[align=justify]نشرت مجلة " شرفات " التي تصدر عن وزارة الثقافة في سورية بشكل نصف شهري حوارات مع أدباء فلسطين ومنهم الناقد يوسف اليوسف والشاعر عبد الكريم عبد الرحيم والشاعر طلعت سقيرق .. وقام الكاتب محمد أبو شريفة باستكمال الحوار .. وهو الذي ننشر نصه هنا .. [/align]
الذكرى الستون للنكبة فلسطين في عيون أدبائها
[align=justify]
ستون سنة والخطوة وراء الخطوة ونحن نتحدث عن الوطن الذي غاب عنه أهله وطال الغياب ..في هذا التحقيق نسلط الضوء على آراء البعض من الأدباء والشعراء والنقاد والمثقفين الفلسطينيين ممن عاصروا النكبة والتهجير وعاشوا حياة اللجوء والشتات ممن ولدوا في المخيمات ولا زالوا ينتظرون أجراس العودة التي ستقرع في يوم من الأيام إيذانا بموعد الهجرة إلى الوطن. فما الذي قاله هؤلاء الأدباء الذين أكل المنفى عمرهم ولكنه لم يتسلل إلى أرواحهم التي ظلت تهجس وتخفق بحب مدارج الطفولة والصبا..
يوسف سامي اليوسف
يقول الناقد الفلسطيني يوسف سامي اليوسف:" إنني أضع مقولتي الوجد والوجدان في أساس نظريتي النقدية، أو منهجي الذي أعتمده في الاقتراب من النصوص الأدبية. فكل ما لا يتناسب مع مملكة الوجدان هو أدب لا يتمتع بالقيمة العظمى. وربما جاز لي أن أزعم بأن افتقار الأدب العربي للجودة في السنوات العشرين الأخيرة قد جاء نتيجة لوضع الأولوية على التشكيل بدلا من تخريج الوجدان وحرارته وما يكابده من الآم ".وعن احتلال فلسطين من قبل الاسرائيليين الغزاة يقول يوسف اليوسف إنه :" مما يحز في نفسي كثيرا أن الذين هزمونا هم اليهود ، أو تلك الملة اللابطولية وذات الشخصية المنتحلة . فاللغة التي يتكلمون هي اللغة الكنعانية ، على حد قول توراتهم نفسها .والشمعدان السباعي والنجمة السداسية انتحلوهما من بابل التي تسدد لها توراتهم أقذع الشتائم " . ويؤكد " أنهم ما هزمونا إلا لأن هذا العالم بأسره ، من اليابان شرقا إلى اليابان غربا قد دعمهم إلى الحد المطلق" .ويضيف " لقد جاؤوا من ثلاثة وثمانين إقليما ، ولا سيما من أوروبا الشرقية ، وادعوا أن فلسطيننا هي أرض أجدادهم . وهكذا صار وطننا الغالي ملكا للأوروبيين الشرقيين ، الذين بنوا صنفا من أصناف الغيتو (حارة اليهود ) على ترابنا السليب. أنا أتحداهم أن يبرهنوا على أنهم قد كان لهم أجداد عندنا في أي طور من أطوار التاريخ ". ويتابع "يقينا إن النكبة التي حلت بنا، بل إن الذي جرى في فلسطين ولا زال يجري حتى اليوم ، ولا سيما في غزة التي تشبه معسكر من معسكرات الاعتقال النازية ، هو عار على البشرية كلها . وينبغي على الدنيا أن تدرك ما فحواه أننا ، نحن الفلسطينيين ، ننافح ونناضل عن الجنس البشري بأسره ، وذلك لأن اليهود يخربون العالم كله ويهيمنون على جميع القوى العظمى ويسيرونها وفقا لمشيئتهم" .ويؤكد بأن "إلحاق الهزيمة باليهود سوف يحرر الإنسان في كل مكان على سطح كوكبنا المسكين . وهذا هو بالضبط ما نسعى إليه ، نحن الفلسطينيين . وهذه الهزيمة هي الحتمية التاريخية الوحيدة التي أومن بها دون تحفظ ". ويتذكر الأستاذ يوسف سامي اليوسف أيام الاقتلاع من الأرض قائلا :" لا زلت أذكر حتى الآن ، أو بعد ستين سنة على نكبتنا ، كيف طردونا من أرضنا ،أرض المسيح التي أنجبت المسيح ،وقذفوا بنا إلى لبنان وهم يطاردوننا بالنيران ،تصبها علينا دباباتهم وطائراتهم ومدفعيتهم . وفارقنا الوطن جموعا غفيرة لا حول لها ولا طول لأنها بغير سلاح" .
