أطماع البرتغاليين في السواحل الحجازية
أحمد جودت باشا، تاريخ جودت المجلد الثاني
(ص 701- 702 )
في الوقت الذي كانت الدولة مشغولة بترتيب الشئون الداخلية لبلاد الحجاز انتشر خبر أطماع البرتغاليين بالسواحل الحجازية في أواسط عام 1199. مما حدا بالدولة العثمانية إلى اتخاذ بعد التدابير. ذلك بأن الطريق المؤدي من أوربا إلى الهند في السابق هو مصر ، فقام الأوربيون قبل بضع مئات من السنين بكشف طريق رأس الرجاء الصالح، فداروا حول إفريقيا بحرا عبر سواحل زنجبار والحبش ومشارف اليمن كي يصلوا إلى الهند ،واستطاع البرتغاليون والإنجليز والفرنسيون احتلال مناطق كبيرة من الهند.
في هذه الأثناء أراد البرتغاليون توسيع مجال نفوذهم، ووردت الأخبار بتجهيزهم أسطولا للهجوم على سواحل الحجاز. ولم يعرف صدق هذا الخبر من كذبه، لكن الحذر والاحتياط يفرضان على المسئولين إقامة التحصينات واتخاذ التدابير المسبقة تحسبا لأي اعتداء. لذلك فقد صدر أمر السلطان إلى والي بغداد لحماية السواحل التابعة للدولة العثمانية في خليج البصرة، وإلى والي مصر وشيخ البلد لجعل ميناء السويس تحت الحماية وتحصينه ضد أي هجوم. كما صدر الأمر إلى والي الشام أحمد باشا الجزار لدى وصوله إلى مكة المكرمة بصحبة الحجاج بأن يتباحث مع والي جدة وشريف مكة المكرمة وأصحاب الرأي والمشورة أمر حماية جدة ، ويتخذ التدابير اللازمة ، مع التأكيد بأن عليه قبل الخروج من الشام أن يجهز أعدادا كبيرة من العساكر، وأعداد من المدافع وكميات من الذخائر أكثر من أي وقت مضى، وينقلها معه إلى جدة ، وأن يكتب بطلب المزيد فيما بعد إذا كان الحاجة تتطلب ذلك. وصدرت أوامر إلى والي جدة مصطفى باشا، بالعمل على إنشاء قلعة ترابية ونقل المدافع إليها، وأخذ المقدار الكافي من الذخائر من جيش أمير الحج، وإلى الشريف بأن يكون إلى جانب الجزار في حماية جدة. كما أشارت الأوامر إلى ضرورة إعادة تنظيم الأمور في البصرة وحمايتها بأعداد كافية من السفن. وعليها اثر ذلك طلبت الدولة من إنجلترا عن طريق القنصل الإنجليزي لإنشاء ست سفن وإرسالها. ودفعت خمسون ألف قرش مقدما أثمانها ، وقد سلم الإنجليز واحدة منها في وقت سابق، وفي المرة الثانية وصلت سفينتان ذات ساريتين من نوع شيبار ، كما أنشئت في بغداد عدة سفن كبيرة وصغيرة ، أبلغ والي بغداد بعدها بأنها كافية للحماية.
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|