[طلعت سقيرق]

[align=justify]
كثيراً ما يسألون وبشيء من الإلحاح: لماذا لم تكمل ما كتبت عن الشعر الفلسطيني المقاوم بعد كتبك الثلاث؟؟ والسؤال بطبيعة الحال يسوق إلى الكثير من الإجابات أولها أنني ما توقفت عن الكتابة عن هذا الشعر من خلال مقالات كثيرة نشرت هنا وهناك في الصحف والمجلات، وثانيها أن شعر هؤلاء صار شبه منتشر وإن عن طريق شبكة الإنترنت، وثالثها أنني إضافة إلى ما أقدم وسأقدم، أتمنى أن يشارك آخرون في هذه المهمة، إذ لايكفي أن أبقى وحيداً في الساحة لأن وجهة النظر الأحادية، تبقى بحاجة إلى الكثير من الرفد والتصحيح، مهما ادعى صاحبها الكمال.. فتعدد الجهود، يعني تعدد وجهات النظر، والتوسع في نشر ما نريد نشره وإيصاله..
الافتقار إلى المادة، رغم صحة جانب منه، فإنه لم يعد حجة تدعو النقاد لترك الشعر الفلسطيني المقاوم، بل الأدب الفلسطيني المقاوم، في حالة حصار.. إذ يستطيع كل واحد منهم أن يصل إلى مادة واسعة كبيرة عريضة من خلال شبكة الإنترنت وسواها.. ونعرف أن أدباء الداخل صاروا يهتمون بل ويعملون على إيصال أدبهم بكل السبل الممكنة، وما على الناقد إلا أن يتلقى المعلومات ليبدأ الكتابة ووضع القيمة والعمل على إيصال هذا الأدب إلى الجمهور العربي العريض..
عندما بدأت الكتابة عن هذا الشعر قبل سنوات طويلة، وصدر كتابي الأول »الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني« عن اتحاد الكتاب العرب عام 1993، بعد عشر سنوات من الجهد نقلاً للشعر ومتابعة، كانت المصادر جد قليلة بل نادرة.. وكنت أتحدث في الإذاعة عن شعر كان مجهولاً بالنسبة للمواطن العربي، وعن شعر لا يعرف عنهم أي شيء.. السنوات العشر التي قضيتها قد تختصر الآن لتكون أشهراً أو أياماً.. فتصوروا الفرق بين هذا وذاك.. كنت أذهب إلى مؤسسة الأرض بدمشق بشكل يومي لأنقل بخط يدي من صحف مجلات الوطن المحتل بعض ما يتوفر من شعر.. ومضت سنوات عشر.. الآن يكفي أن تجلس خلف شاشة الكمبيوتر وتضع العنوان في أي محرك بحث ليأتي لك بمعلومات لاحد لها.. فلماذا لايقوم النقد فعلاً بتقديم ما يجب تقديمه، مادام الأمر قد صار جد يسير، وما عاد بحاجة إلى سنوات وسنوات من العمل اليومي؟؟..
كما أسلفت، مازلت أكتب وسأبقى عن الشعر الفلسطيني المقاوم، ويشغل ذهني الآن الشعر الفلسطيني في المنفى وقضية الكتابة عنه.. لكنني ما أزال مصراً على ضرورة تضافر جهود الكثيرين لنقدم تعدداً في وجهات النظر، ووصولاً أوسع وأشمل لأدب الوطن المحتل.. نقادنا كثر، وهم يكتبون عن كل شيء.. فلماذا يتناسون الشعر الفلسطيني المقاوم، أو الأدب الفلسطيني المقاوم.. لماذا لا يكتبون كتاباً واحداً عن الشعر الفلسطيني في المنفى؟؟.. هل هو الخوف من التعب وبذل الجهد أيضاً، حيث يحتاج شعر المنفى إلى الكثير من المتابعة والجهد.. لا بأس ليتناول كل ناقد فلسطيني الأدب الفلسطيني في البلد الذي يعيش فيه.. عندها تجتمع لدينا صورة متكاملة عن أدب المنفى المنسي والمتروك حتى الآن، وكأن النقاد قد تجاهلوا تماماً هذا الأدب الواسع الشاسع.. وهذا لايعني طبعاً أن نهمل إتمام رسالتنا عن أدب وشعر الوطن المحتل.

[/align]