* ويروي أنه" منذ سنة 1949 فتحت الاونروا المدارس في المخيمات .و انتسب آلاف الأطفال الفلسطينيين إلى تلك المدارس التي لولاها لحرمنا من التعليم ، إذ ما كان في ميسور أهلنا أن يسجلونا في مدارس خاصة . فالمدارس الخاصة عالية التكاليف، ولولا الاونروا لمتنا جوعا بالمعنى الحرفي للكلمة . ومع ذلك فإنني أخجل من أن أسمي الأمم المتحدة بالاسم الذي تستحق ، لأنها ليست سوى مؤسسة إمبريالية بنيت لخدمة اليهود في عالم ضميره متليف أو مترمد ".
وأكد الناقد يوسف اليوسف على ثقته" بأننا سوف نسترد كل ذرة من تراب بلادنا . ولكن هذا الهدف الكبير يحتاج إلى زمن طويل جدا . وذلك لأن الشرط العالمي ليس في صالح حركة الاسترداد ، بل إنه منحاز للصهاينة علنا ".وقال :" ولما كنا نحتاج إلى زمن طويل كي نحسم المعضلة مع الصهيونية ، فإن الأجيال الفلسطينية المبدعة سوف تتلاحق على الدوام ".
أما وصيته للشعب الفلسطيني فتتلخص في أن "لا يقدم للعدو أيما توقيع . وكل توقيع ينجزه أي امرئ مع تلك الطفيليات لا يلزم أحدا سوى الفرد الذي أداه وحده ".وأضاف " ما يؤسف له حقا أن زخم الإبداع لدى الجيل الجديد الذي ولد بعد النكبة بقليل ليس على مايرام . إن وضع الأدب محزن هذه الأيام ، لأنه قلما يتمتع بالأصالة والجودة والقدرة على التعبير والتأثير . ويبدو لي أن ثمة سببا ماديا قويا لهذا التهافت المتفاقم باستمرار وهو توثين المال ، وتطابق الإنسان المعاصر مع السلعة ، وشدة ميل الناس إلى استهلاك البضائع من جميع الأصناف ".وبخصوص مستقبل العودة إلى فلسطين يوضح يوسف اليوسف بأنه " ما من عودة تلوح في الأفق المنظور . فالصهاينة ما طردونا من ديارنا ليعيدونا إليها . ولقد طردونا بالأسلحة والمجازر ، وراحو يدعون أنهم لم يفعلوا ذلك ، وكل ما في الأمر أننا غادرنا بلادنا بسبب الحرب، مع العلم أنه لم تكن هنالك حرب بتاتا ، بل فقط مناوشات طفيفة الشأن مثلتها الجيوش العربية تمثيلا على نحو لم يخف حتى على أطفالنا يومئذ. فما غادرنا بلادنا إلا بسبب المجازر التي ارتكبها اليهود في عشرات الأماكن" .ويتساءل " لماذا لم يعيدونا إلى بيوتنا بعد انتهاء الحرب المزعومة ؟؟؟.. وما أخرجونا من ديارنا إلا لكي يفرغوا الأرض من السكان ابتغاء استيراد اليهود من جميع أرجاء الكرة الأرضية" . ويؤكد أنه " في سنة 1952 استورد الغيتو الصهيوني ربع مليون يهودي من رومانيا وحدها ، وأسكنوهم في الشطر الذي احتلوه من فلسطيننا خلال عام النكبة . ويقينا ، إنهم يعيشون من نفط العرب . فلقد بلغت ميزانية الغيتو الصهيوني سنة 2002 أربعة وستين مليار دولار . وربما هي أكبر من ذلك في هذا العام الجاري . ولوبعتهم كلهم في الأسواق لما بلغ ثمنهم مثل هذا المبلغ الباهظ . فمن أين لهم هذا ؟؟.. إن معظمه منهوب من نفط العرب حكما".وشدد على أنه " لا عودة إلا إذا زال الغيتو الصهيوني من الوجود . والغيتو لن يزول إلا بعد أن تجف آبار النفط العربية . ولكن ،لا يلوح في الأفق أي إرهاص من شأنه أن يبشر بأن هذه الأمنية سوف تتحقق على المدى المنظور ".
