الجرجاشيون
قوم من الساميين من سلالة كنعان، ويعتقد أنهم أقاموا في الجبال المحيطة بالقدس، وقد حاولوا الوقوف في وجه الغزو الإسرائيلي، إلا أنهم وقعوا تحت نفوذهم وسلبت أراضيهم.
الأيدوميون
هم من سكان فلسطين الأصليين استوطنوا جنوبي البحر الميت، وهم من أصول عبرانية وعربية. وأطلق على المنطقة اسم ايدوم ومنها أخذ القوم أسمهم، ويعتقد أنها سعير حالياً في قضاء الخليل، وحسب التوراة فإن هذه الجماعة تنسب إلى ايدوم أي الأحمر بالعبرية، كما يسمى الايدوميون بالعماليق وايدوم هو الاسم الثاني لعيسو بن اسحق والأيدوميون هم من نسل ايدوم.
يعتبر تاريخ الايدوميين السياسي من أغمض التواريخ للأقوام التي استوطنت فلسطين، وأول ما ورد عنهم كان قصة موسى حين أرسل وهو في طريقة من مصر إلى فلسطين رسولاً ليفاوض ملك الايدوميين للسماح للعبرانيين بالمرور من أراضيه، ورفض الملك الايدومي وهدد بقتالهم، فاضطر موسى لاتخاذ طريق أطول للوصول إلى أريحا.
وبعدما اشتد ساعد العبرانيين (1004 ق.م) أخضعوا الايدوميين لسلطانهم، وفي أواخر حكم سليمان (923 ق.م) تحررت آدوم من السيطرة العبرانية.
لكن ذلك لم يمنع العلاقات الحسنة بين الشعبين حتى أن يهورام ملك إسرائيل استعان بالايدوميين كي يقوم بحملته ضد المؤابيين (842ق.م)، وفي عهود بعض ملوك يهوذا ساءت العلاقات، فثأر الايدوميون من ملك يهوذا يورام بن يهو شافاط فقام خليفته أمصيا بن يؤاش (795-786ق.م) بحملة هزم فيها الايدوميين واستولى ابنه عزريا على مدينة أيلة على خليج العقبة.
انتقل الايدميون إلى مرحلة صد العدوان عن أراضيهم فيما بعد، لكن يبدو أنهم لم يتمكنوا من السيطرة طويلاً على فلسطين الجنوبية، فاضطروا لرفع الجزية للأشوريين، وخلال فترة سبي بابل قام الأيدوميون بالتوسع في فلسطين الجنوبية واستولوا على أقسام من يهودا.
خضع الايدوميون للسيطرة اليهودية في القرن الثاني قبل الميلاد، وأخضعوا للديانة اليهودية بالسيف. عندما استولى الرومان على سورية في منتصف القرن الأول قبل الميلاد، سميت المنطقة الجنوبية من فلسطين ايدومية، وتذكر المصادر أن الايدوميين لم يخلفوا معالم حضارة وراءهم.
آشور
ما يعنينا هنا من مملكة الأشوريين هي علاقتها بفلسطين، فأول ملك آشوري ذكر فلسطين كان الملك أداد نيراري الثالث "805-772ق.م".
قام تغلات بلاسر الثالث "747 ق.م" بغزو مدن فلسطين فانتصر على ملك غزة واحتل عمون وآدوم ومؤاب ويهودا، ودفع له مناحيم ملك إسرائيل ألف قنطار من الفضة كجزية.
أطلق تغلات بلاسر الثالث على إسرائيل اسم بيت عومري، وكان له نصيب من الأحداث في فلسطين، فقد استعان به أحاز ملك يهوذا لحمايته من (فقح) و(رصين) ملكي إسرائيل ودمشق، فحاربهما تغلات بلاسر الثالث وخلع فقح عن العرش ووضع هوشع ملكاً ولكن الثمن الذي دفعه أحاز كان سبباً لانهيار اقتصاد يهودا فيما بعد.
حوصرت السامرة في عهد شلمانصر الخامس "726-722ق.م" وسقطت على يد الملك صارغون الثاني 721-705 ق.م، فانهارت بسقوطها دولة إسرائيل.
