التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,821
عدد  مرات الظهور : 162,197,302

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > هيئة النقد الأدبي
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 29 / 12 / 2013, 37 : 07 PM   رقم المشاركة : [1]
عادل سلطاني
شاعر

 الصورة الرمزية عادل سلطاني
 





عادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

((( القاص فيصل الأحمر ساعة حرب ساعة حب -نحو مقاربة سوسيوثقافية بقلم عادل سلطاني)))

سبر غور كراسة المحقق في يومه الثالث الجزء الرابع

تمنى المحقق أن يعرف قيسا أكثر فأكثر بعيدا عن السطوة الآلية لوسائل القهر السلطوي خارج الإطار الذي يمارس فيه وظيفته كمحقق تلفزي خارج إطار التوثيق في مطلقه ليغوص في رحلة بديلة لسبر عالم هذه الذات الساردة المحورية الرمز التي قرأت كونفوشيوس والطبري والمسعودي وأبي حامد الغزالي وأرنولد توينبي ونيتشه وألكسيس كاريل وهتلر وشي غيفارا وميشال فوكو وتشيز وجيمس هادلي ليتساءل مبتسما حينما تفحص عيناه سر قيس وليلاه أهما حقيقة بنفس الجنون القديم وهل مازال في أيامنا التي تخنقها السياسة والمد التاريخي الحالي شيء من ذلك السحر الأسلافي القديم ؟ في محاولة امتلاك تلك الذات وتطويقها من خلال آلة تصوير أخرى غير التي ألفها تغوص في أجساد الكلمات التي يقرؤها في بطون الكتب تطلع على خفايا قلبه صائما وقائما يصلي صلاة الجنازة على الوطن الميت المغتال فهو يريد "آلة إلها" تعلم الخفايا تعرف فيما يفكر ترصد كل صغيرة في تفصيلات حياته اليومية من أدعيته قبل نومه إلى مخطط لذته الجنسية إلى موديلات السيارات التي يشاهدها على صفحات المجلات الأجنبية إلى تذمره من واقع يرفض طلبات التوظيف إلى الأكلة التي يحب إلى درجة اشتعاله لرؤية ليلاه وتمتعه بالبحر وغضبه من المجاهيل الذين يتبوأون مسؤوليات مهمة في سلم الدولة ، أين تحاول هذه النبرة السردية الغوص في الذات الحوارية المحورية بعين المحقق لمعرفة التناقض الحاجي الذي يبحث في ماهية إشباعات مختلفة تعكس بدورها هامش الحرية المتاح بعيدا عن مقص الرقيب وسلطة القهر الأعلى المطبق على المهمشين في العشوائيات المهمشة النائية (أنظر الصفحتين التاسعة والثلاثين والأربعين) ، أما شهادة المدعو عمار لبيض "رجل أعمال" فيستهلها بهذا المقطع السردي : قيس بوعبدالله ؟ ... سأروي عليك قصة لاعلاقة لها بقيس الذي أعتقد أنني أعرفه جيدا إلا أن القصة التي سأرويها لك تثبت العكس تماما ...[1] أثناء المشهد الحلمي اكتشف السارد نفسه خمس مرات رأى وجهه كما يزعم في خمس مرايا صادقة ولكن لم تكن أي واحدة من تلك الأنوات هي ذاته فعلا أو كانت هو تماما فصوره الحقيقية الخمس كانت كلها مختلفة ( أثناء الحلم باغتته الصورة الأولى حين الانتقام من زميل له بعد أن قال كلمة أولها هذا الأخير تأويلا جنسيا فضحك رفاقه فعاقبه بشدة ووحشية ولذة كبيرة لم يتصور أنها ستصدر منه مع الحفاظ على هذه اللذة الانتقامية بعد الاستيقاظ من النوم) ، أما المشهد الثاني فيسرد سلوكا باغته أيضا على طاولة الغداء ليجد نفسه مقحما في قضية لايمكن أن يفصل فيها إلا سي عمار هذه الذات الساردة أين شعر بالتعالي والكبر مصطنعا لذاته قناعا رهيبا ليكون في مستوى توقعات قريبه ليحكم بعد أيام على سلوكه بالتفاهة والحمق وعدم الفائدة ، ليجد نفسه مملوءا حماسا إلى درجة رهيبة أثناء إشرافه على حفلة الزواج تلك نسي في غمرتها شرب قهوته المعتادة ليشعر بقيد التزامي إزاء هذا الحدث الفرحي لأن العرس في نظره يحتاج شخصه وحضوره فامتلأ غبطة وسرورا لأنه مهم بالنسبة لمن حوله ، أما في المشهد الثالث فكان يحاول النوم ليلا ليباغت بابن أخيه يحدث ابن أخته واصفا هذه الذات الساردة بالشخصية الشهوانية من خلال نظرات العم المتلصصة على الشابات العابرات من سيارته ولا يستبعد أن عمه يحلم أحلاما غريبة ويسلك في الأساس سلوكا مشبوها ، ليصل في آخر هذه القصة إلى نتيجة مفادها :" كل ذلك كان حقيقيا من زاوية نظر ما كل ذلك كان واقعا بعين ما فمن أنا الحقيقي فوق كل ذلك ؟ ومن هو قيس الذي أعرفه وأي قيس ستلتقط الكاميرا؟...[2]