عبدالكريم عبدالرحيم
وقال الشاعر عبد الكريم عبد الرحيم، عضو أمانة فرع اتحاد الكتاب والصحافيين الفلسطينيين فرع سوريا عضو اتحاد الكتاب العرب: "ستون عاما وما زالت في المخيلة صفد جميلة بقرميدها الأحمر والكلس الأبيض الذي يجعلها حمامة تغفو على جبل الجرمق ، ما زال في أذني أصوات الناس في سوقها الذي يعلوها بيتنا وما زالت رائحة البرتقال والليمون تنبعث حتى هذه اللحظة من هناك وكأننا لم نغادرها ". . وتابع في وصف التهجير من مدينته صفد بأن " الرحلة المضنية كانت في الطرقات الوعرة مع أم لا تكاد تحمي نفسها تجر ورائها أربعة أولاد أنا أكبرهم في السادسة من العمر . انتهى بنا هذا الطريق إلى بنت جبيل في جنوب لبنان حيث استقبلنا الأهالي بكل العطف والمودة وحتى أمنوا لنا سبل الوصول إلى بيروت.و من بيروت توجهنا إلى دمشق ومنها إلى قرية قدسيا القرية الصغيرة آنذاك والتي قدم لنا فيها أهل البلدة السكن المجاني والمعونة على متابعة الحياة ". وأضاف الشاعر عبدالكريم "حين ننزل إلى دمشق كنا نرى الكثير من العائلات التي نعرفها وقد أقامت في المساجد التي قسمتها "البطانيات" إلى ما يشبه الغرف , ووجد الجميع بانتظارهم اللحف والوسائد وكأن كل شئ كان معدا مسبقا . هذه الأيام التي سبقت مجئ والدي من القتال في فلسطين مهزوما وعصبي المزاج ليعمل في توزيع الحليب على اللاجئين في تلك القرية بعد أن سقطت البلاد وضاع الوطن". ويقول بأننا: "افتقدنا بعض الأقارب ولا ندري مصيرهم حتى هذه اللحظة وتعودنا على الحياة الضنك ولكننا لم نفقد ولا في لحظة واحدة شعورنا بأننا سنرجع يوما إلى حينا ". ويشير عبدالرحيم إلى أنه " تشكل في أعماقنا أسى قد واكب الرحلة من صفد مرورا ببنت جبيل وبيروت ودمشق إلى قدسيا ذلك الأسى الذي لا يشبه الحزن ولا المرارة .شئ خاص يفتعل في ذاتك ، فأنت اليوم لاجئ لا دار لك ولا وطن ولا مال ولا أي شئ وعليك أن تبدأ من الصفر". ويستذكر تلك الأيام بأن والده استطاع أن يتماسك وأعانه على ذلك عمه الأزهري الشيخ عز الدين الحاج سعيد "فبدأنا نتعلم احتضنتنا المدارس السورية الخاصة في بداية الأمر ثم فتحت لنا المدارس السورية الرسمية أبوابها وأتممت تعليمي فيها في حين انتقل أخي إلى مدارس وكالة الغوث."
وكانت بدايات تشكل شاعرنا عبدا لكريم عبدا لرحيم في حواري دمشق قرب ضريح الشيخ محيي الدين ابن عربي حيث يضيف بأن "والدي استأجر غرفة وأقمنا فيها ننتظر العودة إلى بيتنا الكبير في صفد. طالت الأيام وحصلنا على الشهادة الثانوية ومن ثم درسنا في جامعة دمشق وتخرجنا فيها ولكن لم تقرع أجراس العودة" . ويتابع "في السنة الرابعة في تلك الجامعة حصلت حرب حزيران التي خسرنا فيها ما تبقى من فلسطين وخسرنا الكثير من ذواتنا وبدأنا نبحث عن طريق يرجعنا إلى هناك فكان العمل الفدائي الذي كان مدرسة أخلاقية وفكرية وسياسية لجيل كامل من الفلسطينيين وبخاصة أبناء المخيمات ، وبدأت تشتعل آمال العودة من جديد ما بين هاتين المحرقتين محرقة النكبة ومحرقة الهزيمة في حزيران بدأت أؤسس لعملي الأدبي وروايتي "الجنازة" تؤرخ لمرحلة من هذا الجحيم الذي عشناه" .
ويتحدث عبدا لكريم عبدا لرحيم عن الاختلاف مابين أدباء جيل النكبة وأدباء جيل اللجوء بالقول بأن : " ليس هناك حدود فاصلة بين عبدالكريم الكرمي زيتونة فلسطين وبين سيف فلسطين وعندليبها المهاجر يوسف الخطيب ، بمعنى أنني لا أجد حدودا تفصل بين أجيال. فأطال الله بأعمار شعرائنا الذين ما زالوا يكتبون لفلسطين حتى الآن مثل يوسف الخطيب وهارون هاشم رشيد وغيرهم . لكن نستطيع أن نرى من الجيل الذي خرج معظم شعرائه أطفالا من فلسطين كوكبة من الشعراء المبدعين المقيمين في الشتات وبالمقابل نجد كوكبة أخرى بقيت في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة وثالثة مازالت في فلسطين المحتلة منذ العام1948 هذا الجيل من الشعراء على اختلاف مذاهبهم في الكتابة إلا أنه متورط بالوطن والحداثة والإبداع ". ويذكر أن " في سوريا وفي لبنان وفي المهاجر أسماء عديدة لا يمكن أن نصنفهم كجيل واحد ، حكمت العتيلي رحمه الله وراشد حسين وأمثالهما كثير يمثلون الجيل الذي ما زال يكتب حتى الآن مثل صالح هواري ومحمود حامد ومحمود علي السعيد وعصام ترشحاني ويوسف طافش ونظيم أبوحسان والكثيرون من الشعراء في الضفة والقطاع من أمثال عبدا لناصر صالح وماجد أبوغوش وغيرهم . وعلى صعيد الرواية والقصة تجد الكثيرين من الأدباء الفلسطينيين مثل محمود شقير في رام الله ورشاد أبوشاور في عمان. وبعد هذا الجيل تشكل جيل ثالث من الشعراء والقاصين والروائيين الذين لم يروا فلسطين ولم يولدو فيها وهذا يحدوا بي إلى قناعة تامة بأن الأجيال اللاحقة حتى لهذا الجيل الثالث ستبقى تحمل خشبتها بانتظار فلسطين ولا بديل لهم عن فلسطين" .
