[الباحث أحمد محمود القاسم]

بعض الشخصيات الهامة
في تاريخ مدينة بيت المقدس
[align=justify]الكاتب والباحث/احمد محمود القاسم[/align]

[align=justify]

[align=justify]
هناك أشخاص كثيرون ومهمون جدا لهم علاقة خاصة، بمدينة بيت المقدس عبر عصور التاريخ، وسنذكر بعضهم على سبيل المثال لا الحصر، و نذكر منهم:
1-الملك: ملكي صادق:
و هو أحد ملوك العرب الكنعانيين، الذين حكموا مدينة بيت المقدس، وهو من أقدم ملوك اليبوسيين المؤمنين بعقيدة التوحيد، وقد اتخذ من بقعة الحرم القدسي معبدا له، واسمه كنعاني ومعناه (ملك البر) أو (سيد العدل)، وقد استقبل سيدنا إبراهيم، عندما قدم من العراق الى مدينة بيت المقدس، التي كان اسمها في ذلك الوقت (شليم)، وكان يسكن بإحدى كهوفها في الجبال، كي يتعبد فيه، واشتهر أمره، حتى بلغ ملوك الأرض، الذين هم بالقرب من ارض مدينة بيت المقدس بالشام و سدوم وغيرها، وكان عددهم اثنا عشر ملكا، فحضروا إليه، فلما رأوه وسمعوا كلامه، أحبوه حبا شديدا، ودفعوا له مالا ليعمر به مدينة بيت المقدس، فعمرها، وسميت (بيت السلام)، فلما انتهت عمارتها، اتفق الملوك كلهم، على أن يكون ملكي صادق، ملكا عليهم جميعهم، ولقبوه (بأبي الملوك)، فكانوا كلهم بطاعته حتى يوم مماته.
[align=justify]
2-سيدنا (إبراهيم/عليه السلام) وأبنائه:
من الأشخاص المهمين الذين ارتبط اسمهم بمدينة بيت المقدس، وسيدنا إبراهيم/عليه السلام هو من الساميين، الذين كانوا يسكنون أواسط وشمال ارض العرب (العراق)، حيث ولد في العراق وخلف معظم أبنائه فيها، وبعد اختلافه مع أبيه، هاجر الى ارض كنعان، وأثناء هجرته مع جماعته، عبروا نهر الفرات الى ارض كنعان، فالتصق بهم لقب العبرانيون (أي الذين عبروا النهر)، وأقاموا في ارض كنعان فترة من الزمن، وكانوا منعزلين عن قبائل تلك المنطقة، وسيدنا إبراهيم هو من المؤمنين بديانة التوحيد، وعندما دب قحط في ارض كنعان، هاجر الى ارض مصر مع عائلته، لكن فرعون مصر، عندما سمع بجمال زوجته (سارة) طمع فيها، و أراد أن يأخذها منه، ولكن إبراهيم-عليه السلام- رجع مرة أخرى الى ارض كنعان، هربا وخوفا على زوجته من فرعون مصر، وكان فرعون، قد أهدى لزوجته (سارة) جارية اسمها (هاجر)، ولكن سارة، قدمت هاجر لزوجها إبراهيم، فاتخذها (سرية له)، ورزق منها ولده إسماعيل، وهو ولده البكر، ثم نقل سيدنا إبراهيم هاجر وولدها إسماعيل الى مكة، في شبه جزيرة العرب، وكان يزورهم بين الفينة والأخرى.
[/align]بنى سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل في مدينة مكة، (الكعبة) ووضعا بها الحجر الأسود، وقد تزوج سيدنا إسماعيل في مكة، من إحدى بنات قبيلة جرهم العربية، الذين كانوا سادة مكة، ومن نسله-عليه السلام- جاء العرب المستعربة، أما زوجات سيدنا إبراهيم فهما سارة وهاجر، وقد خلف سيدنا إبراهيم من هاجر سيدنا إسماعيل، وخلف من سارة (بعد أربعة عشر عاما) من خلفته إسماعيل، ابنه اسحق، ويقال ان لسيدنا إبراهيم زوجة ثالثة تدعى (قطوفة). تزوج سيدنا اسحق من رفقة، فخلفت له توأما هما يعقوب والعيس، ويعقوب هو أبو الإسرائيليين واليه ينتسبون.النبي داود، من الأشخاص المهمين الذين نزلوا في مدينة بيت المقدس أيضا، وكان ملكا لبني إسرائيل، وكان عمره ثلاثين عاما قبل أن يكون نبيا، وعندما أصبح بعمر أربعين عاما، أنزل الله عليه الوحي ليصبح نبيا، وانزل عليه الله كتاب (الزبور) و أرسله الى بني إسرائيل هاديا لهم، وبنى المحراب والذي يعرف الآن (بالقلعة) أو (القشلة) وليس كما يدعي اليهود بان المحراب هو الهيكل المزعوم.
