روعة الكلمة و الكتاب
إن الكلمة و الكتابة و الكتب و الكُتاب هم أساس الحضارات العالمية .. ومن نتاج أفكار عقولهم النيرة المبهرة سطروا أعظم و أجمل و أروع الكتب , التي أنارت طريق العلم و المعرفة للبشر .. كان الآباء – في عصور مصر الفرعونية – يحرصون أشد الحرص على تعليم أبنائهم العلم , وتحبيبه إلى قلوبهم ودفعهم للإستزادة و الإستفادة من مناهل العلم .
هناك بردية شهيرة تعرف بإسم " تعاليم خيتي بن دواوف لابنه بيبي" تحوي النصائح التي يوصي بها الحكيم إبنه بيبي وهما في طريقهما على سفينة بالنهر لإلحاق الإبن بمدرسة أولاد الحكام .
يقول خيتي لإبنه :
"عليك أن توجه قلبك لقراءة الكتب
تأمل! .. لا شئ يفوق قدر الكتاب
ليتني أجعلك تحب الكتب أكثر من أمك
ليت في مقدوري أن أظهر جمالها أمام عينيك
إن الكتابة أعظم من أية حرفة"
ثم يكمل خيتي برديته ويصف لإبنه الحرف الأخرى , وما بها من صعاب ومشقة . وفي النهاية يتحدث عن حرفة الكتابة ويبين فضلها ومكانتها فيقول:
"إن صاحبها هو الذي يصدر الأوامر
أن الكاتب هو رئيس نفسه
إذا عرف الإنسان الكتب فإنها تفيده
إن يوماً في المدرسة مفيد لك
وما تتعلمه فيه يبقى مثل الجبال"
وكان من أحد الألقاب لدى المصري القديم أن يلقب "بالكاتب"
ومن أكبر أمانيه أن يصنع لنفسه تمثالاً يضعه في مقبرته يمثله في هيئة الكاتب المتربع وهو يكتب أو يقرأ بردية في حجرة .
وكان تقدير المصريون القدماء للعلماء والمدرسين شديداً , كان يتمتع المدرس في المجتمع بحب واحترام بالغ . وكانوا يضعون الكتب والمؤلفات في مكانه عالية , ويعتبرونها أكثر خلداً من الأهرامات.
وهناك بردية من عهد الرعامسة تقول عن هؤلاء المؤلفين الحكماء:
" إنهم لم يقيموا لأنفسهم أهراماً من نحاس
ولا شواهد قبور من حديد
بل جعلوا من كتب الحكمة إرثهم الوحيد
كانت إضمامات البردي كاهنهم المرتل
وألواح الكتابة أبناءهم البررة
وكتب التعاليم أهراماتهم
و القلم إبنهم
والصفحات زوجاتهم "
ثم تصف البردية كيف أن هؤلاء الكتاب والحكماء قد ماتوا وقبورهم قد دمرت , ولكن مؤلفاتهم بقيت .. ثم تمجد فائدة الكتاب كالتالي :
" ان كتاباً واحداً لأعظم فائدة من لوحة في قبر
ومن جدران مقبرة حصينة
فالكتب هى قصور فخمة و أهرامات في قلوب الناس "
" الرجل يموت .. وتصبح جثته جيفة قذرة
ويصير كل ما فيها تراباً
لكن الكتب التي يؤلفها تجعله في كل فم
ان كتاباً واحداً لأكثر نفعا ًمن بيت متين الأساس
ومن قبر في الغرب
وأجمل من قصر منيف
ومن نصب في معبد "
تحياتي لكل الكتاب و أصحاب الكلمة الصادقة النافعة المستنيرة