ويؤكد عبدا لكريم بأنه " لا بد من أن يعود إلينا صهيل ما مازال في نفوسنا كالروايات التي كتبناها أو قرأناها كالقصائد التي حملناها همنا وأرضنا وآمالنا وهزائمنا هذا الصهيل مازال قائما ومن يشكك به يستطيع أن يراجع أولئك الشباب الصغار الذين خرجوا من أم الفحم والجليل والنقب في المحتل من الوطن منذ العام 1948 لينتفضوا مع إخوتهم في الضفة والقطاع تحت ما سمي بانتفاضة الأقصى وليقدموا 8 شهداء في الأيام الأولى لهذه الانتفاضة" ويضيف بأن " هؤلاء الذين ظنت (اسرائيل)أنها طوعتهم مع الهمبرغر والجينز والكوكاكولا وأصبحوا لا يحلمون بدولتهم الفلسطينية المستقلة هؤلاء قلبوا رؤية الأعداء والأصدقاء والأشقاء حين رسموا حقيقة انتمائهم إلى فلسطين وهذا ما يجعلني مسكونا بنداء العودة حاضرا ومستقبلا . فما دامت المحرقة غير قادرة على وقف المقاومة فإن الزمن لن يكون كفيلا بحل قضية فلسطين إلا بعودة أولئك الذين مازالوا يحتفظون بمفاتيح دورهم ولا اعتقد بأن الإبداع الفلسطيني سيكون أقل حرارة من ألئك الذين ينتظرون نقل بقايا جثث آبائهم وأجدادهم إلى الوطن عندما تصهل خيول العودة ".
طلعت سقيرق
الشاعر الفلسطيني طلعت سقيرق يرى أنه "من الصعب أحيانا الفصل بين الأنا في كلّ تفاصيلها والوجدان والأدب الصادر أو المرتبط بهذه الأنا (..)بحيث أنه كان طبيعيا منذ لحظة الوعي الأولى أن يكون الوطن قادما إلينا بكلّ صوره من خلال أحاديث وذكريات تحكى بشكل يومي وتقال بشكل يوميّ".. ويضيف بأن "هناك خصوصية قد تكون حادة وضاغطة بالنسبة للفلسطيني بما يختلف تماما عن أي معاناة أخرى لها علاقة بالوطن .. الفلسطيني الذي اخرج من وطنه، كان وطنه هذا مركـّب الغربة .. مما جعل الأدب ملاصقا للوجدان ، فأنت تكتب حياتك ، أو يومياتك .. تروي مأساتك الوطنية والوجودية .. تقول غربتك بمفردات شعورك الجارح بطعم الفقد والشوق لأرض كان يفترض أن تكون فيها لو أنّ شكل الزمن تغير بشكل ما .. لذلك تجد كثيرا من المرارة في الأدب الفلسطيني على مدار السنوات" .. ويختصر الأستاذ طلعت سقيرق القول بأن "الأدب الفلسطيني هو بصمة الوجدان الفلسطيني" ..