وقد تزوج يعقوب من بنتي خاله (ليئة) و (رحيل)، وقد أهدت كل واحدة منهما ليعقوب جارية كي يتزوجها أيضا، فأهدت ليئة له الجارية (زلفة) و أهدت رحيل له الجارية (بلها)، وقد أنجب يعقوب من زوجاته الأربع اثني عشر ولدا هم:
أولا:من زوجته ليئة أنجب:
ربين و شمعون و لاوي (أبو سيدنا موسى ) و يساكر و زبولون ويهوذا.
ثانيا:ومن زوجته رحيل أنجب:
يوسف وبنيامين.
ثالثا:من زوجته زلفة أنجب:
جاد وأشير.
رابعا:من زوجته (بلها) أنجب:
دان و نفتال.
وهناك (العيص) و هو ابن سيدنا اسحق وأمه (رفقة)، وهو توأم مع سيدنا يعقوب، لكن اليهود يكرهونه مع انه عمهم، لأنهم لا ينتمون إليه، ولأنه تزوج من كنعان، لذلك وضعوا على لسان الإله زورا وبهتانا انه جعل ارث إبراهيم في اسحق، وأولاده دون إسماعيل.
3-الملك الفرعوني امنحوتب او (اخناتون):
من الأشخاص المهمين الذين لهم علاقة بمدينة بيت المقدس، و هو ملك الفرعونيين عاش بالفترة من (1377 ق.م الى الفترة 1358 ق.م)، ويعرف أيضا باسم (إخناتون الفرعوني) وكان قد دعا الناس الى عبادة اله واحد، ويقال أن إلهه كان إلها ماديا ويسمى (آتون) أي اله الشمس، ويقال انه ظهر بالفترة التي عاش فيها سيدنا إبراهيم وملكي صادق.
4-الأميراطور هيرودوتس:
من الأشخاص المهمين والذي لهم علاقة بمدينة بيت المقدس و هو من الادوميين العرب، اعتنق الديانة اليهودية، وولد في مدينة عسقلان وأمه من الأنباط العرب، في سنة 20 قبل الميلاد، قيل عنه من قبل اليهود، بأنه بني هيكلا في بيت المقدس، على أنقاض الهيكل الذي بني في عهد (زر بابل) المدمر، عينه الرومان ملكا على بيت المقدس، واعتبروه اليهود، انه ينتسب إليهم، لذلك فليس من حق اليهود البحث عن هذا الهيكل المزعوم، لأن هيرودوتس لا ينتمي إليهم بنسب، لأنه ينتسب الى العرب كما هو واضح، ويقال انه اعتنق اليهودية مجاملة وتهدئة للخواطر، واليهود، لا يعترفون باليهودي، إلا من كان من سلالتهم ومن أم يهودية، وبل من سلالة يعقوب فقط، وكان هيرودوتس قاسيا، حتى انه اعدم زوجته ووالدتها وأبنائه الثلاثة، لأنهم كانوا من الحشمونيين اليهود، فكان لا يثق فيهم الى هذا الحد، وفي أواخر حكمه، ولد السيد المسيح، وكان هيرودوتس قد أمر بقتل كل مولود يولد في عهده في مدينة بيت لحم، لذلك هربت السيدة مريم أم المسيح بولدها مع يوسف النجار الى مصر، خوفا من قتلهم، وقد دام حكمه أربعين عاما.
5-الإمبراطور (ادريانوس):
و هو إمبراطور روماني، احتل بيت المقدس سنة 135م ودمر الهيكل تدميرا كاملا بعد أن كان قد أعيد بناؤه، وأزاله من الوجود، وبنى مكانه معبدا وثنيا باسم (جوبيتر) أي (رب الآلهة) عند الرومان، حيث لم يكن الرومانيون قد آمنوا بالديانة المسيحية بعد.