حارب صارغون المدن الفلسطينية التي أعلنت العصيان عليه، وتجددت الاضطرابات في عهد ابنه سنحاريب 704-681ق.م، وثار نبلاء عكرة على ملكهم الموالي للأشوريين، وسلموه إلى حزقيا ملك يهودا الذي ثار اعتماداً على تأييد مصر له. فغزا سنحاريب المدن الفلسطينية وانتصر على الجيش المصري الذي ناصرها، وحاصر القدس، لكن أهلها أمطروه بالهدايا الثمينة ففك الحصار عنها.
الملك أسرحدون رأي أن فلسطين لن تهدأ إلا إذا وضع حد للتدخل المصري، فغزا مصر وأسقط الحكم الحبشي فيها (680-669ق.م). وتوقف التدخل المصري في فلسطين حتى نهاية الدولة الآشورية. وكان آشور بانيبال آخر ملك آشوري قوي غزا فلسطين وانتصر على يهودا وأدوم ومؤاب وغزة وعسقلان.
بدأت علاقة الآشوريين بفلسطين في القرن التاسع قبل الميلاد وانتهت عام 625ق.م، وفي هذه الفترة أسقط الآشوريون دولة إسرائيل وتركوا يهودا ضعيفة لتسقط على يد نبوخذ نصر الكلداني.
قبيلة قيدار
قيدار هو الإبن الثاني لإسماعيل ومعناه قدير أو أسود، وهو اسم قبيلة عربية استوطنت جنوبي الشام، وقد وصفتهم التوراة بأنهم رعاة يستوطنون قرى غير مسورة، وقد عبدوا الأصنام نفسها التي عبدها العرب قبل الإسلام، وقد اشتهر محاربوها برمي السهام، وقد أصبح لهم ملك ومركز مهم في الشرق القديم في فلسطين وجنوب سوريا، وقد حاول ملك من ملوكهم هو أمولاري مهاجمة النفوذ الأشوري في فلسطين وسوريا لكنه هزم أمام أشور بانيبال في القرن السابع ق.م، مما جعل القيداريين يتحالفون مع الأنباط، لكن نبوخذ نصر أخضعهم في القرن السادس ق.م، على أن أعظم ملوكهم على الإطلاق كان جشم العربي الذي استطاع في القرن الخامس قبل الميلاد أن يمد نفوذ هذه القبيلة من شرق مصر حتى الأردن بما في ذلك فلسطين ذاتها.
العصر الهلينستي
الفترة التي تقع بين وفاة الإسكندر عام 323 ق.م وقيام الإمبراطورية الرومانية عام 30ق.م تعرف تاريخياً باسم العصر الهلينستي تمييزاً لها عن العصر الإغريقي.
بعد خلاف ورثة الإسكندر، جاءت فلسطين ضمن حكم بطليموس (367-283ق.م)، فيما سيطر سلوقس على آسيا الغربية، وقد تميز العصر الهلنستي بالنزاعات بين السلوقيين والبطالمة حول امتلاك سورية المجوفة التي كانت فلسطين من ضمنها، وقد سيطر عليها البطالمة من 302ق.م إلى 198 ق.م حيث تمكن السلوقيون من استعادتها.
استمرت سيطرة السلوقيين على فلسطين حتى عام 64ق. م حيث دخلت مع الأراضي السورية تحت حماية الرومان.
فيما يخص الفترة التي وقعت فيها فلسطين تحت الحكم البطليمي، دأب البطالمة على التقرب من اليهود، حتى أن يطليموس الأول خصص أحد أحياء الإسكندرية لليهود ونقل إليه أفواجاً من يهود فلسطين، وزاد توافد اليهود في عهد بطليموس الثاني الذي افتدى أسراهم من ماله الخاص وأهدى الهدايا الثمينة لمعبدهم في بيت المقدس، كما أنزلهم في الأراضي المستصلحة.
أما تحت الحكم السلوقي، فقد تودد ملكهم أنطيوخس الثالث إلى المدن الفلسطينية كي تؤيده في نزاعه مع البطالمة، فانقسمت مدن فلسطين بين مؤيده للسلوقيين ومؤيدة للبطالمة.
