بصمة أبدية
ترانا كل يوم نستيقظ منذ الفجر ليلامس النور أعيننا ، ليرخي الأمل جدائله على حياة لطالما أنهكت من يحياها ، ثم نمشي في مسارات متداخلة وحلقات أحكم إغلاقها لا تفتح إلا عندما يحين وقت الحياة الأخرى. وتنهي الحياة الأخرى أجمل ما وهبته الحياة الأولى ، هذا ما نلمسه كلما بقينا أحياء ، وهذا ما عايشناه ؛ فنحن لم نجرب الحياة الأخرى بعد لنكتب عنها. قد تكون لدينا فرصة للكتابة عن تلك الحياة إن جاء منها أحد وأخبرنا بطبيعة العيش هناك ، لكن لم يأت أحد من هناك بعد ، ولا نعلم إن كان سيأتي منها أحد أم لا.
وما بين صراخ المولود لحظة مغادرته رحم أمه وصراخ أهله لحظة مغادرته إلى الحياة الأخرى تولد حياة ، شئنا أم أبينا سنحياها رغما عنا بحلوها ومرها ، لكن من الجميل أن نترك بصمة أبدية لنا في هذه الحياة ، وعندما ننتقل إلى هناك سنجد من يقول هنا :"كانوا كذلك " ، ولا ندري إن كان بالإمكان وضع بصمة في الحياة الأخرى ، بالتاكيد سنضع بصمة هناك إن كان هذا ممكنا ؛ فنحن لا نريد أن نحيا كما لو أننا لم نحيا ! فمهما عايشنا من غربة ومهما فعلته الحياة بنا لن يثنينا عن نقش بصمتنا على الصخور ، سواء أكنا في هذه الحياة أم في الحياة الأخرى هناك .
فاطمة البشر