متى ياإلهى نزور الحروب في المتاحف ?
كتبت آنا فرانك مذكراتها و هي مختبئة مع أسرتها في جزء خفي و متوار من
منزلهم.وصفت حزن الأسرة وذعرهم وهم يسمعون كل يوم عن مايجري في المدينة وعن الزحف النازي.
دونت الأحداث إلى أن وشى بهم الوشاة لتلقى هي و أمها و أختها حتفهن في إحدى المعسكرات و لاينجو إلا والدها ليكون فخورا بها و قارئا متباكيا لحروفها و أحاسيسها على الورق.
مذكرات آنا فرانك اليهودية الصغيرة ,صارت شهادة تاريخية على بشاعة النازية و اعتبرت مصدرا تاريخيا لتفحص الأحداث.
و بعيدا عن أمستردام أين يرتاد الزوار منزل آنا وذويها ,الذي أصبح متحفا ذائع الصيت ,و تحديدا في مدينة إيبر البلجيكية ينطق القوس الشبيه بقوس النصر و تصرخ القبور المنتشرة في ضواحي المدينة لتقول:
"أرأيتم يا بشر كم قتلتم و دمرتم و سفكتم من دماء لتعيدو ا الترميم بعد ذلك باكين ناحبين
على القبور الكثيرة التعداد المترامية على أطراف المدينة يمكن التعرف على هويات الضحايا :بلجيكيون, هولنديون,بريطانيون,كنديون ...ويمكن رؤية أزهار البوبيز"الأقحوان"التي كانت الوحيدة القادرة على النبات في أرض دمرتها القنابل و تجرعت الرصاص.
في متحف إن فلاندرس فيلد س بنفس المدينة يمكن العيش لساعات في أجواء القصف والموت و العنف و مأساة الإنسان,
رسائل الجنود و الكتابا ت الشعرية و النثرية و الشرائط المعروضة و الجدار المتبقي من أحد المنازل و كل ماهو موجود داخل المتحف يقول كم كانت الحرب ,العالمية الإولى قاسية قذرة.
في خروس بييك بالقرب من الحدود الألمانية الهولندية تتكرر نفس المشاهد في متحف التحرير الوطني و وعلى تلال البلدة الجميلة تنتشر المقابر التي تعددت جنسيات ساكينها الذين اشتركوا في مصيرهم الأليم لكنهم هذه المرة ضحايا الحرب العالمية الثانية لا الأولى ليقول المتحف كما اللحود :تأملواياأبناء أوروبا و العالم كم كانت و ستبقى لغة السلاح مريعة".
ويتضامن متحف برلين الشهير مع سابقيه ليصرخ لا للحرب
انتهت مآسي أوروبا و بقيت المذكرات و الصور و البسة الجنود و الضمادات في المتاحف.
و صور ستيفن سبيلبرغ لائحة شيندلر ليجعل العالم جله أو معظمه أو على الأقل جزأ كبيرا منه يتعاطف مع اليهود الذين روعتهم و أرعبتهم و فتكت بهم النازية.
و كتب البير كوهين صولال ليستلطف القراء الشاب اليهودي الطموح و طائفته الذين ينظر لهم المجتمع الكاثوليكي بازدراء ولا يجدون ملاذا آمنا غير بلاد بعيدة في الشرق كانت لهم فيها جذور اقتلعت.
اجتمع الكتاب و الصورة والمتحف والذكرى لتوحيد أوروبا وجعلها أكثر تماسكا ورفضا للضغينة بين أبنائها و استلطف و تعوطف مع اليهود لما نابهم من ويلات .
انتهت الحروب في أرجاء الدنيا ولم تبقى حية بمخالبها و أنيابها إلا في القارة السمراء المضحوك عليها و المسروق عاجها و تاجها و ماسها وفي بلاد المسلمين و العرب الذين خذلوا مليون مرة بنفس الطريقة و فرق بينهم و أكلوا و تآكلوا
متى ياإلهي تجد آخر الحروب من يوقفها و يضعها في المتاحف كسابقاتها,متى يقطع رأسها كرأس التنين القاذف للهب.
متى ياإلهي تكف الأرامل عن بكاء الشهداء و تتوقف العجائز عن الزحف للهروب ويستيقظ الأطفال على تغريد الطيور و يعود الآباء كاملين لاأشلاء.
متى ياإلهى نزور الحروب في المتاحف فقط في المتاحف فندفع ثمنا معقولا من جيوبنا لا من أرواح و أحلام البشر !
Nassira
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|