وأرسل أنطيوخس الرابع أحد قادته عام 167ق.م وكلفه بإلغاء الطقوس الدينية اليهودية والاستعاضة عنها بالإله زيوس الإغريقي فوق المذبح المقدس، وحول معبد يهوه فوق جبل جزيم إلى معبد زيوس وحرم الختان واقتناء الأسفار المقدسة وأوجب أكل لحم الخنزير، ونتيجة لهذا انقسم اليهود إلى قسمين، قسم تخلي مرغماً عن الشريعة وهم (المتأغرقرن) وقسم هرب خارج المدينة المقدسة وأطلق عليهم "حزب القديسين" ووضعوا (ماتاتيه) لقيادتهم، الذي مات بعد فترة قصيرة فاستلم القيادة بدلاً منه ابنه يهوذا الذي لقب بالمكابي (المطرقة)، وقد حقق يهوذا نجاحاً في التصدي للقوات السلوقية مما جعل كثيراً من المترددين اليهود ينضمون إليه، وفي عام 166ق.م حقق المكابي نصراً في معركة (عقبة بين حورون) على القائد ابولونيوس، وحقق نصراً آخر عام 165ق.م على القائدين نيكانور وجورجياس مما دفع أنطيوخس الذي كان في حملة أخرى إلى الاستجابة لمطالب المكابيين فأوقف الاضطهاد فعاد المكابيون إلى بيت المقدس وإلى ممارسة شعائرهم الدينية في 25/12 عام 164 ق.م، وهو العيد الذي يحتفل به اليهود إلى اليوم تحت اسم "حانوكاه" عيد الأنوار.
بعد وفاة أنطيوخس الرابع قام القائد لوسياس بهزيمة المكابيين في معركة بيت زكريا قرب بيت صور، وقتل في المعركة اليعازر شقيق المكابي، وقام لوسياس بتعيين كاهن جديد يدعي إلياكيم، لكن المكابيين خلعوه ووقعوا معاهدة مع روما تعهدت لهم فيها بمد يد العون لهم في حال تعرضوا لهجوم.
قام القائد ديمتريوس بتجريد حملة عام 161ق.م لكن المكابين هزموها عند الرها، فجرد حملة ثانية بقيادة باكخيدس حققت نصراً على المكابي في (لاشع) وقتل المكابي نفسه وفر أصحابه عبر الأردن.
تزعم يوناثان شقيق يهوذا المكابين، وعرض عليه صلحاً شرط ألا يقيم داخل أسوار بيت المقدس، فوافق يوناثان، لكنه بعد وفاة الكاهن الأعظم اغتصب الكهانة وقام بتأسيس إمارة مستقلة بزعامته.
بعد ذلك استعان بطليموس سراً بيوناثان وقدم إلى فلسطين وبعد معركة قتل فيها بطليموس تسلم ديمتريوس الثاني الحكم وأطلق يد قائد مرتزقته في القضاء على المعارضة. استغل يوناثان النزاع بين ديمتريوس وبالاس (حليف الرومان) وضرب حصاراً على القلعة في عكا، ونجح بالهدايا والأموال في استمالة الملك الذي تغاضي عن توسع المكابيين شمال فلسطين، وعندما حدثت ثورة داخلية في أنطاكية نتيجة النقمة على مرتزقة ديمتريوس، استنجد ديمتريوس بيوناثان الذي أمده بمقاتلين شرسين قضوا على ما يقارب مئة ألف من سكان أنطاكية وضواحيها، وفي عام 143ق.م أعلن إبن بالاس ملكاً باسم أنطيوخس السادس وانقسمت مملكة السلوقيين إلى قسمين، سوريا الداخلية تحت حكم أنطيوخس وسوريا الساحلية تحت حكم ديمتريوس. انقلب المكابيون على ديمتريوس وأبدوا أنطيوخس واستغلوا ثقته وبدأوا في التوسع واتصلوا بالرومان للحصول على اعتراف بتوسعاتهم، فقام وزير انطيوخس (ديودوتس) بتجهيز حملة وصلت إلى سكيثوبولس (بيسان) وقام بالفتك بيوناثان ومعظم رجاله المكابين. بعد نجاح ديودوتس قام باغتيال انطيوخس وأعلن نفسه ملكاً باسم تروفون، مما أطمع بقية المكابين، فعرضوا تأييدهم على دمتريوس الذي قبل وأعفاهم من الضرائب، لكنه أسر في معركة ضد البارثيين، وقام أخيه الأصغر أنطيوخس السابع بالزواج من زوجة أخيه كليوباترا وأعلن نفسه ملكاً، وقتل تروفون. فطلب أنطيوخس من سمعان المكابي دفع الجزية، لكن قواته لم تتمكن من جباية الجزية إلا بعد 3 سنوات وبعد أن شارك انطيوخس نفسه في حصار بيت المقدس حيث سقطت في قبضته عام 132 ق.م.