6-الملك قورش:
أبوه الملك (احويرش) زوج أمه اليهودية، وهي الملكة (استر) واسمه قورش الاخميني، وهو ملك بلاد فارس، تمكن من هزيمة البابليين، سنة 539 ق.م واستولى على بلاد الشام ومملكة بابل، بمساعدة اليهود، الذين كانوا يسكنون بين البابليين، والذين تم سبيهم من قبل الملك البابلي (نبو خذ نصر). والتمس اليهود من الملك قورش، الذي وقفوا الى جانبه، بان يعيدهم الى مدينة بيت المقدس، مكان سكناهم قبل سبيهم الأول، فعاد قسم منهم، وبقيت الغالبية العظمى منهم، وعاد من عاد بقيادة قائدهم (زر بابل) ومعناه (المولود في بابل ) ولكنه كان تحت الحكم الفارسي، والذي استمر من تاريخ 538 ق. م الى تاريخ 332 ق.م .
7-الملك نبوخذ نصر:
وهو الملك البابلي، الذي اخضع المملكة اليهودية في بيت المقدس سنة 605 ق.م الى حكمه، وعين عليها الملك (يهو-ياقيم) ولما ثار الأخير عليهم، نزعوه من حكمه، وعينوا أخاه بدلا منه، الملك (يهو-ياكين)" ولما ثار أيضا (يهو-ياكين) عين مكانه الملك (صدقيا)، وأثناء فترة حكمه القصيرة، قام الملك البابلي بمحاصرة (أورشليم) واستولى على الملك (صدقيا وولده) واعتقل الملك وعائلته وجميع القيادات المهيمنة، واستولى على كل ما بها من أموال وذهب، ونقلهم الى بابل، وقدرت الأعداد التي سباها من السكان اليهود حوالي 40 ألف مواطن يهودي، وقد عين على ما تبقى منهم ملكا من أبناء (يوشيا)، الذي حكم من 597 ق.م الى سنة 586 ق.م، وعندما ثار على سيده، أرسل نبوخذ نصر جيشه إليه، و أسره ودمر مدينة أورشليم وجعلها أنقاضا، وبذلك انتهت دولة يهودا.
8-عزرا أو العزير:
و هو أحد حكماء اليهود، والذي عمل مع مجموعة من حكمائهم الذين سباهم نبوخذ نصر، على إعادة كتابة التوراة المنزلة على سيدنا موسى، بعد مضي حوالي ثمانمائة عام على نزولها، ويقال أن الجمع والتأليف تم في القرن الرابع قبل الميلاد.
9-رسول الله محمد بن عبد الله-صلى الله عليه وسلم:
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مَناف بن قُصَيّ بن كلاب بن مُرّة بن كعب بن لُؤَيّ بن غالب بن فِهر بن مالك بن النضر بن كِنانة بن خُزَيْمة بن مُدركة بن إلياس بن مُضَر بن نزَار بن معَدّ بن عدنان.
ولا خلاف في أن عدنان جدَّ النبي-صلى الله عليه وسلم-من وَلَدِ نبي الله إسماعيل ابن نبي الله إبراهيم-عليهما الصلاة والسلام-ولقد اختار الله نبيَّه محمدًا-صلى الله عليه وسلم- من أزْكَي القبائل، وأفضلِ البطون، وأطْهر الأصْلاب، فما مسَّ شيءٌ من أدران الجاهلية نسبَه الكريمَ.
روى الإمامُ مسلم في صحيحه عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أنه قال: "إن الله اصطفى كِنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم".
وأمـا أمّ النبي-صلى الله عليه وسلم-فآمِنَةُ بنت وهب بن عبـد مَناف بن زُهرة بن كلاب بن مُرّة بن كعب بن لُؤَيّ بن غالب بن فهر، وكانت من أفضل حرائرِ قريش نسبًا وشرفًا.
وفي عام الفيل الذي أقدم فيه أبرهة الحبشي الأشْرم على غزو مكة ومحاولةِ هدم الكعبة، كان مولدُ محمد- صلى الله عليه وسلم-لاثنتي عشرة ليلةً خَلَتْ من شهر ربيع الأول.
ولم يُولد نبيُّ الله في حِجْر أبيه، فقد مات أبوه وأمه آمنةُ حامل به، وقام على رعايته جده عبد المطلب، وأُلهِمَ تسميتَه محمدًا على غير ما هو مألوفٌ لدى العرب حينئذٍ، واسْتَرْضَعَ له-جَرْيًا على عادة أشراف العرب آنئذٍ-امرأةً من بني سعد اسمُها حليمة..