يعكس هذا السياق السردي رؤية كل منا للآخر فمهما ادعينا معرفة من نعرف نجد أنفسنا لانعرفهم بالقدر المطلوب من خلال السلوك المرئي الذي لايسمه طابع الثبات بل طابع التغير والتحول وبالتالي تختلف العيون وآلات التصوير حسب أصحابها والأقنعة التي يضعونها ليرسموا لهذا الشخص أو ذاك الصورة التي يريدون ، أما شهادة عبدالله العباسي "رجل أعمال" فتستهل بهذا المقتطف السردي : " أعلم جيدا من أرسلكم إلي ...أعلم أن الكلب ابن الكلبة الذي يكرهني لأنه عجز أمامي في السوق.[3] فهذه الشخصية الساردة تجسد رجل أعمال ثري من البارونات الكبار ليس مجبرا على الإجابة ولكنه سيجيب مبرهنا بأنه لايخاف ولايخشى أحدا ولايبالي بشيء ولاسر لديه يخشى إفشاءه وظهوره والثروة في نظره ليست عيبا ولا النجاح بالشيء المخجل "أنا رجل أعمال ...ورجل الأعمال الناجح هو الذي يجيد قراءة محيطه ويجيد التعامل مع ما حوله.[4] صياد جيد في المياه العكرة استغل الظروف المحيطة كظاهرة الإرهاب لأنها صفقة مربحة مستغلا ظاهرة نزوح الأهالي من الجبال وشراء أراضيهم وممتلكاتهم بأزهد الأثمان ، سمسار قوي من سماسرة الحرب والهلاك والفتنة نصب ذاته كواهب للنجاة لهولاء الفارين الهاربين عنوة وقهرا من جحيم الموت الأحمر الدموي أيام الفتنة العاصفة بالوطن ، فعليهم جميعا أن يشكروا فضله بدل الادعاء بأنه تاجر الموت وعميل الشيطان ورسول الشر وكلب جهنم وخنزير إبليس ، كل هذه النعوت المقززة جعلت أولاده يضطهدون في المدرسة بسبب ثرائه المشبوه أين يعكس هذا الملمح السردي تفشي ظاهرة الكراهية اجتماعيا متغلغلة في نسيج طبقات المجتمع الواحد نتيجة التفاوت الطبقي والتمايز الاجتماعي ، فهذه الذات الساردة السيئة اجتماعيا سول لها جشعها الهيمنة على السوق وكرائه نكاية في المدعو رشيد صاحب الحافلة وليشرب من البحر مستغلا تغلغله وصلاته بمعارفه ونفوذه في دواليب المجلس البلدي كمؤسسة سلطوية لاتحترم القانون بل تكرس الخروج عليه وسيأخذ أشياء أخرى كثيرة حسب شهادته هذه ، فسلطة المال هي من تتكلم لتوجه هذه المؤسسة أو تلك مجسدة هذه الظاهرة المرضية السارية في جسدنا المؤسساتي معلنة عن انهيار القيم الاجتماعية العادلة وانهيار الإنسان وموت العدالة وموت المؤسسة ، ليصم قيس بوعبدالله بالإرهابي لالشيء لأنه يراه بعينه ومن زاوية معينة مغرورا وله طرقه في مخادعة البسطاء المغلوبين على أمرهم ، أما أجهزة الدولة والأمن فإنهم لا يخدعون فمادام إرهابيا في نظرهم فهو كذلك دون شك وإن كان تائبا وهذا لايغير شيئا ، وأنا لاأعرفه جيدا لأنني أرفض التعامل مع هذه الفئة الخارجة عن القانون ...لأنني كما تعلمون لاأعلم ...[5]
أين استغلت هذه الذات الساردة الجشعة قوة المال لتصم من تشاء وتصوره كما تريد ضاربة على هشاشة مؤسساتنا وسهولة اختراقها لتتكلم سطوة المال وقهره في واقعنا الاجتماعي المتخلف المزري حين أمست مؤسساتنا المنهكة مرتعا للفساد والخروج عن القانون تحت حصانة القانون وشرعيته من خلال تكريس ظاهرة فوضى الأقنعة.
أماشهادة عبدالقادر بوفولة " تلميذ سابق ، صديق" فتبين أنهما تقاسما ذات الاسم " المسعودي الشخصية التاريخية المعروفة " وأن قيس بوعبدالله مخترع حلقات الضحك والصراخ التي تعقد يوم الخميس نهاية كل أسبوع غرب مدينة جيجل بعيدا عن ضوضاء المدينة وصخبها وضجيجها والتزاماتها في رحاب الطبيعة البكر على شاطئ البحر خروجا عن المألوف المكرور السائد تكسيرا لحاجز الرتابة الممل المرهق حين يمارس هؤلاء الخارجون عن ناموس الرتابة البليد المعوق التغيير الحلمي الذي يريدونه واقعا لاخيالا ، سباحة في كل الأوقات الفصلية في يوم خروجهم من تيههم المديني تطهرا من دنس المدينة والالتزام لممارسة طقوس الضحك والصراخ تمردا على الرتابي الثابت المتكرر المتناسخ في حياتهم اليومية تحررا وانعتاقا وخلاصا من عبء الالتزام الوظيفي والأسري والموقع والمكانة الاجتماعية وكسر سلطة الواقع ، إنه الخروج على التبعية الاجتماعية وهيمنة نمط الحياة القاسي في مجتمع مدجن جسد القطيعية في أسمى خزيها الوجودي هروبا إلى الأمام بوعي نحو استحداث الأفكار الجديدة المثقفة العالمة العارفة بعيدا عن دائرة الجهل والتخلف والتبعية وإن كانت شاذة بالنسبة للقوانين الاجتماعية التي تحكم سيرورة التاريخ والاجتماع الإنساني ، فهذه الذات الناصة خلال هذا الفضاء السردي الشيق على لسان التلميذ الصديق تعكس ثنائية الشيخ والمريد فقيس بوعبدالله رغم تواضعه الشديد إلى درجة إهمال مظهره يبقى بحرا من المعارف أضفى عليه مريدوه هالة القداسة ليلج باستحقاق دائرة المقدس رغم سلطة الإعلام التي تحاول تدنيسه بصورها العديدة ( أنظر الصفحتين الخامسة والسادسة والأربعين)
