التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,832
عدد  مرات الظهور : 162,259,826

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > قال الراوي > الـقصـة القصيرة وق.ق.ج.
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 06 / 03 / 2012, 02 : 12 AM   رقم المشاركة : [1]
فهيم رياض
كاتب نور أدبي يتلألأ في سماء نور الأدب ( عضوية برونزية )
 





فهيم رياض is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

اليوم الغارب

" أبا سالم " شاب من " شروين " بـ " تيميمون " في الثامنة عشرة ، أسمر الوجه كسمرة العرب الأوائل ، قامته أقرب إلى الطول منه إلى القصر قوي البنية ، وزع حبه على والديه وأخته " مزوارة " ولم يبق منه عنده شيئا .
أبا سالم الآن في جامعة " وهران " لمتابعة تعليمه العالي ولحد الآن فإن مساره الوحيد والثابت أو مخطط تنقله الذي حدده لنفسه هو من الحي الجامعي إلى الجامعة ما يدل دلالة قاطعة على تصميمه وعزمه على الإجتهاد في الدراسة والمثابرة عليها ، أما مظهره الخارجي فيوحي بأنه من طبقة راقية ولكن في الحقيقة أن أباه وبالرغم من تواضع دخله يخص قرة عينه بجزء كبير منه ، مع إلحاحه عليه بعدم إرتداء إلا الجيد من الكسوة و من الحاجات الأخرى الظاهرة ، وقد أمتاز في مظهره بالإضافة إلى الأناقة بوضع سلسلة ذهبية في رقبته تنتهي بمربع صغير تتوسطه إشارة الموافقة المنطقية ( عكس إشارة عدم الموافقة المتمثلة في في ) .
ما يزعج ويحرج " أبا سالم " في حياته الجامعية الجديدة هو قلة وسائل النقل من الحي إلى الجامعة ذهابا وإيابا ، ما يسبب الإكتظاظ داخلها وكذا الإختلاط بين الذكور والإناث .
في يوم من الإيام وبعد أن أنهى أبا سالم دروسه على الساعة الحادية عشرة صباحا خرج إلى موقف الحافلة منتظرا قدومها للعودة إلى الحي ، وماهي إلا لحظات حتى كان بداخلها وكان من الصدف التي لم يسبق حدوثها أن وقف هذه المرة وجها لوجه مع فتاة في نفس طوله ، و فجأة وقع نظرها على شيء ما فحملقت الفتاة فيه و ازدادت حملقتها تباعا ما اثار إندهاش الشاب وتوجسه ،ثم صرخت بأعلى صوتها : سلسلتي ، سلسلتي الذهبية ، نعم إنها سلسلتي الذهبية أيها السارق.
تخثر الدم في عروق أباسالم ولم يعد يقوى لا على الوقوف ولا على النطق و
تسمر في مكانه كجدع النخلة اليابس والمجوف في ارض مالحة حبس عنها الماء العذب عشرات السنين ثم تداعى ككتلة واحدة إلى السقوط لولا أن شده إليه طالب كان بمحاذاته ثم خضه خضا كمن يضغط على بطارية للحصول على ما تبقى فيها من طاقة و نظر إليه بحدة وطلب منه أن يدافع عن نفسه وكأن له سابق معرفة به وبأخلاقه وهو الذي لم يلتق به إلا في هذه المناسبة الخاصة .
استعاد ابا سالم شيئا من قوته واستعاد وضعية الوقوف العمودية وقال بصوت من يعاني من عطش شديد : " هذه سلسلتي ، اشتريتها منذ أن انتقلت إلى الثانوية ، وانا في غاية المفاجأة والصدمة والتألم بهذه التهمة لأنني لست سارقا وما أخذت شيئا ليس لي منذ أن كنت صغيرا . "لكن الفتاة لم تبال بقوله وأصرت على تهمتها وعلى استرجاع سلسلتها الذهبية ، التي وصفتها وصفا لا يقدمه إلا الصائغ الذي صنعها .
تزاحمت الحلول المقدمة لحل هذا الإشكال وديا داخل الحافلة من قبل الطالبات والطلاب ، و في الأخير استقر رأي الجميع على إعطاء الفتاة السلسلة أو إعادتها إليها ، على أن ينتهي الموضوع عند هذا الحد ؟!
طبعا كان يمكن أن يكون الأمر سهلا لو كان مع أبا سالم شهود ليتبثوا ماقاله وليتبثوا أيضا أن السلسلة كانت في رقبته منذ قدومه إلى وهران ، لكن ولسؤ الحظ كان وحيدا كما أن ثقافته الصحراوية التي تستنكف من الخصومة مع الجنس الآخر( الأنثى ) جعلته يختصر الصراع ويفرط في حقه خوفا من أن يدخل في متاهات لا قبل له بها .
سلم أبا سالم السلسلة على مضض لـ"رشيدة "- وهو إسم الفتاة المدعية - ثم عاج إلى الأسفل بوجهه ليخفي دمعات حاميات ذرفت حزنا على حاله وعلى فقدان ذكريات جميلة ذهبت مع السلسلة ، لكن خوفه الأكبر و الأخطر هو مما سيلاقيه من سؤ معاملة و همز ولمز الطلاب تجاهه التي ستفضي حتما إلى تصنيفه ضمن زمرة خفيفي اليد .
رشيدة فتاة هيفاء تقيم بالحي الجامعي للإناث وهي كذلك في سنتها الأولى ولكن في تخصص آخر ، قدمت من ولاية أخرى مجاورة لوهران حيث أنتقلت إليها مؤخرا مع عائلتها كثيرة الترحال كون أبيها يعمل في جهاز الدرك الوطني الذي يفرض على أعوانه التنقل من مدينة إلى أخرى بعد فترة معينة .
اسودت الدنيا في عيني ابا سالم ولم يعد مواظبا على دراسته كما كان واصبح شارد الذهن لا يمشي إلا متسللا تحت الجدران متدلي الرأس وكأنه يمثل ثلث وزن جسده ، واتخذ لنفسه مسارا آخرا مغايرا لمساره الأول مشيا على الأقدام أو في سيارة أجرة وأصبح يدلف إلى الجامعة والحي من بوابتيهما الخلفيتين .
بقي أبا سالم على هذا الحال أكثر من شهر و في صباح يوم من ايام الدراسة وعند الباب الخلفي للجامعة لمح فتاة واقفة بين رجل وأمراة في العقد الرابع من العمر على الجانب الأيمن للباب ، نظر إلى الفتاة فتسمر فجأة في مكانه كالسيارة المفرملة فجأة وبحدة . تصرف هكذا بتلقائية و رغما عن إرادته قبل حتى أن يعرف من هي ( الفتاة ) أوبالأحرى قبل أن يستعمل عقله وفكره وكأن ماحدث فعل شرطي منعكس غير متحكم فيه ، أكتسبه نتيجة لتجربة ما ، لكن بعد هنيهة أدرك أنه يقف مرة أخرى وجها لوجه مع ..... رشيدة ؟؟؟؟ !!!!.

