التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,840
عدد  مرات الظهور : 162,285,267

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > قال الراوي > الـقصـة القصيرة وق.ق.ج.
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 09 / 11 / 2016, 45 : 11 AM   رقم المشاركة : [1]
نبيل عودة
كاتب نور أدبي مضيئ

 الصورة الرمزية نبيل عودة
 




نبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond repute

تسعة شهور من الجحيم..!!

تسعة شهور من الجحيم..!!

قصة: نبيل عودة



عشقها منذ التقت نظراته نظراتها في حفل زواج لأحد أقاربه. سأل عنها أقاربه، قالوا أنها من أهل العروس، التقط لها صورة بتلفونه النقال، وما ان عاد قريبه وزوجته من شهر العسل حتى كان أول المهنئين لهما، طبعا عرض الصورة على زوجة قريبه مستفسرا عن صاحبة الصورة ومعبرا عن رغبته بالزواج منها إذا رأته زوجة صديقه مناسبا لها.. وإذا قبلته صاحبة الصورة.
هكذا دخل صالح عش الزوجية سعيدا مزهوا بزوجته ، شاعرا ان الدنيا أضحت ملك يديه.كان يعود مرهقا من العمل، وما ان يضع قدمه داخل البيت حتى يستعيد حيويته وسعادته بأنه اختار زوجة توفر له كل متطلبات الحياة الزوجية الهانئة.. من الطعام الشهي، إلى البيت النظيف والأولاد بأبهى حال بعد الحمام اليومي وتحضير الدروس وارتداء ملابس البيت الأنيقة، والهدوء الذي يسود البيت بنظام أشبه بمعسكر حربي، وتكون قد أعدت له ملابس نظيفة وحمام جاهز بالماء الساخن، وما ان يخرج منتعشا حتى تشده رائحة الطعام الشهية، فيطبع قبلة اعتزاز وشكر على جبينها، ويجلس والأولاد حوله كل واحد منهم على كرسيه بالمكان المحدد سلفا جاهزين لتناول وجبة العشاء العائلية.
رغم إرهاق العمل إلا ان النظام والحيوية التي فرضتها زوجته في بيتهما كان يشعره انه فاز بأروع جائزة يحلم بها الإنسان.
مضت سنوات الزواج بسعادة لا يشوبها شيء من القلق ولا يعكر صفائها نقص أو فتور، إلا ان صالح بدأ يشعر بتراكم السنين وهم المسؤولية عن بيته وزوجته وأولاده.. فصار يعمل ساعات إضافية ليقوم بواجب البيت، لكن الله رحمه بزوجة يعتبرها هدية رائعة من السماء لا يحصل عليها إلا الطاهرين قلبا وإيمانا.
كثيرا ما تساءل في سره، ماذا لو خلقه الله امرأة؟ إلا تقل بذلك همومه وواجباته وإرهاقه ومسؤولياته ويبقى في المنزل متمتعا بالراحة ؟ ترى ما هي الهموم التي تقلق المرأة؟ هل تقارن بهموم الرجل العامل ومسئول الإعالة لزوجة وخمسة أولاد؟ هل غسلهم ومساعدتهم بإعداد دروسهم يسمى عملا أو واجبا مرهقا؟ هل غسل الثياب بالغسالة الكهربائية هو عمل مرهق؟ هل تنشيف الثياب بالنشافة الكهربائية هو عمل مرهق؟ هل إعداد الطعام على أنغام صوت فيروز أو عبد الوهاب أو أم كلثوم هو عمل صعب ؟ هل الثرثرة مع الجارات كل صباح على فنجان قهوة هو واجب لا تكتمل أعمال المنزل بدونه؟ هل إيصال الصغير إلى الروضة صباحا وإعادته ظهرا بالسيارة يعتبر عملا شاقا أم نزهة في البلد؟ هل شراء احتياجات البيت من خضار وفواكه من المجمع التجاري الذي أصبح ملتقى لسيدات البيوت، يتبادلن فيه أخر أخبار البلد من سلبيات وايجابيات هو عمل إضافي متعب لسيدة البيت؟ هل الوصول إلى "السوبرماركت" لشراء احتياجات البيت من البقالة ومواد التنظيف يحمل شيئا من المعاناة أم هو ترفيه من ضغط التواجد بين أربعة حيطان؟ هل الذهاب إلى البنك، لإدخال المعاش وسحب ما يحتاجه البيت من مصروفات مالية يسمى عملا مرهقا؟ ربما تنظيف البيت ودرج البيت فيه بعض الصعوبة، ولكنه بناء على طلب زوجته جلب شغالة مرتين في الأسبوع لتقوم بتنظيف البيت والدرج الخارجي. حتى في فترة الحمل والولادة يحضر شغالة لتقوم بكل المهام ألبيتية وتوفير الراحة لزوجته، عدا ان الأهل من الجانبين لا يتركونها بل يقومون بكل ما يمكن من أعمال مساعدة خاصة مع الأولاد، ويساعدونها بالاعتناء بالمولود الصغير، وهي متعة لا متعة تضاهيها، إذ مع عودته من عمله المرهق يكون بشوق كبير ان يحمل صغيره بمتعة وفخر وسعادة كأنه وجد كنزا نادرا من كنوز الأساطير... حتى في الليل حين يسمع بكاء الطفل أو ضحكاته الرنانة ينسى إرهاقه ويطرد سلطان النوم لأن حمل الطفل والتمتع بضحكاته يبعث في روحه الراحة والسعادة ، فكيف بقضاء اليوم بطوله مع الطفل؟.
