العوديسا1 ـــ خالد أبو خالد
[align=center][table1="width:100%;"][cell="filter:;"][align=justify]لم أكن ميتاً.. غير أني تشظيت
في دفتري..
والرسائل..
والحبِّ
والميجانا
والزمان الرديء
انتشرتُ..
وكانت خيولي تنشرُ أعرافها.. وتطيرُ
وظلت طيوري.. تودع أفراخها.. وتغيرْ
إن يكن شارعي مقفرا
أو يكن برقهم خلباً
لي دروبي التي لا تمر بهم.. أولهم
فليكنْ..
إنهم عابرون
لم يغب وجهها.. لم يغب قلبها.
حسبها أنها مزقت ثوبها..
لوحت بالضفائر.. لا للمذلةِ.. والموتِ
لا للخراب الكبير.. ولا للهزائم.. لا
ونعمْ للعذاب النبيلْ.. نعم..
فالتلال صليلْ..
هي الآن مشرعة الصدر لليلِ
والسيلِ
والغرباءِ
ومشرعة للهواء الخضيل
وهذا سؤال يعتقه الصمت..
والخوفُ من سقطة الراجفين..
المذابحُ.. والنازلات
ويأتي على حذرٍ ماثلاً في الحروفِ
ويأتي.. على هيئة شكلتني..
وقاربت الصمت.. بالصوت
والحيّ.. بالميتِ
واللاءَ.. بالليت
يأتي على هيئتي عامراً.. بالقصائدِ
"إن السموات تدنو
وبوابة الغيم مفعمة بالقناديلِ
والوردِ
والنائحات
وطافحةٌ بطقوس المواتْ
لم أجد جسدي..
قلتُ:
"ليست شواطئنا من هباءٍ.. ولسنا.. وليست جبال بلادي.. زبدْ"
أنا الآن في جوهر النخلِ
والتين
في قامة الزيتِ مرتحلٌ
والغناء معي
والأسى
والسؤال المدورُ
والنهرُ
والقبرات
وأمي
وجدُّ أبي
والحصى
والرواة القدامى
القصائد
والشعراء
المراثي الشجية
والحظ
والشهداء
معي الذكرياتْ
ووجهي يذكّرني.. بالسباتْ
ويذكرني عند قبري
ويذهب في طرق لا تردُّ
يذكّرني بالرحيل الطويل.. ويذكرني في الرفاتْ
هو الآن وهم بكاءٍ
ونزف نداء
يحنّط أزهاره نجمةً.. نجمةً
في المسافة بين الهواء.. وبين العراء
دمي الآن يوقد ناراً لمن سوف يأتي..
ومن سوف يولدُ من ظهر محنتهِ
أو بقايا.. البقايا..
ومن وقته المترامي البطيءَ
ومن لا أحد
ويوقد شعلته في صباحٍ يرى حدَّه في الأبدْ
على الصواري نشرت جسدي/ وجهي إلى الشمس وظهري/ هو الغنيُّ قلبي/ كهذا الجرح العظيم/ وكعينيك يا سيدتي العذبة المعذبة/ إليّ مدي ذراعيك فالظلمة أفقٌ.. ويمتدُّ/ والغناء الآتي من الشواطئ البعيدة كذبٌ/ أما الموت الذي أقاوم/ فهو الجزر الطافية كالطحالبْ/ والجثث/
هذه حانة.. شجرٌ في الرماد الرماديِّ
والأحمر العربيِّ
ويولد من سغبٍ في البياضِ..
بياضٌ يقابلهُ
المشهد الآن نصفين
نشيجي.. وخوفي..
وبينهما مشهدان.. الملوحة.. والموتُ
بينهما رؤية.. ورؤىً
إنما شجرٌ في حرائقه بين قلبي.. وبيني
له مرفآن.. الندامة.. والصوتْ
من مدن هشّةٍ
أو إشاعة حربٍ مكررة في الصدى
هل أنا الآن محترقٌ؟ أم نسيت الطرق إلى جسدي.؟.