وما كاد محمد يُتم السادسة من عمره حتى ماتت أمّه آمنة، وظل في كفالة جده عبد المطلب الذي لم يلبث أن وافاه أجلُه هو أيضا بعد عامين، فتعهّده بالرعاية عمُّه أبو طالب، ونشأ محمد-صلى الله عليه وسلم- يتيمًا بعيدًا عن عطف أبويْه، وإن أوْسَعَهُ عمّه عطفًا وحُنوًّا.
وأخذت فُتُوّة الشباب تدبّ في أوصال فتى قريش، فاصطحبه عمه في قافلة متجهةٍ صوب الشام للتجارة، ومروا براهب كان عليمًا بالإنجيل، فجعل يتأمل محمدًا ويوصي عمَّه بأن يحذر عليه يَهُودَ؛ فإنه كائن له شأن عظيم. وكان أهل الكتاب من يهود ونصارى على علم بقرب بعثة النبي الخاتم، رسول آخر الزمان.
وسَعَى محمدٌ في شبابه لكسب الرزق، فرَعَى غنمًا على قراريطَ لأهل مكة، وما كان يَسْمُرُ ويلهو كما يفعل الشباب، وكان-صلى الله عليه وسلم-قبل أن يُبعث يستعين بطول الصمت على طول التأمّل، ولم يَتَلَقَّ عِلمًا من راهب أو كاهن أو فيلسوف، لكنه بفطرته عاشر الناس على بصيرة، فما وجده حسنًا شارك فيه، وألا عاد إلى عزلته وتأمله.
ازدانت رجولتُه بصفاء نفسي واستقامةٍ وقنوع، فما أصابه ما يصيب الناسَ من تعشّق العظمة، والتطلّع للرياسة والجاه بالتظاهر والرياء والمداهنة، فإذا أضفْنا إلى ذلك بُغضَه الشديدَ للأصنام وإدراكَه أن الحق شيء آخر وراء هذه الأوهام والخرافات، فإننا سنتبيّنُ سرَّ استِئْنَاسِه للجبال، وندركُ مدى عظمة هذا الرجل الذي اختاره الله لحمل آخر هدايات السماء لأهل الأرض.
تحدَّثَ أهلُ مكة عن أمانة هذا الرجل وكريم خُلُقِه، فبلغ ذلك امرأةً تاجرة ذات شرف ومال؛ هي خديجة بنت خويلد، فأرسلت إليه ليخرج في مالها إلى الشام تاجرًا، فقَبِل، وعاد من الشام بربح وفير سُرَّتْ به خديجةُ التي كانت تَحْقِر في الرجال نزوعَهم إلى المال، فإذا هي أمام رجلٍ ذي كرامةٍ فارعةٍ ونُبْلٍ عظيم، فتزوجتْه وأنجبتْ له ستة من أولادِه السبعة.
ولم يكن محمد بِدْعًا في نظرتِه الساخرة إلى وثنيّة العرب وأباطيلِهم، فقد وُجدت قلة من العقلاء كانت تبحث عن الحقيقة كزيد بن عمرو بن نفيل، ولكن القَدَرَ ظل يهيّئ لآخر الرسالات الرجلَ العظيمَ محمدًا- صلى الله عليه وسلم."إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم و عجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب" (رواه مسلم)- قبيل مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم-كان الظلام قد أَرْخَى سترَه على العالَم، وغابت أنوارُ التوحيد، وصارت الأرضُ غابةً، فَقَدَ فيها الضعفاءُ الحقَّ في الحياة.
لم يكن عجيبًا أنْ يَمْقُتَ ربُّ العالمين أهلَ الأرض؛ عربَهم وعجمَهم، إلا بقايا من أهل الكتاب، فقد عمَّ الناسَ ظلامٌ من الضلالة دامِسٌ، فعَمِيَتْ منهم البصائرُ، وضلت الإفهام؛ انصرفوا عن ربهم، وجحدوا خالقهم، وتحللوا من دين الحق، وصارت الدنيا إلى فوضى عَقديّة وخُلقية لم يشهد التاريخ لها نظيرًا، فلم يعدْ للفضيلة مكان، وشاعت الفواحش حتى صارت عُرفًا بين الأمم.
