تقرير فرنش (من مواد الموسوعة الفلسطينية – القسم الأول- المجلد الثالث ):
كانت الحكومة البريطانية ترى في إرسال اللجان إلى فلسطين خير وسيلة للتسويف والمماطلة إزاء مطالب العرب بإيقاف الهجرة اليهودية ومنع انتقال الأرض العربية إلى الصهيونيين .
وتنفيذاً لهذه السياسة عهدت حكومة حزب العمال برئاسة ماكدونالد سنة 1931 إلى لويس فرنش مدير التحسين والعمران في وزارة المستعمرات البريطانية بأن يدرس التدابير التي من شأنها وضع مشاريع التنمية الواردة في تقرير سمبسون سنة 1930 موضع التنفيذ . وقد رصدت الحكومة البريطانية مبلغ 2,5 مليون جنيه لمهمة فرنش وما سيتبعها من تنفيذ خطة زيادة إنتاج الأر اضي في فلسطين على مدى السنوات الخمس الأولى .
قدم الخبير المذكور إلى فلسطين ونشر تقريرين في أواخر عام 1931 وأوائل عام 1932 . وقد عالج في أولهما بعض ما يتطلبه الإتساع في مشروع التنمية , وناقش في ثانيهما الترتيبات الممكنة لتنفيذ سياسة الحكومة . ولكن ما كادت حكومة العمال تسقط حتى ألغت الحكومة الإئتلافية الجديدة المخصصات المالية المرصودة للتنفيذ وظل تقريرا فرنش مهملين في مكتب وزير المستعمرات المحافظ المستر ليستر الذي ذكرت الأوساط الصهيونية أنه كان يبدي تفهماً شديداً لمسألة الوطن القومي اليهودي في فلسطين .
وجاء التقريران مؤيدين بصورة عامة للحقوق العربية . ولكن الحكومة البريطانية لم تسمح آنذاك بنشرهما كيفية التقارير الرسمية فلم يطلّع عليهما إلاّ نفر قليل من المسؤولين الإنكليز , وقد جاء في بعض فقراتهما :" لو لم ترتكب الحكومة خطأ عظيماً في سياستهما حين لم تحافظ على حقوق ومصالح العرب في الماضي والحاضر لما رأينا مشكلة المزارعين الذين لاأرض لهم ".
" يجب على الحكومة المنتدبة أن تعمل حالاً , وبجد , على إيقاف انتقال الأراضي إلى الصهيونيين . فقد سنّ في إنكلترا نفسها قانون مماثل لحماية الفلاحين الإنكليز".
" إن احتياجات الفلاح الحيوية قليلة , فعيشه بسيط , وفقره في ازدياد , وأرضه قليلة المساحة , وقيمة محصولاته زهيدة . وما دام الفلاح غير مطمئن على مصيره فوق أرضه فلن يجد في نفسه ما يدفعه إلى تحسين وضعه بتكثيف زراعة أرضه . إنه لا تعوزه الهمّة ولا ينقصه النشاط . وعلى العكس من ذلك لا يملك من
يتصل بالفلاحين ويحتك بهم عن كثب إلاّ أن يعجب بضروب النشاط التي يبدونها بلا كلل لتوسيع أراضيهم الزراعية وإحياء الأقسام الجبلية وتعميرها تحت ضغط زيادة السكان ".
وقد انتقد فرنش في تقريريه ما يقاسيه الفلاح الفلسطيني من وطأة الديون المتراكمة عليه وبيّن أن الحكومة لا تعمل شيئاً لتخفيفها عنه وإنقاذه من جشع المرابين .
ثم طرح هذا الخبير البريطاني مشروعاً لحل مشكلة المزارعين العرب الذين غدوا بلا أرض بعد أن استحوذت عليها الشركات الصهيونية . وأساس مشروعه أن تُستملك أراض فتحفر فيها الآبار وتزرع بأشجار الحمضيات ثم توزع على العائلات العربية فتنال العائلة عشرين دونما , وتجمع كل خمسين عائلة في قرية على مساحة 1,000 دونم . وتُزود القرية بالأدوات اللازمة ويدّرب سكانها على الزراعة الكثيفة ويجري تموينها وإمدادها بما تحتاج إليه في السنوات الأولى إلى أن تنمو الغرسات وتجود المحاصيل .