هل نسيت بأن انكسار الشعاع عليهِ.. انكساري
وهل.. إنني الآن متحدٌ بالمتاهةِ؟
وهل إن روحي مثخنة بجروحي..
وهل يا بلادي البعيدة سوف تلاقينني
في زمانٍ يجيء قبيل فوات الأوانِ
وهل سوف ـ والبحرُ ـ تلتقيانِ.. وتشتعلانِ
أنادي.. عتابا..
الحكايات هاجمةٌ.. والبراري العصيةُ
قبر أبي..
والريابُ
مناحة أهلي..
وأمي..
هواجس "بيسانَ"
أشعارها
وركام البيوت
الدروبْ
وصوت الذين سيأتون
أوجاع يافا
"الشباري"
البواريدَ
والبرتقالُ
الدوالي..
وغاباتنا
البحرُ يغدو محيطاً
يجيئك مغتبطاً.. والأغاني
تجيء إلى لغتي..
وإليك، تجيء..
وفوق بروج المقابرِ
فوق المنائر تأتي بروق الحطامِ..
وتأتي الأماني..
الشمال أنتِ/ الشرق والعربُ/ المرتكز والأفقُ/ النهار والليل/ النهر/ والبحرُ/ الأرضُ/ والهواءُ/ الناس/ والعذاب/ أنتِ/ فلسطين في الروح/ والجسدِ/ في الفصول أنت تقومين/ في الحضور والغياب/ أنت لا تموتين/ والوعد لا يموت والغراسْ/
وأذكر كنتِ.. وأنك أنتِ.. وأني أنا الآن أنتِ
وأنت أنا.. أننا زمن.. ومكان.. وعشقٌ
أوزعك الآن خبزاً.. هواءً.. وزيتاً
وألقي بظهري إليكِ
كما الحلم بسند نوماً..
كما النوم يسلم عيناً إلى الحلمِ
كالوجد لا يأوي لأعشاشه
كالأغاني التي اكتشفت طرقاً في الذهاب إلى الناسِ
كالعشبِ.. أو كالسكينةِ
كالعزف مشتعلاً.. في خيوط، النحاسْ
من تُرى سيجيبُ السؤالَ
هو الحبُّ من أين يأتي؟
أحاولُ..
أسندت رأسي إلى الضوءِ
ظل المساء حميماً برغم الأسى
والمحالِ
أحاولُ...
فتحت عينيّ.. ثم انحنيتُ
انتصبت أراقصُ قلبين بين الرمالِ..
وبين الجبال عبرنا إلى الماء.
ظل المساءُ حزيناً.. ويحنو على جسدٍ في الرصاص تشظيتُ في شجرٍ ناهضٍ.. وفضاء وأبحرت ما بين نجمة قلبي.. وأشرعتي... واعتصرت دمائي.. على حربة الرمح..
فوق زنود النساءِ.. وتحت عيون الرجال
لم أضع.. صرت هذا المغني..
الحمام على كتفيه.. وبين يديه الصقور التي لا تنام..
وأعطته من روحها.. فأضاء بعينيه يوم الفجيعة ثم أضاء على الماءِ.. والراء
مرٌّ حصاد الرحيل
ومرٌّ حصاد الغناء
ومرٌّ حصاد النخيلِ
حصاد الذهابِ
الإيابِ
العتابا
الكتاباتِ
والمكتباتِ
الدخولِ
الخروج
الدروبِ
المراكبِ
مرٌّ دمي
وجه أمي
وأختي..
وأطفالي اللاهثون من البيت للجامعة
ومرٌّ حصاد الشوارع.. والفاجعة
وهذا دم من دمٍ قادمٌ..
لا يساومُ..
يأتي إلى دمهِ
ثم يذهب من دمه.. لدمٍ لا يغيب.. لا ينثني..