رغم انه لم يعبر عن امتعاضه عن هذا التمييز بين الرجال والنساء، لكنه كان على ثقة ان التمييز هنا هو لصالح النساء. فكيف تدعي الحركات النسائية ان المرأة حقها مغبون ؟
كان إرهاقه بالعمل يزداد إذا كثرت الأفواه وازدادت الطلبات، ولا بد من توفير الدخل للقيام بمسؤولياته البيتية.
كان يبتسم أحيانا حين يسمع الكاهن يعظ النساء بطاعة الأزواج، بينما الزوج هو مطية لزوجته وأولاده، فأي طاعة يقصدها الكاهن أكثر من تحول الرجل إلى عبد لزوجته وأولاده؟
لماذا كل تعاليم الكنيسة ترى بالرجل رأس البيت ، بينما الحقيقة ان المرأة هي رأس البيت، وزوجها هو خدام البيت ؟
هل أصبح الدين قديما وأحكامه لا تناسب واقع المجتمعات البشرية اليوم؟
صارح الكاهن حين دخل غرفة الاعتراف بأفكاره، فأوصاه بالصلاة وطلب المغفرة من الله ، لأن تعاليم الكنيسة هي إرادة الخالق والخالق أدرى بما يجب ان يكون، وان كون الرجل هو مصدر الرزق للبيت يجعله سيد البيت بلا منازع.
في حالة إرهاق شديد، ركع في احد الأيام وصلى لربه بحرارة ان يغير الأدوار بينه وبين زوجته لشهر واحد فقط ،حتى يتعرف كل منهما على الدور الذي يقوم الآخر به وما يعانيه من دوره.
لم يتوقع ان تقع صلاته على آذان صاغية في السماء، في تلك الليلة جاءه صوت له رنين مميز يبلغه انه مع بزوغ فجر هذا اليوم ستتغير الأدوار بينه وبين زوجته، يصبح هو الزوجة وهي الزوج.
كانت سعادته أو سعادتها كبيرة من هذه الرسالة السماوية، حقا استيقظت زوجته أو زوجه ارتدت ملابس العمل وخرجت للعمل ، استيقظ أو استيقظت بعدها بوقت قصير وبدأ يعد الشطائر للأولاد ، ويحثهم على الاستيقاظ وارتداء الملابس المدرسية ، لكنهم يماطلون، فأصيب بالغضب وهو يحثهم بان وقت بدء الدروس اقترب ، وأُرهق نفسه وهو يأمرهم دون ان يتحركوا لفرك أسنانهم،غسل وجوههم، تناول كوب الحليب وترتيب حقائبهم المدرسية. تذكر انه يجب ان يأخذ الصغير للروضة، فما ان خرجوا لمدارسهم حتى اخذ الصغير بالسيارة إلى الروضة.
عاد شاعرا بالانتصار وان الوقت أمامه واسع .. لكنه تذكر ان البيت يحتاج إلى بعض الخضار والفواكه، فانطلق بالسيارة وكانت زحمة سير غير عادية، استغرقه ضعف الوقت ليصل للسوق، اشترى ما يلزمه وحمل الأكياس الثقيلة، وضعها بالسيارة وعاد بنفس الطريق ولكن زحمة السير تضاعفت، وصل المنزل ووجد ان الوقت يركض، بسرعة جمع الثياب المعدة للغسيل وضعها بالغسالة، تذكر انه يجب ان يشترى الخبز، خرج مسرعا للفران القريب من البيت، هناك التقى بجارة له فتحت معه حديثا لا نهاية له عن هموم إعالة البيت في هذا الوضع الذي بدأت البطالة تكشر فيه عن أنيابها. ما ان تخلص منها وإلا جارته الثانية تفرد ذراعيها له - لها لاحتضانها والإصرار عليها ان ترافقها بطريق العودة لشرب قهوة الصباح، عبثا حاول ان يتهرب، بل وكاد يفضح نفسه انه ليس الزوجة بل هو زوجها بجسم زوجته ، نظر لنفسه ، كان حقا بوجه زوجته وجسمها وملابسها.