أما شهادة عادل نوري زميل قيس في الجامعة المستهلة باتهام صريح :"تريدون اختراع صورة سلبية له ...أنا لا أستطيع المشاركة في شيء كهذا للسبب البسيط الذي هو أنني مثله في كل شيء.[6]" فهذه الشخصية الساردة المشاركة الفاعلة في هذا الحدث الروائي نسخة طبق الأصل للذات الناصة الحوارية المحورية حيث يتقاسم الفاعلان نفس الآمال والهواجس والخيبات متلازمان من المرحلة الابتدائية إلى الجامعية ، عاشا معا نهضة الروح الشبابية إزاء المافياوية السياسية سنة ستة وثمانين وتسعمئة وألف ، من سلسلة الإضرابات إلى انفجار الخامس من شهر أكتوبر سنة ألف وتسعمئة وثمانية وثمانين، حيث ذاقا حلاوة التمرد والحرية كذوات مثقفة ثائرة تتوق لغد أفضل إزاء التهميش السلطوي لإثبات الكينونة الوجودية ، "ما أروع الأستاذ الصغير التافه الذي يحلم بقلب الدنيا بين عشية وضحاها ويحلم بتغيير العالم ...[7]"، فشعور هذه الذات الفاعلة يعكس شعور الجيل بأكمله ،إنها لحظة الإحساس الجميل بتغيير وضع ما ولو كانت هذه القفزة الشعورية التي أحدثها سحر الكرة المستديرة على المستطيل الأخضر بتتويج الجزائر بكأس إفريقيا سنة ستة وثمانين ، حيث عادت دورة الأمل وانتشرت في نسيجنا الاجتماعي ، وهذا المقتطف السردي في الحقيقة يعبر عن الأمل ولو بصورة لحظية في فترة زمنية عاشها الوطن حتى سنة تسعين وتسعمئة وألف التي كانت رائعة باستعادة الأمل الجيلي المفقود، فهذه الذات الساردة تروي آمال الجيل وأحلامه وانتكاساته في مراحل مر بها الوطن ، فهذه المحطات أفرزت ظواهر نفسية واجتماعية عديدة شهدها جيل الاستقلال في رحلة تيهه بين العدم والخلاص ، فسرعان ما يخبو بصيص الأمل والأحلام الوردية لتسحق وطأة الواقع بأعبائها والتزاماتها هذه الذات المعذبة عاكسة بقية المعذبين من أفراد تيه ما بعد الاستقلال إبان تدهور الوضع الأمني ودخول الوطن دائرة الفوضى القاتلة وصراع القوى المتنازعة على السلطة ، فظروف هذا الجيل بأكمله يلخصه هذا المقتطف السردي المعجز:" نعم ...هذه هي ظروفي وهي نفسها ظروف قيس ... فهل ستحقدون عليه أو سترثون لحاله؟...[8]
أما شهادة طارق بوكرمة "موظف" فينقلنا فضاؤها السردي دائما إلى مأساة قيس بوعبدالله التي تبدو حسب السارد عادية طبيعية ولكنها تنسحب على الجيل الاستقلالي بأكمله الذي وعد بالقوة والمال والغد الأفضل في المرحلة البومدينية التي لم تطل ليستيقظ على هول الوفاة الفاجعة وصدمتها سنة ألف وتسعمئة وتسعة وسبعين،ثم محاولة الاستمرار في النوم والحلم مع تغير الأوضاع المحيطة ، حيث انكسر الوهم الحلمي على صخرة الواقع القاسية ، فهذا الجيل المضحي المخدوع المطمئن لايعتبر العذاب عيبا في سبيل بناء جدار يقيه الريح ولكن العيب يتمثل في معاناته من جدار لم يبنه أساسا ليجده منهارا على رأسه ، أما المرحلة الشاذلية فعرفت سماسرة المال والسياسيين الخطرين المتغلغلين في دواليب الدولة وأجهزتها الحساسة وبداية ما يعرف بالخوصصة واستقلالية المؤسسات والانفتاح على السوق العالمية ، لتبدأ مرحلة أخرى بتطبيق أرعن لليبرالية المافياوية الجشعة التي أحكمت قبضتها الحديدية على الموارد من خلال سماسرة المال والسياسة المتصلين مباشرة بصنابير البقرة الحلوب متكئين على الشرعية القانونية والبرلمانية أولئك الذين وضعوا لكل شيء إطارا على مقاسهم يحصرونه فيه مستغلين الظاهرة الدينية وغيرها من الظواهر المتحكم فيها وتوجيهها بيد خفية تلعب بالدمى الغافلة الجاهلة تحرك بيادق اللعبة على رقعة شطرنج الفوضى الخلاقة من خلال ما يمكن أن أسميه "فقهَ التوازنات المافياوية" لخدمة مآرب جشعة ميكيافيلية غايتها تبرر الوسيلة بعد أن أتقنوا قراءة كتاب الأمير الشهير لميكيافيلي وأحسنوا تطبيقه على واقعنا القطيعي المتخلف الجاهل تحت دعاوى مضللة مخادعة معوقة ولاشيء مهم سوى ريع المحروقات المنفق بعد حملهم لحقائب السفر لملاقاة المتع الباريسية الفاخرة والأمريكية المخملية وغيرها ، وليحرق القطيع وبيئته بنار المحروقات ونفاياتها وليتلوث بملوثاتها ، وذلك إزاء الصمت المخزي من ثوار ومجاهدي الأمس والوطنيين الأحرار المتفقين على الصمت القاتل الظالم الرهيب لتفقد ثورة التحرير نهائيا نكهتها ، أما المرحلة مابعد الشاذلية فهي مرحلة ظاهرة الفوضى الشاملة بامتياز عاكسة على السطح الفساد الاجتماعي والسياسي والإداري وغيره من الفسادات الكثيرة الشاملة ، فــــ :" جيل قيس أيها السيد هو جيل الخيبة ... جيل التبعية الأجنبية ... جيل الجوع رغم الثراء ...