على صهوة بيارق النصر الآتية من رياح الجنوب، أسرجتُ أحلاميَ الصغيرة.
حمّلتُها وشائج صلاة معبأة بطيوف مليون ابتسامة ماتت قبل أن ترسم سحرها على شفاه أطفال كادوا أن يقضموا بوابة الحياة.. وأثداءٍ سجدت على حلَماتِها قطرات من حليب.
بدأتُ الرحلة قديماً، مذ كنتُ أمارس طقوس الولاء لـ "هُبَل، ويَغوث"، تقفز من محجريهما بلاهة صمت، يُقارعاني كؤوس النشوة الغبيّة من كفيّهما الحجريين، فأشرعُ سيفي أحميهما من كل سوء.
كانت على سريرٍ من فضّة، تتمايل كغصن قصب، وتنثر ما استطاعت عطرها الياسميني، وبراءة سحرِ من عينين غزاليتين كانتا لمهاةٍ بريّة يوم كانت غابات النشأة الأولى تظلّل أحلام العاشقين.
تساقطت الحجارة مني، كان الطريق موحشاً، والسكون يطوي تحت جناحه الموحش فزعي.
هل هو الوطن ذلك الذي يتسرب نقطة نقطة من صنبور ما أحسن أبي إغلاقه..؟ كل نقطّة تطرق على أرض الحقيقة دهشة موجوعة، فتبعث صدىً عَفِناً على كرامة الصامتين..
تعبث نسمة هاربة من هجير صيف أمطر جفافاً على الغلالة البيضاء الشفّافة، تداعب برفق سكون الستائر الذهبية العائدة على جناح موجة إلى برجنا الساكن أعلى شرفات الصمود.
تتزاحم أزاهير فوّاحة ارتقت صعوداً من مكان كان قبل عمر مقلباً للقمامة، وصولا إلى شرفة عالية.. وأنا.. وهي نكمل ألوان اللوحة، وندمن السكوت.
يا مملكة الزائفين.. هلا ألقيت غبارك في وجوه الساهرين حتى يكفوا عنّا.؟
شبحان معبآن بخشية الآتي على حافة سريرين ومرآة.. ودخان سجاير ترسم دوائر محشوّة بكلمات لم تصعد بروج البوح.. ونصفا درّاقة شهيّة يتضوّعان بين كفّين حائرين..
طاولة وكرسيّان وشرفة، وذراع تكسر حاجز الذهول، ولا تصل إلى مواطن الروح.
نافذة وباب ينام خلفه الخوف.! ونزيف خوخة حمراء تصبغ شقوق الشفتين بلون الدم.!
وأنا أعشق لون الدم..
تتسرب من كبدي حبيبتي..
الحروف الدافئة التي كانت تبعث في ريح الصدفة بوحاً شفيفاً، ها هي تنسلُّ حرفاً حرفاً من ظلال الستارة، لتعلنني غريباً في عالم موحش.!
كما يحتّل المساء مساحات النور، تتساقط عن الستارة دمعتان.
وبين خطوات الانتظار الذابح لفراق وشيك، يعلن موسم الوحشة حضوره.
الصيف يصرع أجنحة العصافير
وعينان تغزلان حكايات ما أبصرت في الحقيقة غير أقانيم النور
وأنا بينهما صريع لهفتي
نقطة الماء تفرش اخضرارها بين خطواتي
وأبي يزاول البحث عن نصر يأتي من أصنام محنّطة.!
كانت فراشات البياض تحمل بشائر نور آتٍ على موجة جنوبية.
حبيبتي تغادرني، فأعود إلى صومعة الانتظار..
"هُبًل" يطرق أبواباً أغلقْتُها منذ تفتّحت عيناي على وسادة الحقيقة، يوم أحرقتني دمعات صبّت قهرها على وسادتي مع أغنيات أمي الموشّحة بعذوبة ليس لها مثيل...
معاول كثيرة تنصرُ ضعفي، تنهال على بقيّةٍ من ساجدين تحت أقدام الصنم الصخرية.
وأنا.. أعود إلى حيث كنت، أسمع نشرات الأخبار، وأفتّش عن صور ليس فيها أطراف مبتورة، ولا وجوه مسحوقة..
فهل أنسى تلك التي بعُدت عني، أم هذا الألم القريب المعشش فيَّ.!؟
امام هذا النص الباذخ الجمال أقف تلميذة مكتوفة الأيدي
تحاول قراءة الحروف .. تبحث عن النور والضياء بين هذه الحروف
كلما اقتربت وحاولت أن أضم بين يدي حزمة نور أجد هناك بين السطور حزما ً أكبر
ألهث خلف الحروف ولا تسعفني ذاكرتي كي أحفظ منها شيئا ً .. لكني لا أيأس وأستمر
في محاولة القراءة حتى تضيء هذه الحروف قلبي وأشعر أني امتلأت بحروف من نور
" نقطة الماء تفرش اخضرارها بين خطواتي
وأبي يزاول البحث عن نصر يأتي من أصنام محنّطة.!
كانت فراشات البياض تحمل بشائر نور آتٍ على موجة جنوبية.
حبيبتي تغادرني، فأعود إلى صومعة الانتظار..
"هُبًل" يطرق أبواباً أغلقْتُها منذ تفتّحت عيناي على وسادة الحقيقة، يوم أحرقتني دمعات صبّت قهرها على وسادتي مع أغنيات أمي الموشّحة بعذوبة ليس لها مثيل..."
شكرا ً استاذي الفاضل عدنان .. لقد أمتعتنا وأدهشتنا وأطربتنا بهذا النص الجميل
ربنا يديم عليك هذا الإبداع وننتظرك في نص جديد فلا تطيل علينا الغياب
الصديقة ميساء
ذائقتك الأدبية والإبداعية تضيف إلى كلماتي وحروفي حزماً من ضياء
أشكرك، فقد أسبغت عليّ طيوفاً من شدو شفيف، فأسعدتيني
لك كل الأمنيات الطيبة
ولتسلمي
ع.ك