وفي عهد هركانوس مد المكابيون نفوذهم إلى معظم فلسطين جنوب الكرمل، وقام خليفته عام 103ق.م بإجبار سكان الجليل بالسيف على اعتناق اليهودية، وقام بعده يانايوس بحصار عكا التي استنجدت ببطليموس التاسع حيث أوقع باليهود هزيمة منكرة في موقعه أسينون، لكن يانايوس تمكن من إعادة تأسيس دولته، وهو أول من لقب بالملك في اليهودية، لكن مظاهر الملوكية لم تعجب شعبه الذي استعان بملك دمشق السلوقي ديمتريوس الثالث فأنجدهم عام 87ق.م ففر يانايوس من بيت المقدس فزال بذلك أي ذكر لحركة سياسية هامة في فلسطين حتى نهاية العصر الهلنستي عام 64ق.م.
السلوقيون
لقي برديكاس خليفة الإسكندر المقدوني مصرعه على أيدي الولاة الذين تحالفوا عليه عام 321ق.م وعلى أثر ذلك عقد مؤتمر تريبار أديسوس لإعادة توزيع ولايات الإمبراطورية بين المنتصرين. ومن هذه القسمة بدأ نجم السلوقيين في الظهور حين عين سلوقس والياً على بابل.
غزا انتيغوس جوف سوريا فاستنجد سلوقس ببطليموس الذي انجده وأعاده للحكم بعد انتصاره في معركة غزة عام 312ق.م.
حاول انتيغوس أن يعيد لحمة إمبراطورية الاسكندر، فتحالف عليه بطليموس وليسماخوس سلوقس وكاسندروس وهزموه ولقي حتفه عام 302ق.م، وفر ابنه ديمتريوس، وقسم المنتصرون الغنائم فكانت سوريا من نصيب سلوقس الأول.
بعد وفاة أنطيوخوس الثاني عام 246ق.م توفي بطليموس الثالث فاشتعلت الحرب مع بطليموس الرابع، وانتصر البطالمة على السلوقيين عند رفح عام 211ق.م، واسترد انطيوخوس الثالث القدس بعد انتصاره على البطالمة سنة 203ق.م. اشتعلت بعد ذلك حرب بين انطيوخوس واليهود بانتصار خليفته الملك ديمتريوس على اليهود وقتل يهودا المكابي عام 160ق.م، لكن زعيم المكابيين يوناثان سعي للتقرب من السلوقيين عكس سلفه.
البطالمة
تاريخ البطالمة طويل، إلا أننا هنا سنتناول ما يخص تفاعلهم مع فلسطين.
توزعت إمبراطورية الإسكندر على قادته، فاستولي والي مصر بطليموس (364-282 ق.م) على فينيقية (فلسطين) لتوسيع نفوذ ولايته (319 ق.م)، وقد حارب بلطيموس أنتيغوس في غزة وانتصر عليه (315 ق.م) وأعاد ولاية سورية إلى عاملة سلوقس، وحارب انتيغوس سنة 301 ق.م في معركة ابسوس وقتله.
بقيت فلسطين في قبضة البطالمة حتى هزمهم الملك السلوقي أنطيخيوس الثالث هزيمة حاسمة في معركة سانيون (200 ق.م) ثم استولوا على صيدا وبيت المقدس وفلسطين كلها ففقد البطالمة هذه المنطقة نهائياً (198 ق.م).