كانت منارات الهدى في القرن السادس لميلاد عيسى-عليه السلام-منطفئةً؛ فالمجوسيةُ في فارس تستعلي بشِرْكِها الذي شاع في الهند والصين وبلاد العرب وسائر المجاهيل، والنصرانيةُ أصابها تبديلٌ مروِّعٌ بالثالوث والفداء؛ أما اليهود، فزعموا أنهم شعب الله المختار الذي لا يضره ذنب ولا يُؤاخَذ بمعصية، وقطعوا شوطًا طويلاً في التبديل والاجْتراء على الله تعالى وأنبيائه الأخيار بأوصاف من عند أنفسِهم بلغَتْ من الإسفاف في الحديث عن ألذات العليّة مبلغًا شنيعًا.
كانت بعثة محمد النبي العظيم بالغةَ الإلحاح حين اغتالت الوثنيةُ الوضِيعَةُ كلَّ الأمم، وصيّرت الإنسان الذي جعله الله في الأرض خليفةً-عبدًا مسخَّرًا لأدنى شيء في السماوات والأرض من أحجار وأبقار وأصنام.
وجاءت رسالته-صلى الله عليه وسلم-مُعلِنةً أنها هي الخاتمة، وأنه لن ينزل ملَك بوحي من السماء بعدها، فقد أَوْدَعَ ربُّ العالمين الهداياتِ كلَّها في هذا القرآن الكريم.
وقد واجه النبي-صلى الله عليه وسلم-ودعوته مقاومة شديدة من قومه الأقربين، وعاداه أكثر العرب، ودافعوا بشراسة عن ميراث الجاهلية الوثني، الذي هدَّدته الدعوة الجديدة بالزوال، لكن الإسلام ثبت في وجه العواصف حتى أُتيح للناس أن يتعرفوا عليه ويسمعوا صوته بحرية تامة.
10-الخليفة عُمَر بن الخطابُ:
كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، واحدًا من الشخصيات الكبيرة التي مرت بتاريخ القدس والـمسـجد الأقصى المبارك، فقد بدأت القدس عهدَها الإسلامي عام (16 هجرية) ست عشرة من الهجرة، أي في خلافة الفاروق عمر، وتسلم أمير المؤمنين حينها مفاتيح المدينة من سكانها، وكانت لعمر مع الـمسـجد الأقصى، والحرم القدسي حكاية، فقد دخل الخليفة عمر، مدينة بيت المقدس، و عليه هالةٌ تكسُوه من التواضع، مع أنه دخلها منتصرًا، قد ذلت له الجيوش الرومانية الجرارة، وتقدم نحو الحرم القدسي في طائفة من الصحابة والمجاهدين المسلمين، وهو يعلم منزلة هذا الحرم في الإسلام، فدخله ملبيًا من الباب الذي دخله منه النبي-صلى الله عليه وسلم-ليلة الإسراء، وصلى في محراب داود تحية ال، وهناك أيضًا أَمَّ جَمْعَ المسلمين الفاتحين في صلاة الصبح، يَجهر من كتاب الله –تعالى-بسورتَيْ (ص، والإسراء) في قلب الـمسـجد والمدينة، التي طالما سَمِعت ترتيل الأنبياء الخاشع، ودعاء المؤمنين من قبلُ.
ولما سأل عمرُ عن الصخرة التي كانت قبلة الأنبياء، عرفه كعب الأحبار موضعها، لكنه وجد الرومان قد أهانوها، فاتخذوها مزبلةً، إهانةً لليهود الذين اتخذوها قبلةً لهم، فأمر عمرُ بتنظيف الصخرة، وشارك المسلمين في كَنْسِ ما حولها بردائه.
واستشار عمر مَنْ حولَه في موضعٍ يَبني فيه مـسـجدًا، فأشار كعب الأحبار-الذي كان يهوديا وأسلم-بموقعٍ شمال الصخرة، لكن ذلك لم يُعجبْ عمرَ، ورأى أن يجعله في مقدم بيت المقدس، عندَ ما يُسمَّى "موقع هيرود الملكي"، حيث أقام أول بناء في الإسلام ببيت المقدس.
