قرعة حمراء وآيس كريم بالثوم
تزخر ذاكرتنا بصور لأشخاص عدة مروا في حياتنا لكنهم تركوا بصمتهم علينا و وقعا في أنفسنا
فأنا عندما أتذكر فترة الثانوية ,أتذكر أستاذ الرياضيات بقسم الباكلوريا.كان محترما للغاية لجديتهو إهتمامه بأداء عمله على أكمل وجه. أتذكر أنه كان يطوف القسم مبتسما دوما , بملابسه البسيطة الكلاسيكية ويديه في جيوب معطفه الجلدي الذي كان موضة سنوات مضت
بعد الشرح و التمارين كان أحيانا ينظر إلينا ويبدأ في سرد قصص من الواقع, عايشها وأثرت
فيه
, كانت قصصه تميتنا من الضحك و تجعلنا نفكر في عالم قد نكون غرباءعنه
فهكذا سرد لنا قصة "الرجل و الشباكية" فقبل بداية شهر رمضان و هو يتجول في سوق المدينة المكتظ شاهد طفلا يطلب من والده أن يشتري له حلوى الشباكية ,التي لاتخلو منها الموائد الرمضانية المغربية,فقال الأب لا, غالبا لأن جيبه لايسمح,لكنه عندما إنتبه الى الناس المحدقة إليه والمتجمهرة أمام محل الحلوى صار يصرخ غاضبا: لعنة الله على رجال اليوم ,ويحهم !ماذا تفعل النساء في المنازل عندما تشترى الشباكية من الاسواق, ما هذا العار الذي لحق بهم.
ماكل هذا الخزي...الطفل طبعا لم يفهم شيئا غير انه حرم من عضة هشة في قطعة حلوى عسلية
لم تنته حكاية أستاذنا مع خيبة أمل الطفل فقد أخبرنا أن صغارا كثيرين يخيب أملهم و هم يشاهدون وجبة العشاء التي قد يغيب فيها اللحم و تحضر فيها قطع كثيرة من الكوسه او مايسمى في المغرب "القرعة الحمراء", البخسة الثمن رغم ضخامة حجمها,فالاب وقبل ان يرى نفور أولاده او نظراتهم التعيسة يبدأ في مدح "القرعة الحمراء" قائلا: ماأشهاها,تذوب في الفم أروع من أفضل أنواع الجبن.ياأالله !"
أستاذنا طبعا كان لايفوته إضافة تعليقه الشخصي فإني لازلت أتذكره حين قال: "وفي الحقيقة لو طحن او عصر طن من تلك القرعة لن تخرج منها قطرة فيتامين."
كانت حكايات ممتعة واليوم مع تلاميذي احاول افعل الشيء نفسه وأتحلى بذات الروح: الى جانب الدرس القليل من المرح و السخرية من الواقع.
لكنني أعترف ان تلاميذي هم من يضحكنوني غالبا بمزاحهم الغير المتوقع.كما فعل محمد من أصل مغربي مع راشني الهندوسية, فعندما علقت على أحد تصرفاته ولان الجميع يعلم ان الهندوسيين يكثرون من الثوم في أطباقهم,قال لها محمد:"عندما لا تجدين شيئا تفعلينه إصنعي لنفسك آيس كريم أو تورتة ثوم واستمتعي بأكلها عوض إزعاجي"
Nassira
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|