هم بالرجوع ، ولم لا ؟ لقد ألف ألإنهزام وتعايش معه !! ألم يصب بالبكم لما واجهته في الحافلة قبل شهر ؟ !
اتخذ وضعية مواصلة السير، ألم يفعلها سابقا ؟ فليتسلل الآن كما كان يتسلل دائما وليطأطيء رأسه وليمضي كدأبه في فترة الهوان تلك ! وما المشكل في ذلك ؟ وما الفرق بين هوان في غيابها وهوان وهي حاضرة ؟ !! الأمر سيان !!! ورحم الله المتنبي الذي قال : من يهن يسهل الهوان عليه // ما لجرح بميت إيلام .
أنا ميت القلب ، وميت القلب لا فرق لديه بين الكرامة والمذلة و لا بين العزة والمهانة . سأمر وسأمشي ليس منتصب القامة ولا مرفوع الهامة سأمشي عكس ذلك تماما لكني سأمشي.
وبينما هو هكذا يخاطب نفسه ويفكر ببقايا عقله الشارد بالـ "هو " مرة وبالـ " أنا " مرة ، بادرته المرأة الأربعينية : صباح الخيريا بني ، كيف حالك ؟ أنا فاطمة وهذا زوجي وتلك أعتقد أنك تعرفها ، إنها إبنتنا الوحيدة رشيدة ..... ، يتقدم السيد خالد نحوأبا سالم قليلا ، وتواصل المرأة : جئنا ثلاثتنا لنتكلم معك بشأن السلسلة ، تقدم الزوج خالد أكثر ثم مد يده لـ اباسالم مصافحا وقال متمما ما بدأته زوجته " .... نعم هذا
صحيح ، جئنا بخصوص السلسلة ، فقد وجدت رشيدة تلك الخاصة بها في مكان ما بالمنزل بعدما اعتقدت انها وضعتها داخل محفظتها وأخذتها معها إلى الجامعة وسرقت منها هناك ، ولما رأت سلسلتك ظنت إنها لها فهي تشبه سلسلتك إلى درجة التطابق التام . واردف : انا خالد اعمل دركيا برتبة ملازم أول ، ولعلمك فقد عملت
بالصحراء بكل من أدرار وتمنراست وبسكرة وقد خبرت الناس هناك كثيرا ولم أعرف فيهم إلا الكرم والجود وحسن المعاملة والوفادة ووالله لما سمعت بقصة السلسلة تمنيت لو أن رشيدة صرفت نظرها عنها حتى وإن كنت أخذتها منها عنوة ، فلربما يا بني كنت في حاجة إلى بعض المال لتقضي حاجة ماسة من حوائجك ، و بالنسبة لي وكيفما كان السبب فإنه لا يمكنني مقايضة الخير الذي وجدته عندكم بشيء تافه كهذا ............
اغرورقت عينا ابا سالم بالدموع وتكلم ( لا اقول قال ) بحشرجة : آه يا سيدي لو تعلم ما بي ، إن السلسلة التي جئتني بها ، إن كان غيري يراها ذهبا براقا وجذابا ، فأنا أراها حديدا صدئا أخشى إن وضعتها في يدي أوعنقي أن تسبب لي علة بدنية بعد الذهنية ، وأي بدن ؟! : ضامر من الصيام القصري عن الأكل ليل نهار و من كثرة التفكير والشرود الذهني فبعدما كان ممتلئا و مناسبا لشاب في ربيع العمر ههو كما تراه .... أشلاء في ثياب ... و اما النفس فمنهارة و اما الإرادة فخائرة ............
ومن جسد هناك على مسافة غير بعيدة يتساقط مطر من غيم ليس في السماء وإنما
في قلب صاحبته " رشيدة " وخاطرها وفي عينيها ، فتنجرف به كالسيل العرم مدمرة
لكل عائق نحو اباسالم وفي غياب الوعي والإرادة وبلوغ الشعور بالذنب أعلى مراتبه
تفتح ذراعيها وتخطف بهما رأس أباسالم لتضعه على كتفها الأيمن .

