تداعيات مجنون رسمي 13 أو كم تعبوا أهالينا
كان النذير الذي ينفخ في بوق الأيام… يبشّر بتوحّد الإنس والجان في جبّة الكلمة الملائكية ... فلا ينطق عن الهوى ولا يهاجم الصمت الذي يكبر في الطقوس...كان الناموس الذي يؤسس شرعة الحبّ... ودليل براءة اختراع الصنف والنوع،والعدّة،والعدد،ورقاع الجهد النوعيّ...كان الوقف الذي تركه الزمان لأمان الشعب من رعب وتعب الساعات... وتعويذة للهاربين من جحيم العكس، ولوكس، ورجس الحالمين بتبني الفكرة المرّة... والحجج الدامغة على تورّط الروح في تاريخا نية الحبّ...كان سبب الرّحيل إلى حيل الغرابة في غربة دائمة.. لم تهادنه يوما... كما لم يخذله لونه الأصيل ... دليل تجذّره في الأرض الماثلة أمام عدالة التاريخ...
كان مرزبان حان المقبرة ... يقدّم للموتى كؤوس ترياق الخلود... للحلم المولود من رائحة عرقهم الكريهة عند أهل الحلّ والعقد... ويتندّر وهو متدثّر بعباءة النشوء والارتقاء، لينذر بالحلقة المفقودة من حسابات الموهومين،مدللي الأيام الخؤونة ... يبلى في تحوير وتغيير' ألهو'' بإلهي '... ويحرر لسانه في أمان الله وحده... ليعمّر في الأعذاق ...وفي ذاكرة شعب طيّب الأعراق...
كان الذي يؤمن بنعيم الخوف... في إنتاج الصدف السعيدة... عبر مسالك الخمرة الوطنية... المعلّبة بروحه التائهة في خضمّ أصوات أحرف سحريّة...ناكرة عن التفّه وجودهم أصلا ...في صلوات الليل المدلهمّ ...الذي يغشّ أصحاب النفوس المريضة بفرح مفترض... وأنس مزعوم... وانتصار رجعي... بينما يغطّ فكرهم في نوم أهل الكهف ...'فأغشيناهم فهم لا يبصرون'...والسدود التي تحجب البلاد عن بصيرتهم ... تردّ صوت الخفافيش حتى لا تصطدم والجدران الإسمنتية المسلّحة ... تلك الخفافيش نفسها التي تغنّي على وتر أبواق الدعاية ... وتتنفس رقّ...كان له من الوقت ما يكفيه ليعانق الزقّ و، وقينه الله وسقياها ... وله في الذاكرة صور عن حفل تخرّج أول دفعة من شهداء الخبز... ذخيرة للانتشاء...والغناء بصوته الرخيم عن حورية من جحيم... لكأنه نعيم الوطن المنشود... أو قدود تتدحرج من أعالي وتر الحكايات البسيطة...همّا، أو وهما، أو سأم يستأنس برؤيا خراف الخرافة ... عن ثقافة تستوعب جهل المبادئ... وتغييب الوعي اللازم لتحويل وجهة الزمن إلى علّيين ...
كان يسخر من طوله والعرض... اللذين لا يستهلكان أكثر من سنتيمترات...لا تحجب حتى ذبابة أنف' الأيام الخوالي التي لم يعشها بعد '... ليرافق "نيتشه" إلى القوّة الكامنة في القوّة ... المعشّشة فيه ...وكان يعاصر ترّهات... هي حمل المغفّلين الذين يرزحون وينوءون بحمله تفاخرا ... يتقاسمون أدوار العرّيّفين لكأنّهم عرّافي ريف قصي يغيب عن خارطة أعين الله ورحابة صدره... فتراهم يتقاذفون أرجلهم هرولة خلف من يصيح فيهم هازئا " أنت عظيم...أنت مفخرة الشعر والنثر...ودفاتر الكرّ والفرّ...والغرف من المال العام باسم التأدّب والإبداع " ولي الصبر،والصبر،والصبر ...حتى أكمل أيامي بخير وعافية ...
كان لا يقوى على حمل الضغينة... لكن لغة الحسم هو عقابه...وبيانه الفصيح...والطبيعي لكل من تسوّل له نفسه محاولة التطاول والتجاسر...لذالك تراه أجمل في وحدته الفاعلة ... فالوقت ثمين لايهدر في ضيق، وقلق، ناتج عن تبلد، وتكلس، وتحجر الأدمغة الوطنية ... و لو كره الكارهون ... هو الحلم الأزلي الجميل ... العاشق للكمال، والندرة والتفرّد... في روعة المبدع الأصيل، المتأصّل، والمتجذّر في عمق الشعب.. الذي لا ينتهي في شخصين أو أكثر بل الكلّ بما هو عليه من خير وشرّ ... من حقارة ،وقذارة،ونبل،وأنفة،وعزّة نفس، وكرامة...
كان الزّاهد الأبدي وله في البال والقلب أغاني لليل بلديّ بديع ... كثرت رقاعه بقدر كثرة نجومه... وله آلاف النوادر عن تعساء عاشوا وما عاشوا ومات منهم من مات وما مات ... ستغسلها مطر أواخر الصيف... هذا الضيف العاري تماما كما يشتهي الإنسان الحقيقي أن يكون أمام خالقه ومخلوقه... أيام لا ينفع فيها لا مال ولا بنون ...وله طبيب خاص يقيه شرّ الانفلات العقلي إلى أقصى'ويل للمصلّين'...يتطيّب بعطر الرّوح لئلا في قريش... وحتى 'ألم نشرح صدرك'...
هوا العبثي ،السريالي، البوهيمي ،العاشق الأزلي لكلّ سمراء من قوم أحمد... بها بضاضة،وغضاضة، وتغنّج، ودلال،وأنوثة لا يدرك سرّها سوى خالق الكلمات ... هو لا يزنى ألا بإذن الله... فانتظروه في القصيدة ، أو في وشاح على صدر غانية من القبح الجميل، والشرس،الوحشي ،المتوحّش الذي لا يعرف كنه جماله وسرّه سوى المريد ... وله المزيد من الخصال.. وله المآل.. وانعدام السيولة ـ المال ـ.. لكنّه رمز الجمال الإلهي'من شرّ حاسد إذا حسد '... فابتعدوا يا نكد الأيام الذليلة ... ليرى مالك الملك... فيه ... وعلى لسانه ينطق البيان..وعذب الألحان ... عن الإنسان والإنسان... فقط الإنسان .../...
وإلى هلوسات أخر. إلى من يلهمه الأمر
المختار الأحولي
تونس صيف2009
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|