من أرشيفي (05فبراير 2018)
ليلى مرجان
مجنون عشق
انتفض من غفلة يقظ في نوم، حركه نبض صاخب، لهفة تشي بعطش الحرمان.
- لست في حلم، أنا واع، وهنَّ .. نعم هنَّ، أعرفهن، وكلهن آثرن إفراغ مسكنهن تحت الضلع، هي هنّ بوجه مراوغ،
فأيهن هي؟
فرك عينيه، بدا إليه شبحها محاذيا الموج اللافظ أنفاسه على البلورات الذهبية. ساقه إليها جسد مشقوق مخرم، اعترضت طريقه أسراب النوارس، كسرت سكون الشاطئ ضجة، كانت عودتها نذير شؤم، خلخلت انتباهه، تغبش بصره، استعصى عليه اللحاق بالخطوات المفزعة من برودة نهايات الأمواج، تزحلفت شمس أمله، بين واو ونون أضاع هدفه. انزوى في سراديب خياله، نبش رماد ماضيه، لفحته جمرات تترى، أوقدت زخات جفنيه لهيب صدره، حرضت عقله على الهذيان.
ساقه هوسه بالصبية الزئبقية؛ ذات القامة الرفيعة واللون الفيروزي؛ إلى تخطي النوارس، وآناه الملتصقة بسقف قلبه العالي. مشط الشاطئ خلف إيقاع تشتت خطوها، دوخه انفلاتها على رمال الريح، وظهورها مموهة بأوجه واراها العصيان، وخلدت في مرفأ الذاكرة. سلبه القلق والخوف، الفوضى والرعب توازنه؛ قلبه قصف من جهات اتحاد مختلفة بكلاشنكوف فارغ.
كالساقط من عال، غارق في جب التيهان، جرفته سكرة الهذيان، ما كان له أن يتمثل شبحها بربيع أسود، وخلفية مدمرة؛ حتى تثخن مشاعره. سجين قيدها أبى ألا يحيد عنها؛ فما أرضاه عناده، وما أطفأ جمره، تواطأ عقله مع قلبه فما استقام حاله، انغلق لحد نفسه. خالي الوفاض، أدار الخطو باتئاد، وقلب حالم بنسيم حرية يجلي العتمة؛ مزاجه رضاب حورية، و رذاذ أمواج بحرية.
وما هو إلا مجنون عشق، يتسول الإلهام؛ ليزمل البياض بدفء اليراع.