بعد شرب القهوة ركض ليخرج الغسيل ويدخله للنشافة، بدأ يعد وجبة الغذاء، قطع البصل وعينيه تحرقانه من تقطيع البصل، وضعه بوعاء ليحوسه، اخرج العدس لينقيه من الشوائب، ركض يخرج الغسيل من النشافة، عاد راكضا يحرك البصل حتى لا يحترق وبدأ يعد صينية الكفتة، لكن تذكر ان عليه طي الغسيل وكي السراويل والقمصان، ادخل العدس لوعاء مع الماء ووضعه على الغاز وبدأ يمد صينية الكفتة، تذكر انه لم يقشر البطاطا بعد، ركض لسلة الخضرة واحضر بعض حبات البطاطا، استغرق إعداد الصينية نصف ساعة، وضعها بالفران وحرك العدس بالوعاء وأضاف البصل، ركض ليرتب الأسرة وينظف الغرف، قرر تأجيل شطف أرضية البيت لأنه مرهق وما زال لديه إعداد السلطة وكي الملابس والسفر مرة أخرى لإرجاع الصغير من الروضة... ببساطة شعر بأنه مكسر العظام.. لكنه صمت، إذ ان هذا يومه الأول ويبدو انه مع الأيام سيتغير الوضع، أعاد الصغير واعد صحن الحساء ، ركض يفحص صينية ألكفته فوجدها قد نضجت، حمد ربه أنها لم تحترق لأنه نسيها في الفران حين سارع للروضة لإعادة الصغير. ما هي إلا ربع ساعة وإذا الأولاد يطرقون الباب، أعد لهم الصحون والملاعق ، بعضهم تمرد انه لا يجب هذا الحساء وبعضهم أعلنوا أنهم ملوا من الكفتة، لكنه- لكنها أمرتهم بشكل لا يفسر على وجهين ان يأكلوا ما تعده لهم لأنه لا طعام غيره اليوم، فأكلوا على مضض ،أخذت الصحون وقامت تجلي وتنظف المائدة، وهي تأمرهم بتغيير ملابسهم والبدء بمراجعة واجباتهم المدرسية، وأنها فورا ستتفرغ لهم لكي تدخلهم للحمام، لكن الصغير ارتفع بكائه،عبثا حاولت فهم سبب بكائه، كان يحك أذنه فانتبهت أنها حمراء بسبب التهاب كما يبدو، أعلمت أولادها أنها ستأخذ أخاهم الصغير إلى الطبيب وان يحافظوا على الهدوء والنظافة في البيت حتى تعود. بعد ساعة عادت مع صغيرها وكيس أدوية، كان نائما فوضعته بسريره وركضت تفحص واجبات الأولاد المدرسية وهل استحموا كما يجب؟ جلست على الكرسي وكادت تغمض عينيها وتغفوا من الإرهاق، لكنه - لكنها جابرت على نفسها وهي تشعر بتشنج ظهرها، كان ينتظرها كي الملابس وترتيبها في الخزائن وإعداد المائدة للزوج - للزوجة بعد ان تبدلت الأدوار، ما دقت الساعة الخامسة حتى جفلت على صوت رنين جرس البيت، يبدو أنها غفت لبضع دقائق، قفزت تفتح الباب وتستقبل زوجتها – الزوج بابتسامتها - ابتسامته المشرقة...
أنهت كي الملابس وتجهيزها للغد، جلست العائلة أمام التلفاز لكنه شعر بالإرهاق الشديد، في تلك الليلة ، رغم انه مرهق كأم البيت، إلا ان زوجته التي بدورها كرجل البيت أصرت على المعاشرة..فاستسلم لرغبته- رغبتها.
في اليوم التالي فهم ان دوره كرجل اقل إرهاقا من دور الزوجة، ذهب للكنيسة وركع أمام المسيح المصلوب الذي ضحى بحياته من اجل البشر ورجاه ان يتوسطها مع أبيه الذي في السماء ويعيد اليه دوره كرجل البيت ويعيد زوجته لدورها التقليدي ، أكد في صلاته للمسيح انه سيكون مخلصا للكنيسة وتعاليمها وينقل إيمانه لكل أولاده وأحفاده في المستقبل وانه لا يستطيع الانتظار حتى نهاية الشهر كما طلب من الله... أنقذني أيها المصلوب ليتبارك اسمك!!
في تلك الليلة استيقظ كما في المرة الأولى على نفس الصوت ذو الرنين المميز، قال له الصوت: اعرف انك مخلص بإيمانك لذلك أنا استجيب لطلبات أبنائي المخلصين، لكني هذه المرة لن استطيع تغيير الأدوار بنهاية هذا الشهر أو غدا كما تطلب، لأن المعاشرة أمس بينكما أدخلتك بالحمل وعليك الانتظار تسعة شهور حتى تلد، بعدها سنرى!!
أصيب صالح بالكآبة الشديدة، لكن لا مفر من أمر الله..كان يتحسس بطنه الذي بدأ يكبر..نادما على تبديل الأدوار. اقترب عيد القيامة الذي يعرف باسم عيد الفصح وأحد القيامة، وهو من أعظم الأعياد المسيحية وأهمها حيث يستذكر المسيحيين قيامة المسيح من بين الأموات بعد ثلاثة أيام من صلبه وموته.
تحدث الكاهن عن المناسبة التي تقترب في خطبة يوم الأحد أسبوعين قبل العيد منوها بأهمية الصيام الذي يسبق العيد، وقال ان معاناة الصيام لا تقارن بعذاب المسيح الذي صلبوه ودقوا المسامير في يديه وقدميه وكللوه بالشوك وسقوه المر، وهو عذاب لا يمكن ان يتصوره العقل...
أصغى صالح للخطبة وحاول ان يقارن بين عذابه كزوجة وقبلها كزوج وعذاب المسيح ، وبلا تفكير انطلق لسانه مقاطعا الكاهن:
- يا أبونا ، لماذا ارتكب أعداء المسيح كل هذه الأعمال المنافية للأخلاق والحمقاء، الم يكن أسهل لهم ولانتقامهم منه ان يزوجوه؟!







نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
نبيل عودة غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09 / 11 / 2016, 00 : 08 PM   رقم المشاركة : [2]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: تسعة شهور من الجحيم..!!

[align=justify]أخي الغالي نبيل...
قصة اجتماعية/إنسانية جميلة.. لكن لي مأخذ على طول سردها، على الرغم من أنك وَظَّفتَه ببراعة لخدمة الغاية النهائية للقصة..، وهي أنَّ المرأة أكثر تعباً، في الحياة، من الرجل، على عكس ما يتوقع معظم الرجال، ولهذا أشارك كلَّ الذين ينظرون لتعبها هذا بعين التقدير والمحبة..
وربَّما لهذا، في الإسلام، وليس في المسيحية فقط، رُفِعَت المرأة، والأم خصوصاً، إلى تلك المرتبة العالية جداً، المرتبة الأعلى من الجنة التي جعلها الله تحت أقدام الأمهات..
سردٌ ممتع، وموضوع جميل، وتبادل الأدوار بين الزوج والزوجة زاد العرض طرافة..
محبتي وتقديري...
[/align]
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09 / 11 / 2016, 28 : 09 PM   رقم المشاركة : [3]
نبيل عودة
كاتب نور أدبي مضيئ

 الصورة الرمزية نبيل عودة
 




نبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond repute

رد: تسعة شهور من الجحيم..!!