فتح الوالد فاه فاغرا أمام هذا التصرف الغريب والمفاجيء الصادر عن وحيدته وفلذة كبده ، أما الأم فكانت تهمس لرشيدة :" يكفي يا رشيدة ، يكفي " ، أما اباسالم فلم يجد من القوة ما يجعله يفلت من قبضة الفتاة التي لم يعد يسمع منها إلا الشخير والتأوه ، ولم يتخلص الشاب من ضمتها القوية إلا بصوت قوي لا يصدر إلا من خبير في العسكرية ، يأمرها بإنها هذا الموقف ، إنه صوت أبيها قائلا :" كفى " .
تنفس ابا سالم الصعداء وتوجه مهرولا بما تبقى لديه من قوة إلى داخل الجامعة ، وهو في حالة من الإرتباك والذهول ، يهرول وقد زال لديه ذاك الفاصل بين الحقيقة والخيال ودخل أول مدرج صادفه في طريقه وبقي فيه وهو لايدري أي درس القاه الأستاذ و لا لأي تخصص ينتمي طلابه ، ومرت الفترة الصباحية كلها وهو داخل هذا المدرج وعلى نفس الحال، ثم غادره إلى الحي عبر طريقه الخاص طبعا ، فوجد رشيدة قبالته عند الباب لكن هذه المرة كانت مع زميلتين لها وزميل له في الدراسة والفوج ، فتقدمت منه وسلمت عليه وهو في نفس حالته الأولى ثم قالت : أعتذر عما بدر مني في الصباح وأنا طبعا أشعر بمقدار المعاناة التي سببتها لك ، ومهما فعلت لك فلن استطع تعويضك عما لحق بك من ضرر معنوي وجسدي ، لذا أكرر إعتذاري وأسفي وأما سلسلتك فهي من حقك وملكك وسأعيدها إليك يوم الغد إن شاء الله ". تدخل الزميل والزميلات والحوا على أباسالم أن يقبل الإعتذار .
طأطأ الشاب رأسه وهمس : " لا عليك " وأنطلق نحو الحي الجامعي ، وما إن فتح الغرفة حتى كان على السرير مستلقيا لا يفكر في شيء إلا في ذاك الموقف الغريب والفاجيء الذي حدث عند مدخل الجامعة مع رشيدة . قضى أباسالم اليوم كله على هذا الحال ولم يدلف جوفه إلا بعض الحساء في وجبة العشاء ، وفي صباح يوم الغذ وفي المدرج المملؤ عن آخره بطلاب دفعة أباسالم وهو فيهم وفي الوقت الوجيز قبل دخول الأستاذ ، دخلت رشيدة وتوجهت إلى المصطبة وهي في كامل العزم والثقة وقالت مخاطبة إياهم : أيها الطلاب ، السلام عليكم ورحمة الله ، لقد عرفتم ما حدث بيني وبين زميلكم الطالب "جدعاني عبد السلام " المدعو أبا سالم منذ فترة من الزمن فيما يخص السلسلة التي أتهمته بسرقتها . أيها الطلاب لقد كانت تهمة باطلة وأبا سالم بريء منها براءة الذئب من دم يوسف . الأمر وما فيه أن السلسلة التي كنت أملكها تشبه بل تماثل تماما سلسلته ولما ضاعت مني ظننت أن سلسلة أبا سالم هي لي وأتهمته زورا وظلما بسرقتها - ولوحت بيدها بالسلستين للإستدلال على قولها - وهأنا أعترف أمامكم ببراءته وأرجوه رجاءا حارا بل أتوسل إليه أن يقبل إعتذاري وأن يسامحني على ما بدر مني وعلى ما لحق به من أذى، و ههي ذي سلسلته أعيدها إليه أمامكم " .
سلمت رشيدة السلسلة لباسالم وأنصرفت تاركة هذا الأخير يسبح في بحيرة من الإنبهار والدهشة والإعجاب والحيرة والتساؤل كذلك ، فهل تصرفت بشكل لا ئق أم أنها هزئت به واستصغرته ؟ طبعا هذه الأحاسيس والمشاعر لم تقتصر على أباسالم بل أنتابت كل زملاءه الحاضرين بالمدرج ، غير أن الإعجاب كان هو الغالب
لديهم إذ كيف لفتاة في سنتها الجامعية الأولى أن ترتجل تلك الخطبة بثقة ووضوح وبلاغة أمام طلاب ليسوا زملاءا لها وعن موضوع إجتماعي وإنساني لا يجيد معالجته إلا خبير . أما الهاجس الذي أستجد على أبا سالم فيتمثل فيما إذا كان سيرد بنفس الطريقة التي أعتمدتها رشيدة أم أنه سينكفيء على نفسه ويطأطيء رأسه ويطلق الريح لساقيه كما تعود أن يفعل بعد حادثة الحافلة ، لكن وعلى العموم فقد شعر بشيء من الإرتياح مما جرى
خاصة تدخل رشيدة الذي برأه من تهمة السرقة التي لزمته فترة من الزمن وأرهقته بدنيا ومعنويا لكن :
هل سيمر الأمر هكذا وبكل سهولة ، دون أن يثأر لنفسه ويرد الصاع صاعين ؟
هل يكون كقطعة جامدة لينة ، تطوى وتثقب ثم تعاد إلى حالتها
الأولى ؟ أين إرادته ؟ أين شخصيته ؟ أين عزة نفسه وكرامته ؟
لقد اتهم زورا أمام أقرانه وقريناته وبدون رحمة ولا شفقة ، وسلب منه ملكه وهو صاغر بل وخائف من تفاقم التبعات ، والدمع يسيل من عينيه كالثكلى وألآن لما حصحص الحق يلتزم الصمت ولا يحرك ساكنا ويقبل كل شيء وكأنه بريء من تهمة شفقة وعطفا عليه ورحمة به ؟
انتابت هذه الهواجس والأحاسيس اباسالم وترجمت لديه في شكل
اسئلة ، كل سؤال منها يحتاج للإجابة عنه إلى مجهود مضني وإلى شجاعة ادبية كبيرة ومهارة إستثنائية و يحتاج مجموعها إلى تسطير برنامج تنفيذي غاية في الدقة .
وبينما هو كذلك ، إذا بنسمة عطر خفيفة تتسلل مع انفاسه ، فيلتفت ليجد رشيدة بجانبه دون أن يدري ، فأنتفض كمن جلس
على مسمار ، بادرته رشيدة : مالك ؟ هل فاجأتك ؟ اجابها وهو يهم بالوقوف : لا ، إنما اريد الخروج ، فقد حان وقت الغذاء .
رشيدة : ابق قليلا ، اريد ان اتحدث إليك ، يا اخي يا عبد السلام
انا أعرف ما لحق بك من ألم وانكسار ، فلقد اتهمتك خطأ بالسرقة
وهي تهمة دنيئة لا يتقبلها حر، شريف وعفيف ووقعها على النفس اشد من السم واشد من السيف المهند لكن تهمتي لك لم اجد لي عنها محيدا ولا منها مناصا ، هاك السلسلة وتأكد بنفسك
وسترى إن لم أفعل ما فعلت أكون كمن يفرط في حق مشروع له
لكن لما ظهرت الحقيقة ، تمنيت لو اني لم أقف في مواجهتك حتى
لا أرى مارأيت وحتى لا امس سمعتك واجرح مشاعرك باتهامك
خطأ بما اتهمتك به .
ارحم قلبي يا باسالم فانا فتاة كبقية بنات حواء ، تمتاز بالرهافة
و الرقة وبسمات الأمومة وإن خفيت قليلا . أرحم قلبي يا باسلم
وسامحني فإن ضميري في الوقت الحالي حاله كحال المرجل أو
كمغما بركان يذيب الحجر ويجعل من حممه انهارا وانهارا .
اخرجت منديلها وغادرت المدرج وهي تمسح دموعها .