وتحدث عن صورة الستين عاما من النكبة والتهجير بأننا "بحاجة إلى التحديق في عينيّ الأيام كي ترى إلى طول المسافة الزمنية في انفصالك عن وطنك .. فمن جهتي ولدتُ خارج فلسطين ، وستجد كثيرين من أدبائنا وكتابنا ولدوا خارج فلسطين ، لأن الذي ولد في فلسطين سيكون عمره فوق الستين عاما ، وبشكل أدق سيكون في السبعين من عمره إذا طالبنا بصورة تعي تفاصيل الوطن .. حتى من كان عمره سبعين عاما سيكون في العاشرة من عمره عند خروجه من فلسطين .. كل هذا خطر وشديد التأثير في النظر إلى ذاكرة تحفظ الوطن وتفاصيل هذا الوطن "وتابع بأن " النكبة وصورة التهجير بالنسبة لي صورة منقولة أو منسوخة أو محكية .. قد يعني هذا نوعا من زحزحة المفهوم المحدد لصورة النكبة والتهجير .. لكن تعرف أننا شعب يصرّ على نقل الجزئيات إلى الأجيال .. فأنا ورثت الذاكرة ، وبدوري نقلتها لأولادي ، وعلى أولادي أن ينقلوها إلى أولادهم " ويتحدث سقيرق عن صورة النكبة في أدبه قائلا : "ستلحظ في كثير من أدبي صورة من صور النكبة والتهجير ، كما هو الحال عند غيري من أدباء فلسطين ، رغم أننا لم نعش كل ذلك .. الصور محفورة فينا مثل نقش .. لذلك كان الشعر كما القصة والرواية والخاطرة ، شديدة الاقتراب من هذه الصورة، صورة النكبة والتهجير ".. وذكر أن الشاعر عبد الكريم الكرمي والشاعر حسن البحيري والكاتب نصري الجوزي ، رحمهم الله ، قد حدثوه عن هذه الصورة بتوسع ،ويضيف "بصراحة وجدت أنني اعرفها بما يكاد يقارب ما رووه لي تماما .. إذن هناك رهان خاسر على أننا سننسى ، فنحن نتذكر بل نزيد التذكر ترسيخا ".. ويروي عن أيام لجوءه بأنه بدأ الدراسة " في دمشق .. الابتدائية في حيّ الشيخ محي الدين، الصالحية، ثم الإعدادية في مدارس وكالة الغوث.. والثانوية فالجامعة حتى التخرج في مدارس وجامعة دمشق"..
وأكد على أن "الفلسطيني في سورية لا تختلف معاملته عن ابن البلد .. لذلك صعب القول إن هناك شعورا ما أثر عليّ.. كنت مع من درس معي من أهل البلد، أقصد أخوتي السوريين، في مسار واحد لا يشعرني بالاغتراب.. حتى دراستي في مدارس وكالة الغوث كانت مثل دراستي في المدارس الأخرى".. وأشار هنا إلى " خاصية توجه الفلسطيني إلى الدراسة لأنها تشكل شيئا من التعويض، وحين يقال إن الفلسطينيين هم أكثر شعوب العالم تعلـّما فلا غرابة.. الشعب الفلسطيني بحاجة إلى العلم، بحاجة إلى الإصرار على الحياة وكلّ ما يشكل خطوة نحو الوطن ".. وعن الاختلاف الأدبي بين الأجيال الفلسطينية يعتقد طلعت سقيرق بأن"الاختلاف هو في الأسلوب وطريقة التوجه والبناء الفني أدبيا.. أما المشاعر والأحاسيس فهي واحدة، كأننا كنا وما زلنا نتوارث طريقة ورموز التوجه إلى فلسطين، مما جعل الأدب الفلسطيني متهما بتكرار الرموز والحالات في كثير من الأحيان".. ويقول: " أخذنا صورة الأدب الفلسطيني منذ العام 1948 حتى الآن، سنجد الكثير من التيمات أو الأقانيم المتشابهة في هذا الأدب.. وعلينا أن نعي أيضا أنّ الموضوعات مشتركة "..
وتحدث بصراحة فقال: " السياسة خربت بل ضربت الكثير من توجهات الأديب .. السياسة المنكسرة أحبطت الأديب، جعلته في حالة فقدان توازن في كثير من الأحيان .. لم يعد الأديب كما كان في جزء يفترض ألا نستهين به .. يخطئ ظن أن ذلك التفريط السياسي لم يؤثر".. وشدد على أن " الأديب ضمير شعبه هذا صحيح، لكنه إنسان يتأثر فيما يجري على الأرض.. وما يجري على الأرض هو بيع علني لفلسطين، فلسطينيا وعربيا، وحين نطلب من الأديب أن يترفع عن كل ذلك، فكأننا نطلب منه أن يكون إلها، وهذا غير منطقي.. طبعا مازال الأديب يحمل الشعلة وسيبقى، لكن الادعاء بأن ما يجري على الأرض من تفريط لا يؤثر به، ادعاء كاذب .. كل حركة وكل نفس يؤثر بالأديب.. وما جرى مؤذ وجارح ومخيف.. ويبقى هذا الأديب رغم كلّ شيء حاملا للشعلة.. واختتم حديثه بالقول:" هناك تطورات فنية كثيرة حدثت في مسيرة الأدب.. وهو شيء أكيد ومن قوانين أي أدب في العالم وليس الأدب الفلسطيني فقط "..
وقال الشاعر صالح هواري: كان لنكبة فلسطين عام 1948 أكبر الأثر على نفسي كإنسان شرد عن وطنه واقتلع من أرضه بالقوة... فبعد أن اكتحلت عيناي بنور فلسطين في سن الطفولة، وبدأت نجوم الفرح تطل من علياء روحي عندما كنت أتردد إلى مدرسة سمخ الابتدائية... بدأ العدو الصهيوني هجومه على بدلتنا وأخذ يقصفها بالقنابل... عند ذلك أخذت خيوط هذه الطفولة تتشظى في فضاء الحرب... التي أفسدت إيقاع حياتنا فلم يكتمل الفرح الطفولي كما يجب... وأذكر أنني كنت أذهب مع والدي في سمخ وأحمل له (الفشك) ونتربص للإسرائيليين وراء سكة الحديد...
