- إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) فاطر
  بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على خير الخلق سيدنا محمد 
  السلام عليكم و رحمة الله و بركاته - أخي المسلم :
  الحياء الحقيقي هو الحياء من الله عزوجل و من ذنوبنا تجاهه و هو حياء مطلوب و أما الأنواع الأخرى من الحياء فالحذر الحذر فقد يكون فخاً شيطانياً .
  لقد استطاع الشيطان خلال عقود طويلة بل خلال قرون طويلة أن يجعل الإنسان يخجل من استقامته و من صواب عمله و زاد على ذلك أن جعله يفخر بسيئاته و سقطاته .
  - هذا إنسان يستحيي أن يقول عن نفسه أنه مسلم و هذه تزدري نفسها لأن عليها أن تضع الحجاب في بلاد الفسق و الفجور .
  - الفخر لمن له سوابق مع النساء و لمن استطاع أن يغوي أكبر عدد منهن و العيب على ذلك الشاب الذي لم يستطع تلويث نفسه بجريمة الزنا .
  - هذا أصبح غنياً خلال مدة وجيزة , بطرق شرعية و غير شرعية , ليس مهماً , المهم أنه استطاع تأمين المال , الترحيب و التعظيم له .
  - و ذاك رجل مستقيم أمين صابر عفيف قليل المال يعاني شظف العيش فبعداً له .
    يعمل الشيطان في تزكية قضيته على عدة محاور :
  المحور الأول :
  - تعظيم كلام الناس في نفسك حتى يصبح له سلطان عظيم عليك و ذلك بتكرار عبارة ماذا سيقول الناس و ذلك كلما أردت عمل شيء ما , و في نفس الوقت يهون عليك أمر الإله و غضبه بعبارات :  لا يوجد إله ,  إن الله غفور رحيم , التوبة تجب ما قبلها , هذا فلان يعمل كذا و كذا و في نفس الوقت فإن أموره في تحسن .  
    المحور الثاني :
  - محور تجميل الرذيلة و السوء في عينك و قلبك حتى تأتيها و لا تستحيي منها بل تجاهر بها و تتفاخر .
  - لا يزال الشيطان يدفع الإنسان للعمل من دون تفكير كاف حتى يقع في الخطأ أو يذكره بالشهوات و لذائذها و صفاتها و جمالها مما تتوق له النفس حتى يتعلق بها و يصبح عبداً لها , فإذا وقع تحت تأثيرها نصب له في الطريق إليها فخاخاً ليوقعه في الخطأ قبل الوصول إليها و ليدفعه نحو الحرام منها إذا ما وصل إليها , فإذا وقع الإنسان في الخطأ حاول الشيطان أن يفضحه بين الناس إن استطاع لذلك سبيلاً كي لا يجرؤ أن يعمل عملاً صالحاً بشكل علني بعد ذلك و كي يستحيي من الناس أو من أهل الصلاح , فيبتعد عنهم , فإذا انطوى الإنسان على نفسه أثناء عمل الخير استفرد به الشيطان حتى يضجره منه و يتركه و لا يعود له أبداً .
  - يجد الإنسان الخاطىء الملطخ بالفضيحة عزاء من الشيطان , مهوناً عليه تلك المعصية و ذلك القبيح من الفعل و مذكراً له بالآخرين الذين قد تلبسوا بمثل عمله حتى يهدأ و يقبل بما فعل .
  - و كلما تكررت الفضائح كلما وسوس له الشيطان لقبول جميع أنواع الخطأ المتداول في المجتمع دفعة واحدة كي يريح ضميره و تهدأ أعصابه . 
  - يستمر الشيطان في تنشيط الشهوة الحرام حتى يبدأ الإنسان الذي تقبل كل ما في المجتمع من أخطاء متداولة في سَنّ سُنن جديدة من الخطأ .
    المحور الثالث :
  - محور تقبيح الطاعات و العمل الصالح في عينك حتى تستحيي منها .
  - يقبح لك الشيطان الخير و الفضيلة و ما لف لفها و يذكر لك منها ما تعافه النفس حتى تهجرها .
    أمثلة :
  يذكر الشيطان للإنسان جمال المال و المنصب و النصف الآخر و اللباس و السفر و الأثاث و الشهرة و السيارة .....حتى يطلبه و يشتهيه شهوة عظيمة فإذا ما اشتهاه بدأ بنصب الفخاخ له قائلاً :
  - خذ و لا تستح , هذه ليست رشوة بل هي هدية و النبي قبل الهدية .
  - إن لم تظهري زينتك و جمالك فكيف سيراك فارس أحلامك .
  - هذا السحب التلفزيوني ليس قماراً بل هو جائزة .
  - الرقص أمام الجمهور فن و ليس تحللاً من الأخلاق . 
  - الإستسلام من الموظفة لرب العمل ضرورة و ليس زنا أو فاحشة .
  - اخف عيب بضاعتك فهذا ليس غشاً بل شطارة .
  - خذ ما تستطيع أخذه من الدولة فهي لا تعطيك حقك .
  - وظف قريبك فهذه صلة رحم و ليس هضماً لحق أحد ( بالرغم من عدم أحقيته في ذلك ) . 
    أما تقبيح الصالح فلا يزال يوسوس لك الشيطان و يذكرك ب :
  - فلان لا يجد ثمناً للدواء لتمسكه بِقِيَم ٍبالية .
  - فلانة منذ سنوات لم تجد وظيفة بسبب عدم ليونتها مع أرباب العمل .
  - فلان في السجن بسبب استقامته .
  - القاضي الفلاني , ماذا استفاد من مبادئه , ها هو يعيش في الآجار و هو في هذه السن المتقدمة .
  - ذلك الضابط , يبدو عليه ملامح البؤس و الفاقة , لا يفيد و لا يستفيد .
    - وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ (53) الأحزاب
    - استحيوا من الله حق الحياء , قلنا : يا رسول الله إنا لنستحي و الحمد لله , قال : ليس ذلك و لكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس و ما وعى و تحفظ البطن و ما حوى و لتذكر الموت و البلى و من أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا . يعني من الله حق الحياء .
  الراوي : عبد الله بن مسعود - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي , الصفحة أو الرقم 2458 - خلاصة حكم المحدث : حسن
    - مراجع : الدرر السنية , الموسوعة الحديثة و موسوعة الأخلاق الإسلامية
  -  الآيات القرآنية مكتوبة بقراءة حفص عن عاصم من موقع عبد الدائم الكحيل
                          الكاتب : د.محمد رأفت أحمد عثمان/دمشق – آخر تعديل 26آذار2013