مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي
فصول حب
كان الحب خريفا، كل أوراقه متساقطة أرضا، وقد تعرت الأشجار من وريقاتها، وغادرتها ثمارها، فظلت فروعها والجذوع يلفحها الجو بطقوسه، وحل الشتاء وتساقطت أمطار، فأينعت عن بعد وردة بلون شديد البهاء لا يماثله لون في الدنيا، لكن تلك الوردة كان عطرها يفوح بكل ركن في البلاد، ومع ذلك لا يزعم أحد على قطفها، فمنهم من رآها شائكة وخاف أن تدمي أنامله الخشنة، ومنهم من فضل أن ينظر لجمالها ويشتم عطرها الفواح عن بعد كي لايؤذي جمال الطبيعة، وفي آخر شهر من فصل الشتاء، تلاقت روح الوردة مع روح شجرة بعيدة كادت تفقد الأمل في الكساء مجددا بعد ذلك الخريف الذي حرم الوردات والزهرات المحيطة بها من ظلها... وتساقطت أواخر قطرات غيث الشتاء وتقابلت الروحان ... استأنستا، وكلما تهاطل الغيث كلما وفرت الشجرة ظلها للزهرة التي تعلقت روحها بها من مكان بعيد، وكلما تساقط الغيث كلما عم عبق طيب من الزهرة الجميلة ليملأ كوكب الأرض، وحل الربيع، فكان العناق، تعانقت الروحان، تلاحمتا، عن بعد همستا حبا، أيعقل أن يتم حب بين شجرة ووردة/ زهرة؟ منعت الشجرة ظلها عن كل المريدين، عن المارين والزائرين، منعته عن وردات عرفتهن قبلا، وعن زهرات لمحتهن أخيرا فلم تهتم؛ وأوقدت شموع الحب وأضاءت بكل الكواكب شموس الحب..
وأغصان الشجرة وجذوعها وكل ما فيها يراقص ساق الزهرة وأوراقها في نشوة وطرب .. وصارت الشجرة لا ترسل ظلها إلا لتلك القريبة البعيدة، لتلك التي سكنت القلب، فتلاقت روحاهما معا وسط الأرض وبين السماوات ، وها قد جاء الصيف، واشتد لهيب الحب وحرارة الشوق ورغبة اللقاء تشوي كليهما، لكن الشجرة أجهدها الحر فكانت تحتفظ بالظل لنفسها وصارت تتمنع من أن تظلل وردتها، بل قد أصبحت ترى أنه من الأفضل أن تظلل وردات أحطن بها وهن أقرب إليها، أما تلك التي علقت بها روحها فستظل هناك بعيدة وستجهدها وهي ترسل لها كل مرة ظلا لتحميها به، صفرة الشمس تذبل الزهرة، لكن عطرها ما زال يحافظ على عبقه الجميل، النسيم الذي ينشر صداه بكل البلاد.. أوشك الصيف أن ينقضي، وبدأ الخريف يطرق أبوابه من جديد .. ذبل الحب وتساقطت أوراقه صفراء بنية يدوسها المارون بأقدامهم دون أن يقرأوا سطورها، دون أن ينتبهوا لأنهم يدوسون قلب زهرة تناثر أشلاء..
وقبل مقدم الخريف حل الخريف فقد كانت الشمس شديدة الصفرة صيفا أحرقت الحب اليانع الطري قبل أن يتم نضجه، أحرقته لأنه ما كان معقولا أن يكون بين شجرة وارفة الظلال وبين زهرة .... تحتاج لظل .. أحرقت الشمس بلهيبها كل حياة.. واصفرت الدنيا، وتساقطت الأوراق، وتعرت الأشجار... وذبلت الزهرة لكنها ظلت تحتفظ ببريقها رغم الذبول، بعطرها فواحا رغم انحناء ساقها.. وتعتصر ألما لتخرج من ذاتها قطرات الندى فتسقي حالها وتروي حبا بقلبها تحتفظ به لنفسها
ويوما ما ستموت الزهرة البعيدة ، وتموت الشجرة ، وتنتثر أشلاء الوردات والزهرات القريبة ، وتنبت وردات أخرى وشجرات أخرى ، وتنتهي الحياة هنا ليحيوها جميعا أجمل وأجمل في حياوات أخرى .. وتوتة توتة وفرغت الحدوتة ، إن كانت ملتوتة فعليكي حدوتة ، وإن كانت حلوة فعليك غنوة .. جميلة خوخة ذكرتني بقصة خيالية كتنبتها في قسم القصص عن غصن حي أحب غصن مبت فأحياه ... سأبحث عنها وأبعثها لك ..