من هنا بدأت المأساة شبكة من الخيوط السوداء تلف حياتنا إلى أن وقعت النكبة ونشرت أجنحتها علينا في المنفى الذي كابدنا مرارة الغربة فيه... ماذا يفعل إنسان مثلي هجر عن أرضه ولم تكتمل تفاحة عمره على شجرة العطن؟؟ في الغربة سكنا الخيام وذقنا قساوة البرد والجوع... ولكن كل ذلك لم يكن إلا دافعا لنا لمواصلة الحياة ومحاولة الاستمرار في التدفق والعطاء... وكان سلاحنا الوحيد في الشتات هو مواصلة التعليم كسلاح فاعل ضد القهر والجوع والتشرد.. وأستطيع أن أجزم لك أن أشجار الدفلى التي نبتت في حقل روحي في الغربة كان لها الدور المؤثر على تفتح بذور موهبتي في كتابة الشعر... لذا كتبت الشعر في سن مبكرة... وكانت فلسطين حبيبتي الملهمة التي ألوذ بفيء عينيها من لهيب المأساة الكاوية وكل قصيدة كتبتها كانت تقطر بالحنين والشوق إلى مرابع الصبا وأراجيح الطفولة... طفولتي المعذبة المضمخة بعطر فلسطين الذي لا زال عالقا بأهداب روحي.
وقال هواري: لقد أفرزت النكبة أجيالا من المبدعين الفلسطينيين نهلوا جميعا من منهل الهم الفلسطيني المكتظ بمفردات الشوق إلى الوطن والتحسر على ضياع الأرض... وطغت على شعر هذه المرحلة العواطف والمشاعر المتشحة بغلائل الحزن على فقدان الفردوس الفلسطيني الجميل... ولكن هذا الأدب لم يبق على حاله من السوداوية والحنين بل أخذ يشتعل ويتوهج بالأمل والإصرار على العودة... والسخط على المحتلين... ثم البحث عن الذات والخلاص من الراهن المأساوي... ولم يقتصر هذا الأدب على المبدعين الفلسطينيين بل شاركهم شعراء عرب آخرون... فكتبوا أجمل القصائد والقصص والروايات المعبرة عن مشاعر التضامن مع الفلسطيني وقضيته العادلة...
هذا... وقد تبنى هؤلاء المبدعون النضال المسلح وسيلة لإعادة الكرامة العربية المهدورة... ومن هؤلاء الشعراء أبو سلمى (عبد الكريم الكرمي) وفدوى طوقان، ومعين بسيسو وحسن البحيري.. ويوسف الخطيب، وهارون هاشم رشيد. هذا... وقد اتسم الشعر في مرحلة بعد النكبة بطابعه التقليدي الخطابي الذي تشوبه النبرة الحماسية، وبأسلوب تقرير ولغة رصينة تمتلئ بفقاعات حماسية سرعان ما تنطفئ بعد سماع القصيدة... وكنا حينما نستمع إلى مثل هذه القصائد نتجاوب معها لأنها تحمل إلينا قطراتها التي تسقط على قلوبنا العطشى فترويها بالأمل الرومانسي المجنح الذي استحال في بعد إلى أمل مسلح بالكفاح.
وعن مستقبل العودة إلى فلسطين بعد 60 عاما من التهجير قال هواري: بعد ستين عاما على النكبة السوداء، وطاحونة المنفى تطحن بأسنانها أعمارنا دون أن تقوي على تفتيتنا وإذا بتنا، فنحن شعب مكافح عريق... أثبت من خلال نضاله المتواصل وتضحياته الفذة.. وتشبثه بشرايين التراب الذي ارتوى بدماء الشهداء... أثبت أنه لا يمكن أن يتنازل عن حبة تراب من أرض فلسطين التي سقاها عطر دمائه المقدسة... فمنذ الثلاثينات وهو يقدم على مذبح الحرية الشهيد تلو الشهيد... واستمر في نضاله حتى اليوم معلنا بقاءه وعدم استسلامه مهما كانت الظروف... والمجازر الإسرائيلية التي ارتكبت بحقه شاهد على صموده الرائع... وشعب مثل هذا الشعب جدير بالتقدير والتقديس لأنه يقاتل من أجل الحق وزهق الباطل...