جيل الفقر رغم الخيرات المحيطة به ...جيل "الحقرة" والظلم الذين يأتيان بأسئلة تؤول إلى الصمت دائما ...أما الباقي فستحدثك عنه شوارع المدينة التي حولك ...أُنظر تر ...وسل تجب ...[9]" يعكس هذا المقتطف السردي حجم المرارة والامتعاض من تهدم الجدار الذي سقط على رأس جيلنا الاستقلالي بعد هبوب الريح التي وردت في هذا السياق نذير شؤم بعتو العذاب العاصف الذي عاشه هذا الجيل التائه المحبط الذي أضاع قيمة الثورة وبوصلة العودة ، ذلك الذي جسد بامتياز ظاهرة التبعية القطيعية في أخزى تجلياتها.
فالثورة قيمة والقيمة لا تزول بزوال الحدث والرجال ، إنها الحدث الراسخ الخالد الذي وشم ذاكرة الأجيال السابقة أين تم تأسيس الفعل الثوري والمساهمة فيه ، حيث كان الحدث العملاق انفجارا هز العالم والكون آنذاك ، ووشم أيضا ذاكرة الأجيال اللاحقة أجيال ما بعد الثورة فما زالت الظاهرة الثورية تبصم المجتمع الجزائري على مستويي الذاكرة والمخيال الجمعيين والواقع أيضا، لقد قدمت الثورة الجزائرية الكبرى للوطن الكثير وللإنسانية أيضا، فكانت وقودا حيويا لا ينضب يغذي حركات التحرر في العالم فماذا قدمت الأجيال اللاحقة أجيال مابعد الثورة لثورتها ووطنها ؟ وهل نحن حقيقة في مستوى ثورتنا الخالدة ؟
كانت الثورة ظاهرة بذل وعطاء لدى الأجيال المؤسسة التي انخرطت في الفعل الثوري بوعي تام فكانت قراءة النخبة المفجرة لهذا الفعل لواقعها الجزائري ناجحة موفقة، فذلك الواقع الفاسد يجب أن يهدم ليبنى على أنقاضه واقع جزائري صالح جديد بمقاسات جزائرية صرف فكانت على أتم الوعي بالواقع وعلى أتم الوعي بالممكن أيضا، فكانت قراءتها التطبيقية على أرض الواقع ناجحة صالحة، لأن الثورة الحقيقية قبل أن تكون فعلا مسلحا يمشي على الأرض ناضلت النخبة لتقيمها على أرض الفكر ، فالثورة إذا فعل فكري قلب المفاهيم القديمة رأسا على عقب في عقول النخبة ليقيم المخططون النخبويون مشروع فكرة الثورة في عقول العامة ليخوضوا بدورهم معركة إقناع عامة الشعب، وبعد أن نجح بامتياز تطبيق ثورة الإقناع ، نجح مشروع الاحتضان من خلال ثورة الاحتضان، ليكون الشعب المحضن الحقيقي الفعلي للتطبيق وبالتالي تم نجاح الفعل الثوري لتكون ثمرته الناضجة طرد المحتل وإجلائه عن الوطن.
لقد نجحت الثورة التحريرية الكبرى في تغيير واقع استدماري فاسد رديء ، ولكنها لم تنجح في مشروعها النهضوي كثورة تغييرية بنائية شاملة لعقلية الجزائري ، ليتجه بدوره نحو بناء نهضة بناءة شاملة تكون في مستوى تطلعات وأهداف الثورة النوفمبرية الخالدة وما حدث لأجيال ما بعد الثورة - وهم الغالبية التي تشكل نسيجنا الاجتماعي - أنهم دخلوا دائرة الشعور بتضخم الأنا الثوري ليكون هذا الإحساس ظاهرة مرضية معوقة فكانت هذه العقدة الإبليسية التي استسلموا لوساوسها مرضا معوقا ظهرت أعراضه في البنى الاجتماعية المختلفة وفي شتى أنسجتنا الاجتماعية بمختلف أطيافها الطبقية فلم تسلم مؤسساتنا الاجتماعية عن بكرة أبيها من ظواهر سلبية مختلفة تشل طاقة البذل والتضحية من أجل أن يكون الوطن في مستوى ثورته الخالدة فلا نهضة على مستوى الاقتصاد والاجتماع والدين واللغة والثقافة والتربية والصحة ولم تسلم مؤسساتنا من ظاهرة التكديس التي عالجها مفكرنا النهضوي مالك بن نبي في مؤلفاته الفكرية الرائعة ولم يزل شبابنا تحت تأثير الأفكار القاتلة والأفكار الميتة التي أشار إليها مفكرنا العملاق.
فالفكرة الثورية لدى الجيل المؤسس كانت مملوءة بالحياة بينما تحولت لدى أجيال ما بعد الثورة إلى فكرة فاقدة للحياة تجول في ذواتهم كفعل معوق يمتص بسهولة الأفكار القاتلة التي يتشربها شبابنا من الجانب الفاسد السيء في الثقافة الغربية لتغذي بدورها فعل العنف وغيره من الأفعال الفاسدة التي تضرب الوطن .