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد
قرأت قصتك عزة ويبدو ان الرابط بينهما هو حب النباتات لبعضها..
أحبها يشابه حبنا؟
يبدو كذلك خوخة .. الورد عندي أحب الورد !!والورد عندك أحبه الشجر !! فقلوبهم تنبض بماء السماء ، وأنفسهم تزهو بشمس السماء ، وأنفاسهم تختلط وتنسجم في الهواء ، يرسلون قبلاتهم مراسيلا توصلها زواجل الفراشات , ووشوشاتهم تبلغها شفاه النسمات ،، هم أمثلنا كائنات ، أتظنين أنهم بلا حديث أو لغات ؟؟
أما نحن وقد جعلنا للورود لغة وإشارات ودلالات ، فكيف بالله هم ؟؟ وقد خلقوا قبلنا وقبل جميع اللغات !!!..
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي
رد: فصول حب
هل الورد احب الشجر أم أحبه الشجر؟
هي الطبيعة تزرع حبها فينا... تلك الطقوس التي تعيشها الطبيعة وذاك الجمال الذي تتزيى به ... وكل ما في الطبيعة يجعلنا نلامس الحب وإن لم نعشه عشناه للطبيعة ومع الطبيعة.. جبالا وأنهارا وبحارا ووديانا وترابا وأرضا وشجرا ووردا.....
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد
هل الورد احب الشجر أم أحبه الشجر؟
هي الطبيعة تزرع حبها فينا... تلك الطقوس التي تعيشها الطبيعة وذاك الجمال الذي تتزيى به ... وكل ما في الطبيعة يجعلنا نلامس الحب وإن لم نعشه عشناه للطبيعة ومع الطبيعة.. جبالا وأنهارا وغحارا ووديانا وترابا وأرضا وشجرا ووردا.....
لا أعلم من أحب من أولا لكن أعلم أن لكل قلب زرق من الحب يستطيع به أن يحب كل شيء .. وأن يبادلها الحب كل شيء ..
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي
رد: فصول حب
عندما تقولين " لا أعرف من أحب من أولا" يعني أنهما معا أحبا.. لكن سؤالي: أيهما أحب؟ ألا يبدو لك أن أحدهما كان أقوى حبا..
الحب في الأرض بعضُ من تخيلنا لو لم نجده عليها لاخترعناه
نزار قباني
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد
عندما تقولين " لا أعرف من أحب من أولا" يعني أنهما معا أحبا.. لكن سؤالي: أيهما أحب؟ ألا يبدو لك أن أحدهما كان أقوى حبا..
الحب في الأرض بعضُ من تخيلنا لو لم نجده عليها لاخترعناه
نزار قباني
أكيد كان حب أحدهما أقوى وأكبر ، لكن من منهما ؟؟ هنا نحتاج أن نسألهما ؟؟؟
لكن برأي متواضع أقول :
ربما الشجرة أقوى حبا لأنها كانت تجهد في إعطاء الوردة ولا تبالي بجهدها إلا أن تحب وتعطي الوردة ما لم تطلبه !!! وربما الوردة أقوى لأنها تعلقت بحب الشجرة البعيدة ، وعاشت بخشية فقدانها ،، حيث أن الشجر البعيد ربما لن يفعل ! يبدو أني عدت للمساواة = مرة أخرى دون أن أشعر !!
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي
رد: فصول حب
كلامك جميل عزة.. وأعجبني النقاش.. احبه هكذا أن يطول..
في البداية يا صديقتي كنت أزعم أن الوردة كانت أقوى حبا هذا إن كان هناك حب من الشجرة.. كنت أراه مجرد إعجاب بوردة بعيدة أرادتها لها كما هي الورود المحيطة والمجاورة فلما لم تتمكن من اقتلاع جذورها منعت عنها الظل فغضب الطقس وحل الخريف قبل وقته بأيام ليعري الشجرة من أوراقها التي تتباهى بها.. بينما الوردة تعتصر حالها لتسقي جمالها بقطر ندى..
.. بعد قراءتي لكلماتك أقنعتني نوعا ما ان الشجرة حبها قوي أيضا لكنها ربما متعجرفة بعض الشيء.. ألا تبدو لك كذلك؟! هيهييهيهيهيه