وقد شيَّدَ أميرُ المؤمنين هذا الـمسـجدَ من ألواح الخشب وجذوعِ الشجر، ووسَّعه لكي يستوعب أكبر عدد من المصلين. هذه هي قصة الحرم القدسي الشريف وقصة الـمسـجد الأقصى المبارك بشكل موجز جدا، توضح مكانة الحرم القدسي الشريف والـمسـجد الأقصى عند الأمة الإسلامية قاطبة، ولهذا فان امة الإسلام تتدافع عليه لتفديهما بكل ما تملك، بأرواحها وأموالها وآلامها وآمالها، وسيأتي اليوم الذي يتحرر فيه الحرم القدسي الشريف من رجس اليهود الصهاينة المحتلين، مهما طال الزمان.
10-الخليفة عبد الملك والوليد:
يعتبر عبد الملك بن مروان، المؤسس الحقيقي للدولة الأموية، فقد أنقذها من الانهيار، وانتصر على منافسه القوي عبد الله بن الزبير، حتى خضعت له الحجاز والعراق، وانفرد بالحكم في العالم الإسلامي.
جاء من بعده ابنه الوليد، فبلغت الدولة في عهده شأنا كبيرا، وكثرت الفتوحات حتى وصل المسلمون إلى أوروبا من جنوبها الغربي، وفتحوا الأندلس، كما توغلوا في آسيا إلى الشرق والجنوب، وفتحوا السند والهند..
لعبد الملك والوليد في القدس أعمال خالدة، ما زال بعضها قائما إلى اليوم، فبناء الـمسـجد الأقصى ومـسـجد قبة الصخرة هما من أعمال عبد الملك والوليد، وقد رصد عبد الملك لبناء قبة الصخرة وحدها خراج مصر سبع سنين، كما عبّد طريق القدس إلى الشام، وطريق القدس إلى الرملة.
وأما الوليد، فقد بويع بالخلافة- فيما يقال-على سطح الصخرة المقدسة، وواصل عمل أبيه في بناء الـمسـجد الأقصى حتى أتمه، ورتب له الخدم والرعاة الذين يصونونه.
11-الخليفة سليمان بن عبد الملك:
سليمان بن عبد الملك، هو ثاني أبناء عبد الملك بن مروان الأربعة (الوليد وسليمان ويزيد وهشام) الذين تولوا الخلافة بعد أبيهم، وكان آخرُ مناصبه قبل مبايعته بالخلافة العامة (سنة ست وتسعين) هي الولاية على فلسطين.. أعطى هذا المنصب لسليمان معرفة جيدة بفلسطين ومدنها، وعلى رأسها القدس والرملة، وكان محببا إليه الجلوس تحت قبة السلسلة بأرض الحرم القدسي الشريف. ترجم سليمان حبه للقدس، عقب توليه الخلافة بصورة أبها من ذلك، فبويع على سطح الصخرة تحت القبة التي بناها أبوه، في مشهد مبهر، اجتمع فيه الناس حول الخليفة الجديد، وإلى جانبه المال وكتّاب الدواوين.
كاد سليمان أن يتخذ قرارا، هو الأول من نوعه في تاريخ المسلمين، بنقل العاصمة إلى بيت المقدس، أو الرملة، وسيطرت على تفكيره حينئذ صورة نبي الله سليمان-عليه السلام-وهو يحكم مملكته القوية من بيت المقدس.. ولكن هذا الأمر لم يتحقق، ربما للموت السريع الذي أدرك سليمان بن عبد الملك عام ثمان وتسعين، وهو في مرج دابق شمالي الشام.
12-الناصر صلاح الدين الأيوبي
ولد صلاح الدين سنة 532هـ بقلعة تكريت لما كان أبوه وعمه بها، والظاهر أنهم ما أقاموا بها بعد ولادة صلاح الدين إلا مدة يسيرة، ولكنهم خرجوا من تكريت في بقية سنة 532هـ التي ولد فيها صلاح الدين، أو في سنة ثلاث وثلاثين، لأنهما أقاما عند عماد الدين زنكي بالموصل، ثم لما حاصر دمشقوبعدها بعلبك وأخذها، رتب فيها نجم الدين أيوب، وذلك في أوائل سنة أربع وثلاثين.
اسمه بالكامل، الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان، أبو المظفر الأيوبي، عاش بالفترة الزمنية (1138م-1193م)، معروف عنه في كتب التاريخ في الشرقوالغرب، بأنه فارس نبيل، وبطل شجاع، وقائد عظيم، وهو من أفضل من عرفتهم البشرية، وشهد بأخلاقه أعداؤه من الصليبيين، قبل أصدقائه وكاتبوا سيرته، وشهدوا له بأنه نموذج فذ، لشخصية عملاقة، من صنع الإسلام، إنه البطل صلاح الدين الأيوبي، محرر القدس من الصليبيين وبطل معركة حطين.