للأسف جهازي ينطفيء فجأة وبشكل متكرر ، لذا فأنا مجبر على تأجيل
تكملة القصة إلى موعد لاحق ، فمعذرة .






نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)

التعديل الأخير تم بواسطة رشيد الميموني ; 13 / 03 / 2012 الساعة 55 : 04 PM.
فهيم رياض غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06 / 03 / 2012, 45 : 08 AM   رقم المشاركة : [2]
فاطمة البشر
جامعة بيرزيت ، رئيسي الكيمياء / فرع التسويق، تكتب الخواطر والقصص القصيرة

 الصورة الرمزية فاطمة البشر
 





فاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: فلسطين

رد : اليوم الغارب


أ. فهيم رياض
شوقتني لمعرفة نهاية القصة ،
بانتظار أن تكملها ...
دمت مبدعا متألقا
ودي ووردي
توقيع فاطمة البشر
 
أنا لم أكن يوما إلا أنا ....

تلك الفتاة التي تحلم بغد زاهٍ مشرق ...

تلك الفتاة التي تنثر حباً وأملاً ...
تلك الفتاة التي ترسم حلماً ...
تلك الفتاة التي ستصنع مجداً ...

ولا تزال تنتظر الأياام......


فاطمة البشر


https://www.facebook.com/fatima.bisher

التعديل الأخير تم بواسطة رشيد الميموني ; 13 / 03 / 2012 الساعة 56 : 04 PM.
فاطمة البشر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08 / 03 / 2012, 06 : 07 PM   رقم المشاركة : [3]
فهيم رياض
كاتب نور أدبي يتلألأ في سماء نور الأدب ( عضوية برونزية )
 





