قرّرت زينب لقائه بعذ شهر من مغادرتها المنزل. وكان سامر قد أصيب بإحباطٍ كبير إثر تقدّمها لطلب الطلاق مقابل التنازل عن كافّة حقوقها ومؤخّر الصداق وجميع ما قدّمه لها قبل الزواج.
نظر الى عينيها طويلاً، لكنّه تفاجأ بمنظر امرأة أخرى لم يكن يعرفها قبل الآن. كانت قويّة وهادئة، وكانت ذات الوقت تخشى المستقبل ومصير الجنين الذي سيحضر ضيفاً في بيتها بعيداً عن والده.
- ألم يحن الوقت لتعودي الى منزلك ثانية يا زينب؟
- هل هذا أهمّ ما في الأمر يا سامر؟ أخبرني كيف ستعاملني بعد اليوم بعد أن شتمتني وأهنتَ كرامتي أكثر من مرّة؟ هل ترغب باتمام الفحوصات السريرية لاثبات أبوّتك لهذا الطفل المسكين؟
- لا ضرورة لكلّ هذا التعقيد. أنا سامحتك ..
- وأنا لم أسامحك. ما الذي اقترفته حتّى تسامحني. حفنة الرسائل لم أفتحها أبداً وكنت أرمي بها فوراً الى سلّة المهملات.
- الموضوع ليس فقط الرسائل.
- الموضوع هو حريّتي المفاجئة واستقلالي. أنت لا تطيق ذلك يا سامر. تريد أن تمتلك وعيي وحضوري وقلمي وعالمي الأنثوي والإنسانيّ بالكامل.
- والطفل الذي يكبر في بطنك.
- سيجد الطريق الى الحياة ونحن منفصلين. أنت أضعف من أن تكون رجلاً يا سامر. لقد أخطأت، وانا على استعداد لدفع الفاتورة كاملة وبمفردي. أنا على استعداد لتحمّل كراهية الرجال الذين يحيطون بي من كلّ جانب.
- ستندمين يا زينب .. ستندمين.
- ليكن يا سامر. لقد اخترت طريقي.
انفصل كلاهما وحصلت على الطلاق الذي كانت تسعى إليه. وانهمكت في اعمالها الأدبية. أخيراً أنجزت الرواية التي أمضت وقتاً طويلاً في كتابتها. كان الصغير وديع يراقبها وهي منهمكة بكتابة تكاد لا تنتهي، وكان يضاحكها ويرشقها بحبيبات الماء على وجهها وأوراقها.
أمّا سامر فكان يأتي نهاية كلّ اسبوع لزيارة ابنه واصطحابه الى بيته. وكان قد تزوّج من إحدى قريباته وبهذا ضمن طاعة زوجته الجديدة. وأخذ مع الزمن يتناسى المرأة الوحيدة ربّما في البلد كلّه التي رفضت العودة الى بيت الزوجية وتنازلت عن جميع حقوقها بالكامل، بل أعادت ما كانت قد حصلت عليه قبل الزواج من أجل الحصول على حرّيتها.
وتمضي الأيام وتنهي زينب باكورة أعمالها الرواية. وكانت تربطها علاقة جيّدة مع الناشر الذي تبنّى هذا العمل ضمن شروط ربحية تضمن حقوق الطرفين. قال لها مرّة:
- زينب .. أنت امرأة جميلة وأشعر بانجذاب نحوك.
- سيّد عزمي أنا بِعت حقوق نشر الرواية وجسدي لا يدخل ضمن هذه الصفقة.
- أستغفر الله يا سيدتي الكريمة .. أستغفر الله. لم يتبادر الى ذهني لحظة واحدة ما يخالف أوامر الله. وأكرّر لك بأنّني معجب بك كامرأة وككاتبة.
صدر الكتاب وحقّق نجاحاً كبيراً، وشعرت زينب بأنّها هي الأخرى معجبة بالسيّد عزمي. أرادت في يوم من الأيام أن تختبر مشاعره وكان أن وافقت للخروج معه للعشاء في إحدى الأمسيات.
- ما الذي تريده يا عزمي؟
- كلّ سيء يا زينب. كان بمسك بيدها والفرح يتطاير من عينيه.
- الليلة؟
فكّر قليلاً ثمّ حكّ رأسه وأضاف:
- أريد الزواج منك .. حسب الأصول يا زينب وليس الليلة.
- أنت تعرف بأنّ ابني ..
- أرجوك لا تكملي حديثك. ابنك هو ابني، وسأعمل على رعايته والاهتمام به إذا قصّر أبوه بذلك.
وكان حفل الزواج كبيراً يليق بكاتبة محترفة، ويليق بناشر كريم الأخلاق.
النهاية الكلاسيكية
قرّرت زينب لقائه بعذ شهر من مغادرتها المنزل. وكان سامر قد أصيب بإحباطٍ كبير إثر تقدّمها لطلب الطلاق مقابل التنازل عن كافّة حقوقها ومؤخّر الصداق وجميع ما قدّمه لها قبل الزواج.
نظر الى عينيها طويلاً، لكنّه تفاجأ بمنظر امرأة أخرى لم يكن يعرفها قبل الآن. كانت قويّة وهادئة، وكانت ذات الوقت تخشى المستقبل ومصير الجنين الذي سيحضر ضيفاً في بيتها بعيداً عن والده.