اجل انت صادق اخي الأديب محمد توفيق الصواف.. شعرت انها طويلة، حاولت اختصارها .. ففقدت كصاحبها الهدف الذي حركني لصياغتها.. وان اختصارها يجعلها اقرب للطرفة وليسس للقصة اذا ان اختصارها قد يقتل عنصر الدراما في النص... اعتمدت على اسلوبي الخفيف لغويا .. وقد اعيد النظر بالنص لأرى امكانية تكثيف الفكرة... هذه نسخة مصححة ارسلها لي صديق واديب كبير د. أفنان القاسم:

تسعة شهور من الجحيم ..!!

نبيل عودة

عشقها منذ التقت نظراته نظراتها في حفل زواج لأحد أقاربه. سأل عنها أقاربه، قالوا إنها من أهل العروس، التقط لها صورة بتلفونه النقال، وما أن عاد قريبه وزوجته من شهر العسل حتى كان أول المهنئين، طبعا عرض الصورة على زوجة قريبه مستفسرا عن صاحبة الصورة ومعبرا عن رغبته في الزواج منها إذا رأته زوجة صديقه مناسبا.. وإذا قبلته صاحبة الصورة.
هكذا دخل صالح عش الزوجية سعيدا مزهوا بزوجته ، شاعرا أن الدنيا أضحت ملك يديه. كان يعود مرهقا من العمل، وما أن يضع قدمه داخل البيت حتى يستعيد حيويته وسعادته باختيار زوجة توفر كل متطلبات الحياة الزوجية الهانئة.. من الطعام الشهي، إلى البيت النظيف والأولاد في أبهى حال بعد الحمام اليومي وتحضير الدروس وارتداء ملابس البيت الأنيقة، والهدوء الذي يسود البيت بنظام أشبه بمعسكر حربي، وتكون قد أعدت له ملابس نظيفة وحمام جاهز بالماء الساخن، وما أن يخرج منتعشا حتى تشده رائحة الطعام الشهية، فيطبع قبلة اعتزاز وشكر على جبينها، ويجلس والأولاد حوله كل واحد منهم على كرسيه في المكان المحدد سلفا جاهزين لتناول وجبة العشاء العائلية.
رغم إرهاق العمل إلا أن النظام المتدفق بالحيوية الذي فرضته زوجته في بيتهما كان يشعره انه فاز بأروع جائزة يحلم بها الإنسان.
مضت سنوات الزواج بسعادة لا يشوبها شيء من القلق ولا يعكر صفاءها نقص أو فتور، إلا ان صالح بدأ يشعر بتراكم السنين وهم مسؤولية بيته وزوجته وأولاده الملقاة عليه.. فصار يعمل ساعات إضافية ليقوم بواجب البيت، لكن الله رحمه بزوجة يعتبرها هدية رائعة من السماء لا يحصل عليها إلا الطاهرين قلبا وإيمانا.
كثيرا ما تساءل في سره، ماذا لو خلقه الله امرأة؟ ألا تقل بذلك همومه وواجباته وإرهاقه ومسؤولياته ويبقى في المنزل متمتعا بالراحة ؟ ترى ما هي الهموم التي تقلق المرأة؟ هل تقارن بهموم الرجل العامل ومسئول الإعالة لزوجة وخمسة أولاد؟ هل غسلهم ومساعدتهم في إعداد دروسهم يسمى عملا أو واجبا مرهقا؟ هل غسل الثياب بالغسالة الكهربائية هو عمل مرهق؟ هل تنشيف الثياب بالنشافة الكهربائية هو عمل مرهق؟ هل إعداد الطعام على أنغام صوت فيروز أو عبد الوهاب أو أم كلثوم هو عمل صعب ؟ هل الثرثرة مع الجارات كل صباح على فنجان قهوة هي واجب لا تكتمل أعمال المنزل بدونه؟ هل إيصال الصغير إلى الروضة صباحا وإعادته ظهرا بالسيارة يعتبر عملا شاقا أم نزهة في البلد؟ هل شراء احتياجات البيت من خضار وفواكه من المجمع التجاري الذي أصبح ملتقى سيدات البيوت، يتبادلن فيه آخر أخبار البلد من سلبيات وايجابيات هو عمل إضافي متعب لسيدة البيت؟ هل الوصول إلى "السوبرماركت" لشراء احتياجات البيت من البقالة ومواد التنظيف يحمل شيئا من المعاناة أم هو ترفيه من ضغط التواجد بين أربعة حيطان؟ هل الذهاب إلى البنك، لإدخال المعاش وسحب ما يحتاجه البيت من مصروفات مالية يسمى عملا مرهقا؟ ربما تنظيف البيت ودرج البيت فيه بعض الصعوبة، ولكنه بناء على طلب زوجته جلب شغالة مرتين في الأسبوع لتقوم بتنظيف البيت والدرج الخارجي. حتى في فترة الحمل والولادة يحضر شغالة لتقوم بكل المهام البيتية وتوفير الراحة لزوجته، عدا أن الأهل من الجانبين لا يتركونها بل يقومون بكل ما يمكن من أعمال مساعدة خاصة مع الأولاد، ويساعدونها في الاعتناء بالمولود الصغير، وهي متعة لا متعة تضاهيها، إذ مع عودته من عمله المرهق يكون بشوق كبير إلى حمل صغيره بمتعة وفخر وسعادة كأنه وجد كنزا نادرا من كنوز الأساطير... حتى في الليل حين يسمع بكاء الطفل أو ضحكاته الرنانة ينسى إرهاقه ويطرد سلطان النوم لأن حمل الطفل والتمتع بضحكاته يبعث في روحه الراحة والسعادة ، فكيف قضاء اليوم بطوله مع الطفل؟.
رغم انه لم يعبر عن امتعاضه عن هذا التمييز بين الرجال والنساء، لكنه كان على ثقة من أن التمييز هنا هو لصالح النساء. فكيف تدعي الحركات النسائية أن المرأة حقها مغبون ؟
كان إرهاقه بالعمل يزداد إذا كثرت الأفواه وازدادت الطلبات، ولا بد من توفير الدخل للقيام بمسؤولياته البيتية.
كان يبتسم أحيانا حين يسمع الكاهن يعظ النساء بطاعة الأزواج، بينما الزوج هو مطية لزوجته وأولاده، فأي طاعة يقصدها الكاهن أكثر من تحول الرجل إلى عبد لزوجته وأولاده؟
لماذا كل تعاليم الكنيسة ترى في الرجل رأس البيت ، بينما الحقيقة أن المرأة هي رأس البيت، وزوجها هو خدام البيت ؟
هل أصبح الدين قديما وأحكامه لا تناسب واقع المجتمعات البشرية اليوم؟
صارح الكاهن حين دخل غرفة الاعتراف بأفكاره، فأوصاه بالصلاة وطلب المغفرة من الله ، لأن تعاليم الكنيسة هي إرادة الخالق والخالق أدرى بما يجب ان يكون، وان كون الرجل هو مصدر الرزق للبيت يجعله سيد البيت بلا منازع.
في حالة إرهاق شديد، ركع في احد الأيام وصلى لربه بحرارة ان يغير الأدوار بينه وبين زوجته لشهر واحد فقط، حتى يتعرف كل منهما على الدور الذي يقوم الآخر به وما يعانيه من دوره.
لم يتوقع ان تقع صلاته على آذان صاغية في السماء، في تلك الليلة جاءه صوت له رنين مميز يبلغه انه مع بزوغ فجر هذا اليوم ستتغير الأدوار بينه وبين زوجته، يصبح هو الزوجة وهي الزوج.
كانت سعادته أو سعادتها كبيرة من هذه الرسالة السماوية، حقا استيقظت زوجته أو زوجه ارتدت ملابس العمل وخرجت للعمل، استيقظ أو استيقظت بعدها بوقت قصير وبدأ يعد الشطائر للأولاد، ويحثهم على الاستيقاظ وارتداء الملابس المدرسية ، لكنهم يماطلون، فأصيب بالغضب وهو يحثهم على الإسراع لأن وقت بدء الدروس اقترب، وأُرهق نفسه وهو يأمرهم دون أن يتحركوا بفرك أسنانهم، غسل وجوههم، تناول كوب الحليب، وترتيب حقائبهم. تذكر انه يجب ان يأخذ الصغير للروضة، فما ان خرجوا لمدارسهم حتى اخذ الصغير بالسيارة إلى الروضة.
