[فيصل الشعراني]

بعدعشرين عاما: إسرائيل تعترف رسميا بأن استجلاب مليون يهودي من الاتحاد السوفييتي تمّ بالكذب والاحتيال وصفقة مع المخابرات الرومانية
2011-04-13
الناصرة ـ االقدس العربيب من زهير أندراوس: بعد مرور عقدين ونيّف على استجلاب يهود الاتحاد السوفييتي سابقا إلى الدولة العبريّة، كشف أمس النقاب عن أنّ عملية الهجرة تمّت عن طريق النصب والاحتيال.
وفي هذا السياق نشرت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' العبريّة في عددها الصادر أمس الأربعاء، مقابلة مع المدعو يعقوب كيدمي، رئيس المنظمة السريّة (ناتيف)، وهي منظمة شبيهة بالموساد الإسرائيلي، والتي أنيطت بها مهمة استجلاب اليهود، شرح فيها عن خداع المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفييتي.
وتحت عنوان رئيسي (كذبنا على المهاجرين الروس) كتبت الصحيفة نقلا عن كيدمي قوله إن كان من الممكن أن يتوجه نحو مليون مهاجر إلى الولايات المتحدة، ولكن تم منع ذلك بالاحتيال. كما أبرزت قوله إنه غير نادم على ذلك، بذريعة أن الاحتيال والكذب قد أنقذا الدولة العبرية، على حد تعبيره.
وأشارت الصحيفة، التي ستقوم بنشر المقابلة كاملة مع كيدمي، في عددها الذي سيصدر الجمعة، إلى أنّ عملية الخداع هذه، التي يكشف عنها للمرة الأولى، جاءت في أعقاب حملة سرية لمنظمة تجسس تدعى (ناتيف)، والتي تعني باللغة العربيّة مسلك، كانت تعمل على استجلاب يهود الاتحاد السوفييتي لتوطينهم في البلاد. وكان الهدف من الحملة منعهم من التوجه إلى الولايات المتحدة بعد خروجهم من الاتحاد السوفييتي الذي بدأ يتفكك في حينه.
ويكشف رئيس (ناتيف)، في أول حديث صحافيّ يدلي به لوسيلة إعلام عبرية أوْ غربيّة، النقاب عن عملية الخداع هذه بعد نحو 20 عاما، ويشير إلى أنه في نهاية المطاف تم استجلاب نحو مليون مهاجر إلى البلاد. وكتب المحلل للشؤون الإستراتيجيّة في الصحيفة، رونين بيرغمان، الذي أجرى اللقاء، أنّ بداية عمل (ناتيف) كان لمواجهة الظاهرة التي بدأت مع موجات الهجرة الكبيرة في سنوات السبعينيات من القرن الماضي ، حيث أن المهاجرين اليهود في حينه الذين كان يفترض أن يتوجهوا إلى إسرائيل بعد خروجهم من الاتحاد السوفييتي توجهوا إلى الولايات المتحدة عن طريق العصمة النمساوية، فيينا، برعاية منظمات يهودية من بينها (هياس) و(هجوينت)، ولم تجد محاولات إسرائيل في حينه في مواجهة هذه الظاهرة.
وتابعت الصحيفة أنه مع انهيار الاتحاد السوفييتي في أيلول (سبتمبر) 1989 بدأ اليهود الروس يفكرون بالخروج من هناك، في حين قررت إسرائيل منع تكرار ما حصل في السبعينيات، وبحسب كيدمي فإنه لو لم يتم ذلك لكان قلائل فقط سيتوجهون إلى إسرائيل. وتقرر في حينه خداع يهود الاتحاد السوفييتي، كما صرح في الحديث الصحافي، وإشعارهم بأنه لا يوجد أمامهم خيارات سوى الهجرة إلى إسرائيل. وكانت تعتمد الخطة على منح اليهود تأشيرة الخروج والهجرة إلى إسرائيل، وبدون هذه التأشيرة لا يمكنهم الخروج من الاتحاد السوفييتي كما لا يمكنهم دخول أية دولة أخرى، إلا إذا عرضوا تذاكر سفر إلى هنغاريا أو رومانيا، وفي هذه الحالة عملت إسرائيل على أن تكون الترتيبات في بوخارست وبودابست لا تسمح لهم سوى بالتوجه إلى إسرائيل.
وتضيف الصحيفة أن اختيار هنغاريا ورومانيا لم يكن بالصدفة، حيث تم الاتفاق مع الرئيس الروماني السابق، نيكولاي تشاوشسكو، على أن يتوجه اليهود من هناك في مسار واحد إلى إسرائيل وعدم السماح لهم بمغادرة المطار، كما تم ترتيب إجراءات مماثلة في هنغاريا. وتابع المسؤول الإسرائيلي قائلاً للصحيفة في معرض ردّه على سؤال إنّ انصياع القطيع الذي ميز المهاجرين، والضغط النفسي والتربية السوفييتية.. كل ذلك عمل لصالح الدولة العبريّة. بالإضافة إلى ذلك، أشار كيدمي إلى أنّ من أسماه بالطاغية الروماني تشاويشسكو تم شراؤه بمبالغ مالية.
وبحسبه فإن أحد مؤسسي (ناتيف) وأحد كبار المسؤولين في الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية في حينه قد عقد صفقة مع الاستخبارات الرومانية، بموجبها تحصل رومانيا على قرض من الولايات المتحدة بقيمة 100 مليون دولار مقابل أن تعمل رومانيا على دفع اليهود على الخروج من بوخارست باتجاه واحد فقط إلى مطار بن غوريون الدوليّ (اللد)، وقال المسؤول الإسرائيليّ أيضا إنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، يتسحاك شامير، قد صادق على الخطة.