رد: فتاوى التحريم والتشدد - نقاش مفتوح - هل يبدو مع الغلو وكأننا أمام دين مختلف؟!
الحمد لله الذي دبر الأكوان بحكمته البالغة فلا تحيط بكنه حقيقته الأفهام , وجدد الأعوام فكانت عبرا جلية لمن يتدبرها من الأنام , وافتتحها بالشهور والأيام , وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله سيد البرية وخير البشرية , صلى الله عليه وسلم كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون ,آمين , سيدة النور والألق : هدى نور الدين الخطيب , يا ابنة الأخيار ويا سليلة دوحة العدنان , ما أصدقك وأنت تنكإين هذا الجرح بمبضع تحليلك العميق , وتضعين الأصبع على موطن داء لطالما سكتنا عن الشكوى من ضرره وبلواه .
ما السنون وما الشهور والأيام إلا أوراق في شجرة العمر, تكون مخضرة يانعة ثم تصير ذابلة ميتة , وكل يوم يمر من حياتك إنما هو ورقة تسقط من شجرة عمرك , وحق على أهل الفتاوى أن يستفتوا أنفسهم قبل غيرهم : ماذا صنعوا في عامهم الذي مضى ؟ وكم غرا سار على غير هدى بسبب فتاويهم ؟ وبماذا سيلقون الله تعالى حين يسألهم عما ابتدعوا في هذا الدين مما ليس فيه وبما لم ينزل الله به من سلطان ؟
ولعل واحدة من بين أثافيهم التي شوهت صورة الدين الحنيف , هي تحريم التأريخ الميلادي وإحياء رأس السنة بحسب التقويم الغربي , وحيثما كانت الفتوى العمياء يكون الحق الذي من ورائه باطل , لأن أهل الفتاوى يستغلون القشور لضرب لب العقيدة في الصميم , عبر دغدغة مشاعر العامة بما هو معلوم من الدين بالضرورة , ومن ذلك هذا الأمر الذي نحن اليوم بصدد الخوض فيه .
والحد الفاصل بين الحق والباطل في هاته المسألة هو الحد الفاصل بين العادة والعبادة , إذ لا أحد ينكر أن العالم الإسلامي اليوم أصبح يسير على إيقاع السنة الميلادية , فيتبادل الناس التهاني ويباركون لبعضهم حلول سنة جديدة ويسهرون لكي يودعوا عاما منقضيا ويزفوا عاما مقبلا .فيسلكون بذلك سبيل العادة , بينما المطلوب محاربة العادة بالعبادة , ذلك أن مكنون الإحتفال بالعيد الميلادي يجب أن يكون فرصة سانحة لتجديد الصلة مع الله تعالى , وليس من العبادة في شيء أن يعربد الأولاد وتتمايل الأجساد , وتدندن الرؤوس , وتكرع الكؤوس , ويغلب الشيطان على النفوس ,ولعمري ذلك هو رأس الخيط الذي يمسكه أهل الفتاوى على باطل ليلبسوا به الحق ويعمموا أمر التحريم بحجة عدم اتباع عادات الغير من يهود ونصارى ومجوس , من شرب للخمور ورجس و فجور , وإختلاط وإطفاء للنور, وإذا كنا نعيش زمن التاريخ الميلادي بامتياز ونسير على إيقاعه طوعا أو كرها , فلا مانع من مسايرة الركب المنفتح على العصر , مع التمسك بأصول الدين الحنيف الذي هو ملاذنا ومرجعنا في مختلف أوجه الحياة .
فاللهم كما أسبغت علينا في العام الذي مضى , حلل الصحة والعافية , نسألك في هذا العام الذي أقبل أن تهدينا صراطك المستقيم , اللهم أعنا على الذكر الحكيم وثبتنا على الدين القويم , اللهم تنزل بشآبيب رحمتك وغفرانك على روح طلعت الغالي , واكتبه عندك مع الأنبياء والصديقين , والشهداء والصالحين , اللهم انشر بيننا الرحمة والمودة واجعلنا إخوة متحابين في نور الأدب , وامدد لسيدة النور هدى نور الخطيب من جميل عونك ما به تستعين على هذا الحمل الثقيل . آمين يارب العالمين .
|