رد: مصر والصدمة! - هدى الخطيب - المقالة
[align=justify]شكرا لك أستاذة هدى ..
في الحقيقة كنت أدرجت كما سبق القول ، مداخلات مقتضبه لأعبر بها عن رأيي في ما يحدث في مصر التي نعتبرها جزءا من كياننا العربي الإسلامي .. ولكني أعود ببعض التفاصيل حتى أساهم في إثراء النقاش ..
لقد اختلفت الآراء حول الرئيس محمد مرسي ووصوله إلى الحكم عقب ثورة 25 يناير التي أطاحت بحسني مبارك بعد عقود من الاستبداد السياسي الذي قوبل بالترحيب من طرف فئة كبيرة من المنتهزين الذين كانوا ولا يزالون يتحكمون في وسائل الإعلام ..
البعض يقول إن الإخوان المسلمين سرقوا الثورة وانتهزوا انشغال الناس بنشوة النصر وتسللوا إلى الحكم وفي هذا مغالطات كبيرة وتهمة خطيرة بعدم النضج للشعب المصري الذي اختار محمد مرسي رئيسا له . هذا من جهة ، ومن جهة أخرى من الجحود أن نعزل فئة دون أخرى عن المشاركة في انتصار ثورة 25 يناير ، وبالتالي فإن الإخوان المسلمين وغيرهم من الجماعات الإسلامية ساهمت وبشكل جلي في إنجاح الثورة ، وربما كانت هذه الفئات أكثر عرضة للتنكيل والاضطهاد إبان حكم مبارك .. إذن فالشعب اختار بكل تلقائية من يراه كفئا في حكمه وتسيير البلاد وهذا ما يريد أن يشكك فيه فريق كبير مما يسمى اليوم بالمعارضة أو الإنقاذ ..
اختار الشعب الرئيس وانتخب مجلس الشعب .. وبدأت الأحداث تتسارع سواء داخليا من حيث الممارسات الديموقراطية والمشاكل الاقتصادية وغيرها ، وخارجيا ومن حيث علاقة مصر بالقضايا الإقليمية وعلى رأسها القضية الفلسطينية وقطاع غزة بالتحديد .. فكان أن بدأت بوادر الفتنة تشتعل هنا وهناك ، تارة تحت ستار تسلط الرئيس واستفراده بالحكم وتارة بالانهيار الاقتصادي البادي في الأفق ، وأحيانا بانحيازه لجماعته " الإخوان المسلمين" وعدم تمثيله للشعب المصري ، وأحيانا أخرى اتهام هذه الجماعة بالتطرف في إصدار بعض الفتاوى التي تتعارض والتعايش السلمي بين المسلمين والأقباط .. وكانت هذه فرصة لأذناب النظام السابق لتدخل على الخط وتتحالف مع جهات أخرى سأذكرها في ما بعد ..
هذا داخليا .. أنا خارجيا فإن مصر كانت تحت المجهر وقد سمحت لها البراغماتية الغربية وعلى رأسها أمريكا بإنجاح المسلسل الديموقراطي دون تدخل سافر وهذا ما حدث في بعض البلدان حيث لا ترى أمريكا مانعا في وصول الجماعات الإسلامية إلى الحكم ما دامت – حسب رأيها – تنبذ التطرف ، ويقينا منها من أن ذلك سيمنع الاحتقان الذي سيسببه منع الشعوب من اختيار ممثليها الحقيقيين ..
لكن رغم سماحها بذلك فإنها تظل تراقب بتوجس مسار الأمور بكل حذر ودقة .. وربما تختار حيادا سلبيا ، كما حدث في مصر ، بحيث تظل متتبعة الأحداث رغم خطورتها ..
