مذكرات طفلة لم تتم الثامنة من عمرها
مذكرات طفلة لم تتم الثامنة من عمرها:
في مثل هذا اليوم من دمعة وغصة، غادرتني إحدى جميلات القوقاز، لتسكن جنة عرضها السموات
والأرض.. كانت ترقد في سريري، تلك الحنون بينما المرض يفتك بها من كل جانب، رغم شحوب
وجهها كانت ابتسامتها رفيقتي على الدوام. كم أشبعتني بلمساتها الحنان، وكم حزنت لرحيلها الحياة.
في مثل هذا اليوم من دمعة وغصة، كانت الجميلة تستعد لمغادرة الحياة، بينما خطواتي كانت عاجزة
عن إدراك الموت هو نهاية الإنسان. دخلت غرفتي وتألمت كانت أنفاسها عالقة بين جدران الغرفة
بكيت سراً، وتألمتُ، أخفيتُ دمعي عن أمي حتى لا تُعنفني، كانت تكره في طبعي الوفاء الذي لم يعرفه
قلبها قط. كنت أود لو أني قدمت لها وردةً حمراء قبل رحيلها، عل الموت يخجلُ من رحيقها فلا يدنو
منها، تألمتُ سِراً ووعدت الموت حين يزور امي أن لا أحزن عليها، وأن لا أبكيها لأنها منعتني من
وداع غاليتي.. اليوم وبعد هذه العقود مازلت أنتظرُ موت أمي لكي أقول لها ارحلي إني سئمت وجودك
بيننا.لقد خُنتِ دمع طفولتي، بينما كُنت أتأهبُ لطبع آخر قبلاتي أعلى جبينها.. وتركت نبضي يئنُ وجعاً
دون أن تُفهميني بأن الموت قدرٌ، وبأن الموت يخطف من أحبه قلبي فقط، حتى تنفردي بممارسة تعذيبي
وحتى تنتشلي ابتسامي كلما توردت شفاهي بأمنيةٍ.. ماعدتُ أنتظرُ موتك، لأني فهمتُ بأن الموت لا
يأبه لمستهتراتٍ عابراتٍ في هذه الحياة إلى لا شيء، وبأن في الضلوع سطور حنين إلى أحبةٍ اِفتقدناهم
اِرحلي عن حياتي، تخطاني المشيب ومازلت أبحثُ عن أبجديةٍ أُفهمك بأنك اِنتصرت على طفولتي ولن
تأبهي لقراري، وبأنك مارست عشرات الخيانات أمام عيني، وبأنك مازلت الولهى بتعذيبي.. تخطاني
المشيبُ ومازلت أبحُثُ عن أبجديةٍ أُفهمك فيها بأنك شخصية غير مرغوب فيها في حياتي.. وبأنك
تماديت في تعذيبي، وبأنك لا شيء في حياتي، سوى مستهترة خاطبت الغرائز، وبأني أسيرة جميلتي
التي رحلت عن حياتي عقود، ومازلت أحن إلى لمستِ يديها وإلى نظرةٍ من عينيها..
إلى التي علمتني الوفاء
وغادرتني على عجل، في ذكرى رحيلها ورودي ودمعي وآيات اشتياقي..
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|