فهيم رياض is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

رد: اليوم الغارب

تابع



بعدها بقليل غادر اباسالم بدوره المدرج ، وكان ذلك اللقاء إيذانا بانتهاء السداسي الأول وبداية العطلة الشتوية التي ستستغرق شهر فبراير / شباط بكامله .
توجه الشاب إلى بلدته لقضاء عطلته مع أسرته الصغيرة المكونة من أبويه وأخته الأصغر" مزوارة " ، ومع أصدقائه وللاستمتاع بالمناظر السياحية الجميلة وبدفء الطبيعة .
فرحت العائلة بمقدم ابنها فرحا شديدا رغم ما لاحظوه عليه من هزال الذي برره لهم بالإنكباب على الدراسة وبتأثير الغربة عليه وبعده عنهم مثبتا ادعاءه بشراهته للأكل لما عاد إليهم ومتع نظره برؤيتهم أما السبب الحقيقي فقد أخفاه عنهم واحتفظ به لنفسه .
وفي صباح يوم من أيام الأسبوع الثاني من شهر العطلة جاءه طفل مهرولا ليخبره أن ثلاثة من الغرباء قدموا من تيميمون يسألون عنه ويرغبون في رؤيته .
عرف اباسالم هذه المرة هوية ضيوفه وعرف حتى سبب مجيئهم إليه ، إنهم رشيدة ووالداها السيد خالد والسيدة فاطمة ، لكن سوء تصرفه وتقديره جعلاه في حيرة من أمره ما اضطره للبحث عن طريقة تمكنه من إخبار والديه وأخته بالقصة قبل أن يصل الضيوف إلى المنزل .
استقبل المضيف ضيوفه ورافقهم إلى الدار فوجدوا الحاج الطاهر- والد اباسالم - في انتظارهم عند الباب ، وبعد استراحة قصيرة أراد السيد خالد أن يتكلم ويطرق مباشرة الموضوع إلا أن الحاج الطاهر قاطعه وطلب منه تأجيل ذلك إلى ما بعد تناول الغذاء .
وفي الناحية المقابلة قلبت مزوارة الزيارة بخفة دمها و روح الدعابة المعروفة عنها إلى عرس تعبيرا عن فرحتها بضيفتيهاخاصة رشيدة التي كانت ترى فيها بعين الطفلة البريئة مستقبل أخيها .
دعي إلى مأدبة الغذاء إضافة إلى هؤلاء الضيوف إمام مسجد البلدة وشيوخها وبعض أعضاء المجلس المحلي وزوجاتهم ، وبعد الانتهاء من الأكل ، طلب الحاج الطاهر من السيد خالد تناول الكلمة وقول ما كان يود قوله سابقا .
استهل هذا الأخير كلامه بتوجيه الشكر لمضيفيه وللسادة الحاضرين ، ثم سرد تلك القصة التي لم تعد سرا ، كما تطرق إلى السبب الذي من أجله قدم هو وعائلته إلى شروين ثم التفت إلى اباسالم ، وقبل أن يواصل قاطعه الحاج الطاهر قائلا : أنا من سيتكلم الآن ، إن تكبدكم لكل هذه المشاق لدليل قاطع على رفعة أصلكم وشأنكم وعلى صحة فهمكم لمعنى الكرامة كما يدل أيضا على سمو أخلاقكم ، لقد سامحنا وقبلنا الاعتذار وطوينا ما حدث طيا أبديا ، وأصبح عندنا نسيا منسيا . تشرفنا بمعرفتكم ، وأهلا وسهلا بكم في كل وقت وحين .
تفرق الجمع بعد تلاوة الفاتحة والدعاء وتبادل عبارات التوديع ، ومضى كل إلى غايته كما مضت دموع مزوارة ورشيدة إلى مساقطها بقدر يوحي بأن الصلة بينهما وكانها قديمة وستكون مستقبلا أوثق .


التعديل الأخير تم بواسطة رشيد الميموني ; 13 / 03 / 2012 الساعة 57 : 04 PM.
فهيم رياض غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09 / 03 / 2012, 36 : 05 PM   رقم المشاركة : [4]
خيري حمدان
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم

 الصورة الرمزية خيري حمدان
 





خيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond repute

:sm3: رد: اليوم الغارب

الأستاذ الأديب فهيم رياض، أعتقد بأن العنوان المناسب وهذا اقتراح لك أن تقبل به أو ترفضه وتختار غيره هو "السلسلة ومتاعب أخرى!".
قرأت صورة رائعة من الوفاء ومشاعر متعددة ما بين الكرامة المكلومة والكبرياء وغيرها من المشاعر المتباينة صبّت في مجملها في المفهوم الاجتماعي الشرقي، وأسس التعامل ما بين المواطنين من الجنسين.
إشكالية النصّ موفقة للغاية والفكرة بتشعباتها وأجدها محبكة وجميلة.
مودتي وتمنياتي بمزيد من النجاح.

التعديل الأخير تم بواسطة رشيد الميموني ; 13 / 03 / 2012 الساعة 58 : 04 PM.
خيري حمدان غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10 / 03 / 2012, 51 : 03 AM   رقم المشاركة : [5]
فهيم رياض
كاتب نور أدبي يتلألأ في سماء نور الأدب ( عضوية برونزية )
 