أما شهادة الجار نبيل خياري فنلمس من ثناياها السردية بأن قيس بوعبدالله يحمل في سلوكه صورة المخلص المنقذ الذي سيخرج الشخصية الساردة المنكفئة على ذاتها المنعزلة المحاصرة ، حيث اقتحم قيس عالم هذه الذات المظغوطة المتهمة بالجنون المطوقة بإطار التقاليد البالية العتيقة المعوقة المتخلفة ، أو قل المتهمة بالوجه الآخر المهمش للعقل الاجتماعي الحقيقي حتى يبوصلها من جديد مقدما يد المساعدة الدافعة من خلال جرعات الأمل المحقونة في جسد اليأس والاستسلام ، لتنطلق من جديد مغادرة شرنقة المرض القهري بعد أن أقبلت على الانتحار ، فالانتحار في هذا الفضاء السردي المفتوح هروب من الإحساس بالموت الاجتماعي من خلال انهيار هذه الذات الساردة المتعرضة لوطأة وقهر الظروف الاجتماعية الظاغطة ، حين وصلت إلى درجة الاحتراق النفسي لتطرح مفهوم الجنون بعين جزائرية وذات المفهوم بعين الآخر هناك في إنجلترا بلاد الضباب لتبوح لنا بهذا السر من خلال هذا المقتطف : "...كانت حالة تشبه الجنون فعلا ...وكان دائي الحقيقي هو خوفي من أن تكون الجزائر قد خلت من الناس خلوا تاما ...أصرخ لعل إخوتي يأتون ويطمئنونني بأن الجزائر لاتزال بخير...".[10] يعكس هذا المقطع مرارة الواقع المحاصر الذي آلت إليه هذه الذات على غرار ذوات جزائرية كثيرة شهدت مرارة قهر الإطار وسلطته ، ففراغ الغرفة يحيل إلى ظاهرة الخوف من فراغ الوطن وإلى الإطار المحاصر لهذه الذات الساردة لأن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه ولا يحب العزلة القاهرة ، والوحيد الذي أصر على التغيير وكسر الإطار الحصاري واقتحام عالم الأطر المحيطة بنبيل خياري هو قيس المنقذ المخلص فهل سيفلح قيس في واقعنا الحقيقي بتخليص الوطن من عقدتي الخوف والفراغ؟ حيث لسان الذات الساردة يقول : وأنا الآن بخير ...حي أرزق وما ذلك إلا بفضله ...وسموه أنتم إرهابيا إن شئتم...ما أراه أنا ما قلته لكم.[11]
أما شهادة جزائري مجهول فإن فضاءها السردي يحيلنا إلى الفترة الدموية التي مر بها الوطن واكتوى بنارها الجزائريون رعبا وترويعا وقتلا وابتزازا ، فأينما تقلب وجهك إلا وألفيت إطار الخوف والحصار أقنعة وبنادق وعقابا وانتقاما وبشاعة ، فجيل هاتين العشريتين الدمويتين السوداوين على لسان الذات الساردة تعود على الموت والدم والخوف والجلد ، المهم أن السواد الغالب من الشعب أو بالأحرى هذا الخزان البشري الذي يمد ظاهرة لعب الكبار على رقعة الشطرنج بالقرابين تقربا للآلهة التي لا يرضيها إلا سفك دم القطيعيين المدجنين هو الذي يدفع ضريبة صراع الآلهة على أرض الواقع.
أما شهادة السيد النوري " مجاهد" فينقل سياقها السردي ذاتا ساردة عالمة بادرت المحقق بهذا المقتطف السردي : " أنت تسأل عن قيس بوعبدالله ... وحتى الإله الصغير الذي أرسلك لا يهمه من أمور البسطاء الذين هم مثلنا أي شيء ...كل مايهمه هذا الفيلم الذي يجتهد من أجل إنجازه ... هذا الفيلم سينتقل إلى المونتاج وهنالك سيتغير محتواه ...[12]" تصف هذه الذات القائم بسلطة الإعلام من خلال خطابها بالإله الصغير أين تتجلى المؤسسة الإعلامية بوجهها الآخر المزيف من خلال القائمين عليها ، فهذا التحقيق المنجز سيدخل عالم مقص الرقيب حيث لايبقى من النص الأصلي إلا ما يريده القائم بالاتصال ذلك الإله الصغير إرضاء لآلهة السلطة حسب ما يقتضيه الهرم السلطوي المتدرج من الإله الأصغر إلى الأكبر ، فليست المشكلة في الإنجاز حسب هذه الذات الساردة وإنما المشكلة فيما سيصل إلى المتلقي مشوها مبتورا لايعطي الحقيقة بل ظلها الزائف المخادع ، فالتقنية للأسف قوة وسلطة بيد المتحكم الأقوى ، تقنية للقهر والإخضاع وممارسة القوة ، فالتقنية عبر تاريخها الطويل لم تكن محايدة بل كانت أداة قهر متعسفة مصادرة في يد القوي المتسلط وفي هذا الصدد بين المفكر روجيه غارودي بأن تطور التقنية الغربية ينزع منزعا هيمنيا متطورا مجردا من الظاهرة الأخلاقية أين بين الدور المشؤوم الذي وصم تاريخ الإنسان الغربي عموما فالتفوق التاريخي الغربي ليس تفوق ثقافة ، وإنما تفوق هيمنة تقنية عدوانية، ويشير جارودي في سياقه من أجل ابتكار مستقبل حقيقي بعيد عن الهيمنة في السعي للبحث مجددا للعثور على أبعاد الإنسان التي نمت خارج الثقافة المهيمنة ، تحديدا في الثقافات اللَّاغربية ، وبهذا الحوار الحضاري يمكن أن يصوغ الجميع ميلاد مشروع كوني يتسق مع اختراع المستقبل ، ابتغاء أن يخترع الجميع مستقبل الجميع وهذا الذي يسميه غارودي بمشروع الأمل في القرن الواحد والعشرين. [13]
