بوح التهاويس في معلقة امرئ القيس
قفي لا تخافيني وخافي مجازاتي
إذا سرقوا من مقلتيك حكاياتي
فلا تنبشي جرحا تعودت نزفه
على لغة الأبعاد نز بمأساتي
فكم تعشبين الحرف في ربوة الرؤى
فها شققي معناي من وجع الذات
ومن عمقها إذ تفتحين سرادبي
وإذ تسبرين الآن غور جراحاتي
تساكنني أشباح كهف المعاناة
فتهت ولم تستوقدي في نجماتي
يسويك من رؤياي حلما ليقظتي
تنيخ كوابيسي على صدر ليلاتي
فأعبر عمري في تهاويس تربتي
وأقصى مداه من سراب المفازاة
وما قد وصلت الآن حد النهايات
تعشب تلاويح الهوى في المساءات
قرأت لوجه الرمل ألف حكاية
تعيد خطاي السمر صوب البدايات
على لغة سالت كنز الخطيئات
وقد شققت من ذكريات مواجدي
فلذت بهذا الصمت أنبش غربتي
نمت في مراعي الذات تذكي غياباتي
تنصت والأصـــوات في تشابهت
ولم أدر أين الشدو في نبر أصواتي
وراحت سنين التيه تمتح وجهتي
رمت لفم البلوى هسيس حكاياتي
أذابت بقايا يقظـــــتي حين ذوبت
ملامح بيد البوح في جب مأساتي
فتجتث في عمقي على مدن الهوى
وريد السواقي بعد حث ارتياباتي
وأمكنتي قد ذوبتها مع الرؤى
بأزمنة تقتات من ليل حيراتي
أطرز صدر الريح إذ طال عقمها
وفي هوسي أستل منها خيالاتي
وكم أوقدت نارا بعينيك تربتي
وكم أقلقت عيناك زهو الحضارات
تطوح بالوهم المعربد طهرها
وقد كسرت ألواح كل البدايات
وقد جردتني منك حين لبستني
وفي شفقي كم جالت لتطفئ جمره
فلذت وحيدا منك أجتر خيباتي
عن الوجد تخفي فيك جرح النبوءات
تطيرها نار المجوس بلا هدى
وقد نسقت فيها شفيف حكاياتي
تعربدني من قبل بوح معارجي
ومن بعد صمت المنتهى في إشاراتي
فمني ترقى العارفون بعشقهم
وفي ترقى العاشقون لغاياتي
أنا أول النايات في نبرة الأسى
وأصدقها حتما مهوسا ببحاتي
على جسدي منفى أحاسيس نبضنا
وفي خافقي روح الهوى من صباباتي
على شفتي قد رف شدو ربابتي
وفي مغرب الروح انبعاث مقاماتي
ومن قصبي تشجو مواويل ناياتي
وأخرج ذاتي من كهوف اعترافاتي
على نخل هذا العشق تندى مواجدي
فأعبر أغوار الوجود بمشكاتي
أقلب وجه الغيب فاستغلقت دجى
مفاتيحه عني فذابت دياناتي
لكل رؤى من خافقي نبض نخلتي
تعانق وجه من مرايا بداياتي
فتبلح في ذاتي عراجين مأساتي
نذرت لهذا البيد عمري بنبضه
إلى منتهى كل المعارج في ذاتي
وأعبر هذا الأفق أنثر شدوها
فذي الأرض ألحاد تشي بالغوايات
وأشباح هذي الأرض تسكن أمواتي
أدرت لباب الكهف ظهري وكلبه
يشيط نباحا كي تفيق ظلالاتي
طفقت أمد الخطو من ذعر وهمه
فيسخر ظلي من بنات ضلالاتي
توقفت والأشباح سعلى تكومت
كظلماء هذا الجب تبدي غياباتي
توحدت في معناي أشعل فكرتي
أضاءت ببطن الحوت جوف متاهاتي
تعثرت بالأنوار أغزل خيطها
لليلة إشراقي فضجت حطاماتي
يلملمني بدر المحاق بمحنتي
إلى العالم الليلي يستف أشتاتي
تمهل أجل قالت عروس بوارقي
أتبعث أرواح المنى من جراحاتي
تآكل نبض الروح فينا تعيدنا
إلى الزمن المشبوه أرض الخرافات
فقابيل كم يغلي دماء لطينها
تحاكي عيون القدس تبكيك غاراتي
وفي الهيكل المزعوم ألف رواية
سليمان قد أهدى لبلقيس توراتي
وفي كعبة الأنوار أصنام ردة
ترى هبلا فيها خصيا لدى اللات
وخط نجاشي الرؤى ذاب في ذاتي
فتكبر أوجاع الرؤى عند نخلة
لمريم هزت جذع أحلام ناياتي
عساها بلا زهو تساقط رطبها
على حائط المبكى لتغسل بحاتي
و تحبل قليس الغواية ترتجي
لدى صخرة الأقصى بريق فتوحاتي
فيخرس صوتي قبلة الشرق في دمي
وذاب على رؤياه دفء الحضارات
أتيتك مهلا لا تخافي عمامتي
وخافي لدى الإصباح مسخ النفايات
إلى منتهى أرض الرؤى والبدايات
برغم جفافي رغم سحب الخيانات
أزيد شموخا كي تعانق قامتي
أجل لا تخافيني فإني بلا مدى
أحاول تقديم الرؤى في اعتذاراتي
أجل لا تخافيني وخافي نبوءة
ستغدقها في مقلتيك حكاياتي