وأخيرا أقول:
أنا الوجع الفلسطيني جرحي شراع الشمس أوشك أن يبينا
إذا قصوا بغزة لي جناحا كرمح الضوء أطلع في «جنينا»
الشاعر كمال سحيم قال : لم تجف حتى اللحظة تلك الدماء، التي مازالت تتدفق من العروق التي فصدت بفعل رصاص الموت والقهر الصهيوني. مازالت جوارحي تسمع عويل النساء في كل قرى ومدن فلسطين تصرخ، أما آن لنا أن نستريح؟ أن تسألني عن حضور النكبة في أدبي ووجداني يعني أن أجيب عن الآن.. الآن التي درست ستين عاما من سنابل الموت اليومي المعلن والمخبوء والمستور بألف راية وراية.. يعني أن أقف على رأس العام قبل ستين عاما حاضرا وشاهدا وفاعلاً نازفاً جراحات كأنها اليوم، وأقسم حين يأتي العيد ويجمع الغرباء حقائبهم عائدين إلى قراهم وبيوتهم ومنبت جلدهم، تعاودني غصة الروح صارخة وأنا إلى أين أعود؟ تشيخ الأرض تحت قدميّ؟ لا.. قدماي لا تشيخان والأرض لا تشيخ.. قدماي ذاكرة الأرض وملصقات الشهداء وأغاني الحصاد، قيثارة الراعي وملاعب الأطفال، قدماي زوارق تمخر البحر والنهر والبحيرة، قدماي طائرة من ورق أبيض أحبتها الشمس وغنت لها النجوم. ولست أطيّر الكلام عاليا إن قلت إن أثر النكبة والتهجير دم يسري في عروق القصيدة.. دم يورق براعم أسئلة تلحّ في كل نبضة قلبٍ لا تموت ولا تُموَّت، ويوم يكتمل العناق تصير حبيبتي وردة تتفتح في حديقة بيتي فلسطين.
ويضيف: قد يكون الحديث عن الأجيال من الأمور المربكة في منطق الكلام.. ويبدو أن التسليم لصيغة السؤال يسهم كثيرا في فرط عقد اللؤلؤ، لذلك أرى أن أجيال الحياة كثيرة، متعاقبة ومتداخلة وربما تكون متجانسة ومتطابقة وربما متنافرة ومتباعدة. وأعتقد أن الجيل المثقف المبدع هو تميّز المحدود في المتناهي.. وهذا التميّز نابع من تقاطع أقواس الدائرة لا من تلامسها. فالتقاطع هو إضافة في النسل الثقافي، وخلاص من خرافات الوصف والتوصيف ورفع لما هو نبيل ومؤجل ومعطل، والتلامس هو حالة ازدحام مروري في الأفكار والطرق والممارسات، وقدح في هشيم الفراغ ، وإذا كانت النكبة والتهجير هي حالة إقصاء وإبعاد وتمويت، فإنها بالنسبة للأجيال الثقافية هي حالة موار ودوران ورجوع وحياة، وهذا ما تفسره الأيام والسنون.
ويتابع: يا صديقي بعد ستين عاماً من الغربة والتهجير ما زالت القلوب والعقول معلقة بحلم العودة الذي لا يموت. والذي صار فينا ذاكرة تورَّث للأجيال جيلاً بعد جيل، والقول التفصيلي مرايا دهشةٍ باعدت بين العاشق والمعشوق.. حَمَلتْها ذوا كر الأقدام التي هُجّرت قسراً ورُحّلت في كلِّ الاتجاهات، تقول لنا: هناك أرضٌ وحجارة أشجار وعصافير، جبال وسهول، مدن وحارات، كنائس وجوامع، هناك نبتة روح تسمى فلسطين خذني إليها، ولو في آخر يوم من عمر هذي الأرض. تقول له الدهشة وكيف.. كيف تعرف الطريق؟ تمرّ أسراب الطيور العائدة من بعيد.. تقول له الدهشة: لقد وُلِدَتْ هناك.. هناك في آخر الأرض كيف تعود، وكيف تعرف الطريق؟ نجيبها: إنها في ذاكرة الجناحين.. في ذاكرة الهواء.. في ذاكرة الماء... وفي ذواكر الأقدام.. إنها لا تموت.
ويقول القاص الفلسطيني رسلان عودة: أول مرة أمسكت القلم لأكتب شيئاً لا علاقة له بالوظيفة المدرسية، كتبت ما يشبه القصيدة بعنوان بسيط "عائــدون".. والذي أذكره أن هذه الكلمة كانت تتردد على ألسنتنا يومياً.. ومن كثرة ما كتبناها، تعلمتُ أنا وبعض زملائي الخط العربي، فترى جدران المخيم الذي ولدنا فيه، ودفاترنا المدرسية موشومة بها، وبكل أنواع الخطوط والألوان تحت أو فوق علم فلسطين وعلى شعار وكالة غوث اللاجئين..
