متشائل أم متشاكل أميل حبيبي ؟؟!!..
[align=justify]
ما زال أميل حبيبي الروائي المعروف، مزروعاً بين أخذ ورد في رواية تقفز قفزاً لتكون لعبة على حبال مشدودة حتى الآخر.. فالرجل المصر على النوسان بين متفائل ومتشائم، يبدو في الغالب الأعم رجلاً أقرب لأي شيء، إلا كلمته المنحوتة والمتصفة بالمتشائل.. فهو رجل منحوت من تعريف آخر، يمكن أن نطلق عليه متغيب عن كل شيء، أو خائف من كل شيء، أو مقصوص الجناح بشكل مطلق، ولا أقصد بقولي: «متشاكل» إلا أنه يعيش بمشكلة دائمة تجعلها لا أول لها ولا آخر، فهو يعيش ولا يعيش.. يذهب ولا يذهب.. يغطّ في نومه ولا ينام.. هو رجل ملغى بشكل ما.. هذا الإلغاء لعبته، بل سره الذي يحتفظ به دون أن يصرح.. وكل خطوة يخطوها محسوبة بأدق تفاصيلها.. ماذا يريد؟!
يريد أن يقول كل شيء.. عمّ يبحث؟!.. يبحث عن كل شيء.. عيناه مفتوحتان على وسعهما.. خطواته لا يمكن أن تكون على أرض غير معروفة البداية والنهاية، ومفردة متشائل غطاء بسيط يريد أن يخفي خلاله أو من خلاله فوراناً كبيراً يكاد يغلي ويتجاوز كل شيء.. فهو رجل مسكون بفلسطين. لذلك يلعب لعبته المغطاة بوجع الحنين وكره المحتل والسخرية منه بكل طريقة، وأسماء أبطال المتشائل كلها دالة مهما تسترت خلف ستائر وحجب.
ابنه ولاء فدائي.. فالولاء لمن؟!.. هل كان ولاء لدولة العدوان، لكيان مصطنع؟!.. أطلق الاسم ليكون في ظاهره اسم ولاء لسلطة العدوان، فإذا هو ولاء للبلد، لأبناء البلد ، للفداء من أجل البلد.. يمشي على الركب ليصل إلى مبتغاه والمبتغى فلسطين وتحرير فلسطين.
والفدائي الذي يطل ضارباً عرض الحائط بتوقعات لن تكون، يسجل بعبارة كبيرة أن الولاء لا يمكن أن يكون لغير فلسطين، ولتذهب الصهيونية إلى الجحيم.. مهما حاول سعيد والطنطورية الادعاء بتربية ولاء على الطاعة للكيان الصهيوني، فكل شيء واضح، لقد ربياه على الولاء لفلسطين.
هل هو شعور صعب؟!.. هي حقيقة، والحقيقة لا تخبىء رأسها.. فلسطين هي الكتاب المفتوح في المتشائل والذي قدم بشكل ما تعودت الرواية أن تقدمه.. السخرية المرة عند أميل حبيبي كانت تنفتح على السؤال الذي يولد السؤال.. المنهج الروائي الذي اختاره حبيبي خرج عن المنظومة كلها، ليقول ما يريد قوله بدلق الكلمات دون أن تكون مباشرة، ودون أن تكون ذاهبة في اللغز حتى الانغلاق.. أميل حبيبي يضحك من الاحتلال ووجوده وكل بنيته.. يضحك من هشاشته وصوره المزيفة والظاهرة حتى للأعمى!!.
وهو في الوقت نفسه يبني أسطورة شعب فلسطين.. الشعب الذي بنى وعمر وأشاد فلسطينه لتبقى له على الرغم من كل الأكاذيب التي يخترعها ويبتدعها الاحتلال.. فشعب يسطر معجزته في البقاء والثبات، شعب قادر على جعل فلسطين له في النهاية كما كانت في البداية.
من يقرأ متشائل أميل حبيبي يضحك بل يغرق في الضحك.. الصورة شديدة الغليان، لكن هناك دائماً فاصلة تؤدي إلى حقيقة لا تُمحى.. فلسطين مشغولة بصبر وأناة لتكون فلسطين.. لتكون بلد شعب فلسطين.. لتكون ملامح عمر فلسطيني، وهؤلاء الذين يعبرون في الصورة مزيفون حتى آخر سطر.. والزيف يبقى زيفاً مهما كان.. ولأنه زيف فهم مضحكون وواهمون ولا يعرفون أصول لعبة التاريخ لأنهم خارج التاريخ.
[/align]
نشرت في صحيفة البعث بتاريخ 12/1/2011
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|