أجمع الكثيرون، على أن أباه وأهله من بلدة (دوين) وهي بلدة في بلاد أذربيجان، وأنهم من ألأكراد الروادية، و الروادية، هم بطن من الهذبانية، وهي قبيلة كبيرة من الأكراد، يقول أحمد بن خلكان، بأن رجل فقيه قال له، وهو من أهل دوين، إن على باب دوين، قرية يقال لها (أجدانقان) وجميع أهلها أكراد روادية، وكان شاذي -جد صلاح الدين- قد أخذ ولديه أسد الدين شيركوه، ونجم الدين أيوب، وخرج بهما إلى بغداد، ومن هناك نزلوا تكريت، ومات شاذي بها، وعلى قبره قبة، داخل البلد. يقول بن خلكان أخبرني بعض أهل بيتهم، وقد سألته هل تعرف متى خرجوا من تكريت؟؟ فقال سمعت جماعة من أهلنا يقولون، بأنهم أخرجوا منها في الليلة التي ولد فيها صلاح الدين، فتشاءموا به، وتطيروا منه، فقال بعضهم لعل فيه الخيرة وما تعلمون، ولم يزل صلاح الدين تحت كنف أبيه حتى ترعرع، ولما ملك نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي دمشق، لازم نجم الدين أيوب خدمته، وكذلك ولده صلاح الدين، وكانت السعادة بادية عليه لائحة، والنجابة تقدمه من حالة إلى حالة، ونور الدين يرى له ويؤثره، ومنه تعلم صلاح الدين طرائق الخير وفعل المعروف والاجتهاد في أمور الجهاد.

[/align][/align]

[نصيرة تختوخ]

الأستاذ الفاضل أحمد كل التقدير لمجهودك و شكرا على ماوضعت بين أيدينا من معلومات تاريخية قيمة.
تحيتي و دمت بألف خير

[رأفت العزي]

استاذي الفاضل أحمد محمود
الشكر لك أولا على ما تبذل من جهد
استاذي الكريم .. الذي يؤرق في تناول هذا التاريخ هو أن مرجعيته مع الأسف الشديد هو رواية توراتية
خصوصا ذلك التاريخ الموغل بالقدم والذي يلفه مع الأسف ضباب الأساطير التوراتية ولا شيئ غير ذلك
ومما يؤلم أيضا هو أن الذين تصدوا للتاريخ من رواة السِيّر " الإسلامية " قد قاموا بالقص واللصق كما
نفعل نحن في مصطلح العصر الحديث / فالحديث عن تاريخ القدس في مقدماته بهذا الشكل ينتج عنه وبالضرورة
تصديق جميع الروايات التي نسجها الصهاينة عن ليس فقط القدس بل فلسطين وأبعد من ذلك
ولا أخفيك بأن " جهابذتنا " حين يصدمون بهذا يخبروك بأن " الأنبياء " المذكورين نحن أولى بهم
ويخلطون علينا الأمور بجعلنا نبصم على الروايات بعد أن " يأسلموها " ..!
فرحمة بالقدس ورحمة بنا وجب التمحيص جيدا قبل تبني تلك الروايات القصصية عن التاريخ
الذي ليس له أي سند آخر غير التوراة .
شخصيا لقد آرقني هذا الموضوع وأرهقني في ما أسميه " شبه " دراسة متواضعة أطرح
فيها مئات الأسئلة وعلامات الاستفهام هو كل جزء من تلك الأخبار التي أراد العالم كله أن يجعلنا
نصدق بأن التوراة كتاب تاريخ الجميع دون استثناء وقعوا في هذا الفخ إلا من رحم ربي
وما همه ذلك حتى لو قال فيه الطبري وابن هشام والأصل كما تعلم ايها الكريم هو ابن اسحاق !!
الموضع قد بدأت بنشره هنا وفقط انظر نحو الأسفل إلى الرابط ودعنا نعيد واياك قراءة التاريخ
قراءة جديدة أو على الأقل تكرّم علينا برأيك الكريم ومنك نستفيد .
تحياتي وتقديري ومحبتي