يوما ما ولا بد ظلة القبر تطويني.. يوما ما يسري الدود على خدودي..
وتتساقط أسناني.. يتمزق ردائي.. تتفكك مفاصلي وتبلى.. لكن حتما هي
ليست النهاية.. فهناك خلق جديد.. هناك بعث ونشور.. تتجمع مفاصلي..
وتتركب عظامي.. يكسوني اللحم شيئا فشيئا.. يسوى بناني كما كان..
ثم أستيقظ مذعورا.. خائفا وجلا.. شعر رأسي ابيض فرقا.. ورجلاي
تضطربان هلعا.. ألتفت يمنة ويسرة.. هل من مهرب.. هل من مفر..
هل من حصن منيع.. الناس حولي.. عرايا مثلي.. سكارى وما هم
بسكارى.. وذاك حالي.. خاشعة أبصارهم وأبصاري.. لقد كنت في
غفلة عن هذا.. ما ظننت أن أنقلب هذا المنقلب.. كنت أخوض وألعب..
ولسان حالي يقول.. إن هي إلا حياتنا الدنيا.. نموت ونحيا.. وما
يهلكنا إلا الدهر.. عمرت الدنيا وخربت الآخرة.. كان المال كل همي..
فسرقت لأجله.. وخنت له.. وكذبت لأغتني.. كانت الحسناوات غاية
مطلبي.. فجالست غير المحارم.. ونظرت وضحكت.. وواعدت ثم لاقيت
فزنيت.. تفاخرت بالأولاد وكثرتهم.. والمراكب والديار وزينتهم..
بحثت اليوم عن أموالي.. فإذا هي طوق في عنقي.. وددت لو أفتدي
من العذاب بصاحبتي.. فنوديت أن لا تزر وازرة وزر أخرى.. استنجدت
بأبي وأمي.. فحدثت أن لا أنساب اليوم.. ثم إذا بابني قرة عيني وفلذة
كبدي.. هذا الذي شقيت ليسعد.. تعبت ليرتاح.. سهرت لينام.. قد أخذ
بمعصمي وصاح ربي.. هذا الذي أوردني الموارد.. هذا الذي أوردني
الموارد..ربي خذ لي حقي منه.. ما عرفني بك.. ولا علمني كتابك..
أشعرني أن الدنيا ملك لي.. وهي ليست إلا لك.. فكيف أسامحه يارب..
إلتفت يمنة ويسرة.. فإذا كل النعم التي كنت أنعم بها.. أضحت هباء
منثورا.. يا ويلتي.. يا ويلتي.. النار تلقاء وجهي.. إنها لظى.. نزاعة
للشوى.. تدعو من أدبر وتولى.. وجمع فأوعى.. أين المهرب.. أين
المفر..رب ارجعون.. رب ارجعون.. رب ارجعوني لعلي أعمل صالحا
فيما تركت.. قدمت الميزان.. فإذا حسناتي قليلة.. وسيئاتي كثيرة كبيرة..
أخبروني أن الصراط حاد رقيق.. طويل طويل.. ربي مقصدي بعيد..
وزادي قليل.. أفمثلي يسألك الجنة.. أمثلي يسألك الجنة يارب.. وقد
كنت كأني ولدت في غابة.. وأعيش في غابة.. وسأموت في غابة..
حكّمت قانون الغاب وما حكّمت شريعتك يارب.. جاءني الهدى فما
عملت به.. وتمسكت بالدنيا وحبها.. ألهتني الشهوات.. وغرني بالله
الغرور.. عمري مضى وأنا أتدثر بلحاف الغفلة.. نبضات قلبي معدودة..
وأيامي مقدرة محدودة.. وكل ثانية نبضة.. وكل يوم مضى شيء من
العمر.. أمسي بعيدا عن الدنيا.. قريبا إلى القبر.. أيامي مضت.. وأنا
أتقلب بين ثلاث.. فمرة ظالم لنفسي.. وأخرى مغرور.. وثالثة غرني
بالله الغرور.. وحين دقت ساعة الحقيقة.. بحثت عن أسمالي ألملمها..
فما وجدت غير الحسرة والندامة...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشكوور أخي حمدان موضوع رائع موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

[frame="11 95"]
[align=justify]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشكوور أختي الفاضلة مرورك زاد الموضوع رعة وإشراقا.. لك مني أجمل تحية .
[/align]
[/frame]

[نصيرة تختوخ]

مخيف أن يكون الندم وقت لا ينفع ندم .
جاء نصك واعظا ، منبها جعل الله ماقدمت في ميزان حسناتك .
تحيتي