فهيم رياض is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

اليوم الغارب

انطلقت الدراسة في مرحلتها الثانية وقلب اباسالم لم يعد كما كان ، لقد أصبح مرنا نوعا ما و يمكنه أن يتسع لوافد إضافي من غير أهله خاصة بعد أن قرر والده بديكتاتوريته المعهودة محو ما حدث . لقد أزاح ذلك عن كاهله تلك الهواجس والقلاقل والانشغالات عن الثأر للكرامة وحفظ ماء الوجه وغيرها ، لكن : أي وافد يا ترى ؟ وما هذه المتلازمة ؟ لم عدت أفكر كثيرا في كل أمر يخص رشيدة ؟ ما هذا الشعور الجميل والمؤلم في آن حيالها ، إنه يختلف عن شعوري حيال أهلي فأنا أريد رؤية أختي وأمي وأبي ولكن أريد أيضا رؤية رشيدة لكن بشكل مختلف ، فلماذا ؟وما الفارق بين الأمرين ؟ هكذا أصبح حال اباسالم ، تساؤلات تتلوها أخرى دون أن يجد لها إجابات .
رشيدة فتاة وهبت جمالا لا يستسيغه المتسرعون ولا يتذوقه الفارزون ضمن مجموعة من قريناتها في لحظة عابرة ، ما جعلها دائما في منأى عن معاكسات ومضايقات الذكور .
جمال رشيدة بالتعبير الرياضي دالة موجبة تماما ذات منحنى متزايد ينطلق من الصفر إلى غاية مالا نهاية ، وبتعبير آخر هو كالعنكبوت الذي يلف فريسته بخيوط شبكته إلى أن تخور وتفقد قدرتها على المقاومة .
في استراحة العاشرة صباحا من يوم الأربعاء الأول للدراسة ، جاء أحد عمال الجامعة إلى اباسالم يخبره أن مكالمة تخصه بهاتف أمانة العميد . انها مزوارة من خط الوكالة البريدية لشروين ، تخبره بأن رشيدة راقدة بالمستشفى الجامعي وتطلب منه و بإلحاح القيام بزيارتها وإخبارها عن حالتها دون إبطاء و عليه أن لا يغفل عن زيارتها مستقبلا إلى أن تتعافى وتغادر المستشفى ويبلغها سلام العائلة وخاصة هي وتمنياتها لها بالشفاء العاجل .
ووددت لو انك معي يا أخية يا مزوارة فانا الآن في أمس الحاجة إليك لتخففي عني عناء هذه المهمة التي من جهة أريد القيام بها ومن جهة أخرى أخشى أن يكبلني الخجل والارتباك كالطفل الذي لم يراجع دروسه جيدا أمام معلمته . آه يا مزوارة ما أدهاك وما اذكى حيلك ، كيف عرفت أن رشيدة مريضة ؟ ومن أعطاك رقم هاتف إدارة الجامعة يا خفيفة الروح يا أخية ؟
يمشي حائرا و بتثاقل متجها نحو المستشفى ، يمر على محل للتجارة المتعددة
فتزداد حيرته : ماذا يأخذ معه لرشيدة ؟ لحم عجل ؟ كوسة أم جزر أم ماذا ؟ لاحظ التاجر تخبط زبونه فتدخل لمساعدته واقترح عليه لما عرف انه يعتزم عيادة مريض أن يقتني شيئا من الفواكه . الفواكه ؟! وأين هي هذه الفواكه ؟ أنها أمامك ، ألم ترها ؟
وصل المستشفى ،لكنه لا يعرف إلى أين يتجه ، فهو لم يسأل مزوارة عن مكان
تواجدها ، ومن يدري فقد يكون عدم السؤال هذا مبررا لإنهاء هذه المعاناة النفسية الرهيبة ؟ سأل البواب عنها وهو شبه متأكد من عجزه عن الإجابة ، فرد هذا الأخير: رشيدة بنت السيد خالد الدركي ؟
فتح الشرويني فاه كمن خذل من صديق
اتفق معه سلفا على عدم قول الحقيقة . هل غادرت المستشفى ؟
مالك ، هل أنت
حزين على فراق حبيبات التفاح التي معك ؟ انها موجودة بالغرفة الثانية للجناح الأرضي الأول المحاذي للمخبر ، وقد تماثلت للشفاء ، وستغادر بعد قليل .
تصنع
الشجاعة أمام البواب وراح بخطى ثابتة نحو المكان المحدد له . وجد الباب مواربا قليلا ، دق خفيفا ودخل ، اعتدلت رشيدة لما رأته وتبسمت تعبيرا عن سعادتها بزيارته لها أو على الأقل موافقتها عليها . سلم وسلمت ، شعر وكأن جسده يفيض عرقا تحت لباسه كما شعر وكأن أحدا يحبس انفاسه .
بادرته : انا بخير يا ابا سالم ،
لقد أصبت بتسمم خفيف وقد شفيت منه وبعد قليل سأغادر هذا المكان .
يفك الكيس
من قبضته ويتركه فوق السرير .
ما هذا يا أبا سالم ، آه تفاح شكرا جزيلا لك ،
سألتهم حبة الآن .
بحركة خاطفة يمد يديه ويمسك بهما يد رشيدة الماسكة بالتفاحة
ويقول : لا ، يجب غسلها أولا .
بقيت الأيادي الثلاث تلف بعضها والتفاحة ، والتقت
العيون وتحدثت بما لا يستطيع الراوي سرده ، ثم تفتحت كبتلات زنبقة ، تناول التفاحة وراح ليغسلها وليخلصها مما علق بها مثلما تخلص للتو من بعض الشوائب النفسية التي كانت تثبط إنطلاقته الجديدة . يعود ، ويناولها إياها .
شكرا جزيلا .
أهلي يقرؤونك السلام ويتمنون لك الشفاء العاجل ، خاصة مزوارة فهي من اخبرتني بما جرى لك .
اشتقت كثيرا لرؤيتها ، فلقد احببت كثيرا هذه الطفلة البريئة ، بلغها
وبقية العائلة سلامي وشكري .
سأغادر الآن .
ابق قليلا .
معذرة ، لدي بعض
الالتزامات ، أراك قريبا إلى اللقاء .
إلى اللقاء .
لماذا غادرت وقد طلبت منك البقاء
معها ؟ ربما كانت في حاجة إليك ؟ وما هذه الالتزامات التي عندك ؟ لا شيء ، والله لاشيء ؟ هأنت تتسكع في الطرقات كالبائس المشرد ، وستبقى على هذا الحال حتى تنتفخ قدماك ولن تجد حتى من ينظر إلى وجهك .لقد أخترت ، فردد إذن :
بفكر في اللي نسيني // وبنسى اللي فاكرني
وبهرب من اللي شاريني // وادور عاللي بايعني
ويا ليث من نسي وباع إنسان إنه الخواء فأبحث عنه لعلك تجده في مكان ما .


