الصغيرة سلمى...حكاية طفلة من غزة
"استيقظت سلمى مبكرة هذا الصباح…"
لقد كان هذا أول ما تحدثت به الحاجة أم خليل لزوجها صباحاً وهي تعد القهوة،
زوجها الحاج أبو خليل يمتلك شقة في احدى العمارات السكنية في منطقة تل الهوا ويعيش معها وحيدين منذ أن غادر الأبناء البلد بحثا عن عمل وتأمينا لحياة أفضل،
سلمى هي طفلة السيد عادل والسيدة أسماء،
وهم يسكنون الشقة التي تعلو شقة الحاج أبو خليل…
عندما تمر بجوار تلك العمارة تحس بسكون الشرفات وصمت الجدران،
تحس بأن المبنى يتألم وان لكل نافذة فيه قصة لم تكتمل…
لكن سرعان ما تلحظ في الطابق الثالث شقة تنبض بالحياة،
تلحظ مجموعة من قوارير الزهور تحف بالشرفة و أخرى تضفي لمسة بديعة على نوافذ المنزل
التي لا تلبث أن تسمع ضحكات طفلة صغيرة تنبعث من خلالها…
تلك هي الصغيرة سلمى، عمرها خمس سنوات، قريبة إلى القلب،
حنطية البشرة، عيونها عسلية،
وجدائلها الكستنائية تضفي عليها براءة وحيوية…
لا احد في العمارة لا يعرف سلمى، فهي وبالرغم من صغر سنها إلا أنها استطاعت أن تتملك قلوب الجميع..
جميع السكان حالهم كحال أم خليل وزوجها،
ترك أبناؤهم منزل العائلة فمنهم من تزوج ومنهم هاجر
ومنهم من سافر يبحث عن عمل أو يبحث عن نفسه في كثير من الحالات….
كل واحد من السكان يرى في سلمى جزءاً من أحلامه،
منهم من يتذكر أيام صباه، آخر يذكر أبناءه ويتمنى لو رجع به الزمن للوراء،
آخرون يرون فيها أحلامهم التي لم تتحقق،
يرون سلمى تزور القدس و حيفا وعكا يرونها تركض مع الفتية في شوارع الخليل،
في صفد و اللد والرملة،
يرونها تنسج من زهر الياسمين إكليلا يمتد من غزة وحتى أقصى الشمال والجنوب،
يرونها طفلة سعيدة وزوجة وفية وأما حنونة وجدة لعدد كبير من الأحفاد…
لقد تابع الجميع سلمى عندما خطت خطوتها الأولى عندما تكلمت لأول مرة، وعيد ميلادها الأول،
بفضل هذه الصغيرة توطدت العلاقة بين سكان العمارة،
جمعهم حبهم لسلمى …والأمل الذي يعقدونه عليها….
إن الأمل يمر في حياتنا مصحوباً بأسباب السعادة،
وما علينا نحن سوى أن نبحث عنه بصدق وننتظر بعفوية فحتماً سيأتي فهو أيضاً يبحث عنا
"غداً أول يوم لسلمى في المدرسة، علينا أن نكون معها عندما يصل الباص صباحاً"
هذا كان آخر ما قالته أم خليل لزوجها ذلك المساء
_________
مع التحية
عُــــلا