فأين نحن من مشروع الأمل الغارودي في القرن الواحد والعشرين حيث يزداد القوي قوة وغنى والفقير المهمش فقرا في عشوائيات المعذبين في الأرض داخل الوطن خارج خيرات الوطن وخارج دائرة التاريخ الذي صاغه الحاكم ولم نكن فاعلين فيه ونحن من صنعه في الواقع ليعلن التاريخ موت الذات الفاعلة ، فهذه الذات الساردة تعرضت لظاهرة الهيمنة وصياغة الآخر حسب مقاسات إله السلطة وتحكمه من خلال سبرنطيقا التسلط والقهر التي ترعرعرت ونمت في محيطات عالم ثالثية متخلفة ، ويكأن هذه الذات تصب نقمتها الساتيرية على الكاميرا كوسيلة للقهر المتحكم في رقاب القطيعيين المدجنين أين تنتقل الصورة مشوهة لتمارس قهرا آخر مزيفا على المقهور ، فثنائية القاهر والمقهور المهمش المتحكم فيه تعكس الظاهرة القدرية للحاكم والمحكوم ، فالفيلم يتحول إلى دليل إدانة صارخ للذات المقهورة التي يعرفها النحن المهمش لا المهمِّشون الإعلاميون الخادمون لآلهة الإعلام السلطوي ، فالكاميرا التي تصور معنية بالظاهر المحسوس فقط ، ويستمر السارد الساتيري من خلال هذا المقطع الساخر الجارح للواقع : آه لو يستطيع أحد عباقرتكم اختراع جهاز للدبلجة الضميرية ...كل وجه يظهر يقرأ المتفرجون أحاسيسه وأفكاره ويطلع الجميع على الخافية ...خافية الصدور ...أليست كلمة خطيرة ؟.[14]، فهذه الذات الساردة تعرضت إلى قضية عالمة عارفة تحت ما يعرف بقهر اللغة وخطابها فهذه المؤسسة الاتصالية بين البشر لا تخلو من الحياد ومن القهر الإيديولوجي ومن الكذب أثناء مواجهتها والانخراط في خطاباتها المختلفة أمام الآخر حفاظا على سلامتها وظوابطها وقواعدها وآليات الكلام في إطارها ومن خلال سلطة قواعدها ، أين وصل بها التذمر من قهر الواقع السلطوي موصلا كبيرا جعلها تنفذ متغلغلة إلى جوهر ظاهرة التحكم والتسلط من خلال مؤسسات السلطة الرابعة القاهرة فما يدور في كواليس هذه المؤسسات يعكس تذمر الذات المثقفة العالمة بخبراتها الكثيرة مجايلة محطات الواقع الوطني من الاستدمار إلى الاستقلال إلى ما بعدهما إلى العنف الذي مر به الوطن ، فهذه الذات جايلت رصاص الأمس كحوار ثوري لصد المعتدي الغاصب وإجلائه عن الوطن أيضا ورصاص اليوم وحواره ، ولكل رصاص جنسيته وهويته الخاصة وشتان بين الرصاصين والحوارين ، أما نصيحته للشباب فكانت بأن يهتموا بالأصول دون الفروع ، لأن السلطة لكي تنتقل من حال شرعية إلى أخرى لابد من اختلاق الفوضى وظواهرها المختلفة شغب هنا وهناك إرهاب عام شامل تخلف شامل وغيرها تحت بند عريض يعكس إنتاج الفوضى الخلاقة فالحفاظ على الثروات يتطلب غطاء فوضى الثورات فهذا الإطار الفوضوي يخدم الإله الحاكم القاهر المتسلط ويجسد القطيعية في أسمى دركات تخلفها ، وأن يورثوا القيم النبيلة السامية وإن كانت تبدو بديهية مسلم بها اجتماعيا إلا أن ذلك لا يمنع من ممارستها فعلا وترسيخها في المخيال الأجيالي في واقعنا الاجتماعي في تنشئة وإعداد ناشئة المستقبل على غرار الحب والوطن والأهل والأرض والسلم والبيت والصداقة والحقيقة والجمال ، أما قيس بوعبدالله كما جاء على لسان هذه الذات العالمة فإنه مضى في طريقه ولايزال ماضيا ...عاش بصدق وسيموت سعيدا رغم العذاب والتهميش والفاقة وستذكره الأجيال المقبلة على ما يبدو ...[15]
أما شهادة أبو العيد حوحو " مشرف على مكتب للاتصالات الهاتفية" فيحيلنا فضاؤها السردي من خلال هذا المقتطف :" لاأحبه كثيرا هذا الرجل ...أنا لا أحب أصحاب اللحية على العموم ...منظرهم مخيف وأفكارهم غريبة ...ثم إنهم لايلبسون مايلبسه غيرهم من الناس...لست أدري لماذا يصر الواحد منهم على كل ذلك التميز ...هل تستطيع معرفة أي شيء عني من خلال هندامي؟..[16]
إن هذه الذات الساردة تنطلق من عقدة الكره بانية حكمها القيمي على الملتحي ذي المنظر المخيف غريب الأفكار واللباس المصر على التميز ، فثقافة اللباس في مجتمعنا المفتوح على غرار مجتمعات العالم أصبحت تخضع لهذا الانفتاح وتقليد الثقافات الوافدة جراء الاحتكاك فلم تعد ثقافة اللباس منغلقة منكفئة بل على العكس أصبحت متعرضة للاختراق ، فثقافة لباس طبقة الملتحين يختلف عن ثقافة بقية الشعب مما يجعلنا إزاء ظاهرة اختلاف ثقافة اللباس في المجتمع الواحد، ولكن على غرار الملتحين الذين لايعجبونه إلا أن قيس بوعبدالله رجل لطيف بعض الشيء، فهؤلاء الملتحون كطبقة اجتماعية وثقافية داخل نسيجنا الشرائحي الاجتماعي ليسوا من مرتادي فضاءات الهواتف العمومية فهذه الطبقة لاتهم هذه الذات الساردة كثيرا لأنها أقل احتكاكا