فهيم رياض غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11 / 03 / 2012, 36 : 02 AM   رقم المشاركة : [6]
فهيم رياض
كاتب نور أدبي يتلألأ في سماء نور الأدب ( عضوية برونزية )
 





فهيم رياض is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

اليوم الغارب

عادت رشيدة وتوطدت العلاقة بينها وبين ابا سالم ، وانتشر خبر هذه العلاقة و ذاع مثلما انتشر سابقا خبر حادثة الحافلة ما اكسبهما إعجاب وتقدير الطلاب والطالبات وإداريي الحي و الجامعة وعمالهما وقد أزيلت عنهما تقديرا لحبهما البريء من قبل هؤلاء كل الشكوك والشبهات .
لم يعد الثنائي يقوى على الافتراق إلا ، وعلى مضض ، عند النوم والمحاضرات والأعمال الموجهة لاختلاف تخصصيهما ، فبإمكان رشيدة أن تتغذى بمطعم الذكور وبإمكان ، في مقابل ذلك ، أبا سالم أن يتعشى بمطعم الإناث ، وأمام هذه الحالة العاطفية الاستثنائية التي لم يعرف لها الطلاب مثيلا وبالنظر إلى إختلاف لون البشرة ، أُطلق على هذا الثنائي اسم " اليوم " : نهار مضاء بنور الشمس مجسد في رشيدة ملازم لليل مشرب بسقط نور القمر ممثّل في ابا سالم . تفتقت قدرات اليوم ومواهبه ورغباته ولم يعد نشاطه يقتصر على الدراسة وحسب وإنما تعداه إلى مساعدة الطلاب الجدد من الجنسين بالتوجيه وتقديم النصح والتوعية إضافة إلى تنظيم الرحلات السياحية و الإستجمامية والنشاطات الثقافية والرياضية والتوسط بين الطلاب والإدارات في فض النزاعات وبين حتى الطلاب أنفسهم في إنهاء الخصومات وعقد المصالحات .
اتفق ليل اليوم مع نهاره على عقد القران بعد التخرج بسنة ليتسنى لكل واحد منهما العمل لمواجهة متطلبات العرس ، أما الإقامة الدائمة وكذلك العمل فسيكونان بتيميمون المدينة السياحية الجميلة التي نالت إعجاب رشيدة .
انطلقت مراسم الزفاف في 06يونيو 1980 بشروين وبالجزائر العاصمة – المحطة الجديدة للسيد خالد -، على أن تنتقل العروس من هناك على متن الطائرة إلى أدرار مرورا ببشار لتنقل في موكب السيارات الذي سيكون في إنتظارها بالمطار إلى شروين صبيحة اليوم الموالي ( 07/06/1980 ) .
عمت الفرحة أرجاء شروين: أكل وشرب وأهازيج شعبية أهمها "أهل الليل "
كما نال اباسالم إعجاب اقرانه الذين قدّروا أنه أفلح في الإختيار وانه بالتالي سيعيش سعيدا ، أما الأسعد فكانت الشابة مزوارة ( مزوارة اسم أمازيغي معرّب وأصله تمزوارت أي الأولى ) ، كما كانت لؤلؤة العرس المضيئة دون زيت ولا فتيل برقصها وزغاريدها التي تطلقها من حين إلى آخر و بحركاتها وضحكاتها التي لم تفارقها وبلباسها التقليدي الذي واتاها .
أقلعت الطائرة على الساعة الثامنة ليلا بإتجاه مطار بشار لتصل إليه على الساعة التاسعة وخمس واربعين دقيقة .
تناول اباسلم العشاء مع اخلص صحبه في الساحة الواقعة خلف البيت المخصص للعريسين وهو في غاية النشوى والحبور ، وبعد جلسة خفيفة توجه إلى فناء البيت ليخلو بنفسه قليلا تحت ضوء القمر . تمدد على فراش وتغطى بلحافة خفيفة ، ثم مد يده ليشغل المذياع ليستمع إلى نشرة الأخبار الرئيسية الأخيرة فالساعة الآن تشير إلى الحادية عشرة ودقائق .
بدا في الإستماع وقبل تناول الأخبار الدولية قال المذيع : أيها السيدات والسادة ، جاءنا للتو خبر من وكالة الأنباء الجزائرية يفيد بسقوط طائرة من نوع فوكر بعد إرتطامها بإحدى قمم جبال بشار .
الطائرة كانت متوجهة من مطار هواري بومدين إلى مدينة أدرار مرورا بمدينة بشار وقد هرعت مصالح الإنقاذ المختلفة إلى مكان الحادث . سنوافيكم بالمزيد من المعلومات حال توفرها . حرك ابا سالم ذراعيه بقوة فأنقلب المذياع الذي بقيت نشرة الأخبار تبث من خلاله .
بعد قليل سكتت شروين بعد أن رجت رجات عديدة وتوقفت عن كل شيء كتوقف محرك الثلاجة الكبيرة ، وخيم الوجوم عليها وبدأ النحيب يتصاعد شيئا فشيئا وبلغ ذروته بعد عودة مزوارة في موكب الحزن الذي كان قبل قليل موكب عرس وبهجة . بحثت عن أخيها لتواسيه ولتقتسم معه الحزن والأسى كما أقتسم معها الأفراح والمسرات ، لكن أصحابه أقنعوها بخطورة إيقاظه و وجوب تركه يستمر في نومه .
على الساعة الواحدة صباحا أذيع أنه قد تم العُثور على حطام الطائرة ولم ينج من ركابها إلا فتاة بلباس الزفاف وهي في حالة الخطر الشديد ،وقد تم نقلها إلى مستشفى مصطفى باشا بالجزائر العاصمة .
سمعت مزوارة الخبر وراحت تجري نحو أخيها لتخبره بأن رشيدة لا تزال على قيد الحياة . دخلت ونادت : أباسالم ، اباسالم فلم يرد ، حركته ، فإذا بأخيها جثة باردة هامدة لا حياة فيها . لطمت وجهها بالتراب وصرخت وتلوت كالحمامة التي فقدت فرخيها .
على الساعة الثامنة صباحا من اليوم الموالي ، تلقت الوكالة البريدية مكالمة هاتفية تطلب إخبار أسرة "الحاج الطاهر" بوفاة رشيدة داخل المستشفى .
وهكذا غرب نهار اليوم بعد ليله ، ثنائي نشأ من تهمة ومر بقصة حب نادرة ، نالت إعجاب واحترام المتسامح والمتعصب والعنيف ، والرجل والمرأة وانتهى بأفول مبكر لم يمهله لتذوق ثمرة هذا الحب التي لطالما رعاها بعاطفته المتدفقة وسقاها بشهد أخلاقه فلما نضجت غرب عنها غروبا أبديا .

