الذهب و أحلام الخيمياء و الإلدورادو
حكى الإغريق في أساطيرهم عن الملك ميداس ,رغم كل ماكان يملكه من مال و جاه و
نفوذ ,أنه إشتهى يوما مزيدا من الغنى و الثراء و تمنى أن يتحول كل ما يلامسه إلى ذهب خالص.
لكن بعد أن كان له ما أراد أحس بالنقمة التي صار ضحيتها;فأطيب الفاكهة صارت تتحول بين يديه إلى قطع ذهبية صلبة و أنعم الأشياء التي يلامسها صارت تنقلب إلى أشياء ذهبية لا تلتوي ولا تنطوي.
لم يكن أمام ميداس إلا العمل بأمر ديونيسوس ,إلاه الموت و الحياة و الخصوبة, للتخلص من الأمنية التي تحققت فعذبته و أرقته.
فقصد واد باكتول كما أمره ديونيسوس وغسل يديه في مياه الوادي فلغيت أمنيته لكن رمال الوادي تحولت إلى حبات ذهبية.
ومن هنا وجد تفسير أسطوري لوجود الذهب في مياه بحيرات و أنهار و وديان.
الكثير منا عندما يسمع أويقرأ هذا الربط العجيب بين المياه و المعدن الثمين الذي لا يفتك به الصدأ ولا القدم, يتذكر مشاهد رعاة البقر و هم يقضون يومهم في غربلة الرمال و تفحص ذراتها لعلهم يجمعون كمية ولو ضئيلة من المعدن.
الأمر يبدو ربما سخيفا وقد نرى فيه نوعا من الإستيلاب أوالإستسلام لفكرة مسيطرة على الذات البشرية.
لكننا إذا علمنا أن أحد الأهداف من الرحلات الإستكشافية الأوروبية كانالبحث عن الذهب فإننا قد ننظر للأمر من زاوية أخرى.
فحلم الغنى و الثراء جعل الإنسان يقطع بحورا ويكتشف قارة جديدة بل ويبيد أقواما.
فهذا هرنان كورتيز ينطلق من إسبانيا ويبحر إلى العالم الجديد ويكتشف ثروات الأزتيك في المكسيك ,ليتغول
في دروبهم وهم الذين استقبلوه كمبعوث طيب في البداية لكنه هو لم يتوانى عن نهب ذهبهم و حين قاوموه و حاربوه دمر أجمل مدنهم و قتل في إحدى المعارك ما يناهز 240000من الأزتيك و أخضعهم بل وخنق حضارتهم.
لكن كل ذهب الأزتيك لم يكفي كورتيز فقد استمر في إخضاع أناس و اكتشاف ونهب ثروات من أماكن أخرى في العالم الجديد فتعرف الإسبان على خليج كاليفورنيا و سموا النهرالذي يصب هناك "الكلورادو".
الذهب الذي يتحدى بلونه وتركيبته عوامل الطبيعة و تفاعلات الكيمياء ,رأى فيه الفراعنة تكميلا لرغباتهم في الخلود و صك منه ملوك الرومان نقدا يعبرون به عن مجدهم , سهر الخيميائيون وتعبوا لكي يصنعوه من الرصاص أو معدن أقل تكلفة و حكيت عنه قصص الإلدورادوا و مغامرات القراصنة.
الذهب جعل شعوبا تستعمر بل و تهلك و نساء ا تحلمن و ربما تحقدن و لصوصا عالميين يخططون من أجل نيل لمعان لا يتأكسد و لا تنتقص قيمته.
Nassira
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|