رد: إطلاق مُسابقة (( نور الأدب )) للأدب الساخر
السيدة هدى الخطيب المحترمة... تحية طيبة وبعد،
ببالغ السرور، قرأتُ إعلانك عن مسابقة للأدب الساخر والهادف في آن معاً.. وأظن أننا بِتْنَا بحاجة فعلاً لمثل هذا النوع من الأدب في زمن النكبات والكوراث العربية التي نعيشها هذه الأيام..، عسى أن ينجح مؤلفوه في إعادة اكتشاف قدرة الشفاه الآدمية على الابتسام الذين نسيناه، ناهيكِ عن نسياننا الضحك والفرح والسرور..
وقد كان بِودِّي أن أُشارك في هذه المسابقة النوعية بحق، بل هممت بأن أُبلغكِ رغبتي في المشاركة فيها، لولا أن فاجأني السيد بهلول الذي تعرفينه، صاحب اليوميات التي كان يرسلها إلى المرحوم طلعت لينشرها له في موقعه القديم (أوراق 99)...
وأقول فاجأني لأنني لم أكن أتوقع حضوره، لأنه لم يخطر ببالي أن يعلم بخبر المسابقة، أمَا وقد علم عن طريق صديق له قرأ الخبر على كومبيوتره، فكان أول ما خطر بباله، كما قال لي، أن أُفكرَ بالمشاركة في هذه المسابقة، ولذلك قام من لحظته مسرعاً إليّ ليحول بيني وبين احتمال مشاركتي فيها.. ويبدو أنه قد وصل في الوقت المناسب له طبعاً، لأنني كنت على وشك إعلامكِ برغبتي، عندما حضر.. وحين صارحتُه بما كنتُ أنوي فعله، إذا به يصيح بي غاضباً:
(عيب عليك يا أستاذ، يا كبير.. ألا تعلم أن هذه المسابقة للشباب من أمثالي، وليس للعجائز الذين تجاوزوا الستين مثلك؟! اترك دوراً لغيرك يا أخي.. أم أن جيلك يريد الاستيلاء على كل الفرص وكل المجالات؟! ثم قل لي بربك، كيف فكرت بالمشاركة في مسابقة للأدب الساخر وأنت أستاذ جامعي معروف برصانته وتجهمه وقَلَبانِ خلقته أمام طلابه، فضلاً عن كونك ناقداً فظيعاً لا ترحم أحداً من لسانك؟ لماذا تدسُّ نفسك في كل مكان، أليست هذه أنانية أم ماذا؟!
لا أُخفيكِ أن بهلول أحرجني بكلامه هذا، ولذلك عدلتُ عن المشاركة آسفاً، وعلى مضض أعلمتُه بنزولي عند رغبته، فإذا بغضبه يزول بلمح البصر، وتنفرج شفتاه عن ابتسامة عريضة، وهو يقول لي مفاجئاً للمرة الثانية:
يا سلام على عقلك الراجح يا أستاذ.. من حقي أن أُعجبَ بك فعلاً، فأنت إنسان راشد بكل معنى الكلمة، وتنصاع للمنطق بسرعة.. حسناً فعلت بعزوفك عن المشاركة في هذه المسابقة، لأنك بذلك تركتَ لأمثالي من الشبان الفرصة لإظهار مواهبهم.. وهنا أريد أن أصارحك بأنني راغب بالمشاركة في المسابقة، ولي عندك طلب صغير ولكنه هام جداً.. وهو أن تتوسِّط لي عند المشرفة على موقع نور الأدب السيدة هدى الخطيب لتقبل بمشاركتي في مسابقة الأدب الساخر هذه، لأنني ساخر بطبعي كما تعلم، وقد بلغت موهبتي بالسخرية أنني صرت أنا نفسي أسخر من نفسي، فتصوَّر... لهذا، أرجوك أن تكمل جميلك معي وتتوسَّط لي عندها..
في الواقع، ما كدتُ أسمع منه هذا الكلام، حتى استشطتُ غضباً، فصرختُ به معترضاً ومُعنِّفاً:
ــ أبداً.. أبداً لن أسمح لك بالمشاركة في هذه المسابقة.. وسأُكلِّم السيدة هدى فعلاً، لكن ليس من أجل أن تسمح لك بالمشاركة فيها، بل من أجل رفض أي نصٍّ تُفكِّر بإرساله لها لتُشارك فيه.. أتعلم لماذا؟ لأن أسلوبك في الكتابة لا ينتمي، في رأيي، إلى الأدب الساخر بل الأدب الذي يثير السخرية.. ثم ما هذا يا أخي، ألا تخجل من نفسك يا رجل؟! أم تُراك نسيت انقطاعك الطويل وغير المبرر عن الكتابة لنور الأدب وغيره، منذ زمن طويل؟! وها أنتَ الآن، دون أي تعليل أو اعتذار تريد نشر كتابتك التي لا أجد وصفاً نقدياً لها.. وأين؟ في موقع محترم مثل نور الأدب..
بدلاً من أن يردعه كلامي القاسي عن التفكير في المشاركة بالمسابقة، كما توقعت، إذا به يهبُّ في وجهي محتدّاً ويصرخ مُتَّهِماً إياي بممارسة القمع والاضطهاد الفكري له.. وبعد طول أخذ ورد بيننا، إذا به يُفاجئني للمرة الثالثة بطرح الاقتراح الغريب التالي الذي رجاني أن أرسله لك لدراسته والموافقة عليه إن أمكن.. وهذا هو الاقتراح:
نزولاً عند رغبتي بعدم مشاركته كمتسابق، طلب مني السماح له بالمشاركة كمُعلِّق على النصوص التي سيتم قبولها للدخول في المسابقة، تعليقاً لطيفاً بأسلوبه الذي تعرفينه، ولكن دون تجريح أو سخرية من أحد، كما وعدني وأقسم لي بكل الأيمانِ المغلَّظَة..
في الواقع، رقَّ قلبي له، كما أنني لا أرى في اقتراحه هذا سوءاً، لذلك قبلتُ بعرضه عليكِ، تاركاً لكِ حرية القرار في قبوله أو رفضه دون أي إحراج..
وقبل أن أختم رسالتي هذه إليكِ، أودُّ تنبيهكِ إلى أن بهلول، في حال موافقتك على اقتراحه الآنف، سيُرسلُ لك رسالة شكر لا دَخْلَ لي بنوعية الأسلوب الذي سيكتبُها به، وإن كنتُ أعتقد جازماً أنه سيحاول أن يكون لطيفاً فيها إلى أقصى الحدود لأنه يُكِنُّ لكِ الكثير من الاحترام من جهة، كما أنه حريص على عدم إغضابك كيلا ترفضي طلبه من جهة أخرى..
وأخيراً، شكراً لجهودكِ في مختلف المجالات، ودمتِ ذخراً لهذا الموقع الرائع، ولكل مُحبي الأدب الرفيع والثقافة النافعة التي تُشجعين على نشرهما في موقعك.
|