فهيم رياض غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11 / 03 / 2012, 21 : 02 PM   رقم المشاركة : [7]
فهيم رياض
كاتب نور أدبي يتلألأ في سماء نور الأدب ( عضوية برونزية )
 





فهيم رياض is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

اليوم الغارب

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة البشر

أ. فهيم رياض
شوقتني لمعرفة نهاية القصة ،
بانتظار أن تكملها ...
دمت مبدعا متألقا
ودي ووردي

لقد انتهيت من القصة و إن شاء الله
تنال إعجابك .
شكرا جزيلا لك .
فهيم رياض غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11 / 03 / 2012, 26 : 02 PM   رقم المشاركة : [8]
فهيم رياض
كاتب نور أدبي يتلألأ في سماء نور الأدب ( عضوية برونزية )
 





فهيم رياض is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

اليوم الغارب : معذرة أستاذ خيري .

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خيري حمدان
الأستاذ الأديب فهيم رياض، أعتقد بأن العنوان المناسب وهذا اقتراح لك أن تقبل به أو ترفضه وتختار غيره هو "السلسلة ومتاعب أخرى!".
قرأت صورة رائعة من الوفاء ومشاعر متعددة ما بين الكرامة المكلومة والكبرياء وغيرها من المشاعر المتباينة صبّت في مجملها في المفهوم الاجتماعي الشرقي، وأسس التعامل ما بين المواطنين من الجنسين.
إشكالية النصّ موفقة للغاية والفكرة بتشعباتها وأجدها محبكة وجميلة.
مودتي وتمنياتي بمزيد من النجاح.

معذرة أستاذ خيري فقد اخترت لها " اليوم الغارب " كعنوان ، فما قولك ؟
شكرا جزيلا على إطلالتك وتقييمك الذي اتشرف واعتز به .
تحية وتقدير .
فهيم رياض غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجبر, العنوان


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حدث في مثل هذا اليوم زين العابدين إبراهيم الصحافة و الإعلام 486 09 / 06 / 2017 01 : 11 AM
حدث في مثل هذا اليوم زين العابدين إبراهيم الصحافة و الإعلام 0 21 / 01 / 2015 19 : 05 PM
في مثل هذا اليوم ياهدى، في مثل هذا اليوم نصيرة تختوخ رسائل في مهب العمر 10 12 / 04 / 2012 28 : 11 AM
ولد اليوم فتيحة الدرابي فضاءات الزاجل والنبطي والشعبي 2 04 / 11 / 2010 12 : 01 PM
احمد بن يسف ,سعد بن السفاج ,المكي امغارة رواد للفن التشكيلي المغربي نصيرة تختوخ الرسم و الفن التشكيلي و الكاريكاتير 0 24 / 05 / 2008 04 : 11 AM


الساعة الآن 46 : 06 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|