لتلفيق التهمة بالرجل كي تخلص فضيلة من الرذيلة..
يمكن أن أقول أيضا إن الأغصان والأوراق توحي بسكان الدوار الذين نبعوا أمام عبد التواب فجأة ثم غابوا وغابت معهم الشجرة..
والحدث ككل مر عابرا بين قراءة رسالة والرد عليها.. حتى اسم علال يمكن أن أقول إن اختيار أحرف الاسم قد توحي بالرغبة في الوصول إلى المعالي ولو أن اسم علال مرتبط بوصية الأم ( رعايةالشجرة وسقيها) وعلال يعني من يسقي الإبل الشرب الثاني تباعا مباشرة بعد الأول، أليس هذا إيحاء لملازمة شجرة التوت؟ والطفيليات؟ أليسوا هم أولئك الطفيليين الذين نبتوا فجأة أمامه رغبة في الفضول وربما الشماتة أو الغيرة أو الحسد.. حتى هو نفسه تفاجأ بهم؟ صفرة الأصيل، اغبرار الجو.. أليس شحوبا ارتسم على الوجوه والطبيعة والشجرة بعد الحدث المفاجئ؟ في إشارة منك إلى أن عبد التواب صار يتأمل شجرة التوت دون أن يتجرأ على الاقتراب منها تجعلنا نتصور أنها تتمثل له فيها أمه بما أنها توصيه عليها ، حتى إنه صار يستحي من ظلها..
بداية النص؛ تفتح المزدوجتين،ثلاث نقط تدل على أن كلاما قد حذف، وتواصل " ولا تنس يا ولدي [...] ... امك الراضية عنك" قد أقول إن كلام الأم في الرسالة طويل يعبر عن شوق ووصايا وحب ورغبة في ضم الابن من ذلك الكلام الكثير،وكأن الأم تملي على اسي علال كل ما تستطيع قوله من كلمات معبرة ليكتبه لابنها، بينما عندما نصل إلى نهاية النص فإن عبد التواب لم يقل كلاما كثيرا ووصل إلى ختام الرسالة، الختام نفسه الذي سجلته الأم ( طلب عدم النسيان) مزدوجتان، نقطتان، ولا تنسي يا أمي؛ سريعا يريد أن يصل للنهاية ليؤكد على أمه أن تكثر من دعائها له، ليختم رسالته بختام نص القصة " ابنك المطيع عبد التواب" فتضفي كلمة المطيع تخيلات أخرى على النص قد تجمل في أن هنا إيحاء لطاعة الأم والله ما دام الرب هو التواب ، كما أن قوله " المطيع" وحدها كافية لإثبات الحب الشديد الذي يكنه لوالدته ولله كذلك مادامت توصيه بطاعته حيث إن المحب لمن يحب مطيع.
أن يجعلني النص هكذا أستفيض وأثرثر كثيرا فلاداعي لكي أقول في كلمة أنت مبدع أو قصك رائع أو.. أو.. أو....
أكتفي بهذا القدر
نقلته كما هو ولي عودة إن شاء الله تعالى
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|