ضد مجنون
اخذ شريط الماضي يدور على عجاله امام ناظريه وهو قابع خلف تلك الطاولة المقلوبة يرتجف من الهلع وصوت طلقات الرصاص تدوي من حوله مقتربة معلنه نهاية الحكاية ,,,,امجد خالك قد اتصل في الصباح الباكر ليخبرك بان تأشيرة العمل قد صدرت الموافقة عليها اخيراً’,, وفي ظرف اسبوع يجب ان تحزم حقائبك للسفر... كنت تخبر نفسك اخيراً بعد طول عناء وانتظار ستذهب للعمل في دولة مجاورة لتعين اسرتك وترفع من دخلكم المعيشي. اعادك اقتراب صوت الموت من طاولتك الى ارض الواقع ورغم عنك افلتت منك دمعة مليئة بالمرارة ,, لم يكن كل شيء على ما يرام في الغربة بل في الحقيقة لم يكن أي شيء على ما يرام,, فما كنت تسمعه وتأمله لم يكن يمت للواقع بصلة ,,, شهاداتك وتحصيلك العلمي ليس لهم أي وزن هناك انت فقط (( عامل)) تستيقظ فجراً وتخلد للنوم بعد منتصف الليل ,,, تقفز بذكرياتك الى بداية ذلك اليوم المشؤم كنت منهمك في مسح طاولات الطعام لتجهيزها لازدحام ما بعد صلاة الظهر عندما دخل مجموعة من الشباب صاخبين ضاحكين وكأنهم حازوا الدنيا بما فيها وهذا الأمر قد إعتاده معك زملاءك في العمل ,,, قام احدهم بطلب الطعام وكالعادة
اختلفوا من سيدفع مبدياً كل منهم كرمه الحاتمي الى ان اتفقوا ان فلان هو الذي حلف بالطلاق وغلظ في القسم ... لم يكن يملك مال,, تخبر نفسك المرعوبة فلماذا كل هذا الغضب؟؟ لماذا يصورون الأمر وكأنه خطأ احدنا... ان لم اكن احمل نقود فلن ادخل الى مطعم لأطلب طعام وبالتأكيد لن احلف بتلك الأيمان المغلظة,,,, تستيقظ فجراً لتلحق بركب الصيادين فالصيد في البكور يحوز على كل البركة كما كان يخبرك ذلك الشيخ الطاعن ... كنت تمارس عملك بروتين من قد اعتاد على فعله دون أي خطأ ففي البحر لا يوجد من يخبرك بأن السمكة التالية ملحها ناقص او ان البحر الهائج يجعل طعم التونة مر المذاق. ان قدر لي ان اعيش بعد موقف هذه الطاولة سأقبل مياه البحر كما كانت تقبلني كلما رأتني.
عاد قبيل العصر يحمل سلاحاً ناري بدأ بإطلاق النار على كل من في المطعم بدون استثناء كان اول من قتل عادل محاسب بسيط لم يمضي على زواجه العام , كان في كل ليله ارى نظراته تحكي لنفسه خطة السير للإجازة القادمة وكيف انه سيأخذ عروسه الى المدينة ليمكثوا اسبوعاً في احد الفنادق .. اسبوع واحد لا أكثر فميزانيته لن تتحمل 8 ايام ..كنت اشاهده وهو يلفظ انفاسه من طرف الطاولة التي تكورت خلفها ’’ مازالت نظراته تحكي تلك الخطة.. ام ان جمود الموت جعلني اتخيلها تحكي؟؟؟؟
اتجه بعد ذلك للطباخ وهنا لا اعلم لم قتل؟ هو فعلا ماهر يجيد طبخ الأرز والدجاج الكل يشيد بطبخه وبمذاق الطعام اللذيذ,, لماذا تصر على ان تحرم العالم من تذوق وجبة طعام شهيه؟ ان كانت النفس البشرية ليست بذات الأهمية فتذكر ان هناك من كان ينتظر صحن الأرز والدجاجة المشوية اليست تستحق ان تبقي عليه الى ان ينهي طبخها على الأقل؟ تفكر أنه لو كان الأمر بيدك يجب ان يوضع قانون يحرم القتل اثناء طبخ الطعام فالطعام مهم للبقاء حياً.....
ها قد حانت اللحظة التي كنت تتجنبها اصبح الموت يبحث عنك تشعر بان العالم تخلى عنك فجأه وتركوك تواجه مصيرك المحتوم حتى اقرب الأشياء اليك تلك الطاولة الحبيبة تخونك في اللحظة الأخيرة وتبتعد عنك لتجعلك مكشوف وهدف سهل المنال .. تلتقي عيناكما للحظه ترى فيها كل تلك المشاهد السابقة بل وتصل لحدود المجهول لتتجلى لك محكمة منعقدة وقضاه يستمعون لهيئة الدفاع ,, ثمة اربعة ملفات ملقاة على طرف طاولة خيل اليك لبرهه انك قد رأيتها من قبل... مكتوب على كل ملف من تلك الملفات جملة واحدة (( دجاجة غير مكتملة النضج)) تسمع محامي الدفاع قائلاً ان موكله مريض نفسي ولدية من الأوراق والمستندات ما يثبت ذلك,,, تصيبك نوبة ضحك هستيري .. تحدث نفسك قائلا لا يملك نقود ويحلف بالطلاق ويملك سلاح ومع ذلك يحاول الرجل ان يقنع من حوله بأنه مجنون؟؟؟
متى هطل المطر؟؟ فأنا اشعر بمذاق قطرات الماء في فمي وهي مالحة جداً يا رجل ولكن لما لونها احمر قاني هل هذه قطرات مطر ام دماء؟؟ هذه اكبر بركة دماء رأيتها في حياتي كان يجب ان اتبرع بالدم بدل ان يهدر كل هذا الدم من اجل دجاجه لا يملك من طلبها ثمنها...
القاضي ينطق بالحكم الان اسمعه بوضوح يتحدث عن ازمة المياه العالمية وعن مراحل اكتمال القمر.. وعن امور كثيره غير مترابطة ام انها مترابطة بشكل ما وعدم فهمي لها فقط بسبب ان العالم تغير من حولي ومازال طموحي تأشيره لدولة مجاوره؟؟ لم انتبه للحكم الصادر مع كل تلك الهلوسات التي تجول في مخيلتي ولكني ميزت الختم الذي ختمت به القضية (قيدت ضد مجنون))
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|