عاد شاعرا بالانتصار وان الوقت أمامه واسع .. لكنه تذكر أن البيت يحتاج إلى بعض الخضار والفواكه، فانطلق بالسيارة، وكانت زحمة سير غير عادية، مما استغرقه ضعف الوقت ليصل إلى السوق، اشترى ما يلزمه وحمل الأكياس الثقيلة، وضعها في السيارة وعاد من نفس الطريق ولكن زحمة السير تضاعفت، وصل المنزل ووجد أن الوقت يركض، بسرعة جمع الثياب المعدة للغسيل، وضعها في الغسالة، تذكر انه يجب أن يشترى الخبز، خرج مسرعا إلى لفران القريب من البيت، هناك التقى بجارة فتحت معه حديثا لا نهاية له عن هموم إعالة البيت في هذا الوضع الذي بدأت البطالة تكشر فيه عن أنيابها. ما أن تخلص منها إلا وجارته الثانية تفرد ذراعيها له - لها لاحتضانها والإصرار على مرافقتها في طريق العودة لشرب قهوة الصباح، عبثا حاول التهرب منها، بل وكاد يفضح نفسه انه ليس الزوجة بل الزوج بجسم زوجته، نظر إلى نفسه ، كان حقا بوجه زوجته وجسمها وملابسها.
بعد شرب القهوة ركض ليخرج الغسيل ويدخله في النشافة، بدأ يعد وجبة الغداء، قطع البصل وعيناه تحرقانه، وضعه في وعاء ليحوسه، اخرج العدس لينقيه من الشوائب، ركض يخرج الغسيل من النشافة، عاد راكضا يحرك البصل حتى لا يحترق، وبدأ يعد صينية الكفتة، لكن تذكر ان عليه طي الغسيل وكي السراويل والقمصان، ادخل العدس في وعاء مع الماء ووضعه على الغاز وبدأ يمد صينية الكفتة، تذكر انه لم يقشر البطاطا بعد، ركض إلى سلة الخضرة واحضر بعض حبات البطاطا، استغرق إعداد الصينية نصف ساعة، وضعها في الفرن وحرك العدس وأضاف البصل، وركض ليرتب الأسرة وينظف الغرف، قرر تأجيل شطف أرضية البيت لأنه مرهق وما زال لديه إعداد السلطة وكي الملابس والسفر مرة أخرى لإرجاع الصغير من الروضة... ببساطة شعر بأنه مكسر العظام.. لكنه صمت، إذ أن هذا يومه الأول ويبدو انه مع الأيام سيتغير الوضع، أعاد الصغير وأعد صحن الحساء، ركض يفحص صينية الكفتة، فوجدها قد نضجت، حمد ربه أنها لم تحترق لأنه نسيها في الفرن حين سارع إلى الروضة لإعادة الصغير. ما هي إلا ربع ساعة وإذا بالأولاد يطرقون الباب، أعد لهم الصحون والملاعق ، بعضهم تمرد لأنه لا يحب هذا الحساء وبعضهم أعلن أنه مل من الكفتة، لكنه- لكنها أمرتهم بشكل لا يفسر على وجهين بأكل ما تعده لهم، فلا طعام غيره اليوم، فأكلوا على مضض، أخذت الصحون وقامت تجلي وتنظف المائدة، وهي تأمرهم بتغيير ملابسهم والبدء بمراجعة واجباتهم المدرسية، وفورا بعد ذلك ستتفرغ لهم كي تدخلهم الحمام، لكن الصغير ارتفع بكائه،عبثا حاولت فهم سبب بكائه، كان يحك أذنه، فانتبهت إلى كونها حمراء بسبب التهاب كما يبدو، أعلمت أولادها بأنها ستأخذ أخاهم الصغير إلى الطبيب وطلبت منهم ان يحافظوا على الهدوء والنظافة في البيت حتى تعود. بعد ساعة عادت مع صغيرها وكيس أدوية، كان نائما فوضعته في سريره وركضت تفحص واجبات الأولاد المدرسية، وهل استحموا كما يجب؟ جلست على كرسي وكادت تغمض عينيها وتغفو من الإرهاق، لكنه - لكنها أجبرت نفسها على القيام، وهي تشعر بتشنج ظهرها، كان ينتظرها كي الملابس وترتيبها في الخزائن، وإعداد المائدة للزوج - للزوجة بعد أن تبدلت الأدوار، وما أن دقت الساعة الخامسة حتى جفلت على صوت جرس البيت، إذ يبدو أنها غفت لبضع دقائق، قفزت تفتح الباب وتستقبل زوجتها – الزوج بابتسامتها - ابتسامته المشعة...
