[طلعت سقيرق]

[align=justify]
في هذا الزمن، زمن المقاومة، يفترض أن ينصبّ تفكيرنا كله على أنه ما عاد هناك زمن خارج زمن المقاومة والصمود والتحدي.. وإذا كان الدرس الذي علمتنا إياه المقاومة في الحاضر، حين كسرت الاحتلال وشرذمته ومرغت أنفه في التراب.. وعودة إلى النضال الفلسطيني المتصل الذي أثبت أن فعل المقاومة هو الفعل الوحيد الذي يحدد خارطة الوطن ، خارطة فلسطين ، الخارطة التي نريد ، وليس تلك التي يريدون .. وهي بالتأكيد تمتد من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب ، دون ترك ذرة واحدة من ترابها تحت الاحتلال ، فهذا يكفي للتشبث بالفعل المقاوم دون نهاية ..
إنه زمن المقاومة ، زمن تعلمنا فيه كيف يصير جنود الاحتلال أذلاء مكسورين حين تقف المقاومة في وجههم بالسلاح الممكن والذي باتحاده مع الإيمان والقوة والفروسية والشموخ والإرادة والعزة يصبح أقوى سلاح في العالم .. وبه يستطيع المقاوم أن يجعل الجندي الإسرائيلي يفر فرار الأرانب المذعورة ..
زمن المقاومة ، زمن لا مساومة فيه ... والوحشية الإسرائيلية ضربت كل مقومات السلام ومزقتها حين دمرت بلدا وحرقت ونسفت وكأنها في حالة جنون وشهوة عارمة للدم ..إنها إسرائيل ، مخلوق صاغته الجريمة وغذته المذابح وأرضعته الأحقاد ، فصار مثالا حيا للإرهاب ، يستطيع من يريد القياس أن يقيس عليه .. ويستطيع من يريد أن يضرب الأمثال وضعه في الواجهة كدليل واضح على شكل الإرهاب وهيئته .. ومثل هذا الوحش الذي صور على هيئة بشر لا يمكن أن نعقد معه أي سلام ، لأن سلام الوحوش كذبة اخترعها الوحش كي يلتهم الآخر في وقت قريب ..
زمن المقاومة ليس زمنا آنيا أو زمنا تحدده السياسة وغيرها .. إنه زمن الشعوب في كل وقت حين تريد الدفاع عن حقها ، لذلك فهو زمن ممتد غير محدد ما دامت الأرض محتلة والشعوب مغتصبة الحقوق .. فكل من يقاوم في زمن كهذا يحق له أن يرفض كل التعاريف والأوصاف ، إذ تعريفه الوحيد وتوصيفه الوحيد مرتبط بتحرير أرضه من الاحتلال والاغتصاب .. فالمقاوم في زمن المقاومة هو سيد الوقت وسيد الكلمة وسيد الموقف والقائل المطلق بمفردتي متى وكيف.. وحين يسلم الزمام للسياسة كي تتكلم يفقد كل مقومات تفرده وقدرته .. لأن السياسة تعمل بهذا الشكل أو ذاك على فبركة أمور لا علاقة لها بما هو حاصل على أرض الواقع.. ولأن السياسة تعطي للآخرين ما لا يعطى ، وأول ما تعطيه يتعلق بالمقاومة، حيث تصير المقاومة شيئا قديما يجب الخلاص منه كي يعم السلام .. فيصبح من كان بطلا مقاوما في الأمس القريب ورقة يلعب بها الساسة لتحقيق مآربهم ، فتنهى المقاومة وتعطى الأرض ، فتكون الخسارة مزدوجة بكل المقاييس.. لذلك علينا التشبث بزمن المقاومة لأنه الزمن الوحيد الذي يعطي أصحاب الحق حقهم ويرجع المغتصب إلى أصحابه ويطرد الاحتلال من الأرض المحتلة دون هوادة ..
[/align]