01 / 04 / 2008, 54 : 12 PM
|
رقم المشاركة : [1]
|
أديبة ومترجمة / مدرسة رياضيات
|
جولة مع خيميائي كويلهو
من جديد يحملني كتاب إلى ذروة النشوة و يجعل خيال الكاتب يسخر من خيالي.
باولو كويلهو أخذني مع راعيه الأندلسي إلى طنجة ثم إلى صحاري مصر؛ و مع أن صورة طنجة المدينة الساحلية في الواقع ذات طبع مختلف عن الذي وصفه القاص إلا أننا نحن معشر القراء نسمح بتناقضات كثيرة مع الواقع و نستسلم للغة الخيال الممزوجة بكنه الواقع مادام ذلك يتم في نسق جميل و يبنى على منطق قابل للاستيعاب و الفهم حتى و إن كان غير قابل للتحقق.
الخيميائي رواية تتحدث عن القدر والتسلح بالإرادة إلى آخر لحظة و رمق.
وتحكي بخرافة وسحر أن التعلم و عدم الإستسلام و التضحية شروط لتحقيق الحلم فمن يؤمن بأسطورته و يمدها بكل طاقته و جهده لابد أن يشهد تحولها إلى واقعكما أنه لا مفر من المكتوب والذي يذكره باولو كويلهو أيضا هكذاmaktub.
في رحاب الأدب العالمي على المرء أن يتناسى أحيانا قناعاته الدينية ومعتقداته الثابتة لأن الأديب الغريب عن ثقافتنا حين لا يتعمد هز قناعاتنا أو الإستهزاء بها فإنه يدعمها بشكل غير مباشر إما بجعلنا نسقط مفاهيمه ونصقلها بشكل يتماشى و رؤانا أو بدفعه إيانا لاكتشاف نقط الخلاف و الخلل فيما جاء به.
إذا اخترت مثلا المقطع الذي يحاول فيه الفتى الأندلسي التحول إلى ريح و الذي يحاور فيه الصحراء ثم الريح ثم يد القدر سأترجمه كالآتي:
ماهو الحب قالت الصحراء؟
الحب عندما يطير الصقر على ربوعك الرملية، لأنك بالنسبة له ساحة خضراء لايعود منها إلاغانما .٠إنه يعرف صخورك و تلالك . أنت الطيبة بالنسبة له و الكريمة والسخية.
منقار الصقر ينتزع أشياء ا من طريقي ؛إنني أحسن لفرائسه سنينا طوال ؛ أقودهن للماء القليل الذي أملك و أريهن مخابئ القوت الشحيح في أرجائي .
ينزل الصقر من أعالي السماء في اللحظة التي أحس فيها باختيار فرائسه للعيش في رمالي .إنه يبعد عني ماكبرت و نميت.
لكن هذا تماما الهدف الذي كبرت من أجله الفرائس: لتغذي الصقر و ليغذي الصقر الإنسان وليغذي الإنسان يوما ما رمالك ليغوص في العالم الموحش وينهض هذاالتسلسل من جديد.
هكذا العالم يدور.
هل هذا هو الحب؟
أجل هذا هو الحب ٠إنه مايجعل الفرائس تتحول إلى صقر و الصقر إلى إنسان و الإنسان إلى صحراء.
هذا مايجعل الرصاص يتحول إلى ذهب و الذهب يختبئ من جديد في بطن الأرض.
أنا لا أفهم كلامك ،قالت الصحراء.
إفهمي
إذن أن هناك إمرأة في رمالك تنتظرني ولذلك فإنه علي أن أتحول إلى ريح.
سأعطيك رملي لكي يذره الريح لكن لوحدي لن أستطيع شيئا عليك الإستعانة بالريح.
ساعديني، أيتها الريح بك سمعت يوما صوت حبيبتي.
قالت الريح': من علمك لغة الصحراء و لغتي؟
قلبي
أنت لا تستطيع أن تكونني نحن مختلفان طبيعيا.
هذا ليس صحيحا ، لقد تعلمت فنون الخيمياء وأنا أجوب العالم معك .أنا أحمل الريح و الصحاري والمحيطات
والنجوم وكل المخلوقات هي في الحقيقة بداخلي.
نحن مصنعون بنفس اليد ولنا نفس الروح. أريد أن أكون مثلك أن أتخلل كل الزوايا وأتجاوز البحار وأطير الرمال التي تخفي كنزي وأقرب مني صوت حبيبتي.
لقد سمعت حوارك مع الخيميائي لقد قال أن لكل واحد أسطورته لكن الإنسان لا يتحول إلى ريح.
علميني كي أكون ريحا للحظات لنتحادث عن الإمكانيات اللامحدودة بين الريح و الإنسان...
سأجد خيالا خصبا سيقود الكاتب ليحاور يد القدر لكن هذا لاينتقص من جمالية الرواية شيئا رغم تناقض ذلك التجسيد للقدر مع إيماننا العميق بأسس ديننا .
بالتجوال في الأدب العالمي نكتشف الآخر من حيث الفكر المختلف و التحليل ذي الأبعاد الجديدة و نسج الأحداث البعيدة عن ثقافتنا وديارنا لكننا نتعلم إحترام الإبداع الإنساني و نقف متأملين روعة هذا العالم الذي تبعثر الأدباء في ربوعه ليتحفونا برسمهم أجمل الصور بريشة الكلمات.
Nassira
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|