ملامح الغربة
[align=justify]
تسافر البلاد في القلب ، في الخواطر ، في الروح ..تمطر كلّ ما فيها ولها في الشرايين وتروح تسعى في الذاكرة دون كلل أو ملل طوال العمر وكأنّ أيام العمر مسكونة بشكل وصورة وامتداد هذه البلاد الحبيبة المعشوقة .. وكم من وقت ٍ أو زمن أشعر فيه أنني أحمل صورة البلاد وشكلها في كلّ كرية من كريات دمي حتى لتبدو وكأنها صارت جزءا لا يتجزأ من تركيبة الجسد وتفاصيله ، هي عضو أو كل الأعضاء ، وجزء بل كل الأجزاء.فكل منا يحمل داخله وفيه وبتكوينه فلسطين كاملة مكتملة بادية لكل من ينظر إلى الفلسطينيّ ..فأنت تعرف الفلسطيني من حركاته وسكناته ، من كلماته وصمته ، من كلّ شيء فيه .. وأول ما يلفت نظرك في الدلالة على فلسطينية الفلسطينيّ ملامحه ..
في ملامح الفلسطينيّ غربة .. أتعرف كيف يحمل الإنسان ملامح الغربة والحنين والشوق والتطلع الدائم لمحبوب مفقود تبحث عنه في الحل و الترحال ؟؟... إن أردت أن تعرف وتزداد معرفة فانظر إلى وجه الفلسطيني ، من الطفل إلى الشيخ ، ستلحظ فورا أنّ هناك نداء في كل ملمح من ملامحه ..هناك شوق .. حنين ..غربة..شعور حاد بظمأ إلى الحبيب .. ستلحظ جمالا مشوبا على الدوام بالبحث عن بيت وشارع وأهل ووجوه وصور ونسمة هواء مفقودة .. دقق أكثر سترى أنّ الفلسطينيّ مشغول بملامح الأمل ، من الصعب أن تغادر ملامح الأمل وجه الفلسطينيّ ، فهو مسكون بالأمل حتى وإن كان في وداع شهيد أو بكاء على حبيب فقيد..الأمل عند الفلسطيني من أهم الملامح التي تبدو وتظهر وتبين ولا يمكن أن تبرح ..
سرّ الفلسطينيّ أنه مطبوع بحبّ فلسطين ، منذ ولادته.. وهذا شيء لا يمحوه زمن ولا تغيره سنوات ..يأتي مع الإنسان الفلسطيني ككل أعضائه الأخرى ، فهو مثل يده ووجهه ورئته .. والأكثر من ذلك أنه يتوزع في كل هذه الأشياء ..في كل جزء خصوصية هذا الحب وتوزعه على مساحة البدن .. حتى الأنفاس لا تخلو من مثل هذه الخاصية في حب فلسطين .. الفلسطينيّ يتنفس حب فلسطين ليدور هذا الحب في كل جسمه وكرياته دون أن يفارق شيئا..ومن السهل أن تعرف الفلسطيني فور رؤيته ، فكل ما فيه ينطق بحب ووجد فلسطين وشعور الغربة والابتعاد عنها .. وكأنه يحمل نداء خاصا يقول أريد العودة إلى هناك حيث الأرض والدار والبيت والشارع والهواء والماء .. كأنه مسكون بصورة البلاد كاملة من الشمال إلى الجنوب ضاربا عرض الحائط بكل محاولات تجزيء أو تقسيم فلسطين ، فتكوين الدم الفلسطيني ، وتركيبة هذا الدم ترفض أن تكون فلسطين لغير الفلسطينيّ لأنه صاحبها وحبيبها والمسكون بها دون فواصل ..لذلك تراه يضحك طويلا من المراهنين على جزء من فلسطين لتكون فلسطين ، فهو يعرف ويعي ويؤمن أنّ فلسطين كما هي مرسومة فيه ، موجودة داخله ، فلسطين الكاملة المكتملة من شمالها إلى جنوبها ..
كذبة سيئة الذكر " إسرائيل " بدولتين أو ما شابه لا تنطلي على تركيبة الدم الفلسطيني .. وكذبة سيئة الذكر " إسرائيل " بالعيش جنبا إلى جنب يلفظها بل يلغيها الجسد الفلسطينيّ لأنها لا تتوافق مع تركيبته وبرمجته الجسدية والعصبية والنفسية ، فهو على مدار التاريخ الطويل لم يعرف غير فلسطين كاملة مكتملة وانه صاحبها وصاحب الحق فيها،ومثل هذه الأمور يصعب أن يداخلها الشك وإن للحظة .. فالفلسطينيّ ينزف إن نزف حبا لفلسطين وشوقا لها ، وإن تحدث فأنفاسه فلسطينية ، وإن مشى فخطواته فلسطينية .. كل شيء فيه فلسطينيّ حتى العمق ومثل هذا لا يمكن أن يلغى أو يتغير .. فلسطين كانت وتبقى وستبقى للفلسطينيّ بكل ما فيها ولها ..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|