بهذه الفضاءات الاتصالية ولا من مشجعي ثقافتها ، فاستغلال هذا الفضاء الذي يسمه السارد بروضة العشاق يسفر عن ظاهرة تخلفنا المزمن من خلال إهدار قيمة الوقت أي إهدار مفهوم الزمن الذي تناوله مفكرنا العملاق مالك بن نبي أثناء تأسيس معادلة النهضة الحضارية، فهذه القيمة المنتهكة لدى غالبية شرائحنا الشبابية تعكس هذا الخلل المعياري المزمن ، فإذا دققنا النظر وأمعنا الفكر في مفهوم الزمن في معناه الوجودي والقيمي والعبادي سيحيلنا السياق إلى حديث رسولنا المصطفى عليه الصلاة والسلام " نعمتان مغبون فيهما ابن آدم الصحة والفراغ " وكلاهما يحيل إلى الآخر فالصحة تاج على رؤس الأصحاء لا يعرفها إلا المرضى ، والصحة في مطلقها مقرونة بالزمن والزمن في مطلقه مقرون بالصحة ولا طعم للزمن دون صحة والعكس صحيح ، ولا طعم للحياة دون الإحساس بقيمة الزمن لدى المسلم تحديدا لأن الزمن لديه مقسم إلى أزمنة عبادية على مدار اليوم والليلة ، وأرقى الأزمنة لدى المسلم على الإطلاق الزمن القيمي العبادي فمن يتأمل شعائر الإسلام كالصلاة والزكاة والصوم والحج يجدها مرتبطة بالزمن بل لصيقة به أيما التصاق، فالشعور بقيمة الزمن يجعل الفرد المؤمن منا قريبا من ربه وعلى قدر إيمان الواحد منا بربه يكون تلاحم ذواتنا بأزمنتنا العبادية التي تعتبر خيرالأزمنة على الإطلاق فهذه القيمة من خلال هذا الطرح الرائع تعكس المدى السيء الذي يعكس ارتباطنا القلق اللامتزن بالزمن ، أين أمسى الفرد المسلم يهدر هذه القيمة ويصرفها عبثا ودون جدوى أين أصبح مصطلحنا العامي المتمثل في قتل الوقت علامة مسجلة للتسيير السيئ والإدارة الرديئة لمثل هذه القيمة السامية ، فأين نحن من الحديث النبوي الشريف "نعمتان مغبون فيهما ابن آدم الصحة والفراغ"، أين تتجلى من ثنايا هذا النص النبوي الشريف الخالد قيمة الوقت أو بالأحرى القيمة السامية الخالدة المبثوثة في معنى الزمن القيمي العبادي الذي تناوله البحاثة الجزائري عبدالرحمن عزي حينما تعرض لهذا المفهوم الخالد في نظريته السوسيولوجية الاتصالية نظرية الحتمية القيمية التي تعاكس نظرية الباحث السوسيولوجي الكندي مارشال ماكلوهان الموسومة نظرية الحتمية التكنولوجية ، أين أثبت البحاثة الجزائري من خلال استقراء تاريخ الزمن بأن الزمن العبادي يعتبر أفضل الأزمنة القيمية على الإطلاق.
إن استغلال هذه الوسيلة الاتصالية يختلف من طبقة اجتماعية إلى أخرى ، فهذا الفضاء الاتصالي مكن الذات الساردة من التجسس على قيس بوعبدالله أثناء تردده على هذا الفضاء العمومي الكاشف لسر المرتاد من خلال التلصص عليه وتتبع عوارته حين أورد هذا السياق حالة قيس بوعبدالله وعلاقته بالتي تزوجها وأيضا تلك المشبوهة بامرأة أخرى بعد زواجه، أين يضعنا السارد أمام ظاهرة المخاللة والمصاحبة المتفشية في أوساطنا الاجتماعية كظاهرة مرضية تعكس بدورها اختلالنا المعياري ، فهل ممارسة الحب سواء في حدوده السوية أو الشاذة يمنع من صعودالجبل؟ ليجعلنا السارد إزاء معضلة وجودية كبرى نلج من خلالها فضاء ثقافة الحب سواء في إطارها الاجتماعي السوي أو الشاذ ، تلك الثقافة المفقودة في حياتنا الاجتماعية ، فنحن نعاني أزمة ثقافة الحب وفاقد الشيء لايعطيه ، فنظرية الحب التي نفتقدها على صعيد الحياة تفكيرا وممارسة غائبة عن سطح تفاعلاتنا العلائقية اليومية كفلسفة تبوصل الذات المغتربة المأزومة الهاربة من سطوة الإطار وقسوته وانتهاكاته المتكررة ، فالجبل هو المعادل الموضوعي للانعتاق الزائف ، فهو صنو الهروب من سطوة وقهر إطار قاس إلى آخر أقسى ، فمتى سيحاول الفيلسوف العارف إشعال شمعة ثقافة الحب بحثا عن الحقيقة المطلقة خلال فوضى الأقنعة وزيف الأطر وهشاشتها القاهرة؟ حيث القناة الوحيدة الحمراء المهجورة لا تنقل إلا ظاهرة الدم وثقافته المنحرفة تلك التي لايشاهدها السارد الذي يتابع إلا القنوات الأجنبية الأكثر مرحا والأقل دماء والأقرب إلى الحقيقة ، فمتى سنتخلص من القناة الواحدة الوحيدة القاهرة وزيف إطارها؟ حيث الاستغراق في فضاءاتها وما تنقله صورها المؤطرة المؤدلجة من أقاليم للمعاني القاهرة حسب المنظور الشوتزي في بناء شخصيات من يشاهدونها ، فأقاليم الدم لاتنقل إلا ثقافة العنف بدل ثقافة الحب والحوار اللتين يجب أن يشعلهما فيلسوف القرن الواحد والعشرين في بحثه عن الحقيقة المطلقة.
[1]- المرجع نفسه ، ص.40.

