لم تكن تلك الثقة سوى تعبيرٍ عن معدنك الأصيل الذي قَلَّ نظراؤه في هذا الزمان، إذ كيف يعقل أن تستضيفني في بيتك دون سابق معرفة، فلا نحن كنا نتعارف قبل ذلك، ولا نحن التقينا هنا أو هناك.
إذا أنت أكرمت الكريم ملكتَه
وإنْ أنت أكرمتَ اللئيمَ تمردا
ووضعُ النَّدى في موضع السيف بالعلا
مضر .. كوضع السيف في موضع الندى
.............................
ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا
لست أنسى لك ذلك الجميل، لقد وثقت بي لمجرد أنني كتبت قصيدة في فلسطين، ففتحتَ لي قلبك
وبيتكَ وعرَّفتني على أبنائك، لأنك الرجل الشهم الذي يؤمن بوشائج الدين والوطن والقربى
والمودة في الشعر والقضية والقدس ..
لقد أهديتني مجموعة من أعمالك الشعرية، وطلبتَ مني أن أقرأ لك بعض ما عندي، فقرأتُ مما
كنتُ أخربش، فأثنيتَ وأبديتَ الإعجابَ، لأنك كنت تؤمن بأن الكتابة مسار مفتوح على
التجريب والتنوع.
أخي طلعت ..
ها أنت من عليائك ترى شلال دمائنا في كل بيت وحارة وزاوية ...
وها أنت تنظر جراحاتنا وهي تنزف ليس من أجل فلسطين التي كنا نعدها جرحَنا الأوحد ، فإذا
الجرح جراح ، وإذا القدس أقداس ، وإذا العدو أعداء ، وإذا الوطن الواحد أشلاء ممزقة ،
فبأيِّ قصيدة يا ترى نرد عليك السلام، وأنت الذي تسلم علينا من عليائك.
لقد تركت من روحك وشِعرك فينا ما ليس تُبليه الأيام والأعوام، وتركت من أخلاقك ما لا
ينساه ذوو الأفهام.
أخي طلعت...
كنتَ استمعتَ مني لقصيدة الشهيد محمد الدرة، وأثنيتَ عليها.
لقد كتبتُ بعدها عشرات القصائد للقدس ولفلسطين وللوطن الممتد من أقصى الجرح إلى أقساه.
أخي طلعت ...
لا تحزن، فإن المخاضَ عسير ، ولكن النصر قريب.. وعلى عتبات القدس والأقصى سنلتقي قريبا
في معركة التحرير.
بَشائرُ النَّصرِ لاحَتْ .. فارقُبي مَدَداً
مِنَ السَّماءِ .. فإنَّ النَّــصْرَ ينْهَمرُ !!
عَصْرُ الهزائمِ وَلىَّ .. فاكْتـُبي قَدَراً
حُراًّ .. كَماَ نَبتَغِي أن يَكْتُبَ القـدَرُ
فَمـَهرُهُ دَمُنا الغَالي إِذاَ نَصَــرُوا
وَمَـَهرُهُ دَمُنا الغَالي إِذاَ اعتــذَرُوا !!
واستلْهِمِي حَمْحَماتِ القُدْسِ رافِضةً
فَـمِنْ مــآذِنِه نادَى بِنَا عُمَـرُ !!
***
أخي طلعت ...
سلام عليكَ يوم ولدتَ .. ويوم متَّ .. ويوم تُبعثُ حيًّا
سلام عليك في عِلِّيِّين ..
" ... فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي
وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ
عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ " سورة آل عمران (195)
أخوك : الزبير دردوخ/ الجزائر
:
Zoubir
===============================