لا يموت.. ولا ينطوي
لا يخاف.. ولا ينحني
ليس ينسى ويحضر في وقته
وهو متصل النبع.. من مرفأٍ في الغمامِ
ـ السماءْ.. وأنتَ.. شموسٌ.. وأرضٌ
تحط جناحيك في صوتها
أو تحط عذابك في صمتها
أنت نجمٌ يطير إلى الشعر منتشراً في البراري
وملتحماً بالحواري
على هيئة الناس أو ورقٍ كجياد النحاسْ
أن يمر بك الراجعون
ويحتفلَ الخائفونَ
ويمضوا بعكس اتجاهك.. لا ترتعش..
ولدي..
إنهم ذاهبونَ
السواتر من ذهب.. أو غبارٍ
ولست ترد الصقورْ
افترق.. واخترق صفهم..
ثم رتل مع الطير.. سورة صقر قريشٍ
وصورتها..
يوم تحترقان..
وتفترقان على جدلٍ في العلاقة بينكما
والمناخ الذي يتألف من همجٍ.. ولصوصٍ
ومن صحف ونصوصْ
ولو/ شارتك هي السائدة/ والزمان
لك شاسع وفسيح/ الزمان بستان
الصبر/ والمكابدة/ لا يقف/ ولا يتكأ
ولا ينتظر/ الزمان ملعب الآتين على
الثوابت/ والموروث/ والظمأ/
لم أكن صارخاً.. في البراري.. ولكنني من
تخوم الجنون
أناديكَ.. يا ولدي..
أن تصالح حدسك
أو صبرَ قوسكِ
أو صبرك المتآلف.. والرعبَ.
ذاك الذي أشعلك
ثم أشعل لنا شارة في الجبال
لتشعل لنا شاردة في السهول المديدةِ
اشعل لنا شارة في المخيم
اشعل لنا شارة في القرى.. والمدائن
اشعل لنا شارة في السجون
لم أكن حاضراً..
لم أكن غائباً
لم أكن يوم مرّوا.. أضيعُ
فقلبي يدق مرارته.. ويجوعُ
وأنت تغنين لحن الرجوع
هي الريحُ تغلق كل الممرات/ تغلق قلبي وعينيّ
وفمي بالرمل/ تغلق النوافذ التي تفتحها القنابل/
والقصفْ/ وتغلق صدري/ تنحت فوقه الكوابيس
تغلق الأقلام/ والدفاتر/ الكتب/ والمنابر/ هي
الريح/ أو الريح/ أو الريحُ/
رمانة القلب ناشفة من بكائية لا تغادره
من صباح الغيابِ
إلى ليلة القتل:
حتى صحارى الركامْ
ـ لا يراني أبي.. أو يظنُّ بأني أجيء
لا يراني أحبة قلبي
يردن ارتحالي القدمَ
تراني التي طرزت قلبها..
غير أني أشاغلها في التوقع
أسألها.. أن ترد الستائر عن شرفتيها
فتنهض مشغولة بالحرير.. ومشغولة بالرصاص
ومشغولة بالحديد.
ومشغولة بالعذاب الوضيء المرادف للروح
والحبِّ
تهجسُ
لا تكون الجبال على رؤوسها/ ولا يكون
البحر سماء/ ولا السماوات بحاراً/ أو
الطيور زواحف/ ولا السلاحف طيوراً/
ولا المرأة رجلاً/ ولا يكون الرجل امرأة/
ولا الناس قطعان مواشي..
ـ لا أقولُ سوى ما تقولين ما قلت.. قد علمتني
الحروب الهروب
الجنازات.. مثقلة بالخطايا..
ومثقلة بالذنوبِ
فلا تقفي في فراغ المسافة بين التراب
وبين الهواء..
دعيها تمرُ
وهاتي جناحيك كيما أحلق أبعد من موسم
الموت هذا..
إليك.. وأنت تردين عنك الذئابْ
1 العوديسا عمل شعري طويل مكون من عدة أناشيد والعنوان مركب من العودة والأوديسا.. وهذا واحد من أناشيده.[/align][/cell][/table1][/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|