تنميط القصيدة
[align=justify]
لا أدري حتى الآن ما معنى أن نضع القصيدة ضمن نمط معين من الوزن والتوزيع والتقفية مع المناداة بالحرية المطلقة .. وكأن من ينادون بذلك يدعون إلى الحرية مع وضع القيود في اليدين !!..
طبعا لا أطالب ولا أنادي بالتخلي عن الوزن كصيغة تعني تحرر القصيدة ، فحتى كتاب قصيدة النثر قيدوا أنفسهم دون أن يشعروا بنمط معين جعلهم يدورون في شبه صياغة واحدة يكررها الجميع متناسين أن الحرية خلاص من التقليد والتقييد ، وليست خلاصا من الوزن لا غير .. !!.. إذن ماذا أريد من القصيدة وإلى أي شيء أدعو ؟؟..
أعود هنا إلى القصيدة العمودية لأرى أنها كانت منمطة الشكل على مدار عقود طويلة .. وجاءت قصيدة التفعيلة لتخرج عن الشكل وما يتبع من امتداد التغيير في المضمون ، إذ يبدو جليا أن الشكل يؤثر بهذه الدرجة أو تلك على الصورة والتركيب والتشكيل والصياغة ، وأرادت قصيدة النثر أن تتخلص من هيمنة الوزن فوضعت شكلا يبدو مغايرا في الظاهر عن قصيدة التفعيلة ، بتخلصه من ضاغط الوزن .. ومع مرور سنوات قليلة ، وبعد أن أبدع من بدأ بهذه الأشكال ، رأينا اللاحقين يدورون في شكل مفروض دون أن يشعروا أنهم صاروا يصبون كل صياغاتهم بوعاء محدد معروف لا يخرجون عنه ولا يحيدون.. فعدنا إلى قصيدة عمودية منمطة ، وإن كانت في الظاهر ذات شكل مغاير إن كانت قصيدة تفعيلة ، أو قصيدة نثر..
للخلاص من ذلك دعا البعض إلى النص المفتوح ، وهو النص الذي يلغي المسافات بين كل أنواع الأدب وبما يعني تداخل جميع الأنواع الأدبية في نص واحد .. ولم ينجح هؤلاء ولن نغلق الطريق فالتجربة قد تعطي شيئا .. ولكن كرأي شخصي أجد أن نسف الحدود بين أنواع الأدب لا يغني ولا يفيد ـ لأن الحرية هنا تنتقل إلى فوضى والفارق جد كبير بين الحرية والفوضى ..
من جهتي أجد التجديد والحرية يكمنان في نسف الإطار الجاهز شعريا والخروج دائما بإطار جديد من حيث الشكل وبما يستتبع بالتأكيد تجديدا في كل مسارات القصيدة .. وحتى لا يقال إنني أطالب بهذا أو ذاك ، فأنا أوجه الدعوة لأصحاب قصيدة التفعيلة كما قصيدة النثر .. وأرى أن ينتبه أصحاب قصيدة التفعيلة انه لن تسقط مداميك الشعر حين نلون وننوع في التفعيلات داخل القصيدة الواحدة لكن بمهارة وقدرة عالية على التنقل بين تفعيلة وأخرى .. وكم عجبت حين رأيت أحد الشعراء وهو يضع إشارات كبيرة وكأنه فجع بعزيز حين تنقلت في قصيدة من قصائدي بين تفعيلة وأخرى مشكلا وملونا عن قصد .. وما أردت مناقشة هذا الشاعر حتى لا ادخل في مهاترات لا معنى لها .. إذ ظني أن هؤلاء عموديون في تفكيرهم أكثر من الذين يكتبون القصيدة العمودية ولا جدوى من النقاش والحوار معهم ..
كل قصيدة يفترض أن تكون احتمالية، وهي التي تفرض شكلها وصورتها وألوانها.. والبعد عن ذلك يبقينا في دائرة القيد والشرط وكل هذه الأشياء لا تفيد في حرية القصيدة التي علينا أن نسعى لها .. فالحرية سعي دائم نحو التجديد في كل شيء ..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|