أنهت كي الملابس وتجهيزها للغد، جلست العائلة أمام التلفاز لكنه شعر بالإرهاق الشديد، في تلك الليلة ، رغم انه مرهق كأم البيت، إلا ان زوجته التي بدورها كرجل البيت أصرت على المعاشرة..
في اليوم التالي فهم أن دوره كرجل اقل إرهاقا من دور الزوجة، ذهب إلى الكنيسة وركع أمام المسيح المصلوب الذي ضحى بحياته من اجل البشر ورجاه أن يتوسطها مع أبيه الذي في السماء ويعيد إليه دوره كرجل البيت ويعيد زوجته إلى دورها التقليدي، وسيكون مخلصا للكنيسة وتعاليمها وينقل إيمانه إلى كل أولاده وأحفاده في المستقبل، وأعلمه أنه لا يستطيع الانتظار حتى نهاية الشهر كما طلب من الله!!
في تلك الليلة استيقظ كما في المرة الأولى على نفس الصوت ذي الرنين المميز، قال له اعرف انك مخلص بإيمانك لذلك أنا استجيب لطلبات أبنائي المخلصين، لكني هذه المرة لن أستطيع تغيير الأدوار عند نهاية هذا الشهر أو غدا كما تطلب، لأن المعاشرة أمس بينكما أدخلتك في الحمل وعليك الانتظار تسعة أشهر حتى تلد، بعدها سنرى!!
أصيب صالح بالكآبة الشديدة، لكن لا مفر من أمر الله.. كان يتحسس بطنه الذي بدأ يكبر.. نادما على تبديل الأدوار. اقترب عيد القيامة الذي يعرف باسم عيد الفصح وأحد القيامة، وهو من أعظم الأعياد المسيحية وأهمها حيث يستذكر المسيحيون قيامة المسيح من بين الأموات بعد ثلاثة أيام من صلبه وموته.
تحدث الكاهن عن المناسبة التي تقترب، في خطبة يوم الأحد، أسبوعين قبل العيد منوها بأهمية الصيام الذي يسبق العيد، وقال إن عذاب الصيام لا يقارن بعذاب المسيح الذي صلبوه ودقوا المسامير في يديه وقدميه وكللوه بالشوك وسقوه المر، وهو عذاب لا يمكن أن يتصوره العقل...
أصغى صالح للخطبة وحاول أن يقارن بين عذابه كزوجة وعذاب المسيح، وبلا تفكير انطلق لسانه مقاطعا الكاهن:
يا أبونا ، لماذا ارتكب أعداء المسيح كل هذه الأعمال المنافية للأخلاق والحمقاء، ألم يكن أسهل لهم ولانتقامهم منه أن يزوجوه؟!
نبيل عودة غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجحيم..!!, تسعة, زهور


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
بضعة نصوص بعثرتها المعاني! Arouba Shankan الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 5 14 / 12 / 2020 46 : 11 PM
مجزرة بشعة ناز أحمد عزت العبدالله رسائل في مهب العمر 4 16 / 03 / 2019 16 : 11 PM
صهباء الجحيم عزة عامر الخاطـرة 0 24 / 09 / 2016 56 : 04 AM
جريمة..بشعة.. محمد جادالله محمد المقالة السياسية 2 18 / 06 / 2014 12 : 04 AM
الأمهات العازبات بالمغرب مأساة اجتماعية وخطيئة تصعب مواجهتها نصيرة تختوخ الشؤون المغاربية 2 24 / 05 / 2008 38 : 03 PM


الساعة الآن 26 : 08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|