[2] - المرجع نفسه ، ص.41.

[3] -المرجع نفسه ، ص.43.

[4]-نفس المرجع والصفحة.

[5] - المرجع نفسه ، ص.44.

[6] - المرجع نفسه ، ص.46.

[7] - نفس المرجع ، ص.47.

[8]- المرجع نفسه ، ص.48.

[9]- المرجع نفسه ،ص.49.

[10]- المرجع نفسه ، ص.51.

[11] - نفس المرجع والصفحة .

[12] - المرجع نفسه ، ص.54.

[13]-روجي غارودي ، في سبيل حوار الحضارات ، تعريب عادل العوا ، دار عويدات للنشر، بيروت ، الطبعة العربية 1990 ،ص.ص9-10.

[14] - فيصل الأحمر ، مرجع سابق ، ص.54.

[15]- المرجع نفسه ، ص.56.

[16]- المرجع نفسه ، ص.57.

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
عادل سلطاني غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القاص ، فيصل الأحمر ، ساعة ،حرب ،ساعة ،حب


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
(((هايكو للشاعر فيصل الأحمر مترجم إلى الشاوية الأمازيغية/ عادل سلطاني))) عادل سلطاني واحة ترجمة القصائد 0 26 / 08 / 2014 19 : 11 PM
((( القاص فيصل الأحمر ساعة حرب ساعة حب -نحو مقاربة سوسيوثقافية بقلم عادل سلطاني))) عادل سلطاني هيئة النقد الأدبي 2 15 / 02 / 2014 20 : 01 PM
(((القاص فيصل الأحمر -ساعة حرب ساعة حب -نحو مقاربة سوسيوثقافية بقلم عادل سلطاني ))) عادل سلطاني هيئة النقد الأدبي 4 16 / 11 / 2013 38 : 10 PM
(((القاص فيصل الأحمر -ساعة حرب ساعة حب -نحو مقاربة سوسيوثقافية بقلم عادل سلطاني ))) عادل سلطاني هيئة النقد الأدبي 4 06 / 09 / 2013 50 : 12 AM
(((القاص فيصل الأحمر -ساعة حرب ساعة حب -نحو مقاربة سوسيوثقافية بقلم عادل سلطاني ))) عادل سلطاني هيئة النقد الأدبي 2 30 / 08 / 2013 24 : 12 PM


الساعة الآن 15 : 02 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|