وحين بدأت المعارضة تتشكل ضد الرئيس مرسي وهي طبعا معارضة طبيعية تحدث في كل بلد أجريت فيه الانتخابات وأعطيت فيه وعود .. وحين لا تحقق هذه الوعود إما لسبب أو لآخر ، ينزل الناس إلى الشوارع للتعبير عن احتجاجاتهم .. هذا شيئ طبيعي .. لكن ماذا حدث في مصر والرئيس أكمل للتو سنة واحدة من الرئاسة في بلد كان غارقا في الفساد المالي والإداري إلى النخاع ؟
للإجابة عن هذا السؤال ، أعود للتحالفات التي بدأت خيوطها تتشكل . فبالإضافة إلى قطاع عريض من الشعب ، خرج ليعبر عن استيائه من الأوضاع التي لم ير فيها تغييرا ، تسللت إلى المظاهرات فئات تتشكل من :
- فلول النظام السابق.
- أصحاب المصالح والامتيازات الذين خافوا عليها بفعل عزم الرئيس محاربة الفساد .
- قطاع عريض من الأقباط الذين ناصبوا العداء دوما لهوية مصر العربية الإسلامية .
- العلمانيين الذين حاربوا دائما هذه الهوية .
- ثلة من المحسوبين على الكيان الصهيوني الذي لم يستسغ التقارب الحاصل بين مصر وغزة .
وطبعا كان للإعلام دوره البارز في التعتيم والكذب وتضخيم الأمور حتى صار الواحد منا يرى الإخوان المسلمين وكأنهم فقط جماعة جاءت للإفتاء والتحليل والتحريم ..
وبشهادة الكثيرين ، فإن قطاعا كبيرا من الشعب المصري فطن بعد مظاهرات 30 يونيو إلى أن الهدف من التظاهر قد حاد عن طريقه وأهدافه بفعل تسلل تلك الفئات المندسة بينهم لكن بعد فوات الأوان وبعد تسلح هؤلاء بالجيش الذي طالما تغنى بالوقوف إلى جانب الشعب .. ولكن الحقائق ، وبعيدا عن كل تشنج أو تعصب ، أبانت عن انحيازه الكامل لتلك الفئات الانتهازية ضدا على الشرعية التي اكتسبها الرئيس من طرف الشعب المصري .. وهذا بدا جليا في تعامله مع تظاهرة ميدان التحرير وتلك التي تواجدت في ميدان رابعة العدوية .. فإذا كان تصرفه اتسم بالتسرع في عزل الرئيس بعد أيام قليلة من مظاهرات توجت بما سمي بثورة 30 يونيو ، فإنه غفل أو تغافل عما يحدث في ميادين أخرى عبر كل الربوع المصرية .. ورأينا أيضا كيف تغاضى عن الهجوم والتعدي السافر على مقرات الإخوان المسلمين ، وهو الذي طالما حذر من العنف وحث على التظاهر السلمي .. ولنا ان نتساءل : ما بال هذه المليوينة المحتشدة في كل مصر ؟ هل هم غرباء عن الشعب المصري ؟ إذا كان الجواب نفيا فكان يجب ألا يكال بمكيالين وبالتالي إرجاع الشرعية التي ينادون بها ..
السرعة التي تم بها عزل الرئيس وتكليف من ينوب عنه في فترة انتقالية وبروز بعض الوجوه التي كانت معروفة لدى الشارع المصري ، وهي التي كانت لها صلة وثيقة بالنظام السابق وعملت تحت إمرته ، والتعتيم الإعلامي الذي اتسم بالمغالطات وأيضا بحظر عدة قنوات دينية محسوبة على الإخوان أو محايدة تنشد المصداقية ، كشفت حقيقة أن كل شيء كان مدبرا ومخططا له من قبل من لدن أطراف داخلية وخارجية .. فكيف نفسر هذه الأموال المنهالة من كل حدب وصوب في هذا الوقت بالذات ؟
هذه فقط بعض الاراء الشخصية التي أردت بها إثراء النقاش الهادئ والرزين وأتقبل بكل احترام كل الآراء ..
شكرا مع كل التحية .[/align]
|