كنت طفلاً وكان عمر النكبة ما يزال قصيراً.. ولم أكن أعلم ما معنى أن الأرض غالية، إلى أن عينتُ معلماً في إحدى المدارس القريبة من الحدود التركية.. خرجتُ وزميلي من سهرة في أحد البيوت وكان الوقت ليلاً.. هاجمنا كلب مسعور ونحن نسير على الحد الفاصل تماماً، أمسكت بحجر وأردتُ قذف الكلب الذي كاد أن يصل إلينا، لكن يدي القابضة على الحجر الصغير توقفت في الهواء، وقد كفَّ الكلب عن الجري والدوران .. ظنَّ صاحبي أن أمراً ما قد حصل لي، فسألني وعيناه على الجمر في عيني الكلب: ما الذي أصابك يا صديقي، ارمه فالكلب مسعور كما ترى؟
قلت وقد نسيت خوفي: ـ والله قد عزَّ عليَّ أن أرمي هذا الحجر فيذهب إلى أرض ليست لنا فنخسره! أعدتُ الحجر بكل احترام إلى أرضه.. همست لصديقي الجاثي على ذهوله:
ـ كان هذا مجرد حجر فما بالك بفلسطين كلها؟! وبكينا معاً.. تابعنا طريقنا، بينما عاد الكلب من حيث أتى يهز ذيله صامتاً، دون نباح..
وفي أول خاطرة قصصية كتبتها قالت فاطمة الصغيرة لأخيها عاصم وقد استطاعا النجاة من مخيم تل الزعتر: لماذا يقتلوننا؟ قال: لأننا غرباء بلا وطن يا فاطمة! سألته وقد رأت سرباً من العصافير تبيتُ على الشجر في لهو وغناء: هل للعصافير وطن؟ قال: نعم. قالت: ما أجمل أن يكون لنا وطن!..
لم تكن فلسطين موضوعاً تعبيرياً ولا كانت حالة وجدانية تمر عرض الخاطر.. فهي أول الكلام وهي آخر الكلام، ولا يختلف ذلك عند أديب يكتب أو أمي يحلم كل صباح بالعودة.. أعرف شخصاً يحمل في كل يوم زوَّادته ويدخل على أبيه الطاعن في عمر النكبة قائلاً بنبرة الواثق: تأخرنا كثيراً.. أنا عائد إلى البلاد!. قالوا عنه مجنون وما هو بمجنون.. قالت غولدا مائير "إن الجيل الثاني، الذي سيولد خارج فلسطين سينساها!". هطل المطر بعد طول انحباس.. قالت الطفلة ابنة السنوات الخمس لأبيها المولود بعيداً عن فلسطين، والمبتهج كثيراً بالمطر: لماذا أنت فرح يا أبي؟ أجاب دهشتها بأنه يحب المطر ويحب رائحة التراب التي تفوح بعد هطوله. سألته ثانية: ما الذي يفعله المطر؟ أجاب فضولها بأن ماء السماء هو فرح الأرض وهو من يأتِ بالخيرات من ثمر ومن شجر وهواء نظيف. قالت الصغيرة بعد تفكر قليل: هل تمطر في فلسطين؟ قال: بلى. ردت بسرعة: ويأخذ اليهود المحتلون الثمار؟ أومأ برأسه إيجاباً!. تَرَكتْ يدَه ورفعتْ يديها إلى السماء وصاحت: يا رب، لا تمطر في فلسطين، أنا لا أحب المطر.. لا أريد مطراً!. ثم التفتت إليه تسأله: هل فلسطين بعيدة يا أبي؟ قل للغيمات أن لا يذهبن إليها..
إن جيلاً يريد معاندة قوانين الطبيعة من أجل أن يظل حلم العودة قائماً، هو صاحب الإلهام الحقيقي للكتاب وللشعراء، وإن ما قلته قبل سطور هو من قصة منشورة بعنوان " مدى والمطر" لكنها أبداً ليست من نسج الخيال بل هي واقعة حقيقية لجيل لا ينسى ولن ينسى..
وختم رسلان عودة بالقول: أما كيف نقرأ مستقبل العودة بعد ستة عقود من التهجير، وفي ظل الوضع السياسي الراهن عربياً ودولياً؟ فهذا سؤال أعرف له جواباً واحداً: العودة وعد " .. لا يرد ولا يزول". ولن يكون الواقع الحالي بكل إحباطاته وإرهاصاته هو المعيار الذي نرى العودة من خلاله قريبة أو بعيدة، فنحن شعب عنيد لا يتعب من الانتظار ولا يكف عن فعل المقاومة وممارسة الحياة..
ستون عاماً مضت من عمر النكبة.. لنقل الحقيقة بشكل مختلف: ستون عاماً مضت من عمر العدو الغاصب ولم يبق له إلا القليل.. فمنطق التاريخ بوجود شعب مقاوم لا يعترف بتخطيط العدو وكواليس الساسة، ولا بالقرارات السرية لأصحاب الفيل
[/align]