- ألم يحن الوقت لتعودي الى منزلك ثانية يا زينب؟
- ولكنّي أشعر بأنّك غير قادر على مسامحتي يا سامر. كيف سنستمر بتعاطي الحياة بهذه الطريقة؟ لديّ الكثير من الأسئلة.
- لقد جرحت مشاعري يا زينب. وأنت تدركين مدى كرامة الرجال، وكيف يكون الرجل السرقي حين يتعلّق الأمر بشرفه.
- شرفك محفوظ، وأنا أخبرتك بأنّ الذي أحمله بين أحشائي ابنك. أرجوك أن تكون واسع الأفق. أنا لم أبحث عن علاقة خارجية لأنّني لست بحاجة لهذا. منزلي يكفيني. وجودك بقربي أيضاً يكفيني.
- قلت بأنّك لست بحاجة. ماذا لو اصبت أنا بمكروه وشعرت عندها بحاجة لرجل الى جانبك.
- ولكنّكَ لستَ مصاب. أبعد الله السوء عن حقلك وزرعك. وإذا حدث شيءٌ فأنا لا أدري حقيقة كيف تكون مشاعري. أنا غير قادرة على مخالفة قوانين الطبيعة. كلّ إنسان يحتاج الى الحماية الدائمة.
- دائماً لديك جواب جاهز. أنت لا تحسنين الصمت يا زينب.
- لدينا ما نقول. هكذا أنا ولا يمكن أن تغيّر طبيعتي وفطرتي. فهل تقبل بي يا سامر؟
ساد صمت طويل، مضى بعد ذلك كلاهما الى بيتّ الزوجية، وأصبح كلاهما يحسب ألف حسابٍ للبوح والكلام. وكثيراً ما كان يخيّم صمت ثقيل في أرجاء ذلك المنزل.
نهاية متوقّعة
قرّرت زينب لقائه بعذ شهر من مغادرتها المنزل. وكان سامر قد أصيب بإحباطٍ كبير إثر تقدّمها لطلب الطلاق مقابل التنازل عن كافّة حقوقها ومؤخّر الصداق وجميع ما قدّمه له قبل الزواج.
نظر الى عينيها طويلاً، لكنّه تفاجأ بمنظر امرأة أخرى لم يكن يعرفها قبل الآن. كانت قويّة وهادئة، وكانت ذات الوقت تخشى المستقبل ومصير الجنين الذي سيحضر ضيفاً في بيتها بعيداً عن والده.
- ألم يحن الوقت لتعودي الى منزلك ثانية يا زينب؟
- ولكنّي أشعر بأنّك غير قادر على مسامحتي يا سامر. كيف سنستمر بتعاطي الحياة بهذه الطريقة؟ لديّ الكثير من الأسئلة.
- لقد جرحتِ مشاعري يا زينب. وأنت تدركين مدى كرامة الرجال، وكيف يكون الرجل السرقي حين يتعلّق الأمر بشرفه.
- شرفك محفوظ، وأنا أخبرتك بأنّ الذي أحمله بين أحشائي ابنك. أرجوك أن تكون واسع الأفق. أنا لم أبحث عن علاقة خارجية لأنّني لست بحاجة لهذا. منزلي يكفيني. وجودك بقربي أيضاً يكفيني.
- قلت بأنّك لست بحاجة .. ماذا لو اصبت أنا بمكروه وشعرت عندها بحاجة لرجل الى جانبك.
- ولكنّك لست مصاب. أبعد الله السوء عن حقلك وزرعك. وإذا حدث شيءٌ فأنا لا أدري حقيقة كيف تكون مشاعري. أنا غير قادرة على مخالفة قوانين الطبيعة. كلّ إنسان يحتاج الى الحماية الدائمة.
- دائماً لديك جواب جاهز. أنت لا تحسنين الصمت يا زينب.
- لدينا ما نقول. هكذا أنا ولا يمكن أن تغيّر طبيعتي وفطرتي. فهل تقبل بي يا سامر؟
ذهب كلّ واحدٍ الى منزله، وسارع سامر بإعلان الطلاق والانفصال عنها نهائياً. ولم يمضِ وقت طويل حتى تزوّج من ابنة خالته وبهذا ضمن طاعة أنثوية مطلقة في بيته. وكان كثيراً ما يحضر ابنه الى المنزل، لكنّ زوجة الأب لم تكن متحمّسة كثيراً لرعاية طفلٍ لم تلده من هذا الرجل.
زينب اهتمّت بأدبها وانتجت أوّل رواية حقّقت نجاحاً كبيراً وتمكّنت بهذا زينب من الحصول على أجرٍ ونسبة أرباحٍ كبيرة كفتها حاجتها لأمدٍ طويل. وكان أن تقدّم لطلب يدها ناشرها عزمي والذي كان يكنّ لها حبّاً ومودّة. لكنّها رفضت الارتباط مع أيّ رجل وفضّلت الاهتمام بابنها والبقاء حرّة طليقة تكتب وتبدع طالما طابت لها الكتابة.
صوفيا