رد: صعود الاسلام السياسي قمة السلطة والفتاوي القادمة
الكريم الفاضل : الأستاذ الباحث أحمد القاسم
وددت لو أن المدخل لأطروحتكم المحترمة حول صعود الإسلاميين إلى سدة الحكم لم يكن بهذا العنف والتعميم الذي يسد الباب أمام فرص الدفاع أو الإدلاء برأي مخالف , ذلك أن التصريح بكون "المواطنين الذين انتخبوا قيادات الإسلام السياسي لا يعلمون باختيارهم هذا أنهم واقعون لا محالة تحت إرهاب فكري ديني إجتماعي تكفيري من نوع آخر , سوف يجلدهم يوميا بسياط الفتاوى التي ما أنزل الله بها من سلطان " يستند في تبريره إلى مجموعة من الفتاوى الغريبة الصادرة عن رجل دين في أوروبا , وعن عبد الباري الزمزمي في المغرب , وعن عبد الله بن باز في السعودية , وغيرهم من شيوخ الإفتاء , لولا أنه حق يراد به باطل , فكيف ذلك ؟؟.
أنا معك في أن هاته الفتاوى تبعث على الإشمئزاز , بل وعلى الضحك في الكثير من الأحيان , ولكن , هل هي ملزمة لأصحابها أم هي فتاوى متبناة من قبل هاته الأحزاب الإسلامية ؟ لا نحتاج إلى كبير عناء للوصول إلى الحقيقة , ومثل هؤلاء هم المتطرفون الغلاة الذين لا يستقيم أبدا أن يركن إليهم المواطن أو يسلمهم مقاليد أموره ومفاتيح شؤونه . لكن الحكم على الأحزاب الإسلامية جميعها ــ ومن الخليج إلى المحيط ــ بأنها تتماهى مع هذا الطرح لا يمكن تصنيفه إلا في خانة التجني , لأننا بذلك نضرب صفحا بوجود علماء وخطباء ورجال ونساء دين على امتداد الرقعة العربية والإسلامية للأمة يبلون البلاء الحسن في جميع الحقول وعلى أعلى المستويات . إنها فقط مسألة مرجعية , فحين يكون الشيوعي جالسا على كرسي الحكم في بلاد العرب يكون جالسا تحت مظلة الحداثة والديموقراطية والتقدم وجميع المسميات ذات الرنين الحقوقي والتي أصبحت دينا جديدا يصبو الناس إليه , وحين تسنح الفرصة للإسلامي ـ الذي قبل بشروط اللعبة وانخرط فيها ـ ليبدي رأيه ويتلمس التجربة بما لها وما عليها , يركب الخاسرون مركب التشكيك ويرفعون فزاعة الخوف على ضياع الحريات على أيدي هؤلاء الإسلاميين الذين لن يستطيعوا أن يسيروا دفة الحكم وإدارة شؤون البلاد والعباد .
قد يكون هذا الأمر مفهوما حين يتعلق الأمر بحزب ما ؟؟؟؟ أو ببلد عينه ؟؟؟؟؟ أما أن نضع البيض كله في سلة واحدة كما قالت الفاضلة هيا الحسيني , وأن نسم جميع الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في الوطن العربي كله بسمات النكوص ونلصق بها كل نقيصة على حد سواء , فذلك أمر ربما لا يغني الرأي بقدرما ينقصه .
الأولوية الآن ليست الفتوى الحمقاء , أو الرأي الغريب لهذا أو ذاك , وليست لطول اللحية ولا لتحريم الخيار أو الفقوس , لأننا لن نعدم عند المتطرفين اليساريين أمثلة ونماذج مضادة تكاد من شدة شذوذها تصيبنا بالغثيان , وإنما الأولوية هي الإستجابة للإنتظارات الكبيرة للمواطن العربي من داخل قبة البرلمان , وعبر المسالك التشريعية والقانونية المؤسسة لقواعد اللعبة السياسية التي ارتضتها جميع الأطراف , واعتمدتها مدخلا للحكم , وعلى المسكونين بالإسلاموفوبيا أن يقوموا كل اعوجاج يبدو لهم بحد هذا السيف وحده , لا بسيوف التحريض والإدانة المسبقة ومحاكمة النوايا .
مع خالص التحية والتقدير لشخصكم الكريم ولجميع من أثرى هذا الموضوع .
حسن الحاجبي
|